ترجمة وتحرير: نون بوست
في مستودع في بيركلي بولاية كاليفورنيا، يقف نيكولاس فلاندرز أمام صندوق معدني لامع بحجم غسالة ملابس يوجد بداخله كومة من الألواح المعدنية محشوة بالبوليمر الأسود المغلف بمحفز معدني صنعه بنفسه، والذي يطلق عليه اسم “الورقة السوداء”.
فلاندرز هو المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة “تويلف”، وهي شركة ناشئة تأسست سنة 2015 وتلقت دعمًا تمويليًا قدره 57 مليون دولار في تموز/ يوليو. تهدف الشركة إلى استخراج ثاني أكسيد الكربون (CO2) من الهواء وتحويله إلى منتج مفيد، مثلما تفعل النباتات، وهو ما يساهم في تقليل الانبعاثات الضارة.
تعتمد الشركة في عملياتها على استخلاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وذلك باستخدام الماء والطاقة المتجددة فقط. يحتوي صندوق “تويلف” المعدني على نوع جديد من المحلل الكهربائي الذي يحوّل ثاني أكسيد الكربون إلى غاز التوليف، وهو مزيج من أول أكسيد الكربون والهيدروجين الذي يمكن تحويله إلى مجموعة من المنتجات المألوفة التي تكون مصنوعة عادة من الوقود الأحفوري. ويعتبر الأكسجين المنتج الثانوي الوحيد.
في آب/ أغسطس الماضي، صنعت أدوات الشركة التجريبية غاز التوليف الذي وصفه فلاندرز بأنه أول وقود نفاث محايد للكربون وخالي من الوقود الأحفوري، ناتج عن التحليل الكهربائي لثاني أكسيد الكربون. ويضيف “هذه طريقة جديدة للاستفادة من الكربون في اقتصادنا، بدلاً من التخلص منه بشكل نهائي”.
يمكن أن يساهم القطاع في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم بأكثر من 10 بالمئة، وفقًا لتحليل مبادرة ثاني أكسيد الكربون العالمية التابعة لجامعة ميشيغان، التي تهدف إلى مساعدة القطاع على النهوض
شركة “تويلف” هي واحدة من بين العديد من الشركات التي تعمل على استغلال ثاني أكسيد الكربون في صناعاتها، ويكون مصدره إما الانبعاثات الصناعية أو يتم استخلاصه مباشرة من الهواء، وقد أصبح يدخل في تصنيع السلع عالية الجودة مثل الماس والملابس الرياضية والمواد الصناعية مثل الخرسانة والبلاستيك والرغوة وألياف الكربون وحتى المواد الغذائية.
تعمل شركة “تويلف” بالشراكة مع القوات الجوية الأمريكية لصناعة وقود الطائرات، كما تبحث في إمكانية استخدام “غاز التوليف” لصنع الأجزاء الداخلية للسيارات مع شركة “مرسيدس بنز”، ومكونات منظفات الغسيل مع شركة “تايد”، وعدسات النظارات الشمسية مع شركة “بانجيا”.
إن الأسواق عبر الإنترنت مثل “إكسبيديشن إير” و“سكاي بارون” المتخصص في بيع السلع الاستهلاكية المصنوعة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون آخذة في النمو. يقول بات سابينسلي، من مختبر “إيربان فيوتشر” بجامعة نيويورك، الذي يشرف على برنامج جديد لمساعدة الشركات الناشئة في الحصول على مكان لها في السوق: “نحن في مرحلة مبكرة جدًا من صناعة تكنولوجيا الكربون الجديدة”. يتمركز معظم النشاط على نطاق تجريبي، ويقدر المختبر أن هناك الآن حوالي 350 شركة ناشئة تأمل في تقديم الكربون على أنه سلعة. ووفقًا لشركة الأبحاث والاستشارات “كلين تيك غروب”، شهد رأس المال الاستثماري ارتفاعاً كبيراً، حيث تدفق منذ بداية هذه السنة إلى نهاية أيلول/ سبتمبر أكثر من 550 مليون دولار، وهو ما يفوق ما سجل في السنوات الخمس الماضية مجتمعةً.
يمكن أن يساهم القطاع في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم بأكثر من 10 بالمئة، وفقًا لتحليل مبادرة ثاني أكسيد الكربون العالمية التابعة لجامعة ميشيغان، التي تهدف إلى مساعدة القطاع على النهوض (إنتاج الوقود ومواد البناء مثل الإسمنت والحصى، التي تعد من أكبر عوامل التخفيف من ثاني أكسيد الكربون).
يقول المدافعون عن هذه الصناعة إن هذه المساهمة تجعل من استخدام الكربون جزءًا من مجموعة التقنيات التي نحتاجها للوصول إلى التزامات صفر انبعاثات كربونية، التي تعهدت بها الحكومات والشركات. لكن الآن، كما أصبح واضحًا، لا يمكن تحقيق هذه الأهداف بالكهرباء المتجددة وحدها. ولعل ذلك ما يؤكده ريتشارد يونغمان، الرئيس التنفيذي لمجموعة “كلين تيك غروب”، بقوله: “لا أرى طريقًا إلى صفر انبعاثات من دون هذه الأنواع من التقنيات”.
أدركت العلامة التجارية للأحذية الرياضية ذات الجودة العالية “أون”، التي تم طرحها للجمهور في أيلول/ سبتمبر، أنها إذا كانت ستصل إلى هدفها المتمثل في صفر انبعاثات كربونية، فستحتاج إلى إعادة النظر في المواد التي تستخدمها. وتتمثل رؤيتها الآن في أن نعل الحذاء لن تُصنع من البتروكيماويات بل من الكربون المحتجز.
في الشهر الماضي، أعلنت الشركة عن خطط للتعاون مع شركة “لانزا تيك” الأمريكية الرائدة في هذا المجال، والتي تستخدم عملية تخمير حاصلة على براءة اختراع لإنتاج الإيثانول من نفايات أول أكسيد الكربون التي تم جمعها من المصانع، والتي كانت ستُحرق مسببة انبعاث ثاني أكسيد الكربون؛ وكذلك مع الشركة المصنعة للمواد الكيميائية “بورليس” التي تصنع الرغوة عن طريق بلمرة الإيثيلين.
في السنة المقبلة، تأمل “أون” الكشف عن حذائها الأول المصنوع بالكامل من الكربون المحتجز، الذي سيكلفها صنعه حوالي مليون دولار، وذلك حسب ما صرح به كاسبر كوبتي، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة “أون”. ويضيف بأنها محاولة عملية لإثبات الجدوى، ولكن في النهاية، عندما تتوسع الصناعة، لا يتوقع أن تكلف الأحذية أكثر بكثير من حذاء عادي.
لا يعني ذلك أن ثاني أكسيد الكربون لا يتم استخدامه صناعيًا، مثل في صناعة المشروبات الغازية. لكن هذه الاستخدامات إما تعيد الكربون إلى الغلاف الجوي دون تغييره أو يُحقن ثاني أكسيد الكربون في الأرض لدفع النفط في حالة الاستخلاص المعزز للنفط، ليبقى تحت الأرض، الأمر الذي يساهم في توليد الوقود الأحفوري من جديد.
لكل الفرق الذي تصنعه هذه لصناعة هو أن نفايات ثاني أكسيد الكربون يتم تحويلها كيميائيًا لإنتاج منتجات جديدة بعضها، مثل مواد البناء، تقضي على الانبعاثات عن طريق حبس الكربون بعيدًا بشكل دائم؛ في حين أن أنواعًا أخرى، مثل وقود الطائرات، تمنع الانبعاثات الجديدة عن طريق إعادة تدوير الكربون المنبعث.
وحسب المؤيدين لهذا المبدأ، غالبًا ما يتم تجميع ثاني أكسيد الكربون عبر تقنية الاحتجاز من خلال تخزين كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون بشكل دائم تحت الأرض، لكن التقنيتان مختلفتان تمامًا. يقول فولكر سيك، أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة ميشيغان الذي يدير مبادرة ثاني أكسيد الكربون العالمية إنه “من الخطأ التخلص من مورد ثمين” ويضيف أن “جمال الكربون يكمن في دخوله في صنع العديد من الأشياء المختلفة”.
تبيع شركة “إير كومباني” الناشئة في نيويورك، التي تم إطلاقها في سنة 2017، الفودكا والعطور المصنوعة من ثاني أكسيد الكربون، وكانت تنتج معقمات اليدين أثناء الوباء. مثل “تويلف”، تبدأ بثاني أكسيد الكربون والماء والطاقة المتجددة ولكنها تجمعهم في مفاعلها لصنع الكحوليات مثل الإيثانول، حيث يزيل لتر من الفودكا رطلًا من ثاني أكسيد الكربون، وقد يُستخدم قريباً ثاني أكسيد الكربون الذي يتم الحصول عليه من أنظمة التدفئة في مباني المكاتب في مانهاتن، بالتعاون مع شركة “كاربون كويست” الناشئة.
مثل شركة “تويلف”، تعمل شركة “إير” على تصنيع وقود للطائرات مستقبلًا والذي يمكن إنتاجه أيضًا من الإيثانول. إن هذا المجال يشهد نموًا، ومن بين الشركات الأخرى التي تمضي قدمًا في استخدام وقود الطائرات المصنوع من ثاني أكسيد الكربون شركة “لانزا جات” وهو فرع من شركة “لانزا تيك” متخصص في تصنيع الإيثانول، وشركة “سينهيليون” التي تستخدم الطاقة الشمسية لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى غاز التوليف.
يقول إيان هايتون، محلل كيماويات في مجموعة “كلينتك”، إنهم يصنعون حاليا بكميات صغيرة – بمعدل لتر في الساعة – من وقود الطائرات الذي يتم تصنيعه في هذه المرحلة. لكن البلدان بدأت في اعتماد أنواع من وقود الطيران المستدام، الأمر الذي من شأنه دفع الصناعة قدمًا. وتكمن ميزة صنعه من ثاني أكسيد الكربون بدلاً من الكتلة الحيوية أو نفايات الزيوت النباتية في أنه يستخدم مساحة أقل بكثير من الأراضي.
تعتبر شركة “كاربون كيور” الكندية، التي تأسست سنة 2012، من الشركات الرائدة في مجال مواد البناء. وبدعم من مستثمرين مثل “بريكثرو إنرجي فنتشرز” وشركة “بيل غيتس” الاستثمارية، تتضمن تقنيتها حقن ثاني أكسيد الكربون في الخرسانة أثناء خلطه. يتفاعل ثاني أكسيد الكربون مع الإسمنت الرطب وسرعان ما يحبس فيه بشكل دائم، كما هو الحال في الحجر الجيري.
إن نموذج أعمال شركة كاربون كيور يقوم على ترخيص تقنيتها لمصنعي الخرسانة أنفسهم. وتقوم هذه الشركة بتعديل أنظمتها وتحويلها إلى شركات تكنولوجيا الكربون (يتم توفير ثاني أكسيد الكربون من مصادر انبعاث النفايات في منطقتها).
مع مدخلات ثاني أكسيد الكربون والماء والكهرباء المتجددة جنبًا إلى جنب مع الأمونيا والمغذيات، يتم إنتاج البروتينات في مفاعلات حيوية من ميكروبات طبيعية.
يقول المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للشركة، روبرت نيفن، إن هذه التقنية تمنحهم ميزة بيع المنتجات الصديقة للبيئة. وهذا يعني أن هناك حاجة إلى كمية أقل من الإسمنت لصنع الخرسانة – فمعظمهم قادرون على تقليل محتوى الإسمنت بنسبة 5 بالمئة تقريبًا – كما أن إضافة ثاني أكسيد الكربون يجعل المادة النهائية أقوى.
من الصعب تخيل إمكانية إنتاج الغذاء في شكل بروتين بكميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، ولكن هذا هو بالضبط ما تعمل عليه مجموعة فرعية أخرى من شركات تكنولوجيا الكربون. بعض هذه الشركات، مثل “سولار فودز” الفنلندية و”إير بروتيين” في كاليفورنيا – التي تستخدم شعار “اللحوم المصنوعة من الهواء”- توجه إنتاجها للاستهلاك البشري؛ في حين أن شركات أخرى مثل شركة “ديب برانش” ومقرها المملكة المتحدة وهولندا تركز على مكونات العلف الحيواني.
مع مدخلات ثاني أكسيد الكربون والماء والكهرباء المتجددة جنبًا إلى جنب مع الأمونيا والمغذيات، يتم إنتاج البروتينات في مفاعلات حيوية من ميكروبات طبيعية. وتنمو هذه الميكروبات وتتكاثر ثم تجفف بعد ذلك لإنتاج مسحوق بروتين يحتوي على جميع الأحماض الأمينية الأساسية.
في حديثه عن طعم منتج “صولين”، ذكر باسي فاينيكا، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة “سولر فود” أنه “ما بين اللحوم المجففة وفول الصويا المجفف والجزر المجفف”. قد لا يبدو هذا الأمر فاتحا للشهية، ولكنه الطعم الذي يتميز به المنتج النهائي، على حد تعبير فاينيكا. “صولين” منتج متعدد الاستخدامات، يمكن أن يكون بديلا لبروتين البازلاء وفول الصويا المعزول في الأطعمة المصنعة، أو يمكن أن يُستخدم في صناعة اللحوم المزروعة. وعند معالجته بالحرارة والضغط، يمكن تناوله مثل شريحة لحم لذيذة أو قطعة توفو. ينتج كيلوغرامان من ثاني أكسيد الكربون كيلوغرامًا واحدا من ‘صولين” وقد تم تقديمه إلى هيئات تنظيم الأغذية في أوروبا والمملكة المتحدة للحصول على الموافقة.
يواجه المجال العديد من التحديات. أولاً، إذا كانت هذه التكنولوجيا ستخدم المناخ حقًا، فيجب تسريع عملية توسيع نطاقها حتى تكون قادرة على الإنتاج بكميات ضخمة وتقديم منتجات بأسعار تنافسية. تقول أليسون درينغ، الرئيسة التنفيذية لشركة ألمانية ناشئة تسمى “مايد أوف آر” والتي تركز على بدائل البلاستيك: “لا جدوى ما لم نتمكن من تحقيق ذلك على نطاق واسع”.
لدى العديد من الشركات خطط لمنشآتها التجارية الأولى، فشركة “تويلف” مثلا صممت معداتها لتكون معيارية بحيث يمكن إضافتها بسهولة لزيادة إمكاناتها، مثل مزرعة الطاقة الشمسية. وهي تأمل أن يكون لها أول مصنع بحجم حاويات الشحن بحلول العام المقبل، وتتوقع حجمًا تجاريًا كبيرًا بحلول 2023. لكن التوسع يتطلب رأس مال ضخم ويستغرق وقتًا.
من بين العوائق الأخرى التي تواجهها هذه الصناعة العثور على العملاء. تحتاج الشركات الناشئة إلى التعامل مع شركات أكبر لشراء المواد الأولية المصنوعة من ثاني أكسيد الكربون، ولكن قد يكون من الصعب عليها إيجاد مكان لها ضمن سلاسل التوريد. يحتاج برنامج التسريع الذي يشرف عليه مخبر “إيربان فيوتشرز”، المعروف بمبادرة “سي 2 في”، إلى التركيز على إقامة روابط بين الصناعات، ولكن في الحقيقة هناك حاجة إلى المزيد من العملاء المبكرين المستعدين لتشجيع الصناعة، مثل شركة “أون” لصناعة الأحذية الرياضية.
تفتخر شركة “كاربون كيور” بحقيقة أن 450 مصنعًا للإسمنت قد تم تطويرها باستخدام تقنيتها – باحتساب جميع عمليات نشر مشروع استخدام الكربون حتى الآن حسب نيفان – لكنها لا تمثل سوى جزء ضئيل من أكثر من 100 ألف مصنع إسمنت منتشر في جميع أنحاء العالم”. وأضاف: “ما نحتاجه في الوقت الحالي هو شركاء”.
يتمثل العائق الآخر الذي يقف أمام توسيع النشاط في الحاجة إلى توفير كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون بتكلفة منخفضة. وقد لاحظ الخبراء أنه على الرغم من أن اعتماد هذه التقنيات لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من المصادر الصناعية، إلا أن هذا يتم فقط على نطاق ضئيل في الوقت الحاضر. وتعتبر عمليات تنقية الهواء المباشر أقل تطورًا من الناحية التكنولوجية وأكثر تكلفة، وستكون هناك حاجة إلى بنية تحتية لنقل ثاني أكسيد الكربون إذا تم التقاطه – على سبيل المثال – في مكان مختلف عن مكان استخدامه.
يقول المدافعون عن هذا المشروع أن التدخل والدعم الحكومي مطلوبان لتحقيق النمو السريع، سواء كان ذلك من خلال تحديد سعر الكربون أو سياسات الشراء في العقود الحكومية التي تتطلب بدائل تعتمد على ثاني أكسيد الكربون، أو عن طريق الاستثمار في البنية التحتية.
حسب بيتر سترينج، الخبير في التقاط الكربون واستخدامه ومدير مركز استخدام ثاني أكسيد الكربون في جامعة شيفيلد: “يجب أن يشهد اعتماد هذه التقنيات نموًا هائلاً … ونحن بحاجة إلى سياسات تدعم هذا المجال”. وبينما يتم الترحيب بالجهود الأمريكية الأخيرة – يشمل مشروع قانون البنية التحتية الأمريكية، على سبيل المثال، أكثر من ثمانية مليارات دولار لتنقية الهواء ونقل وتخزين ثاني أكسيد الكربون- يقول يونغمان من شركة “كلينتيك” إن “هناك مساحة للحكومات لتكون أكثر شجاعة”.
تحتاج الصناعة أيضًا إلى إرشادات أكثر تفصيلاً بشأن الكربون لجعله أكثر قبولًا من طرف المستهلك. تحتاج تحليلات دورة الحياة للمنتجات إلى مراعاة سلسلة التوريد بأكملها، ولكن يمكن للشركات وضع الحدود بطريقة تستثني بعض العمليات. حيال هذا الشأن، يقول سيك: “لقد درسنا إنتاج الإسمنت، وفي بعض الحالات، كان أسوأ من مجرد صنع الإسمنت العادي”. وهو حاليًا يعمل مع ستيرينغ على تحسين كيفية إجراء الشركات لتقييماتها كجزء من جهد دولي.
إلى أي مدى سيظل استخدام الكربون مثيرًا للجدل؟ سيظل هذا السؤال مفتوح الآفاق. يقول مايك تشايلد، رئيس السياسة في مجموعة “أصدقاء الأرض” البيئية: “يلعب الابتكار دورًا في الحد من تغير المناخ”، ولكن هذه “التقنيات العجيبة” “غير مثبتة” للعمل على النطاق الهائل المتصور، ما يعني أنها “مقامرة ضخمة” بكل من حياة الناس والكوكب. ويضيف: “نحن نعلم أن خفض الانبعاثات عند المصدر أفضل وأرخص طريقة للحد من الاحتباس الحراري”، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا تخاطر أيضًا بتزويد القادة السياسيين ورجال الأعمال بمبرر لمواصلة حرق الوقود الأحفوري.
حسب دعاة استخدام ثاني أكسيد الكربون، فإن الانتقال الطاقي والحد من استخدام الوقود الأحفوري أمر لا بد منه، لكن إذا أردنا أن تستمر الحياة الحديثة كالمعتاد دون تضحيات، سنحتاج إلى إيجاد طرق جديدة لمواصلة إنتاج السلع التي قدمها لنا الوقود الأحفوري. هذه الصناعة التي تتباين الآراء بشأنها لن تساعد في التخفيف من تغير المناخ فحسب، بل ستوفر المنتجات القائمة على الكربون التي سوف نحتاجها دائمًا”. ويقول فلاندرز: “هناك الكثير من الممارسات التي لابد من التوقف عنها من أجل المناخ، لكن يمكنك في الواقع الاستمرار في استخدام المنتجات التي تعجبك والتي تم صنعها بطريقة أفضل”.
المصدر: صحيفة الغارديان