ترجمة حفصة جودة
يعود تاريخ القلعة الأموية “قصر هشام” إلى منتصف القرن الثامن، وتعد واحدة من أهم المواقع الأثرية في الضفة الغربية المحتلة، بُنيت القلعة في أثناء حكم الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك (724-743 ميلاديًا) بمدينة أريحا وتتميز بتصميم هيكلها المعقد ودقة التفاصيل الداخلية المقتبسة من حكام المنطقة البيزنطيين قبل الإسلام.
يتميز القصر بضمه لواحدة من كبرى أرضيات الفسيفساء في العالم، وقد استخدمه الأمويون كقصر استراحة في أشهر الشتاء.
ضرب زلزال وادي الأردن عام 949 ميلاديًا ودمر معظم أجزاء القصر، لكن المسؤولين الفلسطينيين عملوا على إعادة هيكله لسابق مجده في أثناء العقدين الماضيين بمساعدة متبرعين دوليين.
امتد القصر المكون من طابقين على مساحة نحو 30 ألف متر مربع وانقسم إلى 22 قسمًا مختلفًا، تضم مرافقه حمامًا كبيرًا ومسجدًا ونافورةً وجدرانًا ببوابات.
تحت قبة الحمام مباشرة تقع واحدة من كبرى جداريات الفسيفساء في العالم، والمكونة من أحجار بـ21 لونًا مختلفًا، يتضمن تصميم الجدار المزخرف سلة من الورود محاطة بأشكال هندسية لتشكل وردة تتسع إلى الخارج.
قال إياد حمدان مدير مكتب وزارة السياحة في أريحا: “لإنشاء هذه الفسيفساء الضخمة، جُمعت الأحجار من كل أنحاء فلسطين”، وأضاف “لإنهاء متر مربع فقط من الفسيفساء تحتاج إلى 10 آلاف حجر صغير، بعضها مساحته سنتيمتر مربع واحد فقط، لذا بإمكانك أن تتخيل روعة إكمال مساحة تمتد إلى 827 مترًا مربعًا، هناك حتى بعض الأحجار التي كانت أصغر حجمًا”.
“جاءت الأحجار من مدن ومناطق من جميع أنحاء فلسطين، فالأحجار البيضاء من الخليل والصفراء من بيرزيت والسوداء من النبي موسى – منطقة قرب البحر الأحمر – أما الحمراء فمن القدس وبيت لحم”.
أما الحمام الذي يعد ثاني أكبر مبنى في الموقع، فهو يغطي مساحة 30 مترًا مربعًا ويقع شمال القصر، صُممت الأقواس المستديرة لدعم هيكل المبنى وقد صُنعت أحجاره من الفخار، استُخدمت الأحجار المنحوتة والتماثيل والجداريات لتزيين الحمام وقاعة الاستقبال.
من أبرز معالم القصر المعروفة جدارية “شجرة الحياة” التي تقع في ديوان الخليفة حيث يلتقي بضيوفه، تمتلئ الجدارية بالرموز الفلسفية التي تعكس طبيعة الحياة، على يمين الشجرة يفترس أسد غزالة، وعلى شمالها ترعى غزالتان في سلام.
ترمز الصور إلى ازدواجية الحياة: الخير والشر، الحرب والسلام، كان الديوان يضم عددًا من التماثيل لكنها نُقلت إلى متحف فلسطين في القدس والمعروف أيضًا بـ”متحف روكفلر للآثار”.
استُخدمت الزخارف والمنحوتات الجصية بشكل كبير في جميع أنحاء الموقع خاصة في تزيين الجدران والأقواس والأسقف والنوافد والمشكاة والشرفات، ووُجدت أروع التصاميم والمنحوتات في غرفة الديوان وقاعة الاستقبال.
تصور المنحوتات البشر والحيوانات والنباتات بالإضافة إلى تصاميم هندسية، تضم قاعة الاستقبال والمدخل منحوتات بشرية كانت قريبة من الحجم الطبيعي، بعض هذه المنحوتات لا تزال معروضة في متحف فلسطين بالقدس.
تكشف هذه الصورة عن هيكل نموذجي يقع على الجانب الشمالي للقصر، وقد بنُي لتوضيح كيف كان يبدو القصر قبل أن يدمره الزلزال.
عبر السنوات، بُذلت الكثير من الجهود لاستعادة وترميم أجزاء القصر، لكن بعضها فشل، نصبت وزارة السياحة الفلسطينية قبة لحماية الفسيفساء في القصر بتمويل الوكالة اليابانية للتعاون الدولي “JICA”.
تغطي القبة مساحة 2500 متر مربع، حيث تضم قاعة الاستقبال والحمام، ووفقًا لحمدان فقد توقفت جهود الترميم نتيجة القيود المفروضة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تجعل من الصعب نقل المعدات إلى المنطقة.
يقول حمدان: “أوقف الاحتلال الإسرائيلي دخول بعض المواد والمعدات اللازمة للقبة التي تبرعت بها اليابان، ومع ذلك سُمح بدخول بعضها لاحقًا بعد ضغوط من الحكومة اليابانية”.
“تبدو القبة على شكل خيمة، وهي تغطي أرضية الفسيفساء لتحميها من الحرارة الشديدة والرطوبة والمطر، وتسمح للناس بالقدوم للمشاهدة دون الإضرار بالمكان، كما جعلت عملية زيارة السياح أكثر تنظيمًا”.
المصدر: ميدل إيست آي