أوردت صحيفة نيويورك تايمز الخميس تقريرا تتحدث فيه فتاة يزيدية اختُطفت من قبل جنود تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) قبل أن تستطيع الهرب من الأسر.
ويورد كاتب التقرير الصحفي كيرك سيمبل كيف استطاع الجهادي، الذي حصل على الفتاة وآخرين كسبايا، الضغط على إحدى الأختين (15 عاما) وتهدئتها فقط بالتهديد بقطع عنق شقيقتها البالغة من العمر 19 عاما.
وتقول الصحيفة إن الفتاتين هما اثنتين فقط من بين الآلاف من الفتيات والنساء الذين حاصرهم جنود داعش في مناطق اليزيديين شمالي العراق في أغسطس الماضي. إحداهما أيضا هي من بين القلة الذين استطعن الهروب من أيدي تنظيم الدولة، حيث قامت بسرد الكثير من تفاصيل قصة اختطافها التي مرت من خلالها بنظام أقامته “الدولة” لتجارة الرقيق والسبايا.
رواية الفتاة تتضمن كيف تمت التفرقة بين الفتيات وعائلاتهن، قبل أن يتم بيعهن أو أن تتم المتاجرة بهن بين رجال داعش، وكيف يتم إجبارهن على اعتناق الإسلام، وحتى إجبارهن على الزواج قبل أن يتم اغتصابهن بشكل متكرر من قبل أزواجهن الجدد.
واستطاع خمسة فتيات ونساء الهروب مؤخرا من أسر داعش، قبل أن يوافقن على التحدث للصحيفة في نهاية أكتوبر الماضي، الخمسة جميعهن من يزيديات العراق الذين هربوا من جبال سنجار.
الخمسة الذين رفضوا ذكر أسمائهن بسبب خشيتهن من أن يؤدي ذلك إلى عقاب عائلاتهن، قصصن ما رأينه على أيدي الجنود الذين استطاعوا السيطرة على مساحات شاسعة من سوريا والعراق.
ورغم أن واحدة منهن، تلك التاة التي تبلغ من العمر 15 عاما، كانت قد أرادت أن يتم ذكر اسمها ليعرف عناصر داعش أنها تنتقم بذلك، إلا أنها تراجعت في النهاية لنفس السبب، حيث لا تزال داعش تحتجز العديد من أقاربها المباشرين.
وتقول الصحيفة في تقريرها إن داعش تعترف بالفعل بتجارة الرقيق، حيث ينشر التنظيم على صفحات مجلته التي تصدر باللغة الإنجليزية “دابق” إحياء عادة السبي التي يراها مبررة في الشريعة.
وقال تقرير في مجلة دابق أن “خُمس السبايا وما يحصل عليه جنود الدولة يوضع في ضريبة الخُمس” فيما يتم توزيع الباقي بين جنود “الدولة” الذين شاركوا في عمليات جبال سنجار. وأشار التقرير إلى أن التنظيم عبر إحياء “السبي”، فإنه يحمي جنوده من الوقوع في الزنا.
وتعرض الصحيفة لفيديو تم نشره على يوتيوب قبل عدة أسابيع يظهر فيه جنود لداعش وهم يتحدثون حول شراء وبيع فتيات يزيديات في “يوم سوق العبيد”. أحدهم كان يقول إنه سيفحص أسنان الفتاة، والآخر تحدث عن أنه سيفحصها من الأمراض، كما تحدثوا عن تميز الفتيات ذوات العيون الزرقاء.
وقال تقرير نيويورك تايمز إن “الدولة” اختطفت أكثر من 5000 فتاة وامرأة يزيدية، وربما حتى يصل العدد إلى 7000.
وكانت محنة اليزيديين قد بدأت يوم الثالث من أغسطس بعد أن أطلقت داعش هجمة على قراهم في جبال سنجار، حيث أجبرت عشرات الآلاف منهم على النزوح إلي الجبال القريبة.
وتحكي الفتاة ذات الخامسة عشرة، التي رمز المقال لها بحرفي د. أ. كيف كانت تهرب مع عائلتها، قبل أن يوقفها جنود من داعش، ويفرقون حينها بين النساء والأطفال عن الرجال والصبيان، ثم لاحقا يقوموا بأخذ النساء غير المتزوجات والفتيات الأكبر سنا.
“كنت أبكي وأنا ممسكة بيدي أمي” تقول (د. أ.) أثناء المقابلة التي أُجريت في منزل قريب لها في قرية بالقرب من بحيرة سد الموصل. وتتابع “جاء أحد جنود داعش وصوّب مسدسه إلى رأسي، وقالت لي أمي حينها إنه يجب علي الذهاب كي لا يقتلونني”.
وتقول الصحيفة إن الجنود اقتادوا الفتاة وأختيها (19 عاما، و 12 عاما) إلى الموصل القريبة لتسعة أيام مع العديد من النساء والفتيات الأخريات، حيث تم احتجازهن في مبنى من ثلاث طوابق مع مئات أخريات.
كان جنود داعش يأتون ليختاروا من يأخذون من بين الموجودات. أحد الجنود اقتاد أختها الأصغر بعد أن رفضت إلى أن هددها بقتل أختهاالكبرى. وهذه كانت المرة الأخيرة التي ترى فيها أختيها.
وعلى مدار الأسابيع التي تلت ذلك، تم نقل (د. أ.) أكثر من ثمان مرات مع مجموعات فتيات في أعداد أقل كثيرا.
وتحكي الفتاة أيضا كيف تم نقلها إلى الحدود السورية، وكيف قضت يوما آخر في منزل بالقرب من بحيرة، على مقربة من مدينة الرقة السورية.
في ذلك المنزل، تقول الصحيفة، إن الفتيات تم إجبارهن على خلع ملابسهن والاستحمام وارتداء ملابس إسلامية محتشمة. حاولت الفتيات في لحظة ما أن يهربن، إلا أن الجنود قبضوا عليهن، وضربوا (د.) وحبسوها باعتبارها قائدة المجموعة. لاحقا أُفرج عنها وأخذها “جهادي” آخر وحبسها في منزل مع فتيات أخريات.
وتؤكد الصحيفة أن واحدة ممن التقتهم لم يتم اغتصابها، إلا أن الفتيات يروين أنهن سمعن أصواتا قد تدل على أن بعضا من المحتجزات معهن قد تم اغتصابهن.
كانت الفتاة على وشك أن تقتل نفسها مع التهديد بالإجبار على الزواج، إلا أنها حاولت الهروب مرة أخرى، فاستطاعت الهروب مع فتاة أخرى إلى أن وصلت إلى بيت أحد العرب الذي تعاطف معهن، وخبأهن في بيت عائلة كردية استطاعت التواصل مع أخي الفتاة قبل أن يتم ترتيب تهريب الفتاتين عن طريق الرجل العربي الذي حصل على حوالي 3700 دولار مقابل كل فتاة ساعد في تهريبها.
حتى الآن، يقبع والدا (د. أ.) في الأسر، هذا لو كانا على قيد الحياة.