ترجمة وتحرير: نون بوست
أقسم ناشطون هندوس متشددون في مؤتمر عام لهم على إيذاء المسلمين إذا لزم الأمر لتطهير “الأمة الهندوسية” من الدخلاء، وهذا المثال الأكثر وضوحا على تزايد كراهية المسلمين في جميع أنحاء الهند.
توعّد المئات من الناشطين والرهبان الهندوس المتشددين في مؤتمر عام عُقد هذا الأسبوع بتحويل الهند، الجمهورية العلمانية دستوريا، إلى أمة هندوسية حتى لو تطلب الأمر الموت والقتل في سبيل ذلك.
وقالت بوجا شكون باندي زعيمة “هندو ماهاسابها، وهي جماعة تعتنق القومية الهندوسية المتشددة، في إشارة إلى مسلمي البلاد: “إذا كان 100 شخص منا مستعدين لقتل مليونين منهم، سننتصر ونجعل الهند دولة هندوسية. كن مستعدا للقتل والذهاب إلى السجن”.
مقارنةً بالكراهية السائدة المتزايدة تجاه المسلمين في الهند، فإن المؤتمر الذي استمر لمدة ثلاثة أيام في مدينة هاريدوار الهندوسية، على بعد 150 ميلا شمال نيودلهي، ولّد دعوة إلى العنف هي الأكثر استفزازا وإثارة للقلق خلال السنوات الأخيرة.
خلال هذا التجمع الكبير الذي عُقد في قاعة مزدحمة، حيث دعا رهبان هندوس متشددون آخرون إلى تسليح أنفسهم وقتل المسلمين، كان بين الحضور زعماء دينيون مؤثرون لهم علاقات وثيقة بالحزب الحاكم الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ناريندرا مودي وحتى بعض أعضاء الحزب.
هذا الأسبوع، انتشرت مقاطع الفيديو حول هذا التجمع على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي في الهند. مع ذلك، التزم مودي الصمت حيال هذه الدعوات المحرضة على العنف ضد المسلمين، وهو ما قد يفسّره مؤيدوه المتشددون على أنه إشارة ضمنية على حمايتهم – على حد تعبير المحللين.
تقاعست الشرطة بدورها، المعروفة بسرعتها في اعتقال النشطاء الحقوقيين والكوميديين بناء على تهم ملفقة دون أدلة، عن اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد هذه الدعوات. كما أن ردّ الجماعات السياسية المعارضة على هذا المؤتمر كان محدودًا، وهو دليل على مدى سيطرة القومية الهندوسية اليمينية على البلاد منذ أن صعود مودي إلى السلطة في سنة 2014.
تأتي هذه التصريحات التحريضية في وقت تجري فيه بعض الولايات التي يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة مودي انتخابات، بما في ذلك ولايات أوتار براديش وأوتارانتشال حيث عُقد المؤتمر. وكان مودي مشغولًا هذا الأسبوع في ولاية أوتار براديش بالحملة الانتخابية لتلميذه المتشدد ورئيس وزراء الولاية، يوغي أديتياناث، الذي يشجّع بدوره على كراهية المسلمين.
وقع الإبلاغ عن حوادث عنف متعددة ضد المسلمين خلال فترة الانتخابات، منها الهجمات المنظمة من قبل العصابات التي حاولت إغلاق المتاجر المملوكة للمسلمين.
حسب جيل فيرنييه، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أشوكا بالقرب من نيودلهي، “لم يتبق سوى عدد قليل من القادة السياسيين الذين يدعون إلى الحفاظ على علمانية الهند. وقد يواجه حزب بهاراتيا جاناتا تحديات سياسية متزايدة، ولكنه انتصر في حربه الثقافية بغض النظر عن التأثيرات الدائمة على ديمقراطية الهند، وعلى أكبر أقلية في الهند”.
حرّض القوميون الهندوس المتشددون على العنف عبر الإنترنت لسنوات، بيد أن العنف ضد المسلمين لم ينتشر سوى مؤخرًا في الشوارع. تعرض بائعو الفاكهة المسلمون للضرب ونُهبت أموالهم بعد اتهامهم بإغراء النساء الهندوسيات للزواج واعتناق الإسلام. كما تعرض النشطاء المسلمون للتهديد بالمقاضاة بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي وقع تمحيصه من قبل المحاكم.
وخلال الأشهر الأخيرة، هاجم القوميون الهندوس في غوروغرام، وهو قطب تكنولوجي رئيسي يبعد حوالي 15 ميلا جنوب نيودلهي، المسلمين أثناء صلاة الجمعة. وقطعت عصابات الهندوس المتطرفين صلاة الجمعة بهتافات “جاي شري رام” التي تعني “النصر للإله راما” (وهو أحد الآلهة الهندوسية الرئيسية) التي سرعان ما تبناها القوميون الهندوس.
قال نياز فاروقي، وهو مسلم يعمل في صالة عرض للسيارات في غوروغرام، إن “المسلمين يُحرمون من كل شيء في هذا البلد بما في ذلك الحق في العبادة، الذي يعتبر حقًا دستوريًا في هذا البلد”.
يوم الجمعة، بعد أربعة أيام من انتهاء المؤتمر العام، وعلى إثر تداول مقاطع فيديو حوله على نطاق واسع، أعلنت الشرطة في أوتارانتشال أنها فتحت تحقيقا في الغرض ولكنها لم تعتقل أي شخص. وقال المسؤولون إنهم فتحوا تحقيقًا ضد منظمي المؤتمر بتهمة الترويج “للعداوة بين جماعات مختلفة على أساس الدين”، وهي تهمة قد تصل عقوبتها إلى السجن لمدة خمس سنوات.
أكد أشوك كومار، وهو ضابط شرطة رفيع المستوى في ولاية أوتارانتشال، إن “الشرطة ستفتح تحقيقا بموجب القانون ولن يتم التسامح مع مثل هذه الحوادث”.
خلال المؤتمر، صرح سوامي برابوداناند غيري، رئيس أحد المنظمات الهندوسية اليمينية في أوتارانتشال، بأن البلاد تنتمي حاليا إلى الهندوس. وأضاف في إشارة إلى المسلمين “هذا هو السبب الذي يدعو الشرطة والسياسيين والجيش وكل هندوسي إلى حمل السلاح، كما هو الحال في ميانمار، لا بد أن نقوم بتطهير الهند منهم. ولا يوجد حل غير هذا”.
وتجدر الإشارة إلى أن مساعدي برابوداناند رفضوا التعليق على ما ورد في هذا المقال.
أظهرت مقاطع الفيديو المتداولة من المؤتمر العام رئيس أحد القنوات الإخبارية، سوريش شافانك، وهو يتعهّد بتحويل الهند إلى الدولة الهندوسية الأولى. وهتف قائلا “سوف نحارب حتى الرمق الأخير، وسنجعل الهند أمة هندوسية، لتظل كذلك إلى الأبد. سوف نقاتل ونموت إذا لزم الأمر، وسنَقتل كذلك”. ثم قام بنشر مقطع فيديو على تويتر لقسمه حتى يشاهده متابعوه الذين يبلغ عددهم النصف مليون.
وفقًا للمراقبين السياسيين يساهم التزام الحكومة الهندية الصمت بشأن دعوات العنف في تشجيع خطاب الكراهية ضد المسلمين، وهو صمت أكدته وداعة المعارضة السياسية.
قال نيلانجان موخوبادهياي، الذي ألّف السيرة الذاتية لمودي وكتب على نطاق واسع عن صعود اليمين الهندوسي، إن زعماء حزب بهاراتيا جاناتا السابقين اعتقدوا أنهم قادرون على استخدام القومية الهندوسية لتعبئة الدوائر الانتخابية ثم احتواء هذه الأيديولوجية فيما بعد. ولكن هذه الحسابات أسفرت عن تداعيات سلبية في سنة 1992، عندما هدم نشطاء هندوس مسجدًا كبيرًا.
في ذلك الوقت، أعرب العديد من قادة حزب بهاراتيا جاناتا السابقين عن أسفهم لما حدث، ولكن يبدو أن مودي له رأي مخالف، على حد تعبير موخوبادهياي في كتابه الأخير بشأن هذا الموضوع. وقد أوضح قائلا “لقد اعتقدوا أنهم سيمتطون ظهر النمر ويروّضونه بسهولة ومن ثم ينزلون. ولكن لا يمكنك بسهولة ترويض نمر. وإذا امتطيت ظهر النمر، عليك أن تدرك أنه سيجوع في وقت ما. لهذا قرر مودي السماح للنمر بأن يقتات في بعض الأحيان وتوجهيه وقتما أراد ذلك”.
المصدر: نيويورك تايمز