ترجمة حفصة جودة
كشفت سجلات إسرائيلية تاريخية مُكتشفة حديثًا عن جهود ضخمة من المسؤولين لإخلاء الأراضي الفلسطينية قسرًا من سكانها البدو في النقب خلال خمسينيات القرن الماضي، يقول تقرير صحيفة هآرتس إن السجلات ظهرت كجزء من دعوى قانونية بشأن ملكية أرض رفعها فلسطينيون من مواطني “إسرائيل” في العراقيب – واحدة من عشرات القرى التي تعتبرها “إسرائيل” غير قانونية وتمنع عنها خدمات المياه والكهرباء والنقل وغيرها -.
دمرت “إسرائيل” العراقيب أكثر من 197 مرةً – حيث استولت على أراضيها – ويواجه سكانها الفلسطينيون الحكومة الإسرائيلية منذ فترة طويلة في المحاكم بشأن القضية.
نشر تقرير هآرتس يوم الإثنين أن الحكومة الإسرائيلية اعتبرت القضية ذات أهمية إستراتيجية وطنية لتضع حدًا للقضايا الأخرى التي يرفعها المواطنون الفلسطينيون في “إسرائيل” للطعن في مصادرة أراضيهم.
ومع ذلك، تابع قضية العراقيب برأي وملحق غادي الغازي – أستاذ تاريخ إسرائيلي بجامعة تل أبيب – الذي قضى الـ8 سنوات الماضية في دراسة مذكرات وتسجيلات وخطابات الحكومة المتعلقة بالنقب (أكبر منطقة في البلاد).
إن نقل البدو إلى مناطق جديدة سيبطل حقهم كملاك للأرض وسيُعاملون كمستأجرين للأراضي الحكومية
كشف الغازي عن وثائق – كجزء من قضية قانونية – لخطط ضخمة لطرد الفلسطينيين – الذي ظلوا في المنطقة التي أصبحت دولة الاحتلال بعد حرب 48 – من أراضيهم.
شن قائد المنطقة الجنوبية موشيه ديان حملة عسكرية عام 1951 لطرد البدو الفلسطينيين من منطقة شمال غرب النقب وحتى شرقها ومن شمال طريق الخليل – بئر السبع وحتى جنوبه، وبذلك يتحول الفلسطينيون الذين أصبحوا مواطنين في “إسرائيل” إلى مستأجرين.
كتب ديان في رسالة نشرتها صحيفة هآرتس: “نقل البدو إلى مناطق جديدة سيبطل حقهم كملاك للأرض وسيُعاملون كمستأجرين للأراضي الحكومية”.
وافق رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يغائيل يادين على خطة ديان وقال أيضًا إنه في حال رفض الفلسطينيون الانتقال طواعية، فإن القوات الإسرائيلية ستنقلهم بالقوة وتجليهم قسرًا من أراضيهم.
يعتقد المسؤولون في وزارة العدل الإسرائيلية أن قضية العراقيب ستنتهي مثل سابقتها، بمعنى آخر، لصالح الحكومة، ومع ذلك فإن هذه الوثائق التاريخية التي كشفها الغازي قد يكون لها تداعيات قانونية.
تكشف الوثائق التاريخية الحديثة أن الفلسطينيين في تلك الفترة هُجّروا قسرًا بواسطة القوات الإسرائيلية التي استخدمت التهديدات والعنف والرشاوى والاحتيال
تمتد قرية العراقيب على مساحة أرض تتجاوز 200 دونم (200 ألف متر مربع) وما تبقى منها – حيث تدمرها “إسرائيل” باستمرار – يُعاد بناؤه بشكل متكرر، تم الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين في العراقيب – مثل العديد من القرى – وفقًا لقانون “حيازة الأراضي” عام 1953.
قالت “إسرائيل” إن أراضي النقب – التي عاش فيها ملاكها الفلسطينيون في الفترة ما بين 15 مايو/أيار 1948 و1 أبريل/نيسان 1952 – تنتمي للحكومة الإسرائيلية التي صادرت 247 ألف دونم في النقب.
تكشف الوثائق التاريخية الحديثة أن الفلسطينيين في تلك الفترة هُجّروا قسرًا بواسطة القوات الإسرائيلية التي استخدمت التهديدات والعنف والرشاوى والاحتيال.
تمييز وإهمال
قال الغازي إن كبار المسؤوليين الإسرائيليين كانوا يعلمون بأن عملية ترحيل الفلسطينيين من النقب غير قانونية، لذا تجنبوا تسليمهم أوامر إخلاء مكتوبة، وأضاف “الوثائق تكشف مقاومة البدو الفلسطينيين للخطة الإسرائيلية لنقلهم من أراضيهم”.
تظاهر مئات الفلسطينيين في النقب ضد خطة الصندوق القومي اليهودي لتشجير قراهم، إذ يرونها محاولةً لتجريدهم من أراضيهم
يقول الغازي: “كانت صلابتهم في التمسك بأراضيهم أمرًا مدهشًا، حتى على حساب الجوع والعطش، ناهيك بالتهديدات وعنف الجيش الإسرائيلي”.
في الأسابيع الأخيرة، تظاهر مئات الفلسطينيين – من فلسطينيي الداخل – في النقب ضد خطة الصندوق القومي اليهودي لتشجير قراهم، إذ يرونها محاولةً لتجريدهم من أراضيهم.
وفي يوم الأحد تظاهر نحو 200 منهم خارج مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في القدس ضد هذه الخطة ووصفوها بـ”سياسة تمييز وإهمال”.
يعيش نحو 300 ألف مواطن فلسطيني في النقب، ويعيش 100 ألف منهم في قرى غير معترف بها وتفتقر للخدمات العامة الأساسية.
المصدر: ميدل إيست آي