ترجمة وتحرير: نون بوست
عندما يقوم الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بتسجيل مقاطع فيديو وإضافتها إلى موقع يوتيوب، لن يتمكن الجمهور مستقبلًا من مشاهدتها. كما صرحت شركة تيك توك أنها ستتوقف عن إرسال إشعارات إلى المراهقين ليلًا. بالإضافة إلى ذلك، قيدت شركتا فيسبوك وغوغل الطرق التي تُمكن شركات الإعلانات من توجيه الرسائل للقصر على حساباتهم.
خلال الأشهر الأخيرة، أعادت شركات الإنترنت صياغة خوارزميات تطبيقاتها وسياساتها لمحاولة حماية سلامة الأطفال وخصوصيتهم وصحتهم العقلية بشكل أفضل. السبب الرئيسي هو بريطانيا.
في شهر أيلول/ سبتمبر، دخلت الإرشادات الجديدة حيز التنفيذ في بريطانيا التي يُرجح أنها تستخدم أكثر وسائل الحماية الرقمية شمولاً في العالم والتي تستهدف الأطفال. ستساعد اللوائح البريطانية – التي يُطلق عليها رسميًا “قانون التصميم المناسب للعمر” أو “قانون الأطفال” – على تغيير تجربة الإنترنت للأطفال والعائلات في الولايات المتحدة ودول أخرى.
سأشرح المزيد عن الحماية التي تفرضها اللوائح البريطانية ولماذا امتد تأثيرها إلى بقية الدول، فمن الواضح أن هذه التدابير نالت إعجاب المدافعين عن الأطفال.
رغم أن المشرعين الأمريكيين يناقشون تحديث القوانين التي من شأنها حماية خصوصية الأطفال عبر الإنترنت، ووجهوا رسالة توبيخ للمدير التنفيذي لإنستغرام، إلا أن ذلك لم يعد فعالا. في الوقت الحالي، تُظهر اللوائح البريطانية بشكل أساسي كيف ينبغي لشركات الإنترنت الأمريكية حماية الأطفال في مختلف دول العالم.
ماذا تتضمن هذه اللائحة البريطانية؟
يكمن الهدف الأساسي من وضع قانون الأطفال في أنه ينبغي على الشركات تصميم منتجات تراعي مصالح الأطفال، كما أنها تُلزم الشركات بحمايتهم. لا تضمن اللوائح حلولا جذرية للآباء ومقدمي الرعاية، لكنها تشكل دعما مهما للعائلات.
من بين الإرشادات، يطلب قانون الأطفال من مواقع الويب والتطبيقات وضع إعدادات خصوصية صارمة للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، وإيقاف تشغيل الميزات التي تتعقب مواقع الأطفال. بالتالي، ينبغي أن تجمع الخدمات الرقمية أقل قدر ممكن من المعلومات عن الأطفال.
قالت شركات التكنولوجيا إنها ترفض القانون البريطاني بسبب الغموض الذي تتسم بها بعض المبادئ التوجيهية، لكن في نهاية المطاف تم اعتماده بعد مخاض صعب خلال السنة الماضية.
من السابق لأوانه تقييم مدى فعالية الإرشادات وكيفية تنفيذها، ولكن هناك عوامل أخرى ينبغي أخذها في الحسبان. نظرًا لأن الشركات تجرب طرقا أكثر صرامة للتحقق من العمر، تتوافق بشكل مع المعايير البريطانية واللوائح الأخرى، فقد يؤدي ذلك إلى تعريض مبادئ إخفاء الهوية عبر الإنترنت للخطر.
لكن معظم المدافعين عن الأطفال يعتقدون أن المبادئ التوجيهية الجديدة تفرض وضع نهج مدروس لإعادة تشكيل نظام الإنترنت للشباب لحمايتهم من المخاطر المحتملة. في هذا السياق، يوضح المدير التنفيذي لشركة “كامن سانس ميديا“، جيمس بي ستاير: “نحن بالتأكيد نؤيد هذه المبادئ”.
لماذا انتشر هذا القانون عالميا؟
كان بإمكان فيسبوك وغوغل والشركات الأخرى تغيير إعدادات الميزات للأطفال الذين يعيشون في هذا البلد فحسب، للتوافق مع القانون البريطاني، لكن من الناحية العملية والفلسفية، ربما كان هذا خيارا سيئًا.
يتزايد الدعم الذي يقدمه المشرعون والمديرون التنفيذيون لشركات التكنولوجيا لوضع ميزات وضمانات مختلفة لحماية الأطفال من المحتالين الجنسيين والمحتوى غير المناسب والتنمر والمخاطر الأخرى الناجمة عن الإبحار في عالم الإنترنت.
تدرك شركات الإنترنت أن فرض المزيد من اللوائح التنظيمية مثل اللوائح البريطانية من الأمور التي ستُفرض عليها في المستقبل القريب، لذلك فقد يكون من الحكمة تولي زمام الأمور واتخاذ بعض الإجراءات لحماية الأطفال.
في هذا الشأن، قالت سونيا ليفينجستون، الأستاذة في كلية لندن للاقتصاد، والتي تدرّس الحقوق الرقمية للأطفال، في مقابلة مع مجلة وايرد هذه السنة: “أعتقد أنه يمكنهم التنبؤ بما ينتظرهم من عراقيل في المستقبل”.
ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها؟
يناقش أعضاء الكونغرس التحديثات المحتملة لقانون الولايات المتحدة الأمريكية للحماية الشاملة للأطفال عبر الإنترنت، الذي يُعرف بـ”قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت“.
أجبر قانون التسعينيات في الولايات المتحدة الأمريكية الشركات على حظر المستخدمين الذين هم دون الثالثة عشرة سنة. لكننا نعلم أن العديد من الأطفال الامريكيين يستخدمون الانترنت بإذن من أوليائهم أو بدونه. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما الذي يمكن، أو يجب فعله، لجعلهم يبحرون بشكل آمن؟
أوضح مقطع فيديو نشرته صحيفة نيويورك تايمز، أنه يجب على الكونغرس اعتماد اللوائح البريطانية، وقد اقترح بعض المشرعين الأمريكيين ذلك بشكل واضح. تساءل السيناتور ريتشارد بلومنتال، الديمقراطي عن ولاية كونيتيكت، “لماذا ليس هنا؟” في جلسة الاستماع يوم الأربعاء الماضي، في إشارة منه إلى القانون البريطاني.
اللوائح البريطانية موجودة بالفعل هنا، ولكنها تحتاج إلى قوة القانون الأمريكي.
المصدر: نيويورك تايمز