ترجمة وتحرير: نون بوست
قال مسؤولون أمريكيون وسعوديون إن مخزون الترسانة الدفاعية، التي تستخدمها السعودية ضد الهجمات الأسبوعية التي تشنها ميليشيات الحوثي، قد انخفض بشكل خطير. وقد دفعها هذا الأمر إلى مناشدة الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج العربي وأوروبا لإمدادها بما ينقصها في أسرع وقت.
وذكر هؤلاء المسؤولون أن السعودية تعرضت على مدى الأشهر العديدة الماضية إلى ما يقرب 12هجومًا بالصواريخ الباليستية بشكل أسبوعي، بالإضافة إلى ضربات بالطائرات المسيرة التابعة لميليشيات الحوثي المتمركزة في اليمن.
وحسب نفس المصادر، نجح الجيش السعودي في صد معظم هذه الهجمات من خلال منظومة صواريخ باتريوت أرض – جو، لكن ترسانته من هذه الصواريخ الاعتراضية تراجعت بشكل كبير.
في الأثناء، أعاد الجيش الأمريكي نشر الكثير من أسلحته التي كانت مخصصة لحماية قواته في المنطقة وتوفير الأمن للسعودية، وهو جزء من عمل إدارة بايدن على تخفيف حضور الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وتركيز الجهود على التصدي للصين.
وفي حين وافق المسؤولون الأمريكيون مبدئيًا على الطلب السعودي، فإن المسؤولين في الرياض قلقون بشأن الانخفاض الخطير في المخزون الدفاعي من صواريخ باتريوت الاعتراضية الذي يجعل البلاد عرضةً لتكبّد خسائر كبيرة في الأرواح أو في البنية التحتية النفطية في ظل استمرار الهجمات. في كانون الثاني/ يناير، قصف الحوثيون منشآت تابعة للديوان الملكي دون أن يسفر الهجوم عن خسائر بشرية.
تمثّل مناشدة الحكومة السعودية اختبارًا لمدى التزام الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط وخاصة تجاه الرياض في الوقت الذي تحاول فيه إدارة بايدن إعادة تشكيل علاقتها بدول المنطقة حول مجموعة من القضايا تشمل حقوق الإنسان والحرب التي تقودها السعودية في اليمن وقضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي في تشرين الأول/ أكتوبر 2018 على يد سعوديين في القنصلية السعودية في إسطنبول.
من بين مؤشرات التوتر إلغاء زيارة متوقعة لوزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى الرياض في أيلول/ سبتمبر بشكل مفاجئ. وقد أخبر الصحفيين في وقت لاحق أن المملكة ألغت الزيارة بسبب مشاكل تتعلق بالجدول الزمني، لكن أوستن عاد إلى المنطقة الشهر الماضي دون أن تتضمن جولته زيارة إلى المملكة العربية السعودية.
وفي تصويتٍ أجراه مجلس الشيوخ ليلة الثلاثاء، حصل مقترح بيع 280 صاروخ من نوع جو-جو للسعودية على رفض بأغلبية 67 صوتًا مقابل 30 صوتًا.
وحسب مسؤول حكومي سعودي، فإن عدد الهجمات على المملكة زاد بشكل كبير، حيث اُستهدفت الأراضي السعودية بالطائرات المسيرة 29 مرة الشهر الماضي و25 مرة في شهر تشرين أول/ أكتوبر. كما تعرضت المملكة لـ 11 هجومًا بالصواريخ الباليستية الشهر الماضي مقابل 10 هجمات في تشرين أول/ أكتوبر. ومن الواضح أن العدوان على السعودية قد زاد بشكل كبير منذ شباط/ فبراير 2020، بحصيلة ست هجمات خمس منها بالصواريخ الباليستية وآخر بطائرة مسيرة.
يوم الجمعة، قال المبعوث الأمريكي في اليمن تيموثي ليندركينغ إن الحوثيين نفّذوا نحو 375 هجومًا عبر الحدود استهدف السعودية في سنة 2021.
يوم الإثنين، اعترضت الدفاعات الجوية السعودية صاروخًا باليستيا في سماء الرياض. ووفقا لوزارة الدفاع، خلّف الصاروخ شظايا في عدة أحياء سكنية لكنه لم يتسبب في أضرار. وقد أظهرت مقاطع فيديو تم تداولها عبر الإنترنت ومضات من الضوء وانفجارًا مما يدل على تشغيل منظومة باتريوت الدفاعية.
يقول مسؤولو أرامكو إنهم يعملون على مدار اليوم وطوال الأسبوع لإصلاح المنشآت النفطية المتضررة في حقل “خريص” ومعمل “بقيق”.
رغم ما لديهم من مخاوفهم بشأن سجل حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية وقضايا أخرى، يرى المسؤولون الأمريكيون أنهم مُلزمين بمساعدة المملكة الغنية بالنفط في الدفاع عن نفسها، خاصة في ظل الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الأمريكي مع ارتفاع أسعار النفط. في سنة 2019، استهدف هجوم منشآت نفطية تابعة لشركة أرامكو المملوكة للدولة، مما أجبر المملكة على تعليق الإنتاج لفترة وجيزة. كما هاجم الحوثيون ميناءً نفطيًا في السعوديّة في آذار/ مارس الماضي دون حدوث أضرار.
يقول المسؤولون الأمريكيون والسعوديون إن السعودية نجحت في الدفاع عن نفسها أمام معظم الهجمات. وحسب مسؤولين أمريكيين، فقد صدت السعودية ما يقارب تسعة من أصل كل عشرة هجمات بصواريخ أو طائرات مسيرة.
لكن المسؤولين والمراقبين يرون أن الصواريخ الاعتراضية لن تعالج المشكل على المدى البعيد، حيث يكلّف الصاروخ الواحد نحو مليون دولار، بينما تبلغ قيمة الطائرة المسيرة عشرة آلاف دولار.
وقال مسؤول سعودي إن “هجمات الطائرات دون طيار التي تشنها الميليشيات الإرهابية تشكّل تهديدا أمنيا عالميا من نوع جديد، لكن آليات الدفاع ضد هذه الهجمات تتطور بدورها”.
ولم تتحدث التقارير سابقا عن مخاوف السعودية بشأن وضعها الأمني، والمطالب التي قدمتها للولايات المتحدة بهذا الشأن.
طلبت السعودية من الولايات المتحدة تزويدها بالمئات من صواريخ باتريوت الاعتراضية التي تصنعها شركة “رايثيون تكنولوجيز“، كما تواصلت مع حلفاء خليجيين، بما في ذلك قطر، ودول أوروبية. وقال مسؤولان أمريكيان إن وزارة الخارجية بصدد النظر في صفقة بيع صواريخ اعتراضية للسعودية.
وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية في بيان له إن “الولايات المتحدة ملتزمة تماما بالدفاع عن السعودية، بما في صد الصواريخ والطائرات بدون طيار التي يطلقها الحوثيون المدعومون من إيران”، وأضاف: “نحن نعمل بجدية مع السعودية والدول الحليفة الأخرى لضمان عدم وجود فجوة دفاعية”.
وامتنعت وزارة الخارجية وشركة رايثيون عن التعليق على هذه التقارير.
يقول مسؤولو أرامكو إنهم يعملون على مدار اليوم وطوال الأسبوع لإصلاح المنشآت النفطية المتضررة في حقل “خريص” ومعمل “بقيق”.
في تشرين الثاني/ نوفمبر، وافقت وزارة الخارجية والكونغرس على بيع صواريخ متقدمة جو-جو متوسطة المدى للسعودية مقابل 650 مليون دولار. وكانت الحكومة السعودية قد طلبت شراء 280 صاروخا و596 منصة إطلاق صواريخ للدفاع عن المملكة ضد الهجمات بطائرات مسيرة.
وتقود السعودية منذ سبع سنوات تحالفا لدعم الحكومة المعترف بها دوليا ضد المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على جزء كبير من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء. وقد رفض الحوثيون جميع مبادرات السلام التي طرحتها الرياض وواشنطن.
الولايات المتحدة ليس لديها برنامج دفاعي رسمي للتصدي لهجمات الطائرات المسيّرة وبالتالي لن تكون قادرة على نقل هذه التكنولوجيا إلى الحكومة السعودية في أي وقت قريب.
وتضغط الولايات المتحدة على السعودية من أجل إنهاء الحرب في اليمن، إلا أن رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأمريكي، آدم سميث – الذي يدعم هذا الضغط-، يرى أنه يجب أن يتم النظر في صفقة صواريخ باتريوت بغض النظر عن سلوك السعودية في اليمن والقضايا الخلافية الأخرى مع واشنطن.
ويرى سميث أن التعامل مع التهديدات، مع محاولة جعل المستبدين في المنطقة يتخذون خطوات تقدمية “ليست معادلة سهلة”.
حتى بوجود مخزون صواريخ كامل، تظل الرياض معرّضة للخطر لأنّ نظام صواريخ باتريوت مصمم للتصدي إلى الصواريخ الباليستية وليس الطائرات المسيّرة الصغيرة. وقال مسؤولون أمريكيون إن بطاريات باتريوت لا يمكنها مثلا الدوران 360 درجة، مما يحد من فعاليتها في اعتراض الطائرات دون طيّار التي يتم إطلاقها أحيانا من داخل المملكة. وفي حالة واحدة على الأقل، حلّقت طائرة مسيّرة بالقرب من الجزء الخلفي لبطارية صاروخ باتريوت ما أدى إلى تدميرها.
حسب ما صرّح به مسؤول سعودي فإن “المملكة العربية السعودية تتعامل مع أنواع مختلفة من الصواريخ منها الباليستية إلى جانب الطائرات دون طيّار. والتصدي لكل نوع منها يتطلب امتلاك قدرات دفاعية مختلفة، ونحن نعمل بجد على زيادة وتنويع أنظمتنا حتى نتمكن من مواجهة القذائف الجوية”.
يقول خبراء مطلعون على عمليات تطوير تكنولوجيا الطائرات المسيّرة، إن الولايات المتحدة ليس لديها برنامج دفاعي رسمي للتصدي لهجمات الطائرات المسيّرة وبالتالي لن تكون قادرة على نقل هذه التكنولوجيا إلى الحكومة السعودية في أي وقت قريب.
المصدر: وول ستريت جورنال