وافقت روسيا البارحة، الثلاثاء، على بناء مفاعلين للطاقة النووية في إيران، مع إمكانية بناء 6 آخرين في وقت لاحق، في الصفقة التي توضح مدى التعاون النووي الكبير بين الدولتين.
هذه الاتفاقية تُظهر أن روسيا تمضي قدمًا في رؤيتها الخاصة بألا تملك إيران أسلحة نووية، وذلك بتزويدها بالطاقة النووية السلمية التي من شأنها أن تعمل تحت رقابة دولية، حيث إن هذا النهج كسب قبول الوكالة الدولية للطاقة الذرية – على مضض – من إدارة بوش في العقد الماضي، عندما أكملت روسيا بناء أول محطة للطاقة النووية السلمية في بوشهر على الخليج العربي.
في البدايات، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تنتقد السياسة الروسية بتوفير مفاعلات الطاقة النووية لأغراض سلمية لإيران، الأمر الذي اختلف لاحقًا، ووافقت روسيا على إكمال المفاعل الذي بدأ كمشروع ألماني قبل الثورة الإيرانية عام 1979، بشرط أن يكون الوقود النووي يستخدم في المصنع ويعاد معالجته بشركات روسية.
وعبر شراء إيران الوقود من روسيا، فإن روسيا بذلك حرمت إيران من مبررات تطوير القدرة على تخصيب اليورانيوم على أراضيها، إلا أن إيران حتى الآن تقول إنها تحتاج لتخصيب اليورانيوم لأغراض طبية.
في الوقت ذاته، تريد كل من الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وإسرائيل ودول أخرى لبرنامج التخصيب الإيراني أن يغلق بالكامل، كون عملية التصنيع بحد ذاتها باستخدام أجهزة الطرد المركزي يمكن استخدامها لإنتاج مواد تستخدم في صنع الأسلحة النووية؛ الأمر الذي يجعل انتقاد السياسة الروسية في إطار خطر نقل التكنولوجيا النووية إلى إيران.
مدير الشركة الدولية للطاقة الروسية “سيرغي كيرينكو” أعلن الاتفاق بين البلدين في موسكو قبل البارحة مع نظيره الإيراني “علي أكبر صالحي” في حفل ملتفز في مقر الشركة المعروفة باسم “روساتوم” بالعاصمة الروسية موسكو.
حيث سيتم بناء المفاعلين الذين سيكونا من نوع الماء المضغوط بالقرب من مفاعل “بوشهر”، كما أنه سيتم تفقد المصنع ورصد مراحل البناء ومعالجة الوقود من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما أضافت الشركة بأن مفاعلين آخرين قد يتم بناؤهما في ذات موقع “بوشهر”، و4 مفاعلات أخرى في مكان لم يحدد بعد.
وكانت روسيا قد ضغطت في اتجاه تصدير المفاعلات النووية للدول النامية ومنها إيران، على الرغم من القلق القائم بشأن السلامة النووية من بعد كارثة فوكوشيما في اليابان، كما أنها قد بنت مصانع في الهند مع سعيها لمزيد من المشاريع في أنحاء شرق أسيا.
برنامج روسيا هذا يضعها في مقدمة الدول التي يعتمد عليها استخدام المدنيين للطاقة النووية، إذ تملك الآن روسيا 40٪ من طاقة تخصيب اليورانيوم في العالم، كما أن روسيا تسمح باستيراد المواد التي تم استخدامها في المفاعلات النووية، الأمر الذي يستخدم في صنع قنابل، كما أنه ضمن الاتفاقيات مع الدول التي تزودها روسيا بالوقود النووي في خطتها التوسعية من المبيعات النووية.
“صموئيل شاراب” زميل في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في الولايات المتحدة الأمريكية يقول “إن النموذج الروسي في التوسع النووي لا يشكل خطرًا من إيران، على الرغم من أنه يناقض الجهود الأمريكية بعزل إيران اقتصاديًا بسبب الاشتباه في جهودها لبناء قنبلة نووية”.
من جهة أخرى، وأثناء إعلان المؤتمر الصحفي لعقد الاتفاقية ما بين روسيا وإيران، كانت الأخيرة تواصل مع أمريكا جهودها الماراثونية في مسقط في إطار إيجاد حل للمسألة النووية الإيرانية، حيث تأتي هذه الاجتماعات في استكمال لاتفاق جنيف الشهير.
مسؤولون أمريكيون أشاروا في تقرير صادر عن “وول ستريت جورنال” أن احتمال عقد صفقة مع إيران يبلغ 50٪ فقط، حيث يقود وزير الخارجية “جون كيري” المفاوضات المكثفة الآن مع نظيره الإيراني “جواد ظريف”، خاصة مع سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ بعد الانتخابات النصفية الأخيرة، والتي أعطت قوة لتيار منع التوصل إلى اتفاق وحتى إلى فرض عقوبات جديدة على إيران.
المصدر: نيويورك تايمز + نون بوست