“اسبرطة الصغيرة” هو المصطلح الذي يستخدمه الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس عند الحديث عن دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي الدولة الخليجية التي لها علاقات أمنية وثيقة بالولايات المتحدة، والتي نُشرت تفاصيلها خلال الأسبوع الماضي على صفحات صحيفة الواشنطن بوست. وفقا لزميلي راجيف شاندراسيكاران، ماتيس ليس المسؤول العسكري الأمريكي الوحيد الذي يقارن بشكل إيجابي بين الإمارات والمدينة-الدولة في اليونان القديمة.
المسؤولون الأمريكيون الذين تحدثوا للواشنطن بوست أشادوا بمشاركة الإمارات في العمليات ضد جهاديي تنظيم “الدولة الإسلامية”، والذي يسيطر على أجزاء شاسعة من سوريا التي مزقتها الحرب، ومن العراق. جهود الإمارات في الصراع أظهرت تصميما وقوة ربما لم يعطها الإعلام حقها! قائد القوات الجوية الإماراتية قال للصحيفة “لقد كنا جزءا لا يتجزأ من العملية” وتابع “لقد أظهرنا أننا نستطيع القيام بالمهمة”
لكن “إسبرطه”؟ تشتهر المدينة القديمة بمحاربيها الشجعان الذين أضعفوا تقدم الإمبراطورية الفارسية وبدأوا حتى في بناء إمبراطوريتهم الصغيرة. العديدون في الغرب لا يعرفون اسبرطة سوى من خلال فيلم “300” المتوهج، لكن هناك بعض الأسباب التي يمكنها أن تفسر لماذا تكون المقارنة بين الإمارات وإسبرطة ملائمة.
ملكية وراثية
السلطة داخل الإمارات السبع التي تشكل دولة الإمارات ترثها أسر حاكمة في كل مدينة. إنهم يحكمون في اتحاد غير مقيد، ترأسه إمارة أبوظبي التي يمكن اعتبارها أيضا دولة-مدينة. أهم عائلتين في الإمارات يحكمان -وهذا لا يثير الدهشة- أهم إمارتين فيها: آل نهيان في أبوظبي، وآل مكتوم في دبي. الرئيس الحالي لدولة الإمارات العربية المتحدة ينتمي إلى العائلة الأولى، في حين ينتمي رئيس الوزراء إلى الأخيرة.
قبل أكثر من 2000 سنة، كانت اسبرطة تُحكم بسلسلة من الملوك المتوارثين، والذين يرجع نسبهم إلى البطل الأسطوري هرقل. وتحتهم، بما لا يختلف كثيرا عن الإمارات حاليا، كانت هناك درجات من الأرستقراطيين (الأوليغارك). جميعهم كانوا من الرجال، وفي الإمارات كذلك، هناك تقدم بطيء للغاية فيما يخص حقوق المرأة. تم تعيين أول الوزراء النساء في الحكومة عام 2004.
عداء مع الفرس
اسبرطة مشهورة بموقفها التاريخي في ثيرموبيلا، عندما -كما تقول الأسطورة- حطم 300 من جنودها المذهلين تحت قيادة يوريبياديس أسطول الفرس في معركة سلاميس البحرية عام 480 قبل الميلاد.
في الوقت نفسه، يحكم تصرفات الإمارات الخوف من إيران التي تقف على مرمى حجر في الخليج “الفارسي”. تدخلت البلاد في أفغانستان بعد الغزو الأمريكي عام 2001، حيث نشرت قوات خاصة في 2003، كما ساهمت في بناء المساجد والمستشفيات، كان كل ذلك بهدف معرفة مدى نفوذ طهران في أفغانستان، كما يقول مسؤول أمريكي لواشنطن بوست.
وفي النهاية، على الرغم من أن اسبرطة ستجد أسبابا للتحالف مع الفرس، خاصة أنها ابدأت في حروب أخرى ضد دولة-مدينة يونانية أخرى هي أثينا. وعلى الرغم من المخاوف الإماراتية من برنامج إيران النووي، إلا أن البلدين بينهما علاقات تجارية قوية. هناك آمال بأنه، ومع تخفيف العقوبات على إيران، قد تصبح دبي البوابة الرئيسية للتجارة الإيرانية ومرور رأس المال.
طبقة دنيا مضطهدة
وعلى الرغم من الهراء الرومانسي الذي يتبناه عدد من مؤرخي القرن التاسع عشر، والذين يتصورون أن اسبرطة كانت حصنا للحضارة والقيم الغربية، كانت اسبرطة القديمة، مكان بائس كئيب. كانت غالبية المجتمع تتكون من العبيد. كان الخوف من ثورة العبيد هو ما يسود في المدينة، ركزت الحكومات طاقاتها معظم الوقت في قمع هذه الانتفاضات وترويع السكان المستعبدين. يعتقد بعض المؤرخين أن الانضباط العسكري الذي اشتهرت به اسبرطة كان نتاج مجتمع على أهبة الاستعداد دوما لقمع شعبه.
الإمارات من جانبها، وهو الأمر الموثق بشكل جيد، تضم واحدة من أكبر جاليات القوى العاملة المهاجرة في العالم. الإماراتيون أو حاملي الجنسية لا يشكلون أكثر من 10٪ من إجمالي السكان، ومع ذلك يتمتعون بالكثير من الامتيازات بسبب تلك الجنسية. منظمات حقوق الإنسان دوما وبشكل دوري ما تؤكد على الظلم والمظالم التي يعاني منها العمال المهاجرين، وحتى العمال المحليين الذين يواجهونها في دول الخليج الغنية. نظام الكفالة على سبيل المثال يجعل العمال الأجانب أسرى لدى مشغليهم وأصحاب الأعمال، إلى حد أنهم يعملون في ظروف تشبه العبودية.
المصدر: واشنطن بوست