أعلن الأدميرال “بولينت بستان أوغلو” قائد القوات البحرية التركية أن الحكومة فوضت القوات المسلحة لتطبق قواعد الاشتباك المعتمدة تجاه أي تجاوز من الأطراف المتنازعة على حق التنقيب على النفط والغاز في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ومن بينها قبرص اليونانية ومصر وإسرائيل.
وقال الأدميرال التركي: “القوات البحرية التركية تقدم الدعم والحماية لسفينة الأبحاث خير الدين بارباروس باشا، ومن جهة أخرى، تواصل مراقبة سفينة التنقيب المستأجرة من قبل الإدارة القبرصة اليونانية من على بعد تسعة كيلومترات، الأوامر التي صدرت لنا حتى هذه اللحظة هى عدم دخول هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها تسعة كيلومترات”.
ويذكر أن الحكومة التركية أرسلت سفينة “خير الدين بارباروس باشا” للقيام بمسح جيولوجي وللبحث والتنقيب عن النفط بالقرب من سواحل جزيرة قبرص، مرفقة بسفن تابعة للبحرية التركية لحمايتها، وذلك للرد على قيام حكومة قبرص اليونانية بمنح تراخيص للبحث والتنقيب عن النفط والغاز في سواحل الجزيرة لشركات إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية ونوبل إنرجي الأمريكية وهو ما تعتبره تركيا تعديًا على حقوق القبارصة الأتراك.
وفي المقابل أعلن زعماء كل من قبرص اليونانية واليونان ومصر عن تشكيل تحالف جديد سيتعاون مستقبلاً في مختلف المجالات بما في ذلك مجال الطاقة، وخلال القمة الثلاثية التي شارك فيها الجنرال المصري “عبد الفتاح السيسي” ورئيس الوزراء اليوناني “أنتونيس ساماراس” ورئيس قبرص اليونانية “نيكوس أناستاسيادس” في القاهرة، عبر الزعماء الثلاثة عن قلقهم من الأنشطة التركية في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، وهو ما فُهم على أنه محاولة من الجنرال المصري لابتزاز تركيا التي لم يتوقف رئيسها “رجب طيب أردوغان” حتى الآن عن تصريحاته المسيئة للسيسي والتي يصفه فيها بالطاغية وبالانقلابي.
وفي هذا الإطار، أعرب الناشط المصري “ياسر نجم” عن اعتقاده بأن لقاء عبد الفتاح السيسي مع رئيس اليونان ورئيس وزراء قبرص اليونانية لا علاقة له بالتعاون الاقتصادي ولا بمكافحة الإرهاب، قائلاً: “لم تهرول اليونان وقبرص لعقد قمة من هذا النوع إلا لعلمهما أن النظام صيد ثمين، في وضع منهار سياسيًا واقتصاديًا، وهو أنسب وضع يتخلى فيه قائد الانقلاب العسكري عن كل غال ونفيس بأبخس الأسعار”.
مضيفًا: “الغرض الأساسي من القمة هو تمرير أطماع تحالف دولي مكون من إسرائيل وقبرص واليونان وروسيا في ثروات شرق البحر المتوسط من خلال اتفاقات رسمية ملزمة للأبد أشبه باتفاقية كامب ديفيد التي ضيعت سيناء بشكل رسمي ملزم منذ 36 سنة إلى الآن”، مشيرًا إلى أن هذا التحالف الدولي “لا تقف في وجهه الآن إلا تركيا، وكان المفروض أن تقف في وجهه مصر أيضًا لأن الحقيقة أن ما يخص مصر في المنهوب من تلك الثروات أكبر بكثير مما يخص تركيا”، مفسرًا تخلي النظام المصري عن هذه الحقوق المصرية بأنه جاء “نكاية فى تركيا” ورغبة في رد الاعتبار.
ويذكر أن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان، أدى زيارة رسمية لقبرص اليونانية قبل أيام قليلة من عقد القمة اليونانية المصرية، وهو ما فسر على أنه دعم إسرائيلي للتحالف الجديد، مع العلم أن ليبرمان انتقد الأنشطة التركية في سواحل قبرص، وأن إسرائيل استحوذت فعلاً على عدد من آبار الغاز في شرق المتوسط كان يفترض أن ملكيتها تعود لمصر، خاصة وأن مجلس الشورى المصري المنتخب والذي أطاح به الجنرال السيسي أصدر قرارًا بإلغاء الاتفاقية التي أبرمها نظام حسني مبارك في سنة 2003 مع الإسرائيليين وأتاحت للإسرائيليين الاستحواذ على الآبار التي تبلغ قيمة مخزونها الاحتياطي نحو 240 مليار دولار.
وعلى أعمدة الصحف التركية، أكد أكاديميون أتراك مختصون في مجال الطاقة وأمن الطاقة أن هذا التحالف اليوناني المصري يهدف إلى الذب على الوجود التركي في المنطقة، وأن القانون الدولي يتعارض مع هذه الاتفاقات التي تُبرم بين المصريين واليونانيين والإسرائيليين دون العودة إلى تركيا، مؤكدين أن تركيا “ستتدخل في الوقت المناسب لردع هذه المحاولات”، مشيرين إلى أن التدخل التركي قد يكون عسكريًا وهو ما حدث في وقت سابق عندما حاول اليونانيون تجاهل وجود مواطنين أتراك في جزيرة قبرص فكان الرد التركي باحتلال الشطر الشمالي من جزيرة قبرص عسكريًا وإعلان دولة مستقلة عن الشطر اليوناني.
وتعود قصة التدخل العسكري التركي في جزيرة قبرص إلى سنة 1974، عندما قام المجلس العسكري اليوناني بدعم انقلاب عسكري في قبرص، فأمر نائب رئيس الوزراء التركي آن ذاك “نجم الدين أربكان” قوات الجيش التركي بالتدخل عسكريًا في قبرص لردع التدخل اليوناني فيما كان يسمى آن ذاك بدولة قبرص.
وبعد عمليات إنزال ومعارك استمرت من 20 يوليو 1974 وحتى مطلع شهر أغسطس من نفس السنة؛ تمكن الجيش التركي من السيطرة على الجزء الشمالي من جزيرة قبرص، وفي 15 نوفمبر 1983 تم الإعلان عن استقلال جهمورية شمال قبرص التركية على الجزء الشمالي من قبرص.