ترجمة حفصة جودة
كتب كامل أحمد وموليد هوجيل
تعاني مخيمات النازحين في الصومال ضغطًا شديدًا مع مغادرة أكثر من 300 ألف شخص حتى الآن منازلهم بحثًا عن الطعام والماء هذا العام، حيث تواجه البلاد أسوأ أزمة جفاف لها منذ عقود.
مشى الناس أميالًا للمخيمات التي تضم هؤلاء الفارين من العنف الطويل في البلاد، بعد 3 مواسم متتالية بلا أمطار منذ أكتوبر/تشرين الأول 2020 التي أهلكت الزرع والماشية، يضم الصومال أكثر من 2400 مستوطنة تفتقر إلى الموارد بالفعل، حذرت الأمم المتحدة من بداية كارثة محتملة في الصومال هذا العام.
يقول محمود محمد الذي سافر 80 ميلًا إلى مخيم للنازحين في مدينة لوك جنوب إقليم جدو بعد موت معظم الماشية في قريته عطشًا: “هذا المخيم مزدحم ولا يصله الطعام أو الماء أو الرعاية الصحية، لم يصلنا الماء منذ أسبوع، فالشاحنة التي اعتادت جلب المياه لنا لم تأت بعد، يأكل الناس وجبةً واحدةً في اليوم أو كل يومين إذا كانوا محظوظين، أما إعداد الشاي فيُحتسب وجبة هنا، الوضع صعب للغاية”.
وفقًا للأمم المتحدة، فأكثر من ربع سكان الصومال بحاجة عاجلة للمساعدات الغذائية، ومن المرجح أن 1.4 مليون طفل تحت عمر الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، ومن المتوقع أن تزداد الظروف سوءًا مع انعدام الأمطار حتى شهر أبريل/نيسان.
حذرت شبكة أنظمة التحذير المبكر من المجاعة من أن أمطار أبريل/نيسان غالبًا ستكون أقل من المتوسط، الذي يقول عنه العاملون في المجال الإنساني إنه سيزيد من احتمالية وقوع مجاعة.
قالت منظمة الإغاثة الإسلامية إنه في أثناء زيارة لمخيم باردهير في جدو، وجد موظفوها أن الناس يعيشون في ملاجئ بدائية مع قليل من الطعام والماء وبعضهم على حافة الموت، تحدثت المنظمة الخيرية عن وقوع بعض حالات وفاة منها طفل رضيع في أثناء زيارتهم للمخيم.
في مخيم لوك، قالت المنظمة الأيرلندية الكاثوليكية غير الحكومية “Trócaire” إنها وجدت أطفالًا يتضورون جوعًا، وفي يوم الأربعاء قالت مديرة منظمة “Care” الدولية في الصومال إيمان عبد الله إن المدارس في مخيمات النازحين أصبحت مزدحمة للغاية بسبب الوافدين الجدد.
تقول أرقام وكالة اللاجئين في الأمم المتحدة إن غالبية الأشخاص النازحين منذ شهر يناير/كانون الثاني البالغ عددهم 317 ألف شخص، تركوا منازلهم بسبب الجفاف، أي أن نحو خُمس السكان الصوماليين أصبحوا نازحين داخليًا الآن.
يقول عليوي محمد مدير الاستجابة للكوارث في منظمة الإغاثة الإسلامية: “المخيم هو المكان الوحيد الذي يعلم الناس أن فيه مساعدة، لذا إذا فقدوا طعامهم ونفقت ماشيتهم فإنهم يذهبون إلى المخيم”.
توفي 43 شخصًا ونزح أكثر من 14 ألف بسبب اندلاع القتال على أراض للرعي والمياه بين قبيلتين، والآن يعيش هؤلاء النازحون في ملاجئ مؤقتة
“هذا يعني زيادة الضغط على النازحين الداخليين الموجودين بالفعل في المخيمات، يعيش الكثير منهم في ملاجئ مصنوعة من الأعمدة والأغطية البلاستيكية، هذه المخيمات لا تملك شيئًا، ومع زيادة الازدحام، تظهر المزيد من المشكلات مثل النظافة وإمدادات المياه والحماية”.
أضاف محمد أن المزارعين تضرروا بشدة كذلك بسبب أسراب الجراد بداية عام 2020 التي دمرت كل المحاصيل، قالت منظمة “انقذوا الأطفال” إن نحو 700 ألف رأس من الماشية نفقت خلال شهرين العام الماضي، بينما قال تقرير الأمم المتحدة إن بعض المناطق فقدت 80% من ماشيتها.
قال محمد – في مخيم لوك – إن عائلته فقدت 80 ماعزًا و12 بقرةً خلال 3 أشهر العام الماضي، وأضاف “لقد غادر الجميع القرية، إذا بقيت أكثر منذ ذلك سيصبح الدور على أطفالي ووالديّ المسنين في الموت جوعًا”.
في بداية الشهر، توفي 43 شخصًا ونزح أكثر من 14 ألف بسبب اندلاع القتال على أراض للرعي والمياه بين قبيلتين، والآن يعيش هؤلاء النازحون في ملاجئ مؤقتة.
انطلقت استغاثة إنسانية قيمتها “1.46 مليار دولار” من أجل الصومال في شهر ديسمبر/كانون الأول، لكنها لم تتلق إلا 2% من المال اللازم، يقول إيتين بيترشميت – ممثل الصومال في منظمة الزراعة والغذاء بالأمم المتحدة – إن الاستجابة الإنسانية للأزمة كانت أكثر فاعلية في الماضي، لكننا بحاجة لتوسيع النطاق لتخفيف الضغط المتزايد على مخيمات النزوح.
يضيف بيترشميت “نحن بحاجة إلى تعاون إنساني مشترك عاجل بين المجتمع الدولي لمنع وقوع نتائج أسوأ في الأشهر القادمة، إن وصول المساعدة إلى المناطق الفقيرة في أقرب وقت ممكن للمجتمعات المتضررة، سيمنع نزوحًا ضخمًا يتعلق بالمخاطر المتفاقمة وزيادة الوفيات”.
قال عبد الله عثمان – عضو لجنة الطوارئ الوطنية، وهي هيئة صومالية حكومية تراقب الاستجابة للأزمة – إن البلاد طالبت بالدعم الدولي، وأضاف “لقد قمنا بتعبئة الموارد المحلية من مجتمع الأعمال للوصول إلى هؤلاء الأشخاص الأكثر حاجة”.
“أرسلت اللجنة المال لـ19 مدينةً حتى الآن، لكن ذلك ليس كافيًا، فبالإضافة إلى نقص الموارد، يعيق اللجنة إمكانية الوصول نتيجة انعدام الأمن وغياب التنسيق وعدم وجود السلطات المحلية في بعض المناطق المتأثرة بالجفاف”.
وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي، فإن القرن الإفريقي يعاني من أسوأ حالة جفاف له منذ 1981، حيث يواجه 13 مليون شخص في كينيا والصومال وإثيوبيا جوعًا شديدًا.
المصدر: الغارديان