ترجمة وتحرير: نون بوست
زعمت النائبة عن حزب المحافظين، نصرت غني، أن أحد قيادات الحزب أخبرها أنها أُقيلت من منصبها الوزاري لأن وجودها كمسلمة “لم يكن مريحًا لزملائها”.
وأقيلت نصرت غني، البالغة من العمر 49 سنة، من منصب وزير النقل في تعديل وزاري صغير في شهر شباط/ فبراير 2020.
وفي مقابلة مع صحيفة “الصنداي تايمز”، قالت غني أن قياديًّا في الحزب أخبرها أن “كونها مسلمة نوقش كأزمة” في اجتماع في مكتب داونينج ستريت، وأن “تنصيبها كوزيرة مسلمة كان يجعل زملائها يشعرون بعدم الارتياح”، مضيفة: “كان الأمر بمثابة صدمة، فلقد شعرت بالإهانة والعجز”.
وأوضحت غني، نائبة رئيس لجنة 1922 لأعضاء حزب المحافظين، أنها التزمت الصمت بعد تحذيرها من أنها إذا استمرت في إثارة القضية فسوف “ينبذها الزملاء” و “ستُدمر حياتها المهنية وسمعتها السياسية”.
من جانبه؛ حاول مكتب رئاسة الوزراء التقليل من شأن الخلاف يوم الأحد؛ حيث قال في بيان إن “رئيس الوزراء اجتمع بنصرت غني لمناقشتها بعد إبلاغه بهذه الادعاءات الخطيرة للغاية، ثم كتب إليها معربًا عن قلقه الشديد ودعوتها لتقديم شكوى رسمية، ولكنها لم تفعل ذلك، وحزب المحافظين لا يتسامح مع أي نوع من التحيز أو التمييز”.
ومع ذلك؛ وفي تصعيد محتمل للقضية في مكتب داونينج ستريت، أكدت غني أن رئيس الوزراء بوريس جونسون أخبرها أنه “لا يستطيع التورط في هذا الأمر”، ومضيفة في بيان أصدرته يوم الأحد”لقد أخبرني أنه لا يستطيع المشاركة في الأمر، واقترح أن أقدم شكاوى داخلية لحزب المحافظين. وكما أشرت بالفعل؛ من الواضح أن هذا الأمر لم يكن مناسبًا ليحدث في العمل الحكومي”.
My response to No10 statement pic.twitter.com/Fyp08t9pC1
— Nus Ghani MP (@Nus_Ghani) January 23, 2022
وأضافت غني: “لقد حرصت على عدم ذكر أي أسماء أو توريط رئيس الوزراء في بياني أمس، وكل ما أردته هو أن تأخذ حكومته هذا الأمر على محمل الجد، وتحقق بشكل صحيح وتضمن عدم تعرض أي زميل آخر لمثل هذه الإهانة”.
بالإضافة إلى ذلك، ستؤدي مزاعم غني إلى إعادة إشعال فتيل المزاعم التي تفيد بأن حزب المحافظين معادي للإسلاموفوبيا من الناحية المؤسسية؛ حيث كان تقرير حول الادعاءات نُشر قبل سنتين وتم رفضه فيما اعتُبِر “تبرئة” من قِبَل أعضاء حزب المحافظين من المسلمين، بما في ذلك البارونة سعيدة وارسي؛ رئيسة الحزب السابقة.
“الإسلام يُثار كقضية”
وكانت غني، وهي عضو البرلمان عن ويلدن في شرق ساسكس؛ أول امرأة مسلمة تُنتخب نائبة عن حزب المحافظين في سنة 2015.
وتقول غني: “عندما أخبرني رئيس الوزراء أنه يريدني أن أتنحى عن منصبي الحكومي في التعديل الوزاري في شباط/ فبراير 2020 تفاجأت، لكنني أدركت أنها هذه هي طبيعة السياسة وحقيقتها”.
وتابعت: “وفي اجتماع ما بعد التعديل الوزاري مع أحد القياديين في الحزب، سألت عن سبب اتخاذ القرار بإقالتي وما هي ردود الفعل عندما ذُكر اسمي في اجتماع مكتب رئاسة الوزراء بشأن التعديل الوزاري، فقيل لي أنه في اجتماع التعديل الوزاري في داوننغ ستريت نوقشت “إسلامي” باعتباره “مشكلة” أساسية، وأن تنصيبي “كوزيرة مسلمة” لم يكن مريحًا لزملائي وأنهم متخوفون من ألا أكون مخلصة للحزب، وذلك لأنني لم أفعل ما يكفي للدفاع عن الحزب ضد مزاعم الإسلاموفوبيا”.
وعندما تحدت غني هذا القرار؛ قالت إنه “لم يكن بوسعها فعل الكثير بشأن هويتها، وكان عليها الاستماع إلى خطاب عن مدى صعوبة تحديد متى يكون الناس عنصريين وأن الحزب ليس لديه مشكلة وأنها كانت بحاجة لبذل المزيد من الجهد للدفاع عنه”، مضيفة: “كان واضحًا للغاية بالنسبة لي أن القياديين في الحزب ومكتب رئاسة الوزراء كانوا يسعون لتعزيز ولائي للحزب بشكل أكبر من الآخرين بسبب خلفيتي وإيماني”.
وتابعت غني حديثها قائلة: “اجتمعت مرة أخرى مع أحد القياديين في الحزب في شهر آذار/ مارس 2020، وقيل لي مرة أخرى أن الحزب ليس معاديًا للإسلام، كما لو كان الأمر يضيف إلى القضية التي يواجهونها معي، فقد قيل لي إنني طُردت في الواقع بسبب أنه على ما يبدو تم إخبار رئيس الوزراء بأن الحزب لديه “مشكلة نسائية” (استقطاب الناخبات)”.
غني: لقد اضطررت للتعامل مع التهديدات بسبب ديني وعرقي منذ أن صرت نائبة وقد تم اعتقال رجل بسبب هذا في الشهر الماضي
واستطردت غني قائلة: “في الأسابيع التالية، علمت أنه إذا أصررتُ على إثارة هذه المسألة، فسوف ينبذني زملائي وسوف تُدمر مسيرتي المهنية وسمعتي”، متابعة:” لم يفارقني الشعور بالعزلة والعجز بعد مرور هذه الموقف وقد تحدثت عن هذا الموضوع خلال عدة مناسبات عبر القنوات الحزبية الرسمية ومع بعض الزملاء”.
واستمرت النائبة المسلمة في تصريحاتها قائلة: “بعد التهديدات التي تلقيتها من قادة الحزب، كنت حريصة للغاية على اتباع الإجراءات اللازمة، لم يكن لدي خيار سوى مواصلة مسيرتي المهنية وإحداث فرق مع من انتخبوني والقضايا التي أهتم بها من المقاعد الخلفية”.
وأصبحت غني، التي نشأت في منطقة للطبقة العاملة في برمنغهام، نائبة ثم وزيرة حتى سنة 2020 عندما وقع التعديل الوزاري المصغر الذي أعقب استقالة ساجد جافيد من منصب المستشار.
وواصلت غني: “لن أتظاهر بأن هذا لم يتسبب في تزعزع ثقتي بالحزب وهذا ما دفعني للتفكير بجدية في بعض الأحيان فيما إذا كنت سأستمر في مسيرتي كنائبة”، مضيفة: “مع ذلك؛ لن أسمح لهم بالفوز وإجباري على الخروج من المشهد السياسي، كما أن مسؤوليتي تجاه حزبي تفرض عليَّ عدم تجاهل هذه الحادثة، وكما قال أحد زملائي: “إذا كانت هذه الحادثة تتعلق بكونك مسلمة، فذلك يتعلق بنا جميعا””.
وأضافت: “لقد اضطررت للتعامل مع التهديدات بسبب ديني وعرقي منذ أن صرت نائبة وقد تم اعتقال رجل بسبب هذا في الشهر الماضي”.
من جانبها؛ صرحت صحيفة صنداي تايمز أن مصدرًا حكوميًّا مقربًا من قادة مجموعة الحزب الحاكم نفى مزاعم غني.
تزايد الضغوط
وتزيد مزاعم غني من حجم الضغط المسلط على بوريس جونسون وحكومته بشأن ادعاءات تفيد بأنه وقع تنظيم حفلات في داونينغ ستريت في وقت كانت فيه البلاد تخضع لتدابير إغلاق صارمة لمواجهة جائحة كوفيد -19.
وفي الوقت الحالي؛ يجري تحقيقٌ في الأطراف التي حضرت تلك الحفلات من قبل الموظفة الحكومية الرفيعة المستوى سو غراي، والذي من المتوقع أن تصدر تقريرها خلال الأسبوع المقبل.
بالإضافة إلى ذلك؛ هناك فضيحة حول سلوك قادة الحزب تجاه زملائهم في الحزب؛ حيث سيمثل وليام وراغ، النائب عن حزب المحافظين، أمام الشرطة الأسبوع المقبل لمناقشة مزاعم بأن مكتب رئاسة الوزراء حاول ابتزاز النواب من خلال التهديد بحجب الأموال عن دوائرهم الانتخابية إذا تحركوا ضد الحكومة.
وقال النائب، الذي أعرب عن رغبته في عزل رئيس الوزراء، أنه يريد أن يتكفل بمسؤولية التحقيق مجموعة من الخبراء بدلًا من مكتب رئاسة الوزراء.
وفي المقابل، نوه مكتب رئيس الوزراء أنه لا يوجد أي دليل على المزاعم التي أدلى بها وراغ.
وفي تغريدة نشرها يوم السبت، أشاد وراغ بشجاعة غني حيث قال: “غني كانت شجاعة للغاية للتحدث بشكل علني عما تعرضت له، ولقد صدمت عندما علمت بتجربتها. إنها تظهر هذه القوة والنزاهة في دعم الآخرين. يجب أن نسعى لتغيير هذا الواقع نحو الأفضل”.
Nus is very brave to speak out. I was truly appalled to learn of her experience. She shows such strength and integrity supporting others. I am proud to have her as my friend and colleague. We must change things for the better. https://t.co/g0oU2ivZFf
— William Wragg MP (@William_Wragg) January 22, 2022
من جهته، صرح كريس براينت، رئيس لجنة معايير مجلس العموم العمالي، أنه تحدث إلى “حوالي عشرة” من أعضاء حزب المحافظين في الأيام الأخيرة الذين قالوا إنهم إما تلقوا رشوة أو تعرضوا للتهديد من قبل قادة الحزب الحاكم بحرمان دوائرهم الانتخابية من الدعم المالي إذا تحدوا الحكومة، أو إذا صوتوا ضدها.
في هذا السياق، صرح براينت لبرنامج توداي الذي يعرض على إذاعة بي بي سي 4: “لقد سمعت نوابًا يزعمون أن رئيس الوزراء نفسه أقدم على هذه الخطوة”، واصفًا سلوك رئيس الوزراء المزعوم بأنه ينم عن”سوء استخدام للوظيفة العامة”، قائلاُ: “ولهذا يعود الأمر للشرطة للتحقيق بهذا الشأن”.
فضيحة الحزب
منذ ظهور أخبار الحزب الحاكم، دعا نواب المعارضة شرطة العاصمة للتحقيق في الأمر، لكن نواب حزب المحافظين باتوا يحثون في الوقت الحالي سلطات إنفاذ القانون على التدخل.
كما أعرب مارتن فيكرز، النائب المحافظ عن كليثوربس منذ سنة 2010، الأسبوع الماضي للناخبين أنه “ينبغي اتخاذ الإجراءات التأديبية الضرورية ومحاكمة المسؤولين”.
كما صرح فيكرز في حوار لصحيفة “أوبزرفر”: “الحقيقة هي أنه لم يكن ينبغي أن يحدث شيء من هذا القبيل. أشعر بالاستياء من الهيكل الإداري في داونينج ستريت”.
كما دعا المحافظون الآخرون إلى تدخل الشرطة؛ حيث دعم أندرو سيلوس، النائب عن ساوث ويست بيدفوردشير، إجراء تحقيق في مزاعم الحزب.
وصرح سيلوس للناخبين في الشأن نفسه: ”أريد أن يتم التحقيق في كل هذه الادعاءات بشكل كامل ومستقل، إذا لزم الأمر، من قبل الشرطة، وأريد أن تتم معاقبة جميع أولئك الذين انتهكوا القانون أو التوجيهات الحكومية حتى إذا كانوا من المسؤولين الرفيعي المستوى”.
وطالب زميله النائب المحافظ ستيفن كراب إلى “التحقيق في هذه التجمعات”، وقال كراب، النائب عن بريسيلي بيمبروكشاير، للناخبين الأسبوع الماضي: “إن ما يحدث يجعله يشعر بالاستياء والإحباط بشكل كبير”.
المصدر: ميدل إيست آي