تحدث الكثير من الخبراء عن عدم جدوى الاستراتيجية الأمريكية للحرب على تنظيم داعش منذ اليوم الأول من إعلانها، وتأكدت هذه الشكوك مع متابعة نتائج الضربات الجوية التي تشنها قوات التحالف الأمريكي الذي ضم عددًا من الدول الإقليمية على رأسها المملكة العربية السعودية وعددًا من القوى العالمية وعلى رأسها المملكة البريطانية.
وإن كانت تركيا أول المراهنين على فشل الاستراتيجية الأمريكية، فإن معلومات حصرية حصلت عليها شبكة “سي إن إن” العالمية من مصادر في الإدارة الأمريكية تفيد أن أمريكا بدأت تقترب من الحل الذي قدمه رئيس الوزراء التركي “أحمد داوود أوغلو” وحمله رئيس الجمهورية “رجب طيب أردوغان” لقاعات الأمم المتحدة في نيويورك منذ أشهر.
البحث عن خطط جديدة:
وقالت مصادر شبكة “سي إن إن” إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما طلب من فريق الأمن القومي الخاص به تقديم مراجعة جديدة للاستراتيجية الأمريكية حيال سوريا تراعي فرضية استحالة هزيمة “داعش” دون رحيل بشار الأسد عن السلطة في سوريا، مشيرة إلى إن الخطوة تعتبر تراجعًا عن الاتجاهات السابقة للإدارة الأمريكية التي كانت تعتقد بإمكانية التركيز على ضرب التنظيم في العراق ومن ثم استهداف مقاتليه في سوريا دون ضرورة التركيز على رحيل الأسد من السلطة.
مضيفًا: “طلب منا الرئيس مراجعة مدى انسجام الاستراتيجية الموضوعة ضد داعش مع الموقف من الصراع في سوريا لأن الصراع السوري أوصلنا إلى خلاصة مقتضاها أنه من أجل إلحاق الهزيمة بالتنظيم في العراق، فلا بد من هزيمته في سوريا”، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية باتت على قناعة بعدم جدوى التركيز على العراق بمفرده، خاصة في ظل انشغال الجيش السوري الحر، الذي تراهن عليه واشنطن لقتال داعش، بخوض مواجهات صعبة مع قوات بشار وأحيانًا مع جبهة النصرة.
وأشارت مصادر “سي إن إن” إلى أن أحد الخيارات المطروحة لمساعدة المعارضة السورية يتمثل في إمكانية فرض منطقة حظر جوي على طول الحدود السورية التركية داخل الأراضي السورية بالإضافة إلى تسريع عمليات التدريب.
اعتراف ضمني بالفشل:
قالت وكالة رويترز للأنباء إن الجنرال الأمريكي “مارتن ديمبسي” رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، أبلغ مشرعين في الكونغرس الأمريكي أمس الخميس أنه سيدرس إمكانية إرسال مستشارين عسكريين أمريكيين لمرافقة قوات برية عراقية إذا تقدمت ضد مقاتلي داعش في مناطق صعبة حول الموصل وعلى الحدود بين العراق وسوريا.
وبعد المطالبة بتمويل إضافي بقيمة 5.6 مليار دولار لفائدة الحملة الأمريكية في سوريا والعراق، قال ديمبسي إن العراق يحتاج 80 ألف جندي مدرب وكفء لاستعادة الموصل والأراضي الأخرى التي استولى عليها تنظيم الدولة الإسلامية وللسيطرة على الحدود مع سوريا.
الحل التركي:
تعتبر التصريحات الأمريكية، الرسمية منها وكذلك المسربة، تأكيد للتصريح الذي كرره رئيس الوزراء التركي مرارًا منذ الإعلان عن الحملة الأمريكية في سوريا والعراق، حيث قال أحمد داوود أوغلو منذ البداية إن “الضربات الجوية ورغم أهميتها لن تكون قادرة على القضاء على الإرهاب في المنطقة ولا على إرساء نظام سياسي مستقر في سوريا والعراق”.
ويتمثل الحل التركي الذي يُعتقد أن أمريكا بدأت تقترب منه، في نفس الحل الذي قُدم منذ حوالي سنتين، والذي يدعو إلى إنشاء منطقة عازلة شمال سوريا وعلى طول الحدود السورية التركية، وفرض حضر للطيران على كامل تلك المنطقة؛ مما يجعل المقيمين فيها واللاجئين إليها في مأمن من طائرات نظام بشار الأسد.
كما ينص الحل التركي على ضرورة تدريب قوات المعارضة المعتدلة وعلى رأسها الجيش السوري الحر وتجهيزها بالمعدات العسكرية اللازمة حتى تكون قادرة على ضبط النظام داخل هذه المنطقة وعلى مواجهة قوات النظام في باقي المناطق السورية.
وقد رفضت الولايات المتحدة الأمريكية طيلة الفترة الماضية تبني الحل التركي، متحججة بأنها معنية الآن بالتركيز على محاربة تنظيم داعش ولا تعطي أولوية لإسقاط نظام بشار الأسد، وهو ما يختلف مع الرؤية التركية التي تعتقد أن القضاء على الإرهاب مرتبط بشكل مباشر بالإطاحة ببشار الأسد الذي تتهمه الإدارة التركية بالتسبب في انتشار الإرهاب في المنطقة.