ترجمة وتحرير: نون بوست
سلطت وثائق جرى إماطة اللثام عنها حديثًا، الضوء على المجزرة التي تعرض لها الفلسطينيون أثناء حرب 1948، والتي قادت نحو إنشاء “إسرائيل”.
وبناء على رسائل كتبها الجنود، ومذكرات غير منشورة، ومحاضر لقاءات أحزاب سياسية وسجلات تاريخية أخرى، تمكنت صحيفة هآرتس ومعهد أكيفوت لأبحاث الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من الكشف عن تفاصيل مروعة، حول ثلاثة مجازر ارتكبتها القوات الإسرائيلية في قرى الرينة وميرون والبرج.
كما تظهر هذه الوثائق أن قادة إسرائيلين بارزين كانوا على اطلاع فوري على هذه الأحداث الدموية التي صاحبت غزو القرى العربية.
وخلال هذه الأحداث المعروفة لدى الفلسطينيين بالنكبة، قتل الجنود الإسرائيليون السكان الفلسطينيين وشردوهم من أراضيهم. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 1948، أسست القوات الإسرائيلية ميليشيات صهيونية مثل الهاجاناه وليهي وإيرجون، أطلقت هجومين في الجنوب والشمال على أراضي الامتداد الفلسطينية.
وقد شمل الهجوم الأول المسمى عملية هيرام كامل منطقة الجليل واستمر ثلاثة أيام، وصولا إلى قرى داخل لبنان. أما الهجوم الثاني المسمى عملية يواف، فقد أدى لاحتلال جنوب البلاد.
سكان قرية الرينة تعرضوا للسلب والقتل
أدى احتلال الجليل إلى طرد نصف سكانها الفلسطينيين وهروبهم إلى سوريا والأردن ولبنان.
ولم يبق منهم في هذه المنطقة إلا 120 ألف ساكن، وقد تواصلت المعارك الطاحنة بين جيش المتطوعين المسمى جيش التحرير ضد المليشيات الصهيونية.
وتكشف السجلات التاريخية الإسرائيلية أن مجزرة تعرض لها 14 فلسطينيا حدثت في أيلول/ سبتمبر 1948 في قرية الرينة قرب الناصرة في الجليل.
وقد سقطت الرينة تحت سيطرة القوات الإسرائيلية في تموز/ يوليو 1948. وبحسب صحيفة هآرتس فإن أحد هؤلاء الفلسطينيين الذين قتلوا، واسمه يوسف التركي، كان عضوا في تحالف عمال أرض إسرائيل، إلا أن هذا لم يشفع له ولم يجنبه الموت.
أدى احتلال الجليل إلى طرد نصف سكانها الفلسطينيين وهروبهم إلى سوريا والأردن ولبنان
هذا الشخص المسمى يوسف التركي، إلى جانب امرأة بدوية وأشخاص آخرين، تم اعتقالهم قرب الرينة، واتهامهم بالتهريب، ثم إعدامهم بحسب ما تشير إليه المحاضر في الأرشيف الإسرائيلي. إلا أن الرينة لم تكن المسرح الوحيد للمجازر.
البرج
كان حاج إبراهيم فلسطينيا يعمل في مطبخ عسكري تابع للقوات الإسرائيلية في البرج، وهي قرية فلسطينية احتلتها إسرائيل في تموز/ يوليو 1948 تقع على بعد 15 كيلومترا شرق الرملة، التي توجد فيها اليوم مستوطنة موديعين.
وتكشف وثيقة لم يتضح مصدرها، الظروف المروعة لوفاة الحاج إبراهيم، إلى جانب امرأة مسنة مريضة، ومسن آخر وسيدة. حيث أن الجنود طلبوا من الحاج إبراهيم أن يذهب ويجمع الخضر، حتى لا يكون شاهدا على ما كان على وشك الحدوث، ثم تم اقتياد الفلسطينيين الثلاثة الآخرين إلى منزل معزول. بعدها أطلقت عليهم قذيفة مضادة للدبابات، وعندما أخطأتهم هذه القذيفة، ألقيت عليهم ستة قنابل يدوية داخل المنزل، أدت إلى قتل المسن والسيدة، أما المسنة الأخرى فقد تم إعدامها بالسلاح الناري.
وتكشف هذه الوثيقة أيضا أنه “بعد ذلك قام الإسرائيليون بإضرام النار في المنزل وحرق الجثث الثلاثة. وعندما عاد الحاج ابراهيم تم إخباره بأن هؤلاء تم إرسالهم للمستشفى في رام الله. ولكن يبدو أنه لم يصدق هذه القصة، وبعد ساعات قليلة تم إعدامه هو أيضا بأربع رصاصات.”
جبل ميرون
حدثت فظاعات أخرى ضد الفلسطينيين، كشفتها وثيقة كتبها شامويل ميكونيس، العضو الشيوعي في مجلس الدولة المؤقت، الذي أصبح لاحقا يسمى الكنيست. وقد كتب هذه الوثيقة طلبا للتوضيحات من رئيس الوزراء دافيد بن غوريون حول الأعمال التي اقترفتها ميليشيات إيرجون.
وقد تضمنت هذه الجرائم قتل 35 فلسطيني رغم رفعهم الراية البيضاء، واعتقال مدنيين فلسطينيين من بينهم أطفال ونساء تم إجبارهم على حفر حفرة ثم دفعهم داخلها وإطلاق الرصاص عليهم. إلى جانب اغتصاب فتاة على يد عناصر من إيرجون، وقتل 13 أو 14 طفل فلسطيني كانوا يلعبون بالقنابل اليدوية.
إلا أن بن غوريون، أول رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل، كان مراوغا ولم يقدم إجابة، رغم أنه في هذه المسائلة البرلمانية، قدم ميكونيس وصفا مفصلا لمجزرتين أخريين تم اقترافهما خلال يومين في قرية الحولة اللبنانية.
المصدر: ميدل إيست آي