ترجمة وتحرير: نون بوست
بموجب أحكام الجدول 7 من قانون مكافحة الإرهاب المقرر تمديده في إطار مشروع قانون الجنسية والحدود المثير للجدل الذي اقترحته الحكومة، سيخضع اللاجئون والمهاجرون الذين يصلون إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة للاستجواب والتفتيش. وفي الوقت الحالي، تسمح أحكام الجدول 7 للشرطة وحرس الحدود باستجواب وتفتيش المسافرين الذين يمرون عبر المطارات والموانئ البريطانية لتحديد ما إذا كانوا متورطين في قضايا إرهاب دون سبب واضح للاشتباه فيهم.
ومن شأن التعديل المقترح لقانون الإرهاب لسنة 2000 الوارد في مشروع قانون الجنسية والحدود، الذي ينظر فيه البرلمان حاليًا، أن يوسّع نطاق هذه الأحكام لتطبيقها على أي مهاجر يلقى القبض عليه بعد وصوله بحرًا عن طريق الهجرة غير النظامية.
يمكن احتجاز المسافرين واستجوابهم لمدة تصل إلى ست ساعات بموجب هذا القانون. ويجب عليهم تقديم كلمات عبور هواتفهم وأجهزتهم الإلكترونية التي يمكن تنزيل محتوياتها ومصادرتها. هذا إلى جانب أخذ بصمات أصابعهم وعينات من الحمض النووي.
بالإضافة إلى ذلك، قد يخضع الأشخاص المحتجزون بموجب أحكام الجدول 7، بمن فيهم الأطفال، للتفتيش وهم عراة بما في ذلك “الفحوصات البصرية للأعضاء التناسلية ومنطقة الشرج”، على الرغم من أن المبادئ التوجيهية لا تنص على “إجراء هذه الفحوصات بشكل روتيني”.
من غير المجدي عمليًا ممارسة الصلاحيات المنصوص عليها بموجب أحكام الجدول 7 إلا في الموانئ المُجهّزة، إذ لا توجد مرافق أو موظفين لازمين لإجراء عمليات الفحص المنصوص عليها
انتقد المدافعون عن حقوق الإنسان هذه الأحكام لكونها تقوم على التمييز وتُستخدم بالأساس ضد المسافرين من خلفيات مسلمة وأقليات عرقية. وفي سنة 2019، قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن أحكام الجدول 7 قد مورست بطريقة تنتهك حقوق الإنسان وتفتقر إلى الضمانات القانونية الكافية.
يأتي التمديد المقترح لهذه الأحكام بعد أن اضطرت وزارة الداخلية الأسبوع الماضي للاعتراف بأنها كانت تطبق سياسة غير قانونية بمصادرة الهواتف المحمولة لجميع الأشخاص الذين يعبرون القناة الإنجليزية بالقوارب، في قضية رفعها طالبو لجوء من إيران والعراق.
وفقًا لمذكرة حقوق الإنسان التي أعدتها الحكومة، فإن تمديد أحكام الجدول 7 ضروري في ظل ارتفاع عدد المهاجرين الوافدين على المملكة المتحدة في قوارب صغيرة عبر القناة الإنجليزية. وقد ورد في هذه المذكرة أن “المشكلة الحالية تفاقمت لأن الأحكام الواردة في الجدول 7 تسمح فقط بإجراء عملية الفحص في الميناء أو المنطقة الحدودية”.
وتضيف المذكرة أن “التعريف الحالي “للميناء” واسع النطاق ويمكنه أن يشمل أي شاطئ أو امتدادا للخط الساحلي يصل إليه أي شخص، لذلك من غير المجدي عمليًا ممارسة الصلاحيات المنصوص عليها بموجب أحكام الجدول 7 إلا في الموانئ المُجهّزة، إذ لا توجد مرافق أو موظفين لازمين لإجراء عمليات الفحص المنصوص عليها في الجدول 7 أو احتجاز الأفراد المعرضين للخطر”.
“أي قارب أو هيكل عائم”
بموجب القانون المقترح، سيكون ضباط شرطة مكافحة الإرهاب قادرين على استجواب واحتجاز وتفتيش أي مهاجر محتجز في غضون خمسة أيام من وصوله إلى المملكة المتحدة على متن “أي قارب أو هيكل عائم”.
ووفقًا للأرقام التي أصدرتها وزارة الداخلية، عبر أكثر من 28 ألف شخص القناة الإنجليزية على متن قوارب صغيرة في سنة 2021، أي أكثر بثلاث مرات من عدد الوافدين المسجل في سنة 2020.
أغلب المهاجرين إلى المملكة المتحدة بين شهري كانون الثاني/ يناير 2020 وأيار/ مايو 2021 قادمون من إيران والعراق والسودان وسوريا. وقد وجد بحث أجراه مجلس اللاجئين ونشره في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر أن 98 بالمئة من الأشخاص الذين يعبرون القناة تقدموا بطلبات لجوء فيما بعد.
حسب إنور سولومون، رئيس مجلس اللاجئين، فإن “الحقيقة هي أن الأشخاص الذين يأتون إلى المملكة المتحدة بعد خوض رحلات مرعبة في قوارب صغيرة عبر القناة يفعلون ذلك لأنهم يسعون بشدة إلى البحث عن الأمان بعد فرارهم من الاضطهاد والإرهاب والقمع”.
من بين أكثر العناصر إثارة للجدل في مشروع القانون تشريع مقترح يوسع صلاحيات الحكومة لتجريد المواطنين البريطانيين من جنسيتهم دون إخطارهم بذلك.
وتسعى حكومة المملكة المتحدة إلى تعزيز جهودها للحد من الهجرة غير الشرعية عبر توظيف قضايا الأمن والإرهاب.
في أعقاب انتحار رجل عراقي رُفض طلب لجوئه من خلال تفخيخ سيارة أجرة فجرها خارج مستشفى في ليفربول في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، صرّحت وزيرة الداخلية بريتي باتيل بأن هذه القضية نِتاج نظام لجوء “مفكك“.
أثار مشروع قانون الجنسية والحدود انتقادات واحتجاجات واسعة النطاق بعد طرحه في البرلمان. ويقول المنتقدون إن هذا القانون يجرّم ويعاقب طالبي اللجوء من خلال تجريم الهجرة غير الشرعية، فضلا عن احتمال تجريم من يساعدون الأشخاص المعرضين للخطر ويأخذونهم إلى بر الأمان.
تقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنه في حال المصادقة على مشروع القانون ودخل حيز التنفيذ “سيعاقب معظم اللاجئين الذين يطلبون اللجوء في البلاد، وسينشأ نموذج لجوء يقوّض القواعد والممارسات الدولية الراسخة لحماية اللاجئين”.
ومن بين أكثر العناصر إثارة للجدل في مشروع القانون تشريع مقترح يوسع صلاحيات الحكومة لتجريد المواطنين البريطانيين من جنسيتهم دون إخطارهم بذلك.
تجريم اللاجئين
تعليقًا على التمديد المقترح لأحكام الجدول 7، يقول محمد رباني، المدير العام لمجموعة “كايج” الحقوقية التي تعنى بتأثير سياسات مكافحة الإرهاب على المجتمعات المسلمة، في تصريح له لموقع “ميدل إيست آي إن “الأمر يتعلق بتجريم اللاجئين وليس سلامة أمتنا وأمنها”.
في سنة 2017، أدين رباني بارتكاب جريمة إرهابية بعد رفضه الكشف عن كلمات العبور الخاصة بهاتفه وجهاز الحاسوب المحمول الخاص به أثناء إجراء عمليات الفحص المنصوص عليها في الجدول 7 في مطار هيثرو. وقال إن السلطات أوقفته “عدة مرات”.
ويضيف رباني أن “الجدول 7 أداة وحشية ومظهر من مظاهر الإسلاموفوبيا المؤسساتية. ويتم العمل بأحكامه دون الحاجة إلى الاشتباه في ارتكاب جريمة، ليتواصل تجريد الأفراد من حقوقهم الأساسية وحرمانهم من الوصول إلى الإجراءات القانونية الواجبة. وإذا تم تمرير هذا القانون، سيخضع اللاجئون لنفس الإجراءات المنصوص عليها عند وصولهم ما يزيد من ترسيخ التمييز وكراهية المسلمين في هذه السياسة”.
في الوقت الحالي، يدرس مجلس اللوردات، وهو المجلس الأعلى في البرلمان البريطاني، التعديلات المقترحة على مشروع قانون الجنسية والحدود الذي سيعود بعد ذلك إلى مجلس العموم للحصول على الموافقة النهائية من أعضاء البرلمان. ولكن لم تُطرح حتى الآن أي تعديلات بخصوص التمديد المقترح لأحكام الجدول 7.
وحسب ما أفاد به متحدث باسم وزارة الداخلية لموقع “ميدل إيست آي” “يمكن بموجب أحكام الجدول 7 تفتيش المهاجرين عند وصولهم إلى المملكة المتحدة. ومن خلال الخطة الجديدة للهجرة، يمكن توسيع نطاق عمليات التفتيش – التي لا يمكن إجراؤها إلا من قبل ضباط شرطة تلقوا تدريبًا خاصا. وهو يضيف أن “عمليات التفتيش تكون منفصلة عن عملية مصادرة الهواتف المحمولة ولن تطبق على جميع الوافدين”.
المصدر: ميدل إيست آي