ترجمة من التركية وتحرير نون بوست
“اسمي قاسم سليماني، فلتعلم أنني أنا من يسيطر على السياسات الإيرانية في العراق ولبنان وغزة وأفغانستان”، لم يتفاجأ قائد قوات الاحتلال الأمريكية في العراق، الجنرال “ديفيد باتريوس”، عند سماعه هذه الكلمات من الهاتف الذي أعطاه له الرئيس العراقي السابق جلال طالباني في ربيع سنة 2008، فباتريوس يعلم جيدًا من يكون محدثه، إنه عامل البناء القديم والمتخرج من المدرسة الابتدائية، “قاسم سليماني”، رئيس فيلق القدس الإيراني، الذي أرق الأمريكيين لسنوات طويلة.
وصاحب الرسالة ليس شخصًا ينسب لنفسه سلطة لا يمتلكها في الحقيقة، ففيلق القدس تأسس في سنة 1979 بعد قيام الثورة في إيران بهدف تصدير الثورة إلى خارج إيران، وهو الآن أحد أهم أفرع الحرس الثوري الإيراني وأكثرها نفوذًا.
وحسب وثائق السفارة الأمريكية في بغداد، فإن سليماني كان المسئول عن وضع وتنفيذ كل السياسات الإيرانية في العراق، فسليماني يتعامل بشكل مباشر ودون أي واسطة مع رأس النظام في الدولة الإيرانية وأعلى زعامة دينية في البلاد “خامنئي”.
من عامل بناء إلى القمة
ولد قاسم سليماني في يوم 11 مارس/ آذار 1957 في قرية رابور التابعة لمحافظة كرمان القريبة من الحدود الأفغانية في الجنوب الشرقي لإيران، في بيئة يطغي عليها النظام القبلي.
وعندما كان طفلاً، اضطر للعمل في حضائر البناء حتى يساعد والده المزارع على تسديد دين مستحق عليه من الدولة بقيمة 9 آلاف ريالاً، ثم غادر قريته فور إنهائه للتعليم الابتدائي في سن الثالثة عشر، وفي حال عدم احتساب فترة الـ 45 يومًا التي تلقى خلالها تدريبات عسكرية لدى الحرس الثوري، فإن التجربة التعليمية لسليماني لا تتجاوز السنوات الخمس التي أمضاها في التعليم الابتدائي.
وفي سن الـ 18 عمل في مدينة كرمن في مجال تصريف المياه، وبعد سنة واحدة، وقبل 3 سنوات من قيام الثورة، بدأ سليمان في حضور دروس دينية يقدمها أحد تلامذة القائد خامنئي، ليدخل من هناك في مرحلة “الأعمال الثورية”.
وفي هذه السنوات تمكن سليمان من ربط علاقات مع خامنئي الذي كان مبعدًا في منطقة جيروفت التابعة لمحافظة كرمن، ومنذ ذلك الحين دعم سليماني خامنئي في كل المواضع التي احتاجه فيها.
ومع قيام الثورة الإيرانية في سنة 1979، انضم سليماني للحرس الثوري وهو يقول الآن: “كنا كلنا شباب تلك الأيام وكنا نريد خدمة الثورة بأي شكل من الأشكال”.
اختبار الولاء: الانتفاضة الكردية
انتفض أكراد إيران في منطقة ماهاباد في سنة 1979 محاولين الاستفادة من ضعف النظام المركزي في إيران بعد الثورة، وللقضاء على هذه الانتفاضة تم إرسال سليمان وعدد من أصدقائه إلى تلك المنطقة، ورغم أنه لم يتجاوز سن الـ 22 سنة في تلك الأيام إلا أنه أثبت ولاءه للثورة وأبدى كفاءة عالية جعلت قيادة الثورة في طهران تلتفت إليه.
وعند عودته من ماهاباد، تم تعيينه على رأس “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري في محافظة كرمن، وبسرعة اندلعت الحرب العراقية الإيرانية فحارب سليمان في الجبهات المتقدمة في عدد من العمليات العسكرية الضخمة.
وفي مسيرته الطويلة، اعتمد سليماني بشكل كبير على العلاقات التي أنشأها خلال الحرب العراقية الإيرانية، حيث إن معظم السياسيين النافذين ورجال الاستخبارات والقائمين بمؤسسات الدولة الهامة والحساسة تم اختيارهم من بين من شاركوا في حرب العراقية الإيرانية وأثبتوا ولاءهم وكفاءتهم خلالها، ولازالت شبكة العلاقات هذه قائمة إلى الآن، فالـ 12 قائدًا الأكثر أهمية وثقلاً للحرس الثوري الإيراني اليوم هم ممن قادوا جبهات القتال في الحرب العراقية الإيرانية، كما أن هؤلاء الأصدقاء القدامى ساعدوا بعضهم بعض طيلة السنوات الماضية للتحكم في السياسات الداخلية والخارجية لإيران.
اختبار الانضباط
بعد نهاية الحرب، وبالاستعانة بالسرية “سارالله 41” بدأ سليماني حربه مع قطاع الطرق الموجودين في شرق البلاد والذين أثاروا ضجة كبيرة في إيران، حيث فقد سليمان المئات من رجاله أثناء محاربته لقطاع الطرق وتجار المخدرات في منطقة “سيستان – بلوش” السنية.
وحسب موقع مشرغ الإخباري الذي يبث من طهران والمعروف بعلاقاته مع جهاز الاستخبارات الإيراني، فإن مناطق كرمن وسيستان وبلوشستان شهدت أفضل فترات الانضباط خلال فترة تواجد قاسم سليماني فيها.
قيادة فيلق القدس
كُلف سليماني بقيادة فيلق القدس في سنة 1997 عندما كانت إيران تمر بمرحلة صعبة، فصعود حركة طالبان السنية ذات الأغلبية البشتونية في أفغانستان على الحدود الشرقية الإيرانية يمثل تهديدًا جديًا لنظام طهران وكان بمثابة “المخلب” السعودي الباكستاني في نظر الإيرانيين.
وفي نفس الوقت صعد الزعيم الإصلاحي “محمد خاتمي” لرئاسة إيران، وبينما كان خامنئي يسعى لتقوية الحرس الثوري كان خاتمي يعمل على الحد من نفوذه وقصقصة أجنحته المتنفذة داخل الجمهورية.
ولأن سليماني لعب دورًا كبيرًا في الحرب الإيرانية العراقية ولأنه نشأ في المنطقة المحاذية لأفغانستان؛ قرر خامنئي الاستعانة بسليماني ليكون على رأس أحد أهم الأجهزة الإيرانية في هذه الظروف التي تمر بها البلاد، ومنذ تعيينه على رأس فيلق القدس، لم يدخر خامنئي جهدًا لدعم سليماني، وتحدث عنه مرات عديدة في خطابات علنية وجماهيرية قائلاً: “سليماني استشهد مرات عديدة في جبهات القتال .. إنه شهيد الثورة الحي”.
ويذكر أن في بعض الصور النادرة لزيارات خامنئي لجبهات القتال خلال الحرب الإيرانية العراقية كان سليماني يظهر على يمين خامنئي في حين يظهر على يساره قائد الحرس الثوري “محسن رضائي”.
الرجل الذي يضع الشرق الأوسط خاتمًا في إصبعه:
استخدم هذا الوصف من قبل صحيفة “أبارات” الإيرانية. والرغبة في التعرف بشكل أكبر على سليماني ليست عند الإيرانيين فقط، وإنما عند خصومه أيضًا، وأهم الاسئلة التي كان خصومه يبحثون عن إجابة عنها هو “ما علاقته بالدين؟”، وقد طرح السفير الأمريكي في بغداد من سنة 2007 إلى 2009 “ريان كروكر” هذا السؤال على عدد من المسئولين العراقيين الذين التقوا بسليماني، فكان يسألهم دائمًا “هل يتحرك بوازع ديني فقط؟” فكان الجواب: “هو يذهب إلى المسجد بشكل منتظم، ولكن ما يحركه ليس الدين وإنما القومية الإيرانية”.
فيلق القدس بعد سليماني:
تحول فيلق القدس منذ ترأسه من قبل سليماني في سنة 1997 إلى جهاز استخبارات وتخريب واغتيالات وعمليات خاصة، وقد خصص له مبنى السفارة الأمريكية القديم الذي قام الطلبة الإيرانية باقتحامه وباستخدامه لرهن عدد من الدبلوماسيين لمدة 444 يومًا.
ولا توجد أرقام دقيقة حول عدد المنتمين لفيلق القدس، ولكن ما يعرف هو أن أفراده يتدربون في مدينتي طهران وشيراز إما للذهاب لساحات الحرب أو للقيام بعمليات الاغتيال وإما للقيام بالأعمال الاستخبارية، وبعد الانتهاء من هذه التدريبات يتم إرسال قسم كبير منهم إلى العاصمة الدينية “قم” ليتحصلوا على دروس دينية.
نفوذ سليماني وفيلق القدس في لبنان:
منذ ترأسه لفيلق القدس بدأ سليماني في لعب دور حاسم في السياسة اللبنانية عبر حزب الله، وخلال السنوات الماضية حدثت بعض الحالات التي تؤكد تصريح القيادي اللبناني الدرزي “وليد جنبلاط” الذي قال في أحد تصريحاته إن صاحب القرار ومصدر الأوامر ليست قيادة حزب الله وإنما بشكل مباشر قاسم سليماني وعلي خامنئي.
فعلى سبيل المثال، وعندما اغتيل عماد مغنية، أحد مؤسسي حزب الله ومتهم في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، في عام 2008 تلقى قاسم سليماني التعزية بنفسه وتحدث للحاضرين واصفًا مغنية بأنه “صديقه الشهيد”.
بعد 3 سنوات من وصول سليماني على رأس فيلق القدس، أنهت إسرائيل احتلالها لجنوب لبنان بعد أكثر من 16 عامًا من احتلاله، وفي حرب صيف 2006 بين حزب الله وإسرائيل، كان “سليماني” هو الاسم السري لغرفة عمليات قيادة حزب الله.
وخلال الـ 44 يومًا التي دارت فيها حرب لبنان، لوحظ بشكل كبير انخفاض عدد العمليات التي تنفذها الميليشيات الشيعية ضد الأهداف الأمريكية في العراق، وحسب مراسل صحيفة “نيويوركر” ديكستر فيلكنس، في مقاله الذي ترجمه نون بوست بعنوان “رجل إيران الأقوى في الشرق الأوسط” فقد أراد سليماني إيصال رسالة إلى الأمريكيين مفادها: “أتمنى أن تكونوا قد استمتعتم بالسلام والهدوء في بغداد .. لقد كنت مشغولا قليلا في بيروت”.
علاقة سليماني بالأمريكيين في أفغانستان والعراق:
كانت طالبان الأفغانية تمثل أكبر خصوم إيران في المنطقة، إذ إن الإيرانيين يرون أن طالبان هي امتداد للسعوديين، وفي اليوم الذي قررت فيه أمريكا أن تحمل تنظيم القاعدة وحركة طالبان مسئولية أحداث 11 سبتمبر، بدأت إيران تسترجع حلم استرجاع نفوذها في أفغانستان وهكذا حدث تحالف ضمني بين أمريكا وإيران في أفغانستان.
وحسب الدبلوماسي ريان كروكر، وخلال سلسلة لقاءات جمعت مسئولين إيرانيين بمسئولين أمريكيين في جنيف للحديث حول أفغانستان قبل بدء الحرب، قدم المسئولون الإيرانيون أمام الأمريكيين خارطة خاصة تظهر بدقة عالية مراكز وجود حركة طالبان وتنظيم القاعدة وأهم مراكز تدريبهم في أفغانستان وكذلك معسكرات أخرى لكل الجماعات السنية المسلحة في أفغانستان مرفقة بمعلومات تفصيلية عن هذه المعسكرات، قائلين: “هذه هي الأهداف الأولية التي نعتقد أنكم مطالبون بقصفها”.
ويقول كروكر أن المسئولين العراقيين الذي شاركوا في هذه اللقاءات كانوا يتحركون بتوجيه مباشر من قاسم سليماني، مشيرًا إلى أنه عندما تساءل المسئولون الأمريكيون: “هل بإمكاننا أن نسجل بعض الملاحظات حول هذه الخارطة؟”، أجابهم الإيرانيون: “هي لكم”، وهذا التعاون استمر حتى بعد غزو الأمريكيين لأفغانستان والعراق.
وبعد غزو أفغانستان، وعند إعلان الرئيس الأمريكي السابق “جورج بوش” عن وجود إيران ضمن محور الشر، فهم الإيرانيون أن الهدف القادم سيكون دولة العراق فبدأوا يتجهزون لاستقبال الأمريكيين في العراق، وطبعًا كان هذا تحت إشراف قاسم سليماني.
ومع قيام الأمريكيين بغزو العراق في سنة 2003 نظمت إيران عددًا من المليشيات المسلحة التي ستحارب نيابة عنها، ومن بينها: “جيش المهدي” و”كتائب حزب الله” و”فيلق بدر” و”عصائب أهل الحق”، ولأن صدام كان أحد أكبر أعداء إيران في المنطقة فقد تعاونت إيران مع الأمريكيين للإطاحة به.
وفور الإطاحة بصدام حسين، وجهت هذه الميليشيات الشيعية أسلحتها صوب الأمريكيين، وفي الفترة ما بين 2004 و2006 تلقى الجيش الأمريكي أكبر خسائر له منذ حرب فيتنام، وكالعادة كان قاسم سليماني هو أهم المسئولين عن هذه الضربات.
مخاطب أمني:
تحدث الجنرال الأمريكي “ديفيد باتريوس”، الذي قاد القوات الأمريكية في العراق لفترة طويلة، خلال محاضرة له في سنة 2010، عن قاسم سليماني فقال: “في الدبلوماسية، ستكون مهمتك صعبة جدًا إذا لم تتحاور مع وزير خارجية أي بلد، وأهم مشكل عشناه في العراق هو أننا لم نجد محاورًا تقليديًا، لقد كان محاورنا الوحيد مسئولاً أمنيًا”.
الحكومة العراقية تأسست في دمشق
حسب تقرير لوكالة فرانس برس في 19 يوليو 2010، وبعد فوزه بالمرتبة الأولى في الانتخابات، وبصفته زعيمًا للكتلة العراقية، سافر “إياد علاوي” أكثر من مرة للعاصمة السورية دمشق لمناقشة وتشكيل حكومة عراقية جديدة، وحسب الخبر فقد شارك قاسم سليماني بنفسه في هذه الاجتماعات، كما شارك في بعضها مسئولون أتراك وإيرانيون وكذلك من حزب الله.
وفي أحد الاجتماعات، قام سليماني بفرض نوري المالكي كرئيس للوزراء، ثم انتقل المالكي لإيران ليقوم هناك باختيار كل الشخصيات الأساسية في حكومته بالتشاور مع سليماني، مع العلم أن كل هذه الشخصيات التقت بسليماني قبل أن تبدأ عملها.
والرئيس العراقي السابق جلال طالباني أيضًا كان يلتقي سليماني باستمرار، حيث كانا يلتقيان إما على الحدود الإيرانية العراقية أو داخل إيران.
وبعد 9 أشهر من المفاوضات، قبل الأمريكيون نوري المالكي المدعوم من إيران رئيسًا لوزراء العراق، على أن يسمح لهم المالكي بالبقاء في العراق وهو ما لم يكن ليتحقق لولا تدخل سليماني، فبحسب ديكستر فيلكينس، وخلال لقاءاته بالمسئولين العراقيين، اشترط سليماني شرطين، الأول هو أن يبقى جلال طالباني الذي تجمعه علاقات جدية بإيران في منصب رئاسة الجمهورية، والثاني ألا تلح إدارة المالكي على مطلب خروج الأمريكان بشكل كامل، وهو ما حدث بالفعل.
“إذا خسرنا سوريا فلن نحكم طهران”
تحدث سليمان في مايو 2011 لطلبة إحدى مدارس مدينة قم وأكثرها أهمية “مدرسة حقاني” محاولاً إشعار الطلبة باتساع الرؤية الاستخبارية التي تحملها إيران في هذا الوقت، مشيرًا إلى أن التحركات الاجتماعية التي تعيشها شعوب الشرق الأوسط تمثل فرصًا هامة بالنسبة للثورة الإسلامية في إيران، قائلاً إن الطلبة مطالبون بتحمل مسئولياتهم حيال هذا الموضوع.
وحاول سليماني شرح أسباب توجه إيران وبالتحديد فيلق القدس للتدخل في سوريا لوقف الثورة قائلاً: “نصر إيران اليوم أو هزيمتها لا يكونان في مهران أو هرمشهر، حدودنا تمددت، كل ما يحدث في مصر والعراق ولبنان وسوريا هو من ثمار الثورة، علينا أن نثبت نصرنا هناك”.
سليماني يدخل حزب الله لسوريا:
كانت المعارضة السورية تتقدم في سوريا منذ انطلاقتها في سنة 2011 وحتى شهر أبريل/ نيسان 2013، حيث كانت نقطة التحول في يوم 21 أبريل/ نيسان 2013 عندما أصدر قاسم سليماني أمرًا لحزب الله اللبناني بالتدخل في سوريا ومساعدة قوات النظام التي تحاصر مدينة القصير الاستراتيجية لتكون أول مرة يدخل فيها حزب الله في عملية واسعة علنًا في سوريا.
سليماني الذي عمل لسنوات طويلة مع الأمين العام لحزب الله اللبناني، وأدار معه – بصفته ممثلاً لإيران – معارك كثيرة، طلب من نصر الله أن يرسل أكثر من 2000 جنديًا لسوريا ليساعدوا في محاصرة مدينة القصير.
وخلال الحصار خسر حزب الله العشرات من مقاتليه، وحسب الإعلانات الرسمية خسر سليماني على الأقل 8 قادة تابعين له كانوا يديرون المعركة في القصير، وبعد معارك ضارية وفي يوم 5 يونيو انسحبت المعارضة من القصير، ومنذ ذلك الحين بدأت المعارضة في التراجع.
في كل الأماكن لكن ليس في أي منها
تحدث مسئول أمريكي رفيع المستوى لصحية ذا غارديان الأمريكية واصفًا سليماني بأنه الأكثر نفوذًا وأنه صعب المراقبة، فقال: “الجميع دهش بشدة قسوته وقوة نفوذه، هو في كل مكان وليس في أي مكان”، في حين قال “موفق روبا”، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي في العراق منذ 2004 وحتى 2009: “هو الرجل الأقوى في العراق على الإطلاق، لا شيء يحدث بدونه”.
وأما الزعيم السني المقرب من إيران “صالح مطلق” فيقول: “بإمكان سليماني أن يتجاوز الجميع، بما في ذلك رئيس الجمهورية الإيرانية”، مضيفًا: “الإسلام يأمر بطاعة الأب والأم، والشيعة في إيران وخارج إيران كلهم لخامنئي، ولذلك يطيعون سليماني الذي يتحرك باسم خامنئي كما يطيعون آباءهم وأمهاتهم، كل كبار المسئولين في العراق يذهبون لمقابلته، والذين صعدوا على يديه يرونه على أنه ملاك”.
من جديد في العراق
فيلق القدس الذي يترأسه سليماني ليس قوة في داخل إيران فقط، إنما هو قوة منتشرة في كامل الشرق الأوسط وليس لها أي قوة معادلة في الشرق الأوسط كاملاً، فسليماني الذي جمع كل الميليشيات والمجموعات الشيعية المسلحة أصبح اليوم يتابع مصالح إيران حتى في منطقة إقليم كردستان العراق ذي الأغلبية السنية.
بعد يومين من سيطرة تنظيم داعش على محافظة الموصل في العراق في 10 يونيو الماضي، تحدثت صحف عربية كثيرة عن أن سليماني وصل العراق ليقوم بتشكيل حكومة جديدة.
وكانت إيران تعلم جيدًا أن نوري المالكي الذي شغل منصب رئيس الوزراء لمدة 8 سنوات أصبح اسمًا مستهلكًا ومتهمًا من قبل حلفائه القدامى بأنه حاول الانقلاب عليهم، لذلك قامت بدعم سياسي شيعي آخر، “حيدر العبادي”، ليكون رئيس وزراء العراق بعد أن قبل به البرلمانيون السنة والأكراد.
وكانت مفاوضات اختيار رئيس الوزراء الجديد تدور حول “قاسم سليماني” ومنذ ذلك التاريخ بدأ اسم سليماني يظهر بشكل كبير في وسائل الإعلام.
ورغم تعمده الغياب عن الظهور في وسائل الإعلام الإيرانية منذ توليه رئاسة فيلق القدس حتى اليوم، أصبح سليماني اليوم يكثر من الظهور في الإعلام ليصبح رمزًا للوجود الإيراني في العراق، وفي وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية الإيرانية، أصبح سليماني يظهر يوميًا في نقاط مختلفة، أحيانًا مع الجيش العراقي، أحيانًا مع الميليشيات الشيعية في العراق، وحتى مع قوات البشمركة.
بعد أن كان قائد لسرية سارالله 41، وخلال 30 سنة من ترأسه لفيلق القدس، حارب سليماني باسم إيران حتى شاب شعره، وإلى الآن لازال حاضرًا في الجبهات.
وتحدث جنرال عراقي لوكالة الأسوشياتد برس عن نقطة “جرف الصخر” الاستراتيجية التي تقع بين بغداد وكربلاء، مشيرًا إلى أن انسحاب داعش من هذه النقطة كان بفضل “الماستر مايند” قاسم سليماني الذي خطط لمعركتها طيلة أشهر سيطرة داعش عليها، مضيفًا أن سليماني جلب حوالي 7 آلاف مقاتل من حزب الله اللبناني للمشاركة في هذه العملية وما سيليها من عمليات.
المصدر: الجزيرة التركية