ترجمة وتحرير: نون بوست
تمهيد من محرر نون بوست: سلطت صحيفة هآرتس العبرية، في مقالين، الضوء على وثائق سريّة تفضح عبر شهادات إسرائيلية دُوّنت عام 1948 نهج القتل الجماعي الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، نساء وأطفالًا وشيوخًا، وأشارت إلى المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في تلك الفترة، التي تمكن فيها من احتلال فلسطين وطرد الشعب الفلسطيني من وطنه وأرضه، إضافة لتدمير القرى والمدن الفلسطينية ومحو الكثير منها عن الوجود.
وينشر “نون بوست” تاليًا، ترجمة حرفية للمقالين، ونؤكد تحفظنا على العديد من المصطلحات والتعبيرات الواردة بداخله والتي تخص الصحيفة العبرية.
كانت النقاشات مفعمة بالعواطف، قال حاييم موشيه شابيرا، أحد الوزراء في الحكومة، لقد تقوضت جميع الأسس الأخلاقية لإسرائيل، وقال دافيد ريميز، إن الأعمال التي ارتكبت أسقطتنا من فئة اليهود بل ومن فئة الكائنات البشرية، وعبر وزراء آخرون عن امتعاضهم، ومنهم موردخاي بنتوف الذي تساءل عن نوع اليهود الذين سيبقون في البلاد بعد الحرب، ومنهم أيضاً أهارون زيسلينغ الذي قال إنه لم يعرف طعم النوم في الليل، وإن المجرمين يضربون روح الحكومة بأسرها.
وطالب بعض الوزراء بالتحقيق في الشهادات وبمحاسبة المسؤولين، أما دافيد بن غوريون فكان يراوغ، ووفي النهاية قرر الوزراء إجراء تحقيق، وكانت النتيجة إنشاء “لجنة للتحقيق في حالات جرائم القتل التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي”.
كان ذلك في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1948، حيث كانت تتدفق الشهادات التي تتحدث عن ارتكاب القوات الإسرائيلية لمذابح ضد العرب – مستهدفة الرجال العزل والمسنين والنساء والأطفال – وتتراكم على طاولة مجلس الوزراء، وظلت هذه الشهادات محجوبة عن عين الجمهور لسنين بأمر من الرقابة العسكرية، والآن، يتم الإعلان بفضل تحقيق استقصائي من قبل صحيفة “هآرتس” والمعهد الإسرائيلي-الفلسطيني لأبحاث الصراع (أكيفوت) عن النقاشات الحادة التي كانت تدور بين الوزراء حول هذا الموضوع والكشف عن شهادات تتعلق بثلاث مذابح لم تكن معروفة من قبل، بالإضافة إلى تفاصيل جديدة حول عمليات القتل في “الحولة” في لبنان، والتي تعتبر واحدة من أبشع جرائم الحرب.
في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1948، شنت القوات الإسرائيلية عمليتان كبيرتان، الأولى في الجنوب باسم عملية يوآف، والتي فتحت الطريق إلى النقب، والثانية في الشمال باسم عملية هيرام. تمخضت الثانية خلال ثلاثين ساعة عن اجتياح العشرات من القرى العربية في الشمال وهرب أو طرد الآلاف من سكانها من ديارهم. وتمكنت قوات الدفاع الإسرائيلية من اجتياح الجليل خلال ثلاثة أيام وكذلك التمدد داخل عدد من القرى في جنوب لبنان. معظم سكان تلك المناطق لم يشاركوا في القتال، وكان جل تبادل إطلاق النار يجري بين قوات الدفاع الإسرائيلية وجيش الإنقاذ العربي المشكل من متطوعين قدموا من البلدان العربية.
تتوفر المعلومات حول الفظائع التي ارتكبت في عام 1948 من مختلف المصادر التوثيقية التاريخية، ومن ذلك خطابات الجنود، والمذكرات غير المنشورة التي دونت في ذلك الوقت، ومحاضر الاجتماعات التي كانت تعقدها الأحزاب السياسية، وغير ذلك من المصادر. ظلت جل التقارير التي تتحدث عن التحقيقات العسكرية والحكومية أسراراً مكنونة، وما زالت الرقابة تحكم قبضتها بشدة، الأمر الذي يشكل عقبة في طريق البحث الأكاديمي وإعداد التقارير الاستقصائية. ومع ذلك، ترسم المصادر المفتوحة صورة ما فتئت ببطء تتضح معالمها، ومن ذلك على سبيل المثال الشهادات المتعلقة بمذابح لم تكن معروفة من قبل وقعت في الرينة، في ميرون وفي البرج، والتي يجري نقاشها أدناه.
مذابح الرينة
تم اجتياح قرية الرينة، المجاورة للناصرة حتى قبل شن عملية هيروم في تموز/ يوليو عام 1948. بعد مرور شهور قليلة على ذلك، طالب أهارون حاييم كوهين، الدائرة التي تتعامل مع السكان العرب داخل اتحاد النقابات العمالية، الهستدروت، بأن يقدم ممثل عن القطاع الموازي في مابام، الحزب اليساري الذي كان يشكل جزءاً من الحكومة، توضيحاً لما يأتي: “لماذا تم قتل أربعة عشر عربياً في قرية الرينة في مطلع أيلول/ سبتمبر، كان من بينهم امرأة بدوية وكذلك عضو في تحالف عمال أرض إسرائيل اسمه يوسف التركي؟ وكان هؤلاء قد ألقي القبض عليهم بجوار القرية واتهموا بالتهريب، ثم سيقوا إلى القرية حيث قتلوا”. وأصر الشيخ طاهر الطويري، أحد زعماء المجتمع الفلسطيني في الشمال، على أن مذبحة الرينة “لم تكن الوحيدة” وأن أعمال القتل تلك كانت “تنفذ بهدف السرقة”. وزعمت عائلات الضحايا أن الذين قتلوا كانوا يحملون معهم مئات الليرات، وكانت تلك مبالغ كبيرة.
كما أن قرية البرج (والتي صار اسمها الآن مودين) اجتيحت هي الأخرى في تموز/ يوليو عام 1948 كجزء من عملية داني. وتشير وثيقة لا يُعرف كاتبها، تم العثور عليها في أرشيف ياد يعاري، إلى أن أربعة مسنين بقوا في القرية بعد الاستيلاء عليها: “الحاج إبراهيم، الذي كان يساعد داخل المطبخ العسكري، وامرأة مسنة مريضة ورجل مسن آخر وامرأة (مسنة)”. بعد مرور ثمانية أيام على اجتياح القرية، أرسل الجنود إبراهيم في مهمة لجلب الخضار، وذلك بهدف إقصائه عما كان يوشك أن يحدث. “تم اقتياد الثلاثة الآخرين إلى منزل معزول. ثم أطلقت قذيفة مضادة للدبابات (فيات)، وعندما أخطأت القذيفة هدفها، ألقيت ست قنابل يدوية داخل المنزل. قتلوا رجلاً مسناً وامرأة، بينما تم الإجهاز على المرأة المسنة باستخدام سلاح ناري. وبعد ذلك أشعلوا النار بالمنزل وحرقوا تلك الجثث. وعندما عاد الحاج إبراهيم مع حارسه قيل له بأن الثلاثة الآخرين أرسلوا إلى مستشفى في رام الله. يبدو أنه لم يصدق الحكاية، ثم بعد ساعات قليلة تم الإجهاز عليه هو الآخر بأربع رصاصات”.
طبقاً لشهادة شموئيل ميكونيس، عضو مجلس الدولة الانتقالي (سلف الكنيست) عن الحزب الشيوعي، والتي يتم الكشف عنها للمرة الأولى ههنا، تم أيضاً ارتكاب جرائم فظيعة في منطقة ميرون. تمكن ميكونيس حينذاك من الالتفاف حول الرقابة من خلال توجيه سؤال برلماني إلى رئيس الوزراء انتهى إلى أن يصبح جزءاً من أرشيف الكنيست، طلب فيه توضيحاً من بن غوريون حول أعمال قال ميكونيس إنها ارتكبت من قبل أعضاء في مليشيا الآرغون السرية.. “أولاً، لقد أبادوا باستخدام الرشاشات خمسة وثلاثين عربياً بعد أن استسلموا للمجموعة وكانوا يحملون رايات بيضاء في أيديهم. وثانياً، أسروا سكاناً مسالمين، كان من بينهم نساء وأطفال، وأمروهم بشق حفرة في الأرض ثم دفعوا بهم فيها بحراب فرنسية طويلة، ثم أطلقوا النار على البؤساء إلى أن أجهزوا عليهم جميعاً. وكان من بينهم امرأة تحمل في ذراعيها رضيعاً. وثالثاً، مجموعة من الأطفال تتراوح أعمارهم ما بين الثالثة عشرة والرابعة عشرة كانوا يلعبون بشظايا القنابل أطلقت عليهم النيران وقتلوا جميعاً. ورابعاً، فتاة في التاسعة عشرة أو العشرين من عمرها اغتصبها رجال من ألتالينا (إحدى وحدات الآرغون)، ثم بعد ذلك طعنت بحربة وغرست في جسدها عصا خشبية”.
ولقد ورد أن الجنود في ميرون “اتخذوا السكان المسالمين أسارى وكان من بينهم نساء وأطفال، وأمروهم بشق حفرة في الأرض، ودفعوا بهم فيها… وأطلقوا النار على البؤساء إلى أن أجهزوا عليهم جميعاً، وكانت من بينهم امرأة تحمل رضيعاً في ذراعيها”.
وههنا نود التأكيد على أنه لا يوجد لدينا شهادات إضافية تعزز الوصف البشع لما وقع من أحداث في الرينة وفي البرج وفي ميرون. وهذا ليس مستغرباً، إذا ما أخذنا بالاعتبار الكم الهائل من المواد التي لا تزال محتجزة بعيداً عن الأنظار في الأرشيف. وفي ما يتعلق بشهادة ميكونيس، فإن هناك أسبابا إضافية للامتناع عن التشكيك في ما ذكره، ومنها أن ميكونيس، وفي نفس السؤال البرلماني الذي طرحه على بن غوريون، قدم توصيفاً دقيقاً للمذبحة التي وقعت في قرية الحولة اللبنانية، وتبين في المحكمة فيما بعد أن مصادره كانت موثوقة. (لا يوجد ما يثبت أن رئيس الوزراء رد على السؤال الذي طرح عليه).
“البعض ظهر منهم ما يثبت أنهم ما زالوا على قيد الحياة”
بدا الوزراء منزعجين بشكل خاص مما سمعوه عن مذبحة الحولة. فقد تم اجتياح القرية من قبل فرقة من لواء الكرمل، هي الكتيبة الثانية والعشرون، تحت قيادة شمويل لاهيس. وعلى الرغم من أن المئات من السكان، أي معظم أهل الحولة، تمكنوا من الهرب، إلا أن ستين منهم بقوا في القرية واستسلموا بدون مقاومة. وبعد الاجتياح ارتكبت مجزرتان هناك، على مدى يومين متعاقبين. في اليوم الأول، الحادي والثلاثين من تشرين الأول/ أكتوبر 1948، قتل ثمانية عشر قروياً وفي اليوم التالي وصل عدد الضحايا إلى خمسة عشر.
كان قائد الفرقة، لاهيس، هو المقاتل الوحيد الذي حوكم بتهمة ارتكاب جرائم قتل في عملية هيرام، وصدر حكم بالبراءة بحقه بسبب الشكوك التي حامت حول وقوع الحادثة الأولى، ولكنه أدين بارتكاب مجزرة اليوم الثاني، والتي نفذها بنفسه. فيما بعد، أحيل نص الحكم الصادر بحق لاهيس إلى الأرشيف القانوني لجامعة تل أبيب، وههنا يتم لأول مرة نشر مقطع من الحكم المتعلق باستئنافه.
أمر لاهيس بإخلاء “أولئك العرب الخمسة عشر من البيت الذي كانوا فيه وساقهم إلى منزل معزول على مسافة من مقبرة المسلمين في القرية. عندما وصلوا إلى هناك أمر المستأنف (لاهيس) العرب بأن يُجمعوا في واحدة من الغرف وهناك أمرهم بالوقوف في صف واحد ووجوههم إلى الحائط… ثم قام المستأنف بإطلاق النار على العرب مستخدماً (بندقية) ستين كان ممسكاً بها وفرغ فيهم مشطين من الذخيرة. بعد أن سقط الناس، راح المستأنف يتفحص الجثث للتأكد مما إذا كانت فيها حياة. كان البعض منهم تظهر عليهم علامات تثبت أنهم ما زالوا على قيد الحياة، فما كان من المستأنف إلا أن أطلق عليهم رصاصات إضافية”.
صرح لاهيس في دفاعه بأنه إنما كان يعمل بروح ما ذكره آمر الكتيبة الذي قال له “لا حاجة لأن تثقل كاهل (عناصر) المخابرات بالأسرى”. وبين أنه شعر بحاجة ملحة إلى الانتقام بسبب موت أصدقائه، على الرغم من أن ضحاياه لم يشاركوا في القتال. وحكم عليه بالسجن سبع سنوات، وبعد الاستئناف تم تخفيض العقوبة إلى سنة واحدة، قضاها في أوضاع مريحة جداً داخل قاعدة عسكرية في الشمال.
على مدى السنين، سعى القضاة إلى التقدم بمختلف التفسيرات لتلك العقوبة الخفيفة. برر القاضي جدعون إيلات العقوبة من خلال الإشارة إلى أن لاهيس كان الشخص الوحيد الذي قدم للمحاكمة، على الرغم من أن جرائم قتل أفظع من ذلك كانت قد ارتكبت. وقال القاضي حاييم دفورين: “كقاض، كان من الصعب علي أن أنسجم مع وضع كنا فيه نجلس خلف طاولة لنحاكم شخصاً تصرف أثناء المعركة بالشكل الذي تصرف به. هل كان يعرف حينذاك من كان بريئاً ومن كان عدواً؟”.
بعد إطلاق سراحه، صدر بحق لاهيس عفو من قبل الرئيس إسحاق بن زيفي. وبعد ثلاثة عقود تم تعيينه مديراً عاماً للوكالة اليهودية. ومن موقعه ذاك ابتدع فكرة يوم القدس، للاحتفال بذكرى توحيد القدس أثناء حرب الأيام الستة، والذي ما زال يحتفل به سنوياً منذ ذلك الحين.
ما زالت ملايين الوثائق منذ تأسيس الدولة مخزنة في أرشيف الحكومة ويحظر نشرها. بالإضافة إلى ذلك فإن هناك سياسة رقابة فعالة للحيلولة دون تمكن أحد من النشر. وخلال السنوات الأخيرة عمد موظفون من وحدة مالماب (وهي الاختصار العبري لجملة “مدير مؤسسة الأمن والدفاع”) إلى التنقيب في أرشيفات البلاد للتخلص من الأدلة التي تثبت وقوع جرائم حرب، وذلك ما كشف عنه تقرير استقصائي من إعداد هاجر شيزاف في صحيفة “هآرتس” في عام 2019. ولكن بالرغم من الجهود التي تبذل للإخفاء فإنها لم تزل التقارير حول المجاز التي ارتكبت تتراكم.
أول من مهد الطريق كان المؤرخ بيني موريس، الذي أجرى بحثاً شاملاً ورائداً في الأرشيفات، بدءاً من ثمانينيات القرن الماضي. فيما بعد انضم إليه مؤرخ آخر هو عادل مناع، الذي يركز في عمله على التاريخ الشفهي، والذي درس تاريخ العرب في حيفا وفي الجليل. من بين الأحداث التي وصفها مناع فرقة الإعدام التي ذبحت تسعة من مواطني مجد الكروم (مسقط رأسه هو). ما نشر من أبحاث على مدى الأعوام التالية، مثل الشهادات المذكورة في هذا التقرير، أخذ تدريجياً يوفر القطع المفقودة من اللغز.
وثق موريس وقوع 24 مذبحة أثناء حرب 1948. ولكن بإمكاننا اليوم القول إن العدد كان أكبر من ذلك بكثير، وقد يصل إلى أضعاف ذلك. في بعض هذه الحلات قتل عدد قليل من الأفراد، وفي بعضها قتل العشرات، وفي بعض الحالات تجاوز عدد الضحايا المائة. وباستثناء مذبحة دير ياسين في شهر نيسان/أبريل عام 1948، والتي ظل اسمها يتردد على الألسن لسنوات، يبدو أن هذه الشريحة الكئيبة من التاريخ ظلت مكبوتة ويتم النأي بها عن تناول الرأي العام في إسرائيل.
من بين المجازر الكبرى التي وقعت أثناء عملية هيرام وعملية يوعاف تلك الأحداث التي جرت في قرى صالحة وصفصف والدوايمة. في صالحة (والتي هي اليوم كيبوتس ييرون) والتي تقع بمحاذاة الحدود مع لبنان، أعدم اللواء السابع ما بين ستين إلى ثمانين من السكان مستخدماً أسلوباً تم اللجوء إليه مرات عديدة أثناء الحرب، ألا وهو تجميع السكان في بناية داخل القرية ثم تفجير المبني والناس في داخله.
وفي صفصف (التي هي اليوم موشاف صفصوفا)، بالقرب من صفد، ذبح الجنود من اللواء السابع العشرات من السكان. وبحسب إحدى الشهادات (التي ما لبثت فيما بعد أن فرضت عليها السرية من قبل وحدة مالماب) “تم توقيف اثنين وخمسين رجلاً، ربطوا بعضهم ببعض، وحفرت جورة، وضعوا فيها وأطلقت عليهم النيران. كان عشرة منهم مازالوا ينتفضون. جاءت النساء، يتوسلن ويطلبن الرحمة. وجدت جثث ستة من الشيوخ. بالمجمل كان هناك واحد وستون جثة، وثلاث حالات اغتصاب”.
وفي قرية الدوايمة (والتي هي اليوم موشاف أماتزيا)، في منطقة لاخيش، ذبح جنود من اللواء الثامن ما يقرب من مائة شخص. أحد الجنود الذين شهدوا الأحداث وصف للمسؤولين في مابام ما جرى قائلاً: “لم تكن هناك معركة ولا مقاومة. أول الداخلين قتلوا ما بين ثمانين إلى مائة من الرجال والنساء والأطفال العرب. قتل الأطفال بتهشيم جماجمهم بالعصي. لم يخل بيت واحد من أناس قتلوا فيه”. وطبقاً لما أورده ضابط مخابرات أرسل إلى القرية بعد يومين وصل عدد الذين قتلوا 120.
يشير مقال كتبه جندي مجهول في مجلة نير بعد الحرب إلى أن ظاهرة قتل غير المحاربين كانت منتشرة على نطاق واسع داخل جيش الدفاع الإسرائيلي. فقد روى كاتب المقال كيف قام رفاقه في الوحدة بقتل امرأة عربية مسنة تخلفت أثناء اجتياح قرية لوبيا في الجليل الأعلى، ويقول: “أصبح ذلك تقليداً، وعندما اشتكيت إلى قائد الكتيبة عما كان يجري وطلبت منه وضع حد للهيجان، الذي لم يكن له ما يبرره عسكرياً، هز كتفيه وقال: لا توجد أوامر من أعلى توعز بمنعه. منذ تلك اللحظة لم يكن من الكتيبة إلا أن انحدرت أكثر فأكثر. استمرت إنجازاتها العسكرية ولكن في المقابل تضاعفت الفظائع التي ترتكبها”.
“هذه مسألة يهودية”
في الفترة من تشرين الثاني/ نوفمبر إلى كانون الأول/ ديسمبر من 1948، عندما تراجع نوعاً ما ضغط الحرب، تحولت الحكومة إلى مناقشة التقارير التي تحدثت عن ارتكاب مجازر وكانت تصل إلى الوزراء بأشكال مختلفة. من يتابع محاضر هذه الاجتماعات لا يبقى لديه أدنى شك في أن قادة البلد كانوا يعرفون في حينه وأولاً بأول عن الأحداث الدموية التي صاحبت اجتياح القرى العربية.
والحقيقة، أن محاضر جلسات الحكومة من تلك الفترة غدت متاحة لاطلاع الجمهور منذ مطلع عام 1995، إلا أن المقاطع التي تشتمل على النقاشات التي كرست “لسلوك الجيش في الجليل والنقب” – وهو المصطلح الذي كان مدرجاً على أجندة مجلس الوزراء – بقيت مظللة بالأسود وممنوعة من النشر حتى قبل أيام قليلة مضت، ولم يصبح التقرير الحالي ممكناً إلا بعد تقديم طلب إلى مسؤول الأرشيف في إسرائيل من قبل معهد أكيفوت.
وحتى الآن، ما زالت الوثائق الأصلية غير متاحة بالكامل، وما زال أي ذكر مباشر لجرائم الحرب مظللاً بالسواد، أما المراسلات بين الوزراء أنفسهم حول مسألة ما إذا كان ينبغي التحقيق في الجرائم أم لا – وهي المراسلات التي ظلت مخفية طوال 73 سنة – فهي الآن متاحة للباحثين والصحفيين والمواطنين من أصحاب الفضول. وهنا نموذج لما كان عليه الحال في اجتماع الحكومة المنعقد في السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 1948:
وقال وزير الهجرة والصحة حاييم موشيه شابيرا (هابويل هاميزراحي): “أن تذهب إلى ذلك الحد محرم حتى في أوقات الحرب، هذه الأمور وردت أكثر من مرة في اجتماعات مجلس الوزراء، وتحقق وزير الدفاع وطالب، وصدرت أوامر. أعتقد أنه من أجل إعطاء الانطباع بأننا نأخذ هذه المسألة على محمل الجد، يتوجب علينا اختيار لجنة وزارية يسافر أعضاؤها إلى تلك الأماكن لكي يروا بأنفسهم ما الذي جرى، يجب معاقبة من يقومون بمثل هذه الأعمال، المسألة لم تكن سراً، اقتراحي هو اختيار لجنة من ثلاثة وزراء تناط بهم مهمة التعامل مع هذه المسألة الخطيرة”.
وقال وزير الداخلية يتسحاق غروينباوم (جنرال زيونستس): “وأنا أيضاً أنوي توجيه سؤال في نفس الموضوع، تنامى إلى علمي وجود أمر بتطهير المنطقة”، وعند تلك اللحظة روى غروينباوم حكاية ضابط قام بنقل السكان في حافلة إلى خطوط العدو، حيث طردهم، مضيفا: “لكن يبدو أن الآخرين ينقصهم نفس الذكاء ونفس الإحساس، يبدو أن الأوامر يمكن أن تنفذ بوسائل أخرى”.
عند هذه النقطة؛ كثير من سطور الكلام المدون يصبح مطموسا
يقول وزير العمل موردخاي بنتوف (مابام): “يزعم الناس الذي قاموا بهذا العمل بأنهم تلقوا أوامر بذلك، يبدو لي أننا ما كنا في قضية من القضايا بمثل هذا العجز الذي نحن فيه الآن تجاه هذه المسألة، في رأيي هذه ليست مسألة عربية، بل هي مسألة يهودية، والسؤال: أي اليهود سيبقى في البلد بعد الحرب؟، لا أرى سبيلاً سوى اجتثاث الشر بيد قوية، ونظراً لأننا لم نر هذه اليد القوية في مقرات {الجيش} أو في وزارة الدفاع، فإنني أؤيد مقترح السيد شابيرا بتشكيل لجنة تمنحها الحكومة الصلاحية للتحقيق مع أي شخص تريد، من الضرورة بمكان التحقيق مع الرتب القيادية المتسلسلة، فمن الذي تسلم الأوامر ممن، وكيف تتم الأمور دون أوامر مكتوبة، هذه الأمور تتم بناء على أسلوب معين، وها قد تبين أن الأمر شيء والإجراء شيء آخر تماما”.
وقال رئيس الوزراء ووزير الدفاع دافيد بن غوريون (ماباي): “إذا هربوا، فلا يوجد داع للجري وراءهم، ولكن الأمر يختلف في حالة السكان الذين يبقون في أماكنهم، وتقوم جيوشنا بمطاردتهم، ذلك يمكن منعه، لا حاجة لمطاردتهم، في اللد والرملة صدرت أوامر صريحة بعدم مطاردة السكان ثم تبين أنهم أجبروا على المغادرة، أردت أن أتوجه إلى اللد في الأيام الأولى للفتح، وقدمت لي بعض الأعذار لماذا يجب علي ألا أذهب، في المرة الأولى قبلتها بسذاجة، والمسألة الأكثر خطورة هي المتعلقة بالسرقة، الوضع بهذا الشأن لا يحتمل”.
“فردوس الحمقى”
انتهى اجتماع السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1948 بقرار يقضي بتعيين لجنة من ثلاث وزراء للنظر في الشهادات حول المجازر، تشكلت اللجنة من كل من حاييم موشيه شابيرا، وبنتوف، ووزير العدل بنهاس روزنبلوث (روزن) من الحزب التقدمي، بعد ذلك بأسبوع أخبروا مجلس الوزراء بأن الصلاحيات المحدودة التي منحت لهم لم تمكنهم من الوصول إلى حقيقة الأمر، مرت ثلاثة أيام أخرى، واجتمعت الحكومة تارة أخرى لمناقشة التحقيق في الجرائم.
قال بنتوف: “معروف لدي أن هناك دوائر داخل الجيش تريد تخريب قرارات الحكومة”.
وقال شابيرا: “يجب أن نجد أفضل السبل لوقف الطاعون، فالوضع في هذه المسألة أشبه ما يكون بالطاعون، استمعت اللجنة اليوم لشاهد واحد، ولقد دفنت وجهي في يدي خجلاً وخزياً، إذا كان ذلك هو الوضع، لا أدري من أي جهة يتربص بالدولة خطر أكبر – من جانب العرب أم من جانبنا نحن. في رأيي، جميع أسسنا الأخلاقية تقوضت ونحتاج للبحث عن طرق للجم هذه النزعات، لقد وصلنا إلى هذا الوضع لأننا لم نعرف كيف نتحكم بالأمور عندما بدأت للوهلة الأولى، انطباعي هو أننا نعيش في فردوس الحمقى، إذا لم يحدث تغيير، فإننا حينها نكون قد قوضنا بأيدينا الأساس الأخلاقي للحكومة”.
وقال وزير الزراعة أهارون زيسلنغ (مابام): “تلقيت رسالة من شخص معين بشأن هذه المسألة، يجب أن أقول لكم إنني علمت عن الوضع بخصوص هذه المسألة، ولقد أثرت الموضوع على هذه الطاولة أكثر من مرة، بعد أن قرأت الرسالة التي وصلتني لم أتمكن من النوم طوال الليل، شعرت بأن شيئاً يحدث ويؤثر على روحي، على روح منزلي، على أرواحنا جميعاً نحن الذين هنا، لم أتمكن من تصور من أين جئنا وإلى أين نحن ذاهبون، أعلم أن هذا ليس من باب المصادفة وإنما هو شيء يحدد معايير الحياة في الأمة، وأعلم أنه يمكن أن تكون لذلك عواقب في كل جانب من جوانب حياتنا، وذلك أن العدوان يولد العدوان، وتصبح هذه المسألة طبيعة ثانية للناس”.
وقال وزير الشرطة بيشور شالوم شتريت (السفرديم والمجتمعات الشرقية): “منذ الأيام الأولى لإدارة الجمهور {الكيان التشريعي المؤقت ما قبل أيار/ مايو 1948}، وطالبت بمقاربة صارمة بشأن هذه المسألة ولكنكم لم تستمعوا إلي، أنتم هائجون بسبب أفعالهم الجسيمة، لقد تقدمت بالعديد من المقترحات بشأن هذا الموضوع، وحتى هذا اليوم لم يقبل أي منها”.
وقال وزير النقل دافيد ريميز (ماباي): “لقد انزلقنا نحو منحدر مريع؛ صحيح أنه ليس الجيش بأسره، ولكن إذا وجدت أعمال كهذه ويتكرر حدوثها في الكثير من الأماكن، فهي بلا ريب مريعة لدرجة تبعث على اليأس”.
بعد النقاش، أعلن بن غوريون بشكل حاد: “طالما أن اللجنة لم تنجز المهمة التي أوكلت إليها، فإنني أعلن إلغاءها”، فرد غروينباوم قائلاً: “إننا بذلك ندفن المسألة”، أما الوزير شابيرا، الذي كان هو من دعا إلى تشكيل اللجنة في المقام الأول، فعلق على ذلك بالقول إنه شعر بأن الأرض تتحرك تحت قدميه.
في الحقيقة، سرعان ما أدرك الوزراء أن رئيس الوزراء لم يكن مهتماً بإجراء تحقيق كامل في جرائم الحرب، فقد رفض منح اللجنة الوزارية الثلاثية صلاحية استدعاء الشهود، ثم عزا فشلها إلى كسل أعضائها، وفي الوقت الذي طالب بعض الوزراء تأسيس لجنة يكون لها أسنان وألحوا على ضرورة تقديم المسؤولين عن تلك الأعمال إلى العدالة كان بن غوريون يسحب بالاتجاه المعاكس، وفي النهاية توصل الاجتماع إلى القرار التالي: “توكل الحكومة لرئيس الوزراء المسؤولية عن التحقيق في جميع المزاعم التي أثيرت بشأن سلوك الجيش تجاه العرب في الجليل وفي الجنوب”.
بعد يومين من اللقاء، وتحديداً في التاسع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1948، كلف بن غوريون النائب العام ياكوف شمشون شابيرا بالتحقيق في الأحداث، وأشار رئيس الوزراء في كتاب التكليف بأن النائب العام “مطلوب منه بموجب هذا التكليف القيام بالبحث والتحقيق فيما إذا كان ضرر قد ألحقه الجنود والجيش بحياة السكان العرب في الجليل وفي الجنوب، مما لم يكن منسجماً مع القواعد المقبولة للحرب”.
بعد أسبوعين اثنين تقدم النائب العام بتقريره لرئيس الوزراء، وفي اجتماع الحكومة المنعقد في الخامس من كانون الأول/ ديسمبر قرأ بن غوريون النقاط الرئيسية، إلا أن هذا القسم من محضر الاجتماع مازال مطموساً، في ثمانينيات القرن الماضي قدم المؤرخ موريس التماساً لدى محكمة العدل العليا طالباً تزويده بالتقرير، إلا أن الالتماس قوبل بالرفض. ولقد عمل معهد أكيفوت منذ سنين من أجل رفع صفة السرية عن التقرير.
ورد ذكر التقرير مرات قليلة جداً في الأدبيات الأكاديمية – بل كان ذلك نادراً لدرجة أن البعض ذهب إلى حد التشكيك في وجوده أصلاً، وكتب المؤرخ يواف غيلبر، مؤلف واحد من أفضل الكتب حول حرب الاستقلال (1948)، عنوان النسخة العبرية منه “الاستقلال مقابل النكبة: الحرب العربية الإسرائيلية في 1948″، إنه لم يجد “تقرير شابيرا حول نتائج التحقيق أو أي إشارة إليه، أو أي دليل آخر يفيد بأن تحقيقاً تم إجراؤه في موضوع التصرفات الشاذة التي حدثت في الجليل.” إلا أن التقرير موجود بالفعل، ويستدل من المحاضر التي باتت متوفرة الآن على أن وزراء الحكومة لم يكونوا مسرورين على الإطلاق بمحتواه أو بتوصياته.
بعد قراءة النقاط الأساسية التي وردت في التقرير على مسامع وزراء الحكومة، قال بن غوريون: “لا أقبل بكل ما كتبه شابيرا، ولكني أعتقد أنه أنجز شيئاً مهماً وقال أشياء لم يكن الآخرون ليجرؤوا على قولها.” ثم اغتنم الفرصة لينتقد زملاءه أعضاء الحكومة قائلاً: “بالطبع، من السهل أن تجلس هنا حول هذه المائدة وتوجه اللوم إلى عدد قليل من الناس، إلى هؤلاء الذين قاتلوا”.
قال حاييم موشيه شابيرا: “بالفعل، لقد قدم النائب العام تقريراً بناء على ما قيل له، ولكن هذه ليست مهمته هو. في رأيي، الشيء الوحيد الذي مازال من الممكن فعله هو اختيار لجنة عامة تنوب عن الحكومة لتقوم بالتحقيق في المسألة وتغوص في التفاصيل. ولكن إذا ما تم التستر على هذه الأفعال، فإن الحكومة بأسرها ملامة إذا لم تجلب الجناة ليمثلوا أمام العدالة”.
قال راميز: “تلك الأعمال تخرجنا من فئة اليهود ومن فئة البشر قاطبة. بالضبط حول هذه المسائل الخطيرة مازلنا نلتزم الصمت حتى اليوم، يجب أن نجد سبيلاً لوضع حد لهذه الأعمال، ولكن لا ينبغي أن نسكت ضميرنا من خلال تركيز كل لومنا على كاهل أولاد تم جرهم على خطى أعمال ارتكبت من قبل”.
قانون الصمت
طوال اجتماعات مجلس الوزراء ورد مراراً القول بأنه يوجد قانون صمت بين الجنود تجاه جرائم الحرب، وعن ذلك قال الوزير شابيرا: “الحقيقة هي أن الجنود يخشون الإدلاء بشهاداتهم، سألت أحد الجنود عما إذا كان على استعداد للمثول أمام اللجنة، فطلب مني ألا أذكر اسمه، وأن أنسى أنه تحدث معي، وأن اعتبره شخصاً لا يعرف شيئا”.
كما تحدث بن غوريون عن صعوبة كسر دائرة الصمت قائلاً: “فيما يتعلق بالجليل، تم نشر القليل من الأمور، وليس كل ما يشاع موافق للحقيقة، العديد من الأمور تأكدت بالفعل، أما ما حدث في الدوايمة فلا يمكن تأكيده، هناك تستر، ومسألة التستر غاية في الخطورة، لقد كلفت شخصاً للقيام بالاستيضاح بشأن مسألة بعينها، فنظمت عملية ضده لمنعه من القيام بالاستيضاح، وتعرض لضغط شديد.
حتى أولئك الذين لم يستفيدوا من الصمت والتستر وحوكموا على جرائم ارتكبوها أثناء الحرب، ما لبثوا أن أخلي سبيلهم
وأكد بن غوريون بأنه كان من المستحيل التأكد من الحقيقة، لا في الشمال ولا في الجنوب، وأضاف أنه في النقب “ارتكبت أعمال لم تكن أقل صدماً من تلك التي ارتكبت في الجليل”.
ساعد قانون الصمت أولئك الذين رغبوا في كنس الجرائم وإخفائها تحت البساط تجنباً للتحقيقات وللإدانات، وبالفعل كان شموئيل لاهيس، قائد الوحدة التي ارتكبت مجزرة الحولة، من بين القلة الذين اتهموا بارتكاب جرائم قتل أثناء حرب الاستقلال، ولا حتى مذبحة الدوايمة، التي تم التحقيق فيها داخلياً من قبل الجيش الإسرائيلي، نجم عنها أي إدانات.
يكشف عن مدى كثافة التستر داخل الجيش كتاب من تأليف يوسف شاي_إل، وكان جندياً يخدم في فرقة لاهيس وشاهداً في محاكمة قائده السابق في مذكراته غير المنشورة من عام 2005 بعنوان “أول ثمانين سنة من حياتي”، يقول شاي_إل: “بعد أن نطقت المحكمة بالحكم، مررت بأوقات عصيبة لفترة من الوقت، كان الناس يمسكون بي في المقاهي ومختلف الأماكن الأخرى في المدينة وينهالون علي ضرباً، فصرت أتعمد الخروج وفي جيبي مسدس، وكنت قد وجدت المسدس في منزل مهجور في عكا قبل وقت طويل من ذلك، كان الجميع يعرفون أنني قناص، وبذلك نعمت بالهدوء لبعض الوقت، ثم أخبرت الشرطة والدي بوجود خطة لاختطافي من البيت فاختبأت في منزل أحد الأصدقاء”.
وحتى أولئك الذين لم يستفيدوا من الصمت والتستر وحوكموا على جرائم ارتكبوها أثناء الحرب، ما لبثوا أن أخلي سبيلهم، وصدر في شباط/ فبراير 1949 عفو عام بأثر رجعي على أي جرائم ارتكبت أثناء الحرب، ولا يبدو أن الجمهور بشكل عام كان يزعجه أي من ذلك، وقعت الأحداث المذكورة آنفاً خلال الفترة التي كان يتم فيها تأسيس النظام القضائي العسكري، ولعل ذلك يفسر لماذا أوجد الجيش في داخله ثقافة تنظيمية تتساهل مع قتل الفلسطينيين على يد الجنود أثناء العمليات. كان الفيلسوف مارتن بوبر قد أطلق على العقلية التي هيمنت على المجتمع اليهودي في ذلك الوقت مصطلح “ذهان الحرب”.
بعد نصف عام من ذلك، مثل أول رئيس للكنيست، جوزيف سبرنزاك، أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في البرلمان، وورد في اللقاء ذكر تقريرين نشرا في الصحافة في ذلك اليوم، وكلاهما يختصران الموقف من جرائم القتل التي ترتكب أثناء الحرب، وأشار أحد التقريرين إلى ضابط أصدر أثناء القتال أمراً بقتل أربعة من الأفراد الجرحى، بينما كان التقرير الثاني حول شخص قام ببيع معدات مسروقة من الجيش؛ حكم على الأول بالسجن ستة أشهر بينما حكم على الآخر بالسجن 3 سنين، وعلى كل حال، لم يساور سبرنزاك أي شك، بل كانت الرؤية لديه واضحة، حين قال مخاطباً اللجنة: “نحن أبعد ما نكون عن الإنسانوية، وما نحن إلا كغيرنا من الأمم”.
المصدر: هآرتس