ترجمة وتحرير: نون بوست
أدّت جائحة كوفيد-19 خلال السنتين الماضيتين إلى تغيير طريقة تجمع الناس وتقاربهم، وبدأت الشركات في مناقشة عالم ميتافيرس كوجهة أوليّة محتملة للاجتماعات الشخصية والمهنية. والسؤال المطروح: ما هو الميتافيرس، وماذا يمثل بالنسبة لمستقبل الاجتماعات والندوات والمعارض والمؤتمرات وغيرها من التجمّعات؟
ما هو الميتافيرس المخصص للاجتماعات؟
إن الميتافيرس عالم افتراضي يحاكي الواقع وديناميكي تمامًا مثل العالم الحقيقي ولكنه موجود بالكامل على الإنترنت. وعلى الرغم من أن الفعاليات الافتراضية ليست حديثة العهد – إذ أن الناس يحضرون البث الشبكي والبث المباشر لسنوات عبر الإنترنت حتى قبل الوباء – إلا أن الميتافيرس قادر على نقل هذه التجارب إلى مستوى آخر.
بصفتي رئيسًا لشركة تُوفّر منصة اجتماعات افتراضية، رأيت مستخدمين يطلبون تجارب أكثر تفاعلية عبر الإنترنت حيث يمكنهم المشاركة بشكل كامل وسهل في مختلف الاجتماعات والتواصل مع أقرانهم وتحديد عملاء جدد والأهم من ذلك تعزيز التفاعل البشري.
ما هي مزايا الميتافيرس؟
أدى انتشار كوفيد-19 خلال 2020 و2021 إلى نقل العديد من الاجتماعات إلى الفضاء الرقمي. كانت بعض هذه الاجتماعات ناجحةً وقد استُخدمت فيها التكنولوجيا لتقديم تجارب جديدة للناس، بينما أخفت بعض الفعاليات الافتراضية الأخرى. وأنا أقر بأنه ليست كل الفعاليات متشابهةً. ولا يمكن إنكار السحر المتأصل في التفاعل البشري الذي يصعب تقليده عبر الإنترنت.
قد يكون الميتافيرس هو الحلّ، لأنه يقدّم تجربة تفاعلية للغاية في حال تطبيقه بالكامل على أرض الواقع، حيث يمكن للناس التحرك بحرية والمشاركة في حوارات ثنائية دون الحاجة إلى مغادرة منازلهم. وقدرة الميتافيرس على تجاوز الحدود المكانية وحتى حاجز اللغات من الأسباب التي تجعله مثيرًا للاهتمام. ولم يعد الناس بحاجة إلى السفر لمسافات طويلة للتجمّع.
من بين أعظم مزايا الميتافيرس سهولة الوصول إليه. إذا تم تطبيقه بشكل صحيح، يمكن لهذه التقنية أن تسمح للأشخاص من جميع أنحاء العالم بالالتقاء في مكان واحد (وإن كان عبر الإنترنت) بطرق أقل تكلفة لم تكن متاحةً سابقًا. وستكون ميزانيات السفر شيئًا عفى عليه الزمن وسيقل قلق الناس بشأن رعاية الأطفال أو رعاية المسنين.
يمكن لأولئك الذين يعانون من مشاكل في السمع التواصل عبر الشروح النصية أو لغة الإشارة (حسب تفضيلهم). وقد يكون بوسع الأشخاص الذين لديهم قدرة محدودة على التنقل أن ينتقلوا بحرية أكبر من دورة إلى أخرى أو من جناح إلى آخر. وسوف تصبح المناطق الزمنية عديمة الأهمية، وينطبق الأمر ذاته على اختلاف اللغات مع تنامي فرص الترجمة الفورية عند الطلب.
إن قدرة منظمي الفعاليات والجهات الراعية على الوصول إلى جماهير جديدة، وتسهيل وصول الجماهير إليهم، من بين أكثر الإمكانات التي تثير اهتمامي حول عالم الميتافيرس.
ما الجانب السلبي للميتافيرس؟
رغم الآفاق الواعدة، يظل الميتافيرس معرضًا لاحتمال تحوله إلى أحدث “لعبة جديدة” في عالم التكنولوجيا سرعان ما تفقد بريقها مع مرور الزمن. لعلنا نتذكر الضجة التي أحدثتها التكنولوجيا القابلة للارتداء؟ متى كانت آخر مرة رأيت فيها شخصا يرتدي نظارات ذكية؟ بصفتنا متخصصين في تنظيم الفعاليات، إذا لم نستثمر في محتوى أحداثنا بقدر ما نستثمر في تقنياتها، فقد تعاني صناعتنا ويمكن أن تكون الميتافيرس مجرد موضة عابرة أخرى.
حسب التقديرات، تم تحميل 500 ساعة من الفيديوهات على يوتيوب كل دقيقة اعتبارًا من شباط/ فبراير 2020. تقدّم نتفليكس وآبل تيفي + وهولو وهوبو ماكس عروضًا جديدة يوميًا. وبصفتنا متخصصين في تنظيم الفعاليات، فنحن لا نتنافس مع بعضنا البعض لخلق أفضل التجارب فقط، وإنما نتنافس أيضًا على جذب الانتباه إلى جانب التلفزيون والأفلام والكتب والبودكاست والشبكات الاجتماعية وغيرها.
إن الميتافيرس قادر على منحنا الدفعةً التي نحتاج لها ويتيح لنا إنشاء تجربة لا شيء يضاهيها في أنماط الاتصال أحادي الاتجاه، ولكن يجب أن نسعى جاهدين لتقديم خدمات جيدة الإنتاج ومسلية ومثقِّفة.
متى تترسخ الميتافيرس في تنظيم الفعاليات؟
عندما ننظر إلى عالم الألعاب، نرى أن ملايين الأشخاص حول العالم قد تبنوا بيئات تعاونية ثلاثية الأبعاد. بلغ عدد المستخدمين المسجلين في لعبة “فورتنايت” 350 مليون مستخدم في أيار/ مايو 2020. وهذا دليل على أن الناس مستعدون وقادرون على التكيف مع الميتافيرس.
من جهته، يتوقّع بيل غيتس أن يحدث هذا التحول في غضون سنتين أو الثلاث سنوات المقبلة. لكن وحده الوقت سيظهر ما سيحدث. هل سيستخدم الأشخاص العاديون نظارات الواقع الافتراضي الخاصة بهم للانضمام إلى اجتماع افتراضي أو أي تجمع آخر؟ إلى حد ما، أعتقد أن ذلك ممكن.
أتوقّع أن بعض الناس سيفضلون هذه البيئات الافتراضية، بينما يستمر الآخرون في تفضيل التفاعل البشري. وفي نهاية المطاف، من المرجح أن نرى فعاليات تقدم مزيجًا من التجارب على الميتافريس والتجارب الافتراضية التقليدية ثنائية الأبعاد والتجارب الشخصية التقليدية للتفاعل المباشر. لقد بدأنا بالفعل في رؤية الفعاليات المختلطة، على الرغم من أننا لم نصل بعد إلى نقطة التحول.
تقدم المزيد والعديد من منصات تكنولوجيا تنظيم الفعاليات عناصر الميتافيرس مثل الجلسات الفرعية الافتراضية واللوعبة. وأنا متأكد من أنه مع تقدّم التكنولوجيا واعتمادها على نطاق واسع، سنبدأ في رؤية فعاليات مختلطة مادية وافتراضية تمنح المشاركين المزيد من خيارات المشاركة. يمكنني أن أتخيل عالما يمكن فيه اعتماد خيار البث المباشر التقليدي صباحًا ثم مزيج من تقنيات الميتافيرس مساءً.
مع استمرارنا في تبني المزيد من التقنيات التي تقترن بالثورة الصناعية الرابعة، من المهم أن يستمر منظمو الفعاليات وشركات التكنولوجيا المتخصصة في نفس المجال والعاملون في مجال التسويق في مواكبة التطور والمحافظة على المرونة والابتكار حتى يزدهر مجال تنظيم الفعاليات في هذا العصر الجديد، حيث نميل إلى التغيير وتبني الإبداع الذي يتيحه الميتافيرس بينما نستمر في تنظيم فعاليات أكثر ابتكارًا وإشراكًا و”مواكبة لآخر التطورات”.
المصدر: فوربس