ترجمة حفصة جودة
تطل مستوطنة وكيبوتز “ميفو حماه” على مناظر رائعة لثلاث دول، فمن الناحية الغربية يوجد جرف شديد الانحدار يصل إلى بحيرة طبرية وشمال “إسرائيل”، ومن الجنوب هناك جرف آخر يصل إلى الأردن، وعبر الهضاب الجبلية في الشرق توجد سوريا، تأسست تلك الكيبوتز بعد استيلاء “إسرائيل” بفترة قصيرة على مرتفعات الجولان من سوريا في أثناء حرب النكسة عام 1967.
في يوم 26 ديسمبر/كانون الأول وقف مجلس الوزراء الإسرائيلي أمام المشاهد الخلابة بعد اجتماع خاص في ميفو حماه، فقد وافقت الحكومة للتو بقياد نفتالي بينيت – رئيس الوزراء القومي – على خطة لإنفاق مليار شيكل (317 مليون دولار) على آلاف المنازل الجديدة والبنى التحتية في الجولان بهدف مضاعفة عدد سكانها (52 ألف نسمة حاليًا) بنهاية العقد.
تعد الجولان واحدة من أربع مناطق استولت عليها “إسرائيل” في أثناء حرب النكسة، لكنها سلّمت شبه جزيرة سيناء لمصر بعد اتفاقية سلام عام 1978، وانسحبت من قطاع غزة عام 2005 (رغم عودتها بقوة في بعض الأحيان)، ولم يتحدد بعد الوضع النهائي للمنطقة الرابعة “الضفة الغربية”.
كانت هناك مفاوضات لإعادتها إلى سوريا كجزء من اتفاقية سلام واسعة في تسعينيات القرن الماضي، لكنها لم تحقق أي نتيجة تذكر
بررت “إسرائيل” وجودها في الجولان بادعاء أنه دفاع عن النفس، فقد استخدمت سوريا في بعض الأحيان أرضها العالية لقصف المزارع الإسرائيلية في طبرية أسفل المرتفعات، بعد استيلاء “إسرائيل” على الجولان، طردت بعض السوريين وأنشأت مستوطنات يهودية وبنت مراكز للجيش والمخابرات.
في عام 1981 ضمت رسميًا 1800 كيلومتر مربع من تلك المنطقة ذات القيمة الإستراتيجية، ومع ذلك كانت هناك مفاوضات لإعادتها إلى سوريا كجزء من اتفاقية سلام واسعة في تسعينيات القرن الماضي، لكنها لم تحقق أي نتيجة تذكر.
يؤمن معظم العالم بأن ضم “إسرائيل” للجولان غير قانوني، لكن النظام السوري بقيادة بشار الأسد وجماعات البيئة الإسرائيلية قلقون فقط بشأن نباتات وحيوانات المنطقة واحتجوا بشدة على خطة التطوير الجديدة.
ترغب القليل من الدول في عودة الجولان إلى القاتل بشار الأسد حتى لو كانوا غير مرتاحين مع سوابقه، لكن الوزراء من حزب العمل وميرتس (الأحزاب اليسارية التي دعمت سابقًا اتفاقية مع سوريا) صوتوا لصالح خطط البناء.
يشكل الدروز العرب نحو نصف عدد سكان الجولان، ويحصلون على الخدمات الإسرائيلية وبإمكانهم الحصول على المواطنة الإسرائيلية، لكن معظم ما زالوا يحتفظون بهويتهم السورية كوثيقة ضمان في حال انتهاء الحكم الإسرائيلي.
يرى الإسرائيليون الجولان كوجهة للإجازات، فهي تضم منتجع التزلج على الجليد الوحيد في البلاد، وبينما يخشى الكثير من الإسرائيليين الذهاب إلى الضفة الغربية، فإن الهجمات ضدهم في الجولان نادرة، كما فشلت محاولات إيران ووكلائها في تجنيد الدروز للقتال ضد “إسرائيل”.
إدارة بايدن لم تبد أي علامات بخصوص التراجع عن قرار ترامب بشأن الجولان
قال بينيت إن خطة التطوير ممولة جزئيًا من أمريكا، ففي 2019 كانت أمريكا أول دولة كبرى تعترف بسيادة “إسرائيل” على الجولان، وقد برر دونالد ترامب – الرئيس آنذاك – قراره باستخدام منطق “إسرائيل” في الدفاع عن النفس، رغم أنه بدا أيضًا كقرار في الوقت المناسب لصالح بنيامين نتنياهو – رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك – الذي كان يعاني من سباق صعب لإعادة انتخابه، وللاعتراف بفضله؛ أطلقت “إسرائيل” اسم ترامب على إحدى مستوطنات الجولان.
الآن أصبح ترامب ونتنياهو خارج مكاتبهم، ومُزقت معظم الأحرف الذهبية على لافتة “مرتفعات ترامب” من المخربين غالبًا، لكن إدارة بايدن لم تبد أي علامات بخصوص التراجع عن قرار ترامب، وإذا ما كان بينيت يخطط لإنفاق القليل من هذا المليار شيكل لكتابة أحرف جديدة أم لا.
المصدر: ذي إيكونوميست