في مدينة “متسامور” والتي تقع على بُعد 36 كم من العاصمة الأرمينية “يريفان” يقع واحد من أقدم المفاعلات النووية في العالم.
يُعد مفاعل “متسامور” النووي واحدًا من أخطر المفاعلات النووية في العالم إن لم يكن أخطرها على الإطلاق، فوجوده في منطقة زلزالية قوية تمتد في رقعة واسعة من تركيا إلى بحر العرب بالقرب من الهند، بالإضافة إلى تصميمه القديم الذي تم تطويره في عهد الاتحاد السوفيتي يجعل من خطورته شبح يخيف دول العالم وعلى رأسها دول الجوار.
تم بناء مفاعل متسامور في سبعينات القرن الماضي من قبل الاتحاد السوفيتي على أرض أرمينيا والتي كانت امتدادًا للاتحاد آنذاك، وقد صُممت وحدة المفاعل دون هياكل الاحتواء الأولية؛ مما يجعله واحدًا من أصل خمس وحدات سوفيتية متبقية في العالم تستخدم هذا التصميم، في حين تبقى المفاعلات الأربعة الأخرى في روسيا.
ويقوم عمل المفاعل على طريقة “The Water-Water Energetic Reactor” وهي واحدة من سلسة تفاعلات تم تبنيها وتطويرها من قبل الاتحاد السوفيتي، وتعتمد محطات توليد طاقة كثيرة في العالم على هذا المفاعل وتقع أبرز تلك المحطات في أرمينيا، الصين، بلغاريا وروسيا.
وفي السابع من ديسمبر عام 1988 ضرب زلازال مدمر بقوة 6.8 شمال أرمينيا؛ مما أودى بحياة 25 ألف شخصًا وتم تشريد أكثر من نصف مليون آخرين، ومع ازدياد المخاوف بشأنه بسبب وقوعه في منطقة زلزالية نشطة في ذلك الوقت؛ تم إغلاق المفاعل – الذي كان يتكون من وحدتين آنذاك – من الحكومة السوفيتية على الرغم من عدم تأثره بالزلزال الأول.
وفي مطلع عام 1995 تم افتتاح وحدة من أصل اثنتين للمفاعل مرة أخرى بعد قرار من حكومة أرمينيا المستقلة، وبدأت تعمل على توليد الطاقة منذ ذلك التاريخ مع تطويره حتى أصبح المفاعل ينتج نحو 40% من الطاقة الكهربائية في أرمينيا.
وتزايدت المخاوف بشأنه – أي المفاعل النووي – بسبب قِدَمهِ؛ فحاولت دول الاتحاد الأوروبي الضغط على حكومة أرمينيا عام 2004 لإغلاق المفاعل مع تعويضها بمبلغ 100 مليون يورو لتجد بديلاً جديدًا للطاقة، لكن الحكومة الأرمينية رفضت الطلب.
ومن ناحية أخرى، يقوم الحصان الروسي القديم بتحصين نفسه في المنطقة بتمديد عقد منطقة عسكرية في أرمينيا على الحدود مع تركيا وتعهده بمساعدة أرمينيا ببناء مفاعل جديد للطاقة بالقرب من المحطة الحالية بعد إقرار البرلمان الأرميني بالبدء في إنشاء المحطة الجديدة على أن يتم بناؤها في موعد أقصاه 2017؛ مما يزيد من مخاوف الاتحاد الأوروبي بشأن المفاعل.
وكذا الحال بالنسبة تركيا التي طالبت أكثر من مرة بإغلاق المحطة التي تقع على بعد أقل من 20 كيلومترًا عن الحدود التركية معللةً موقفها بأن المفاعل يشكل خطرًا بيئيًا على المنطقة بشكل عام وعلى تركيا بشكل خاص بسبب قربه من تركيا ووجوده في منطقة زلزالية؛ مما يجعله على درب مفاعل “فوكوشيما” في اليابان الذي سبق وأحدث كارثة بيئية ضخمة عقب زلزال اليابان الكبير في مارس 2011.
موقع المحطة القديمة وتصميمها بالإضافة للدعم القوي من الحكومة الروسية لأرمينيا يجعل من أرمينيا الدولة الصغيرة المعزولة خطرًا على أوروبا وتركيا على حد سواء، لكن الحكومة الأرمينية لاتزال تتمسك بحقها في تشغيل المحطة وبناء محطة جديدة لكي تضمن لشعبها طاقة كهربائية كان يعيش بدونها في ظلام خلال الست سنوات التي تبعت إغلاق المحطة أول مرة عام 1988.