ترجمة وتحرير: نون بوست
في سنة 2021، سلّطت سلسلة من الأزمات الضوء على مدى هشاشة الاتحاد الأوروبي أمام الهجرة غير النظامية. وقد استجابت الدول الأعضاء لهذه الأزمة عن طريق إقامة معسكرات مسيّجة وترحيل اللاجئين قسرًا على الحدود الخارجية في غياب سياسة مشتركة للهجرة واللجوء. ويتوقع المراقبون أن بناء سياسة الهجرة سيكون محور الاهتمام في سنة 2022.
حدود مشددة الحراسة
أقيمت سلسلة من المعسكرات والسياجات الفولاذية هذه السنة، بشكل رئيسي على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي. وخلال زيارة قامت بها في شهر آذار/ مارس إلى جزيرتي ليسبوس وساموس اليونانية، قالت مفوضة الشؤون الداخلية الأوروبية إيلفا يوهانسون إنه سيتم تخصيص 198 مليون يورو (224 مليون دولار) لليونان لإعادة بناء أو تحسين المخيمات في خمس جزر شرق بحر إيجة وجزيرة بالقرب من الحدود البرية مع تركيا.
ذكرت يوهانسون، بعد مسح مدينة الخيام في مافروفونيو في ليسبوس وجمع أكواخ الخشب والقماش المشمع التي تنتشر حول المخيم الرسمي في ساموس، أن “هذه المنشآت لن تغلق. وستكون ذات طابع إنساني، وستتوفر فيها فضاءات مخصصة للعائلات والأشخاص المستضعفين”.
في شهر أيلول/ سبتمبر، بدأ مركز الاستقبال الخاضع للرقابة في ساموس – وهو عبارة عن شبكة من الحاويات الفولاذية المحاطة بسياج مزدوج تعلوه الأسلاك الشائكة – في استقبال اللاجئين. وقد أشارت منظمات الإغاثة إلى أنه يشبه معسكر اعتقال.
يتعين على سكان المركز القدوم والمرور عبر بوابات دوارة والاستظهار ببطاقات عبور ممغنطة، مما يعني أنه يمكن أن يُحبس أولئك الذين رُفضت طلبات لجوئهم – كما حدث هذا الشهر. ويوفر المخيم بالفعل المرافق الأساسية وهي المأوى والتدفئة والتبريد والكهرباء والمياه الساخنة والباردة.
افتُتحت معسكرات مماثلة في جزيرتي ليروس وكوس في أواخر شهر تشرين الثاني/ نوفمبر. ومن المقرر افتتاح أكبر معسكرين في جزيرة ليسبوس وخيوس السنة المقبلة. وقد صُممت جميع مخيمات الجزر الخمس لاستيعاب ما يصل إلى 13 ألف مهاجر – أي أكثر من ضعف طاقة استيعاب المعسكرات التي حلت محلها.
الترحيل القسري
نظام احتواء اللاجئين هذا ترافق مع عمليات الترحيل القسرية على الحدود. وقد رصدت منظمة “تقرير إيجه للقوارب”، وهي منظمة خيرية تتعقب وصول المهاجرين إلى الجزر اليونانية، أكثر من 14 ألف عملية ترحيل إلى تركيا من قبل خفر السواحل اليوناني – وهي ممارسة يعتقد العديد من الخبراء القانونيين أنها تتعارض مع اتفاقية جنيف لسنة 1951 بشأن وضع اللاجئين، التي تنص على أنه لا يجوز إعادة طالبي اللجوء إلى مكان قد يتعرّضون فيه للخطر.
تتلخص حجة اليونان في أن المحكمة العليا قضت في سنة 2017 بأن تركيا تعد مكانا آمنا لمعظم اللاجئين. وقد تعززت هذه الحجة في أعقاب إعلان وزير الهجرة اليوناني، نوتيس ميتاراكيس، في حزيران/ يونيو أن تركيا آمنة للأفغان والسوريين والصوماليين والباكستانيين والبنغلاديشيين.
ولم تجر دائرة اللجوء اليونانية والمكتب الأوروبي لدعم اللجوء حتى الآن مقابلات مع هؤلاء المهاجرين لمعرفة سبب عدم كون تركيا دولة بالنسبة آمنة لهم. ولا يتم النظر في طلباتهم للحصول على حق اللجوء إلا في حال اجتازوا اختبار القبول.
انتقدت منظمات الإغاثة هذا القرار، حيث قال العديد منها، بما في ذلك منظمة دعم اللاجئين في منطقة بحر إيجه، في شهر تموز/ يوليو إن القرار “أدى بالفعل إلى حرمان طالبي اللجوء من الحماية في غضون أيام قليلة من وصولهم، وذلك بعد مقابلات اللجوء التي استغرقت بضع دقائق فقط دون إجراء أي تقييم لنقاط ضعفهم ودون الوصول إلى المعلومات والتمثيل القانوني”.
خلال مقابلة أجراها في الرابع من تموز/ يوليو، رفض رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، الاعتراف بعمليات الترحيل القسري كمفهوم. وصرح لصحيفة “كاثيميريني” اليونانية اليومية: “أرفض مفهوم الترحيل، وأرفضه كمصطلح. لا وجود لهذه الكلمة، وهذا المعنى، في قاموسي. لكن عندما يأتي قارب ونراه، ونرى من أين انطلق، نكون ملزمين بإبلاغ خفر السواحل التركي، نعم، سوف نبلغه. وسنفعل كل ما في وسعنا للتأكد من أن هذا القارب سيعود من حيث أتى”.
خلال مقابلة أجراها مع صحيفة “تو فيما” في شهر شباط/ فبراير، قال ميتاراكيس إن مزاعم عمليات الترحيل كانت “جزءًا من استراتيجية أوسع للأخبار المضللة التي تروج لها تركيا من خلال بعض المنظمات غير الحكومية وشبكات الاتجار”.
منذ سنة 2018، أصدرت اليونان لائحة اتهام في حق عشرات الأعضاء المنتمين إلى خمس منظمات للبحث والإنقاذ، بما في ذلك منظمة “تقرير إيجه للقوارب”، بتهم الاتجار والتجسس. ومن المرجح أن تستمر القضايا لسنوات. وفي غضون ذلك، تمت مصادرة قوارب المنظمات وتعليق أنشطتها إلى حد كبير.
في تشرين الأول/ أكتوبر، رفضت وزارة الهجرة اليونانية تسجيل منظمة دعم اللاجئين في منطقة بحر إيجه، التي تقدم الدعم القانوني لطالبي اللجوء وتوثّق انتهاكات حقوق الإنسان. وقد علّق قرار الرفض بالفعل رخصة عمل منظمة دعم اللاجئين في منطقة بحر إيجه. وفي شهر كانون الأول/ ديسمبر، حثّ أمين المظالم اليوناني الوزارة على التراجع عن قرارها، حيث قال إن قرارها “ينتهك تشريعات القانون الدولي وقانون الاتحاد الأوروبي والقانون الوطني”.
أدت ممارسة عمليات الترحيل القسري، التي حدثت أيضًا على حدود الاتحاد الأوروبي الأخرى، إلى تلويث سمعة التكتل باعتبارها أكبر متلقٍ لطلبات اللجوء في العالم. وفي تموز/ يوليو، أصدر البرلمان الأوروبي تقريرًا قال فيه إن وكالة فرونتكس، وهي الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل، كانت شاهدة على أنه لم يمنع عمليات الترحيل القسرية. ودعا أعضاء البرلمان الأوروبي رئيس وكالة “فرونتكس”، فابريس ليجيري، إلى الاستقالة في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2020، ولكن اليونان أعربت في شهر أيار/ مايو عن دعمها السياسي ليجيري خلال زيارته لأثينا.
قال ميتسوتاكيس إنه “على امتداد السنتين الماضيتين، وبدعم نشط من قبل وكالة “فرونتكس”، تمكنا من خفض تدفقات اللاجئين بنسبة 80 بالمئة في سنة 2020 وبنسبة 72 بالمئة أخرى منذ مطلع سنة 2021”.
ووصف أبوستولوس فييزيس، المدير التنفيذي لمنظمة “إنترسوس” الإنسانية الدولية في اليونان، التي تعمل على إدماج اللاجئين موقف الاتحاد الأوروبي بأنه “منشآت مؤيدة للسياجات والاحتجاز”. وأضاف أنهم “يتّجهون نحو اتخاذ إجراءات عقابية لإقناع ناخبيهم بأن البلدان ليست خارجة عن السيطرة وأن اللاجئين سيُوضعون في تلك الأماكن لحماية المجتمعات المحلية. وأن السياجات والاحتجاز تمنع الناس من تجاوز الحدود. ألا تسمع عن الاندماج”. ولكن منطق الإقصاء أسفر عن تداعيات مأساوية.
بما أن خفر السواحل التركي واليوناني يشدد الحراسة على مسالك الهجرة من تركيا إلى الجزر اليونانية المجاورة، فقد ابتكر المهربون في تركيا طريقًا طويل المدى إلى إيطاليا. وما بين 23 و25 كانون الأول/ ديسمبر، انقلبت ثلاثة قوارب شراعية منفصلة مليئة باللاجئين في طقس معتدل نسبيا في ثلاثة أجزاء مختلفة من بحر إيجه، مما أسفر عن مقتل 31 شخصا على الأقل وفقدان العشرات. وهو أسوأ معدل مسجل لعدد من القتلى في بحر إيجه منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2015.
في الجنوب، تسبب تحطم السفن قبالة ليبيا في شهر نيسان/ أبريل وتموز/ يوليو وتشرين الثاني/ نوفمبر في مقتل المئات. وأصبح ما يسمى بطريق وسط البحر الأبيض المتوسط مسدودا بشكل أساسي منذ سنة 2018، عندما مولت الحكومة الإيطالية خفر السواحل الليبي وجهزته بسفن دورية لمراقبة المياه، بينما أعلن وزير الداخلية اليميني المتطرف ماتيو سالفيني أن موانئ بلاده محظورة على سفن الإنقاذ. وقد وافقت السلطات الليبية على إعادة السفن المليئة باللاجئين التي عبرت إلى المياه التي يحرسها خفر السواحل الإيطالي.
وتقدّر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن 1645 شخصًا قد غرقوا في البحر الأبيض المتوسط حتى الآن هذه السنة. وامتدت المآسي أيضًا إلى بحر شمال أوروبا، حيث غرق 27 لاجئًا في بحر المانش في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر.
أزمات جديدة في كوبا، بيلاروسيا
أدّت أزمتان سياسيتان في أجزاء مختلفة للغاية من العالم إلى تدفقات جديدة من اللاجئين نحو أوروبا. اندلعت الأزمة الأولى في كوبا، حيث قمعت السلطات في هافانا في 11 تموز/ يوليو بعنف أكبر احتجاج شهدته البلاد منذ سنوات، بسبب نقص الغذاء. وفي الأسابيع التي تلت ذلك، راحت الشرطة تفتش جميع المنازل، واعتقلت المشاركين في الاحتجاجات الذين رصدتهم كاميرات المراقبة.
كانت هذه الحملة القمعية سببا في النزوح السرّي لآلاف اللاجئين الكوبيين إلى موسكو وبلغراد، التي تسمح للكوبيين بدخول أراضيها دون تأشيرة، ومن هناك شقوا طريقهم إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لطلب اللجوء. وانتهى الأمر بالمئات في اليونان.
اندلعت الأزمة الثانية والأكبر بكثير في أفغانستان بعد استيلاء طالبان على السلطة في 15 آب/ أغسطس، أي قبل أشهر مما توقعته أجهزة المخابرات الأمريكية. وقد قامت القوات الأمريكية بإجلاء حوالي 124 ألف هدف محتمل لطالبان على متن الطائرات، ولكن الآلاف الآخرين تقطعت بهم السبل بمن فيهم عضوات في البرلمان وقضاة وأكاديميون ومعلمون وموظفون مدنيون. وأدت الجهود الدولية المبذولة من قبل منظمات الإغاثة إلى إجلاء الآلاف. وبحلول نهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، استقبلت اليونان 819 أفغانيًا.
قال أحد كبار المسؤولين عن الهجرة، الذي كان على دراية بسياسة الحكومة، إن هذه “المبادرة استثنائية”. وأضاف هذا المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته أنه “لم يسبق لليونان أن شرعت في إعادة توطين لاجئين من دول ثالثة”. في إشارة إلى الدول التي ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي وكذلك تلك التي لا يتمتع مواطنوها بحرية التنقل.
لكن عمليات الإجلاء والتأشيرات الإنسانية كانت مصحوبة أيضًا برد فعل دفاعي من أوروبا. فقد جاء في بيان صادر عن الاتحاد الأوروبي في 31 آب/ أغسطس بشأن أفغانستان أن التكتل “مصمم على العمل بشكل مشترك لمنع تكرار حركات الهجرة غير الشرعية والعشوائية واسعة النطاق التي تمت مواجهتها في الماضي”، وذلك في إشارة إلى ما حدث سنة 2015، عندما اجتاز حوالي 1.2 مليون لاجئ الحدود الأوروبية.
كانت استراتيجية الاتحاد الأوروبي آنذاك تتمحور حول دعم جيران أفغانستان “لضمان حصول المحتاجين على الحماية الكافية في المنطقة بشكل أساسي”. والجدير بالذكر أن الأفغان شكلوا نسبة 10.6 بالمئة من طلبات اللجوء المقدمة في الاتحاد الأوروبي في سنة 2020 – وهو ثاني أكبر معدل بعد السوريين.
ثم اندلع النزاع بين الشرق والغرب الذي دار على الحدود مع بيلاروسيا. في 26 أيار/ مايو، هدد الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بالسماح “للمهاجرين والمخدرات” بالتدفق إلى أوروبا الغربية. وبحلول شهر أيلول/ سبتمبر، بلغ عدد اللاجئين العراقيين الذين عبروا إلى ليتوانيا عبر بيلاروسيا 4100 شخص – وهو 55 ضعف تدفقات السنة السابقة.
في غضون ذلك، قالت حكومة ليتوانيا إنها بدأت في بناء سياج بطول 500 كيلومتر (311 ميلا) على طول حدودها مع بيلاروسيا. كما بدأت بولندا في بناء سياج على طول حدودها لمنع اللاجئين القادمين من بيلاروسيا من العبور إلى أراضيها.
في المقابل، اتهم الاتحاد الأوروبي لوكاشينكو بمحاولة الضغط عمدًا على التكتل لرفع العقوبات المفروضة عليه منذ إعادة انتخابه في آب/ أغسطس 2020، وسط مزاعم بتزوير النتائج. وقد نفت بيلاروسيا الاتهام وقالت إن العقوبات تمنعها من السيطرة على حدودها.
من جانبها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر، إن “استغلال المهاجرين لأغراض سياسية من قبل بيلاروسيا أمر غير مقبول”، كما قالت للبرلمان الأوروبي إن المُهربين يعملون “كوكلاء سفر متخصصين يقدّمون صفقات بخدمات شاملة: التأشيرات والرحلات الجوية، الفنادق، وبشكل ساخر إلى حد ما، سيارات الأجرة والحافلات التي تُقل المهاجرين إلى الحدود”، وكل ذلك برعاية السلطات البيلاروسية.
بدأت اللجنة في تجريد لوكاشينكو من سلاحه بشكل منهجي، حيث تم إرسال نائب رئيس المفوضية الأوروبية، مارغريتيس شيناس، إلى بلدان اللاجئين الأصلية لترتيب إعادتهم بأمان من بيلاروسيا. كما بدأ العراق في إعادة مواطنيه في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد أن تلقى مساعدات مالية بقيمة 3.5 مليون يورو (4 ملايين دولار).
تعرضت الخطوط الجوية التي تقل اللاجئين إلى بيلاروسيا للتهديد بالحرمان من حقوق التحليق والهبوط داخل الاتحاد الأوروبي. وفي غضون أيام من التهديد، قالت العديد من شركات الطيران إنها لن تنقل سوى المواطنين البيلاروسيين والأشخاص الذين لديهم تصاريح إقامة في مينسك. كما عززت المفوضية دعمها ميزانية خصوم لوكاشينكو، وخصصت 30 مليون يورو (34 مليون دولار) لوسائل الإعلام المستقلة، والشباب والشركات الصغرى في المنفى، ومددت العقوبات القائمة ضده.
اتخذت المفوضية إجراءات أخرى، حيث ضاعفت التمويل المُقدم لإدارة الحدود ثلاث مرات في لاتفيا وليتوانيا وبولندا إلى 200 مليون يورو (226 مليون دولار) لسنتي 2021-2022. وفي مطلع كانون الأول/ ديسمبر، طرحت المفوضية مجموعة من إجراءات اللجوء المؤقتة على حدود الدول الثلاث مع بيلاروسي، التي تسمح لها بتمديد تسجيل طلبات اللجوء من 10 أيام إلى أربعة أسابيع، وتمديد فترات معالجة طلبات اللجوء إلى أربعة أشهر.
كما يسمح النظام المؤقت للدول الأعضاء بتطبيق “إجراءات وطنية مبسطة وسريعة” لترحيل الأشخاص الذين رُفضت طلبات لجوئهم. وكانت الفكرة تكمن في تطبيق قانون اللجوء دون إرهاق البلدان المستقبلة بالهياكل الأساسية والإجراءات طويلة الأجل.
نتيجة للأزمة البيلاروسية، أصبحت الحدود الشرقية أسرع طرق الهجرة نموا إلى الاتحاد الأوروبي هذه السنة، حيث ارتفع عدد المهاجرين 15 ضعفًا في المعابر غير الموثقة مقارنة بسنة 2020، وذلك وفقًا لوكالة “فرونتكس”. وشهدت أوروبا ككل زيادة بنسبة 70 بالمئة في تدفقات الهجرة غير الموثقة منذ السنة الماضية.
في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، قالت وزارة الداخلية الليتوانية إن نحو 10 آلاف مهاجر لا يحملون الوثائق اللازمة لا يزالون في بيلاروسيا، ويمكن أن يحاولوا عبور الحدود مرة أخرى. وقال أحد مسؤولي الهجرة البارزين، الذي كان على دراية بالمناقشات الأوروبية، إن “ما حدث مع بيلاروسيا هو عامل مُغيّر لقواعد اللعبة من حيث إعادة ترتيب الأولويات”. وأضاف المسؤول أن “أعمال لوكاشينكو أنشأت تكتلا داخل أوروبا يضم بلدانا تنتمي إلى مجموعات سياسية وجغرافية مختلفة، طرحت أمام المفوضية مسألة الحدود”.
“2022 سيكون عام العمل”
في حين يتفق العديد من أعضاء الاتحاد الأوروبي على الحاجة إلى تشديد الحراسة على الحدود، تتباين الآراء بشأن مدى صرامتها. تعترض بعض الدول، مثل بولندا، حتى على التعامل مع إجراءات اللجوء السريعة على الحدود، وتريد أن يتم اعتبار طالبي اللجوء المحتملين مجرد دخلاء. وتصر المفوضية الأوروبية على أن ذلك لا يمكن أن يحدث، ولكنها تترك قضية تقاسم الأعباء فيما يتعلق بقضايا اللجوء داخل الاتحاد الأوروبي دون إجابة.
كان من المفترض أن يكون ذلك جزءًا من ميثاق الهجرة واللجوء، وهو سلسلة من الوثائق التي قدمتها المفوضية في شهر أيلول/ سبتمبر 2020، والتي لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها حتى الآن. وترغب دول الحدود الخارجية، لا سيما تلك الواقعة في البحر الأبيض المتوسط، في وضع آليات تضامن تلقائية وليس مناقشات ظرفية.
حسب مسؤول هجرة رفيع المستوى فإن “المفوضية تقول إن عملية تقييم طلبات اللجوء بأكملها يجب أن تظل على الحدود الخارجية من أجل منع التحركات الثانوية المحتملة داخل الاتحاد الأوروبي”. وأضاف أن “المفوضية تقول إنه في حال وجود ضغط على الحدود الخارجية فإن المفوضية ستنشئ آلية تضامن. ولكن التزامات دول الحدود الخارجية محددة للغاية، في حين أن المناقشة حول التزامات التضامن للدول الأعضاء الأخرى لا تقدم أي ضمانات. ولا يبدو الأمر وكأننا نملك حلولا لجميع المشاكل”.
إن التركيز المتجدد على حماية الحدود يدفع حاليًا بآلية التضامن إلى الأمام باعتبارها مسألة عاجلة أيضًا. كما أنها تنتج حركة سياسية بشأن الهجرة الموثقة، لأنه يتعين على الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاقيات مع دول العالم الثالث من أجل إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى أوطانهم.
وأوضح مسؤول الهجرة: “أعتقد أن سنة 2022 ستشهد المزيد من الاهتمام والعمل على تعزيز الهجرة القانونية. يجب أن يكون هناك تدفق ويجب تنظيمه”، مشيرًا إلى أنه “يمكن عقد اتفاقيات إعادة القبول مع الحوافز والمثبطات. وإذا أخبرت بلدا أنك ستعيد جميع المهاجرين، فلن يقبل بذلك لأن الجميع يعلم أن التحويلات المالية التي يرسلها المهاجرون إلى أوطانهم ذات قيمة”.
يُذكر أن اليونان وقعت اتفاقية ثنائية لإعادة القبول مع بنغلاديش في شهر كانون الأول/ ديسمبر تسمح بمنح تأشيرات العمل. وهو يمثل أول قرار سياسي لليونان يتعلق بالهجرة الموثقة منذ تقديم برنامج التأشيرة الذهبية في سنة 2013.
ولكن البعض غير متفائل بأن أعضاء الاتحاد الأوروبي سينظرون في التدفقات الموثقة على مستوى التكتل للمهاجرين الاقتصاديين واللاجئين، أو حتى الاتفاق على آليات التضامن الداخلي.
وفقا لفييزيس من منظمة “إنترسوس” فإن “مؤشرات سنة 2022 تبدو أكثر قتامة. فهي تتجه نحو مزيد من الاحتواء، والمزيد من السياجات، والمزيد من تجريم الجهات التي تتضامن مع المهاجرين، وبالتالي فإن الواقع أكثر قتامة بالنسبة للاجئين. أنا لست متفائلا على الإطلاق”.
المصدر: الجزيرة