ترجمة وتحرير: نون بوست
قتلت الشرطة الأمريكية 1055 شخصًا السنة الماضية على الرغم من سلسلة الاحتجاجات الحاشدة التي أشعل فتيلها مقتل عدد من المواطنين على يد الشرطة، والتي جابت أنحاء البلاد منددة بمقاضاة المسؤولين.
وازدادت حالات القتل في السنة الماضية بواقع 34 حالة مقارنة بالسنة التي سبقتها، والتي اندلعت على إثرها مواجهات مع الشرطة عقب مقتل جورج فلويد في مينيابوليس وبريونا تايلور في مدينة لويزفيل في ولاية كنتاكي خلال مداهمة الشرطة لشقتها.
وبحسب الإحصائية السنوية لصحيفة واشنطن بوست؛ فإن عدد القتلى على يد الشرطة بلغ حوالي 1000 حالة سنويًا منذ 2015 وسط تصاعد في جرائم العنف وزيادة في عدد القتلى برصاص أسلحة الشرطة.
وقال محللون إن استمرار حالات القتل بوتيرة ثابتة يشير إلى أن نهج الشرطة تجاه استخدام الأسلحة النارية لم يتغير كثيرًا، على الرغم من أن المدعين العامين كانوا أكثر استعدادًا لمحاكمة الضباط المسؤولين عن حالات القتل.
وقال عالم البيانات والجريمة، أندرو ويلر، للتايمز: “لا تزال البيانات ثابتة نسبيًّا، مما يعني أنه لم تطرأ تغييرات ملحوظة على نهج الشرطة، على الأقل فيما يتعلق بحالات القتل التي يقف ورائها عناصر في الشرطة”.
وكانت أغلب عدد القتلى برصاص الشرطة (85 بالمائة) يحملون أسلحة، فيما قُتل حوالي 16 بالمائة خلال تدخل الشرطة لفض النزاعات المحلية، و14 بالمائة كانت حالات قتل لأشخاص يعانون من اضطرابات عقلية.
وتم تقديم أكثر من 400 مشروع قانون في المجالس التشريعية للولايات التي بدورها تشرف على قوات الشرطة، وذلك في إطار سعيها لوضع حد لاستخدام القوة، كما زاد التعاون المشترك بين أقسام الشرطة وأخصائيو الصحة العقلية، وذلك في استجابة لمطالب النشطاء المناهضين لعنف الشرطة.
ولم تتعد حالات القتل برصاص الشرطة التي تم توثيقها بالكاميرات نسبة الـ20 بالمائة، إلا إن هذا هو أعلى رقم تم تسجيله منذ سنة 2015، والذي وثقت فيه الكاميرات 8 بالمائة من حالات مشابهة.
وعلى الرغم من وعود حملته الانتخابية؛ لم يتحرّك الرئيس بايدن بما ينبغي لتلبية مطالب العديد من الديمقراطيين الذين نادوا بإصلاحات واسعة لجهاز الشرطة؛ حيث تم تمرير “قانون جورج فلويد للعدالة في الشرطة” من قبل الديمقراطيين في مجلس النواب بأغلبية ضئيلة، فيما تم تعليقه في مجلس الشيوخ، وهدف القانون إلى إنهاء المضايقات ووقف المداهمات وتقييد استخدام الشرطة للمعدات العسكرية.
ويشتمل القانون على بند آخر يطالب وكالات إنفاذ القانون الحكومية والمحلية التي تتلقى تمويلًا فيدراليًّا لضمان وجود كاميرات مثبّتة على ملابس الشرطة إلى جانب كاميرات لوحة القيادة.
ويرفض بعض معارضي القانون الإجراءات القانونية المستجدة التي نصّت على رفع حد الذي يمكن عنده استخدام القوة المميتة للشرطة وتقليل الحماية القانونية لعناصرها من خلال تقييد الحصانة وتغيير النية الإجرامية للفعل من “عمدًا” إلى “عن قصد أو بجهل وتهور”.
ويسعى القانون أيضًا إلى تغيير الحد المسموح فيه استخدام القوة من قبل مسؤولي إنفاذ القانون الفيدراليين من “المعقولية” إلى “الضرورة فقط لمنع القتل أو الإصابة الجسدية الخطيرة”.
وعلى الرغم من ندرة التهم الموجهة إلى ضباط يستخدمون القوة المميتة؛ إلا أن المسار بدأ يتغير بعد المظاهرات التي نادت بالعدالة العرقية في سنة 2020.
وكشفت قاعدة بيانات جمعها أستاذ العدالة الجنائية في جامعة بولينج جرين ستيت في أوهايو، فيليب ستينسون، أن 21 من ضباط الشرطة تلّقوا لوائح اتهام بالقتل أو القتل المتعمد جراء إطلاق نار أثناء الخدمة خلال السنة الماضية، وهو أعلى رقم يتم تسجيله في سنة واحدة؛ حيث بدأ ستينسون في تتبع الحوادث منذ سنة 2005، وقال إنه على مدى السنوات الخمس الماضية، تم توجيه اتهامات إلى 16 ضابطًا في 2020، و12 في 2019، و 10 في 2018، و7 في 2017.
وسجلت مجموعة “حملة زيرو” (Campaign Zero)، وهي مجموعة إلكترونية تتعقب عمليات القتل التي نفذتها الشرطة، 1134 حالة وفاة جراء إطلاق نار من قبل الشرطة السنة الماضية، و41 هذه السنة حتى الآن.
وقال الرئيس السابق للمنظمة الوطنية لإنفاذ القانون الأسود، سيدريك ألكسندر، لشبكة إن بي سي: “لا زلنا نشهد تحولًا على الرغم من تأثيره البسيط وسط مطالبات الشعب بمزيد من المساءلة القانونية، ونولي جميعًا مزيدًا من الاهتمام لهذه العملية، وتدرك النيابة العامة أن التحقيقات يجب أن تتم بعناية وبطريقة أكثر توازنًا”.
ومن الأمثلة على ذلك؛ تلك الاتهامات التي تم توجيهها لضباط في الشرطة في واحدة من عمليات القتل التي ضجت بها وسائل الإعلام السنة الماضية، وجاء ذلك بعد أن أطلقت الشرطة النار بالخطأ على الطفلة فانتا بيليتي البالغة من العمر ثمانية أعوام في بلدة شارون هيل في ولاية بنسلفانيا، وذلك أثناء إطلاقها النار – أي الشرطة – على عدة أشخاص في مباراة كرة قدم في مدرسة ثانوية.
وكان الضباط قد سمعوا عن تبادل إطلاق نار بين اثنين من المراهقين جرّاء شجار قرب المباراة، فقاموا بإطلاق النار على سيارة كانت تغادر من أمام جمهور كرة القدم، وأصابت إحدى الرصاصات الطفلة وأدت إلى مقتلها.
وتم فصل كل من الضباط ديفون سميث وشون دولان وبريان ديفاني، ووُجِّهَ لكل منهم تهمة ارتكاب جريمة قتل طوعي وتهمة قتل غير متعمد وعشر تهم تعريض حالات للخطر.
وتقول سلطة الصندوق التذكاري لضباط إنفاذ القانون الوطني إنه إلى جانب ارتفاع عمليات القتل بأسلحة الشرطة، يُقتل العديد من الضباط، مما يعكس ضغوط العمل المتزايدة أثناء جائحة كوفيد 19؛ حيث سجّل جهاز الشرطة رقمًا قياسيًا بلغ 458 حالة وفاة السنة الماضية مقارنة بـ 295 في 2020، فيما كان أعلى رقم مسجل سابقًا الذي سُجِّل في سنة 1930 بواقع 312 حالة وفاة بين الشرطة.
ةكانت معظم الوفيات السنة الماضية – 301 – بسبب كوفيد 19، وهي السنة الثانية على التوالي التي كان فيها السبب الرئيسي للوفيات أثناء الخدمة، بينما كان 61 من حالات الوفاة بسبب عمليات إطلاق النار مقارنة بـ 45 حالة وفاة مشابهة في سنة 2020، فيما سجلت 2022 حتى الآن حالات إطلاق نار على ما لا يقل عن 32 ضابطًا أثناء الخدمة، قُتِل خمسة منهم.
المصدر: صنداي تايمز