“بلد قدرها خطير، وذكرها في كل زمان يطير، خُطّابها من الملوك كثير.. هذه منازلها وديارها، فأين سكانها قديمًا وعُمّارها؟ وتلك دار مملكتها وفناؤها، فأين أمراؤها الحمدانيون وشعراؤها؟.. هذه حلب، كم أدخلت من ملوكها في خبر كان، ونسخت ظرف الزمان بالمكان، أُنّث اسمها فتحلت بزينة الغوان، ودانت بالغدر فيمن خان، وتجلّت عروسًا بعد سيف دولتها ابن حمدان. هيهات! هيهات! سيهرم شبابها، ويُعدم خُطّابها، ويسرع فيها بعد حين خرابها، وتتطرق جنبات الحوادث إليها”.
لم يكن هذا الوصف الذي كتبه الرحالة ابن جبير الأندلسي عن حلب، عندما زارها عام 579 في رحلته إلى بلاد المشرق الإسلامي، يتحدثُ عن تلك الحقبة فحسب، فمنذ نشأتها شهدت المدينة نهضات كثيرة صعدت فيها حتى بلغت الذروة ثم أفل نجمها.
بدأت حكاية هذه المدينة مع ظهور أولى الحضارات في العالم في المنطقة التي تُعرف بـ”الهلال الخصيب”، وتعتبرها اليونسكو ثالث أقدم مدينة في العالم، بعد أريحا وجْبَيل. ومنذ ذلك الحين تعاقبت عليها حضارات كثيرة، انعكست على ثقافة المدينة، ما ميّزها بثقافة غنية في الجوانب كافة، كالموسيقى والمطبخ واللسان والصناعات التقليدية، ومردّ ذلك إلى الموقع الجغرافي الذي شغلته هذه المدينة على طريق التجارة بين العالمَين الشرقي والغربي، حتى باتت في بعض الحضارات العاصمة الاقتصادية الأولى.
تعاقبت على المدينة عبر تاريخها الطويل الحضاراتُ المختلفة، شغلت فيها المدينة دورًا مهمًّا في بعض الأحيان لاعتناءٍ خاصٍّ بها، وبقيت تعتمد على مكانتها الجغرافية في أحيان أخرى، فعلى سبيل المثال أصبحت عاصمةً للدولة العمورية (يمحاض) في الألفية الثانية قبل الميلاد، وفي عهد السلوقيين شغلت مكانة مهمة على الصعيد التجاري، وكانت ثالث أكبر مدينة في الدولة الرومانية، وظلّت تُعتبر منطقة مستقلة عن سوريا الجغرافية حتى القرن الأول الميلادي.
عانت بعد ذلك المدينة من التهميش لوقوعها بين قوتَين متصارعتَين هما الفرس والروم حتى مجيء الفتح الإسلامي، ففي عام 637 دخلت جيوش المسلمين بقيادة أبي عبيدة بن الجراح المدينة، ومع انضمامها تحت راية الدولة الإسلامية صارَ للمدينة أهمية على الصعيد العسكري لتواجدها على تخوم الدولة البيزنطية، وفي القرن العاشر الميلادي ظهرت دولة جهادية اتخذت من حلب عاصمة لها هي الدولة الحمدانية.
في عهد الحمدانيين لمعَ نجم حلب كعاصمة للثقافة والعلم، وحاولَ سيف الدولة جعلها مدينة تضاهي أهم المدن الإسلامية آنذاك مثل بغداد وقرطبة، فجمع فيها عددًا كبيرًا من أهم علماء وشعراء ذلك العصر، كالفارابي وابن جنّي وأبي فراس الحمداني والمتنبي الذي ألقى فيها بيته الشهير: كلّما رحّبت بنا الروضُ قلنا حلبٌ قصدُنا وأنتِ السبيلُ
خسرت حلب عصرها الذهبي مع زوال دولة بني حمدان، وبقيت دولة خامدة الذكر حتى ظهور الزنكيين الذين اتخذوها عاصمة لهم، وعملوا على إحيائها وخلق نهضة عمرانية وتعليمية، ولكن هذا النهوض لم يدُم طويلًا بسبب هجمات المغول على المدينة التي أرهقتها حتى ظهور العثمانيين.
العثمانيون في مدينة التجارة
يصف المؤرِّخ الفرنسي جان بيير فيليو حلب في العصر العثماني بقوله: “كانت حلب في ذاك الوقت أكبر مركز تجاري في الشرق الأوسط العربي، وكان العثمانيون يقبضون بيد من حديد على هذه المدينة الاستراتيجية من الناحية العسكرية والضريبية”.
كيف وصلت هذه المدينة إلى هذه الدرجة من الأهمية؟ للإجابة عن هذا السؤال علينا التحدُّث عن جغرافية المدينة في تلك الحقبة؛ في العهد المملوكي قامت الدولة بتقسيم منطقة بلاد الشام من الناحية الإدارية إلى منطقتَين أساسيتَين: منطقة حلب ومنطقة دمشق، واستمرَّ هذا التقسيم في العهد العثماني، إلى جانب ظهور تقسيم لولايات جديدة كطرابلس وصيدا.
عقب دخول العثمانيين حلب عام 1516 بعد انتصارهم في معركة مرج دابق على المماليك، وسيطرتهم بعدها على بلاد الشام ومصر، أصبحت المدينة بعيدة عن مناطق الصراع وآمنة نسبيًّا من أخطار تتهددها، خلافًا لأراضي الدولة في شرقها وغربها، وبقيت بذلك ثالث أهم مدينة في الإمبراطورية بعد إسطنبول والقاهرة.
كما أن الثقل العسكري في المنطقة العربية كان متركّزًا على ولايتَي حلب ودمشق أكثر من غيرهما، لكونهما تحرسان الطريق من العاصمة إلى الأماكن المقدسة: مكة والمدينة، إلى جانب كون الولايتان أقرب من غيرهما إلى العاصمة، وهذا ما يُفسِّر كونهما آخر ولايتَين سقطتا في تاريخ الدولة.
على الصعيد الجغرافي، كانت المدينة -أو الولاية- تشملُ أراضي من حدود الموصل شرقًا إلى البحر المتوسط غربًا، وصولًا إلى ولاية أضنة شمالًا، شاملةً مدن عنتاب ومرعش وأورفا.
بعد أن أصبحت جزءًا من الدولة العثمانية وفتحت أبوابها للقاصي والداني، أصبحت الأسواق الحلبية تستضيفُ بين جنباتها التجّار الأوروبيين، لا سيما البنادقة، الذين جاؤوا لشراء البضائع المحلية والفارسية والهندية من المدينة، حيث كانت المدينة تحتوي على الكثير من الأسواق والمصانع والحرفيين.
سرعان ما تحولت هذه الزيارات التجارية الأوروبية إلى قنصليات دائمة، فالبندقية قامت بنقل قنصليتها من دمشق إلى حلب عام 1545، وأرسلت فرنسا قنصلًا يمثّلها في المدينة عام 1562، وكذلك فعلت بريطانيا عام 1583، وهولندا عام 1613 من بعدها.
في القرن الـ 17 زار الرحالة الفرنسي جان باتيست تافرنييه المدينة، ووصف الحركة التجارية في المدينة بقوله: “تقوم في حلب حركة تجارية مزدهرة ترتكز على تجارة المنسوجات الحريرية.. وتتمّ في حلب أيضًا صفقات الصابون والعديد من البضائع الأخرى، ويقصد المدينة تجّار من جميع أقطار المعمورة، وناهيك عن الأتراك والعرب والفرس والهنود، هناك في حلب على الدوام أعداد غفيرة من الفرنسيين والطليان والإنكليز والهولنديين”.
نتيجة لهذا كله، تقدّمت المدينة بشكل لافت للنظر، وأصبحت موضع إعجاب وإشادة لأقلام الرحّالة الأوروبيين، وبالأخصّ الفرنسيين الذين كانوا يتمتّعون بعلاقات طيبة مع السلطنة، كفولني الذي كتبَ في مذكراته يصف المدينة: “إحدى أجمل مدن سوريا، بل ربما تكون أنظف مدينة في الإمبراطورية كلها وأكثرها تشييدًا. إننا حين نصل إليها من أي اتجاه نجد حشدًا من المآذن والقباب البيضاء التي تمتّع العين المرهقة من السهل الداكن والممل”.
وأيضًا تافرنييه السابق الذكر قد كتبَ: “تعدّ حلب من أشهر المدن التركية (كان الأوروبيون يستخدمون كلمة أتراك بدل العثمانيين) سواء لاتّساعها وبهائها، أو لطيب هوائها المصحوب بالوفرة في كل ما يخطر ببال، وكذلك نظرًا إلى الحركة التجارية العظيمة التي تتداولها جميع شعوب الأرض التي تؤمّها”.
في تلك الأثناء، صارت المدينة مكانًا يجذب أهالي المنطقة للهجرة إليها، فأصبحت “ضواحي المدينة كبيرة ومأهولة بالسكان”، ونُظِّمت المدينة ورُصفت دروبها، وانتشر فيها نمط البيت الحلبي القديم بـ”أرض داره” بكثرة، وأُنشأت مبانٍ على النمط العثماني كجامعَي العادلية والخسرفيّة، ووصل عدد سكانها إلى 250 ألفًا، وأعداد الخانات إلى الـ 40 من أهمها خان الحرير وخان الوزير، كما بُنيت عشرات القيصريات (مبانٍ جماعية تُجمع فيها الورشات).
عدا عن أسواقها التي يُعدّ أحدها -سوق المدينة- من أقدم وأكبر الأسواق المسقوفة في العالم، وُوجد فيها 120 مسجدًا و50 حمّامًا، وهذه الأعداد كانت تعتبر متقدِّمة وكثيرة في تلك الأيام، وتميّزت أكثر من غيرها من ولايات المنطقة بكثرة المسيحيين فيها من روم (يونان) وأرمن ويعاقبة وسريان وموارنة.
وممّا يُذكر أن قصص “علي بابا والأربعين حرامي” و”علاء الدين والمصباح السحري”، من كتاب “ألف ليلة وليلة”، انتشرت حينها في العالم الغربي على يد التاجر والرحّالة الحلبي أنطون حنّا دياب، الذي سافر إلى باريس وحكاها للمستشرق الفرنسي أنطوان غالان.
من السلبيات التي يجدر ذكرها هي قلة الاهتمام بالتعليم آنذاك، ومردّ ذلك إلى عدم اهتمام السلاطين العثمانيين بعد سليمان القانوني بالتعلُّم كما يجب، إذ وُجد “في حلب مدرستان أو ثلاث، إنّما بها قلة من الطلاب، وعدد من الأدباء المعيّنين بالأجرة لتدريس قواعد اللغة وشيء من الفلسفة، بالإضافة إلى الشؤون المتعلقة بدينهم”، كما وصف ذلك الرحّالة تافرنييه.
مدينة على هامش الحضارة
كانت المدينة قد بدأت بالتراجع منذ أوائل القرن الـ 19، بسبب ضعف الدولة بأكملها وتعسُّر حركة التجارة والضرائب التي أنهكت الرعايا بمختلف انتماءاتهم في المدينة، وشق قناة السويس الذي جعل دمشق -الأقرب إلى القناة- تتقدم عليها.
وبعد زوال العثمانيين عن التاريخ عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، وقع القسم الشمالي من بلاد الشام بقبضة الفرنسيين حسب اتفاقية سايكس-بيكو، وفي عام 1920 دخلت القوات الفرنسية بقيادة الجنرال غورو سوريا، إثر انتصارها في معركة ميسلون غير المتكافئة، لتبدأ بذلك مرحلة الانتداب الفرنسي التي ستستمرُّ 26 عامًا، والتي سيكون مشروع التقسيم والتفرقة الهدف الأبرز فيها.
عملَ الفرنسيون على تقسيم ما احتلّوه من بلاد الشام إلى عدة دول، فظهرت عدة مقترحات لذلك ونُفّذت في مرحلة من المراحل على أرض الواقع، كانت إحداها تقسيم المنطقة إلى عدة دول صغيرة على أساس طائفي، منها دولة حلب ودولة دمشق.
ولكن المشاريع التقسيمية هذه جوبهت دائمًا بالرفض الشعبي والسياسي من الأهالي والوطنيين، فعملَ الاحتلال على تعزيز الندية الدمشقية-الحلبية وخلق منافسة هدّامة بين المدينتَين، من خلال إعطائه امتيازات اقتصادية لحلب وجعل دمشق العاصمة، ولكن هذا المشروع أيضًا لم ينجح، ليستمرَّ الفرنسيون في سياستهم التقسيمية حتى نهاية الانتداب عن سوريا عام 1946.
في تلك المرحلة، تحوّلت حلب من منطقة جغرافية كبيرة تشمل أغلب شمال سوريا إلى مدينة محصورة جغرافيًّا، فمن الجهة الغربية للمدينة نزع الفرنسيون لواء الإسكندرون من سوريا وقدّموه إلى أتاتورك، مقابل مكاسب سياسية ولمعاقبة الأهالي، لتفقدَ المدينة منفذها إلى البحر المتوسط.
وفي الشرق والشمال وُضعت الحدود التي قلّصت امتداد المدينة، ونزعت قسمًا من أراضيها ذات الغالبية العربية والكردية وحدّت من نشاطها، وبذلك فقدت المدينة أهميتها الجغرافية التاريخية، ومع نهاية الانتداب تحوّلت إلى مدينة كغيرها من مدن المحافظات السورية، وأخيرًا فُصلت عنها إدلب في عهد الوحدة مع مصر.
خلال هذه المرحلة، مثّلت المدينة مسرح الحراك الثاني بعد دمشق، في عهد الانتداب أولًا، وفي عهد الاستقلال بعد ذلك، وظهر منها سياسيون وقفوا في وجه الانتداب وآخرون وصلوا إلى مناصب رفيعة في الدولة، كإبراهيم هنانو وسعد الله الجابري وناظم القدسي ومعروف الدواليبي وأمين حافظ.
بالإضافة إلى الأحزاب السياسية، حيث ظهر بعد الاستقلال حزب الشعب الذي شُكّل من أعضاء الكتلة الوطنية في حلب، والحزب الوطني الذي شُكّل من أعضاء الكتلة في دمشق، وظلَّ التنافس ملتهبًا بين الحزبَين حتى الوحدة مع مصر عام 1958.
وعمل آنئذ حزب الشعب الحلبي على رفض الحدود الخانقة للمدينة، وعلى تحقيق الوحدة مع العراق، لإعادة الدور الاقتصادي والجغرافي الهامّ للمدينة، ذلك الدور التاريخي للمدينة الذي عبّر عنه الكاتب والصحافي البريطاني باتريك سيل بقوله: “إن سوريا منطقة داخلية جدّ صغيرة بالنسبة إلى حلب، ولطالما حلمت بإمكانات جغرافية أكثر اتساعًا”، ولكن أيًّا من هذه الأحلام لم يتحقق.
استطاع الجيش الحر السيطرة على 70% من المدينة تشمل حلب القديمة والشرقية، لتبدأ معها حملة القصف بالبراميل ومختلف القنابل التي ستسبّب نزوح معظم أهالي المدينة
كان لحلب، إلى جانب حماة، بعد ذلك صراع دموي مع حافظ الأسد في ما عُرف بأحداث الثمانينيات، عندما قامت قواته بأعمال قمع وتصفية للإسلاميين في المدينة، طالت كثيرًا من التجّار بسبب توجهاتهم الدينية، وبالطبع لم تسلم بعض أحياء المدينة وأهاليها من هذه الأعمال الدموية، وجرّاء ذلك سيشدِّد الأسد الأب القبضة الأمنية وقمع الحريات وتقييد الحركة التجارية على المدينة طوال فترة حكمه.
على الصعيد الاقتصادي، استطاعت المدينة المحافظة على شيء من مكانتها التجارية، رغم الممارسات التي أرادت خنقها، إذ استمرت بتصدير منتجاتها إلى باقي مدن سوريا وإلى تركيا واليمن والسودان والمغرب، حتى منتصف القرن العشرين، وبالأخصّ في الخمسينيات منه، عندما شهدت انتعاشًا اقتصاديًّا كبيرًا.
ولكن مع قيام الوحدة مع مصر، واستلام حزب البعث للسلطة بعد ذلك، نفّذت الحكومة سياسة التأميم والإصلاح الزراعي، مع ما كانت تعيشه المدينة من انفجار سكاني وانتشار المساكن العشوائية، فدخلت في مرحلة تدهور اقتصادي عميق، لم تستطع فيما بعد انتشال نفسها منه، لقيام الأسد الابن -وكان في بداية حكمه قد قام ببعض الإصلاحات في المدينة لتصغير صفوف المعارضة- بتوقيع اتفاقية التبادل الحر مع تركيا، بين عامَي 2005 و2007، ما جعل كبرى منشآت ومعامل حلب تعلن إفلاسها بسبب غزو البضاعة التركية للمدينة.
مع اشتعال فتيل الثورة عام 2011 ملأت المظاهرات شوارع سوريا، ولكن المدينة التي ذاقت الأمرَّين في الثمانينيات احتاجت ما يُقارب الـ 8 أشهر حتى استطاعت الخروج من خوفها، فانطلقت المظاهرات تجوب حلب المدينة والريف، سرعان ما وصلت إلى الجامع الأموي عند تشييع جنازة الشيخ إبراهيم السلقيني، حيث وُجهت أصابع الاتهام إلى النظام في مقتله لموقفه المؤيد للثورة.
استطاع الجيش الحر في العام التالي السيطرة على 70% من المدينة تشمل حلب القديمة والشرقية، لتبدأ معها حملة القصف بالبراميل ومختلف القنابل التي ستسبّب نزوح معظم أهالي المدينة، والتي لن تنتهي حتى سقوط المدينة مجددًا بيد النظام بعد حصار طويل عام 2016، هذه العملية التي كان السبب الرئيسي في تحقيقها أهدافها الدعم العسكري الروسي، ولعبة تغيير توزُّع القوى السياسية الدولية في المنطقة.
وصفت الخسائر في المدينة بالكارثية، وذكرت بعض الدراسات بأنها أكثر مدينة تعرّضت للتدمير منذ الحرب العالمية الثانية، حيث صُنِّفت عام 2014 بأخطر مدينة في العالم، وشمل الضرر 90% من مساحة المدينة القديمة، من مساكن ومواقع تجارية وتراثية، إذ تعرضت 70% من أحياء المدينة للقصف.
رغم كون الحقبة الأخيرة من تاريخ المدينة من أسوأ ما مرَّ عليها عبر تاريخها الموغل في القدم، إلا أنها قدّمت تراثًا ثقافيًّا متميزًا على مستوى المنطقة، في المطبخ: “أم المحاشي والكبب” والزيتون والفستق الحلبي، وفي الصناعة: الحرف اليدوية المختلفة على رأسها صناعة الصابون، وفي الموسيقى: القدود والموشحات الحلبية وأسماء كثيرة في هذا المجال كصباح فخري وحسن حفار وأديب الدايخ، وفي الثقافة: الشعر والفن والفكر وأسماء كبيرة كعبد الرحمن الكواكبي وعمر أبو ريشة ومصطفى العقاد وعثمان طه.
واليوم تعيش المدينة بوجه معتم حزين، خالية من أبنائها، تعاني من ثقافة شيعية إيرانية-أسدية دخيلة تحاول طمس معالمها وتغيير وجهها الشرقي العتيق، تنتظر ما يخبّئه لها المستقبل، وتسأل: كيف ستكون حكايتها التاريخية القادمة؟