ترجمة وتحرير: نون بوست
قرر ألبان قبل أشهر التصويت للمرشح اليميني المتطرف إريك زمور في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المُزمع عقدها في شهر نيسان/ أبريل، وقال لموقع “ميدل إيست آي” والابتسامة تعلو محيّاه: “ستكون هذه هي المرة الأولى التي أذهب فيها للتصويت بحماس”.
ولكن الطالب البالغ من العمر 25 سنة والذي رفض الكشف عن لقبه ولم ينضم إلى حزب زمور؛ يميل إلى الاحتفاظ برأيه لنفسه، وقال وهو جالس في مقهى في باريس بالقرب من الشركة التي يتدرب فيها: “يمكن أن يكون لذلك تأثير سلبي للغاية على مسيرتي المهنية، فأنا يمكنني الدفاع عن أفكاري على انفراد مع أصدقائي، لكن التعبير عن قناعاتي السياسية في الأماكن العامة أمر معقد”.
عندما يتحدث ألبان؛ الذي ينحدر من عائلة من الطبقة الوسطى، عن المرشح، فإنه يستخدم لقب “الزد”، ويقول “إنه أكثر تحفظًا من زمور”.
ينتقي ألبان عباراته بحذر لأن زمور، البالغ من العمر 63 سنة، والذي يأتي أصله من المهاجرين اليهود البربر الجزائريين والذي جعل اسمه موضع جدل في البرامج الحوارية اليمينية، هو مرشح رئاسي مثير للانقسام.
وعادة ما تتم مقارنة زمور بجان ماري لوبان؛ والد منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان، التي حاولت أن تنأى بنفسها إلى حد ما عن آراء والدها؛ فعلى سبيل المثال، زعم كل من لوبان وزيمور زورًا أن فرنسا الفيشية كانت تحمي اليهود الفرنسيين، كما أدانتهما المحاكم عدة المرات بالعنصرية.
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي؛ تم تغريم زمور بغرامة قدرها 10 ألف يورو بسبب تحريضه على العنصرية خلال برنامج تلفزيوني وصف فيه الأطفال المهاجرين الذين يصلون إلى فرنسا بأنهم “لصوص وقتلة” و”مغتصبون”.
أسلمة فرنسا
وبنى المرشح اليميني المتطرف قاعدته السياسية على تهديد “البديل العظيم”، وهي نظرية مؤامرة مفادها أن الفرنسيين البيض يُغتصبون من قبل الأجانب، وخاصة من شمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2021، وخلال أول تجمع كبير له، قال زمور إنه مستعد للرد على نوعين من “المخاوف” التي “تطارد الفرنسيين” والتي تتلخص في”انهيار” الأمة وما يسمى بـ “أسلمة فرنسا”.
ولا تحتفظ فرنسا رسميًّا بإحصاءات حول العرق أو الدين، وهي من مخلفات الحرب العالمية الثانية عندما قام النظام الفيشي باعتقال اليهود وترحيلهم.
وتشير التقديرات إلى أنه من بين سكان فرنسا البالغ عددهم 67 مليون نسمة أو نحو ذلك، هناك حوالي ثلاثة أو أربعة ملايين مسلم.
ومع ذلك؛ يبدو أن رسالة زمور – الذي يحظى حاليًا بتأييد حوالي 14 بالمئة من المشاركين- تلقى صدىً في بلد كان المسلمون فيه لسنوات عرضة للتمييز والعنصرية؛ ففي السنة الماضية، أجرت صحيفة لوموند استطلاع رأي؛ اتفق ثلثا المشاركين فيه على أن “الإسلام خطر على فرنسا والجمهورية”.
وتتم الانتخابات الرئاسية الفرنسية على جولتين من التصويت؛ حيث وينتقل المرشحان الأكثر حصولًا على الأصوات في المرحلة الأولى إلى المرحلة الأخيرة من الانتخابات.
وبالنظر إلى نتيجته الحالية؛ فلن يصل زمور إلى الدور الثاني، لكن هذه مجرد بداية لمسيرته السياسية؛ حيث يضم حزبه السياسي، “ريكونكيت”، الذي تم إنشاؤه قبل أقل من سنة، بالفعل 85 ألف عضو.
بعد خسارتها مرتين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، يعتقد البعض حاليًا أن لوبان – التي تتساوى تقريبًا مع منافسها في الاستطلاعات – لن تفوز أبدًا في الانتخابات، فيما زادت حظوظ زمور في الفوز
من جانبه؛ يقول جان إيف كامو، الخبير في أحزاب أقصى اليمين، لموقع “ميدل إيست آي”: “ما عليك أن تفهمه هو أن حزب “ريكونكيت” لا يفرض شروطًا لعضويته، لذلك يمكن لأي شخص الانضمام إليه، فهناك أناس ينتمون إلى اليمين التقليدي وينضمون إلى زمور لأنه الوحيد الذي يقاتل ضد” البديل العظيم””.
وأضاف كامو أن هؤلاء الأشخاص، الذين صوتوا لحزب الجمهوريين اليميني في سنة 2017 “أصبحوا متطرفين ويعتقدون أن زمور هو منقذهم”، ثم هناك الناخبون السابقون في التجمع الوطني، حزب مارين لوبان المعروف سابقًا باسم الجبهة الوطنية.
وبعد خسارتها مرتين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، يعتقد البعض حاليًا أن لوبان – التي تتساوى تقريبًا مع منافسها في الاستطلاعات – لن تفوز أبدًا في الانتخابات، فيما زادت حظوظ زمور في الفوز.
وتابع كامو قائلًا: “الشعار الأكثر شعبية في تجمعات إريك زيمور مأخوذ من شعارات الجبهة الوطنية في التسعينات عندما كان برئاسة جان ماري لوبان: نحن في وطننا، نحن في وطننا!”.
كبش فداء “أجنبي”
وطلب نيكولاس، البالغ من العمر 30 سنة، أيضًا عدم الكشف عن هويته عندما تحدث عن دعمه لزمور، ففي حديثه عبر الهاتف، وصف نيكولاس زمور بأنه “وريث” بلد “قُدّر لشبابها العيش في وضع متدني مقارنة بالحياة التي قدمها لهم آباؤهم”.
ولوح آلاف الأشخاص الذين حضروا تجمع زمور الأخير في أحد قاعات مدينة ليل الفسيحة، بأعلام زرقاء وبيضاء وحمراء وهم يهتفون “الرئيس زمور”؛ حيث كان الموضوع الرئيسي لخطابه هو القدرة الشرائية، وهو مصدر قلق كبير للشعب الفرنسي في الانتخابات، ولهذا فإن أنصار زمور عندهم كبش فداء لهذه الأزمة؛ فقد قال أحد المتقاعدين وسط الحشد لموقع “ميدل إيست آي” إن “علينا التوقف عن دفع الرسوم الطبية للأجانب”.
وقالت امرأة من ليل، وهي مديرة تنفيذية في القطاع الخاص: “ليس لدي أي شيء ضد الأجانب، لكن عندما أرى مدى صعوبة الأمر بالنسبة لنا، فيجب منحنا الأولوية”.
ويقول الطالب ألبان: “الدفاع عن الأفكار اليمينية في هذا البلد أكثر تعقيدًا من الدفاع عن الأفكار اليسارية، فنحن اليوم أمام مفترق طرق في بلدنا، وفرنسا – مثلما عرف والديّ وأجدادي – معرضة للخطر، ويمكن لرجل مثل زمور أن ينقذنا”.
المصدر: ميدل إيست آي