في العقد الماضي، ضخّت شركات الإنتاج أموال طائلة في مشاريع الأبطال الخارقين، وبغضّ النظر عن المستوى الفني لهذه الأفلام لم يخفق أي منها -تقريبًا- في شباك التذاكر، وهذا يرجع إلى منهجيتها في المقام الأول.
فهذا النوع من الأفلام يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالجمهور، حيث تُصنع من أجله وبمعاييره الخاصة، ما يجعلها تخضع خضوعًا تامًّا لمقاييس إنتاجية تجارية تتّسم بمركزية المتلقّي وتأثيره على الشكل النهائي للمنتج السينمائي، فالجمهور يُعتبر المحرك الأساسي لتلك النوعية من الأفلام، كنوعية (Genre) حداثية ظهرت بشكلها الحالي في نهاية القرن المنصرم، رغم وجودها في السينما الأمريكية منذ أربعينيات القرن الماضي.
كوميك عالم مارفل – طور التكوين
في نهاية ثلاثينيات القرن المنصرم، أسّسَ الكاتب والمحرر مارتن غودمان مجلتَي “مارفل كوميكس” (Marvel Comics) و”تايملي كوميكس” (Timely Comics) -ستتطور المجلتان في المستقبل، لتتّحدا تحت مظلة “مارفل كوميكس”-، معتمدًا على المواد التي توفِّرها شركة Funnies Inc الشهيرة.
احتوت أول إصدارات مارفل على شخصيات مثل Human Torch وSub-Mariner أو كما يُطلق عليه Namor، وحسب كتاب “مختصر تاريخ الأبطال الخارقين” للكاتب براين روب، فقد بنى غودمان فريقه الخاص من المبدعين عبر جذبهم من شركة Funnies Inc، من ضمنهم كان الكاتب جو سيمون مقرونًا بالفنان جاك كيربي، ولكن الاثنين سيغادران بعد صدور 10 أعداد من المجلة، ليعيّن غودمان الشاب ستان لي محررًا جديدًا للمجلة.
تطورت القصص المصورة مع مرور الزمن، فحقبة الحرب العالمية في الأربعينيات ليست نفسها ما بعد الحرب في الخمسينيات، ولكن الشيء الجدّي أنها سمحت لستان لي بتطوير كتاباته، ومنحته الخبرة الكافية ليتطور هو أيضًا، رغم أن غودمان كان يدفع ستان للبحث وراء النوعيات التي تحقِّق مبيعات.
وفي وقت ما، تحوّلت “تايملي كوميك” إلى القصص المصورة الرومانسية، ثم الرعب والمغامرات الغربية (Western)، ثم الانتقال إلى الوحوش الضخمة مع الصدى الهائل الذي خلقه غودزيلا في اليابان والعالم، وغيرها من الألوان والنوعيات التي كانت تركب موجة المبيعات.
حتى ستينيات القرن الماضي، كان ستان لي على وشك أن يبلغ الأربعين من عمره، يفكّر جديًّا بترك المجال، حتى حدوث واقعة غريبة، لا نعرف إذا كانت حقيقة أم لا، بيد أنها تتردد كثيرًا على الألسنة كشيء حقيقي، حيث ذكر الكاتب براين روب هذه الواقعة في كتابه:
“وفقًا للأسطورة، أُوحي لغودمان أن يعود إلى تضمين الأبطال الخارقين كثيمة رئيسية للمجلة، خلال لعبة غولف مع مالك DC جاك ليبويتز عام 1961. من المحتمل، وبحماقة، نظرًا إلى كونهما منافسَين احترافيَّين، كشف ليبويتز لغودمان أن فرقة العدالة لدى DC، المكوَّنة من سوبر مان والرجل الوطواط والمرأة المعجزة وغرين لانترن، حقّقت نجاحًا هائلًا”.
يكمل الكاتب: “سرعان ما تمَّ نقل تلك المعلومات إلى ستان لي كتعليمات، مفادها أن مارفل يجب أن تملك فريقًا خارقًا خاصًّا بها. في ذلك الوقت كان ستان لي الموشك على الأربعين مستعدًّا لحمل قصصه المصورة ومغادرة المجال، لكن أشارت زوجته، جوان، أنه بينما كان يفكر في التقاعد، يمكنه الاستجابة لطلب غودمان عبر فعل ما يحبه هو، ورأى ستان لي حينها فرصة لخلق فرقة الأبطال الخارقين التي آمن فيها، وأسفرت تجربته عن الظهور الأول للمذهلين الأربعة (Fantastic Four)”.
ومع النجاح التجاري الهائل الذي حقّقته أعداد المذهلين الأربعة، قرر ستان لي البقاء مع مارفل، لتجترح مارفل عدة قرارات جريئة مع مرور السنوات، وتقتحم أرضية جديدة في عوالم الأبطال الخارقين تمسُّ القيم الاجتماعية والأعراف بشكل واضح، لتطرح شخصية وايت وينغفوت، أول حليف للمذهلين الأربعة ينتمي إلى سكان أمريكا الأصليين، وتقدِّم شخصية النمر الأسود (Black Panther)، ليصبح أول بطل خارق أمريكي من أصل أفريقي.
ومع الوقت بدأت تخبو تلك الرباعية المذهلة تحت وطأة الاجتياحات التجارية الجديدة لأبطال خارقين جدد، مثل هولك (Hulk)، والرجل العنكبوت (Spiderman)، والمنتقمين (The Avengers)، وX-Men، ولكن لم تنسَ مطلقًا شركة مارفل قيمة المذهلين الأربعة، كأول شخصيات نصف إنسانية مهّدت لهذا الشكل من الأبطال والفرق كعلامة فارقة في مجال القصص المصورة.
أحدثت الستينيات تطورًا هائلًا في مارفل على مستوى الشخصيات، في خضمّ الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، فقد خرجت العديد من القصص المصورة التي تتعاطى مع التكنولوجيا النووية، لتؤسِّس عالمًا يتعاطى مع العلم والعلماء في شكل يتماسّ مع الخرافة واللامعقول، لتنجم عن هذه التغيرات العالمية قصص مهووسة بشكل أو بآخر بالحرب النووية والتفجيرات.
وحتى على مستوى الأبطال أنفسهم، فقد تأثر بعضهم بقوى وإشعاعات نووية، ليس هذا فقط، حيث في تلك الحقبة بدأت مارفل عصرًا جديدًا من الأبطال الخارقين، وقد شهد عام 1963 خلق شخصيات أيقونية لها شعبيتها الخاصة لدى محبّي القصص المصورة، مثل الرجل الحديدي (Iron Man) الذي أصبح علامة مميزة وتطويرًا ملهمًا في عالم الأبطال الخارقين ككُلّ، خصوصًا مع بداية عصر أفلمة القصص المصورة بشكل مكثَّف بداية تسعينيات القرن الماضي، لتبدأ إمبراطورية عالم مارفل السينمائي بالتشكُّل.
عالم مارفل السينمائي
تقفُ سينما الأبطال الخارقين على ذراعَين، الذراع الأولى هي شركة DC التي تتفرّد بهوية مؤسِّسة، ذات خصوصية عالية، بشخصيات أيقونية في تاريخ القصص المصورة، ساهمت في تكوين ثقافة شعبية وعالمية ترتبط بقوة أبطالها ومدى تأثيرهم، وهي من رسّخت لعالم الأبطال الخارقين المصوَّر في بداياته، ليتحول أبطال القصص المصورة إلى رموز حية.
والذراع الثانية هي شركة مارفل، التي تُعتبر محاولة جريئة لتأسيس عالم خاص بالأبطال الخارقين. ولدَت تلك المحاولة من وجود شركة DC نفسها، لتحبو في البداية خلف هذا الكيان العملاق، بالمنهجية نفسها تقريبًا ولكن بأبطال مختلفين ومحاولات لكسب السوق من دون فرصة حقيقية للإبداع.
لذلك تجرّعت الإخفاقات ككيان صغير في طور البناء، حتى تحولت إلى شركة ذي قيمة عالية مزامنةً مع منح ستان لي والفنانين الآخرين مساحة حرية أكبر للتعبير عن أنفسهم، وابتداءً من الخمسينيات برزت الشركتان كمتنافسَين قويَّين، بحرص شديد على جذب أكبر قدر من المعجبين، وتكوين قاعدة جماهيرية تدفع الشركة إلى النهوض واستحداث أفكار جديدة، والحقّ أن تلك المنافسة كانت محركًا رئيسيًّا للشركَتين، ومحفزًا هائلًا للتطوير.
تتّسقُ سينما الأبطال الخارقين بطبيعتها مع الجمهور، خصوصًا في الآونة الأخيرة، فهي نوعية سينمائية ابنة لحظتها، أقصد على مستوى الأفلمة وليس النسق القصصي المتعلِّق بفنّ الكوميكس، تتأثر بالخطاب السائد الذي في الأغلب يكون محافظًا على نمط معيّن من اللياقة تتناسب مع الفئة المستهدفة.
بيد أن الأفلمة الأولى لمنتج سينمائي مقتبَس عن قصص مارفل، كان نوعًا من المقامرة، يبتعد تمامًا عن موقف الانسياق الجمعي الذي تلتزم به الشركات في وقتنا هذا، وتصنع بموجبه الأفلام من خلال نسق دقيق ونظام محكم، بحيث لا يتركون كلمة أو مشهدًا يمكن أن يعرضهم لمحاكمات أخلاقية من قبل المؤسسات الإنسانية التي تقود موجة الجمهور، أي أن من يتحكّم بشكل ما في أخلاق الجمهور يتحكّم في معايير السينما.
البدايات – Blade
اندهش البعض لاختيار شركة مارفل شخصية بليد (Blade)، وهي شخصية مساعِدة ظهرت أول مرة في العدد العاشر من قصص الرعب المصورة The Tomb of Dracula، أنتجتها شركة New Line Cinema في فيلم منفصل يحمل الاسم نفسه عام 1998 من إخراج ستيفن نورينون، وبميزانية تقدَّر بـ 45 مليون دولار، ليصبح بليد الاستهلال المثالي لأفلمة القصص المصورة من قبل شركة مارفل.
الجدير بالذكر أن شخصية بليد هي شخصية سوداء، وهذا منافٍ بشكل هائل للمعايير السينمائية في ذلك الوقت، مع اعتياد الجمهور على نمط معيّن من الأبطال، خصوصًا إذا كان بطلًا خارقًا، لهذه الأسباب كان فيلم بليد مقامرة ومراهنة على الجمهور.
تميّز الفيلم بأسلوب سينمائي مختلف، يجمع بين فنون هونغ كونغ القتالية وحضور مهيب للممثل الرئيسي ويسلي سنايبس، بحلّته الجلدية ووجهه المتجهّم، بجانب احتوائه على عدة مشاهد دموية واستعارات عرقية، فضلًا عن الافتتاحية الصاخبة.
وعلى إثر ذلك، حطّمَ الفيلم كل التوقعات الممكنة، ونجح في إزاحة فيلم “إنقاذ الجندي رايان” للمخرج العملاق ستيفن سبيلبرغ عن الـ”بوكس أوفيس”، ورغم ردود الفعل النقدية السيّئة، فقد حصد الفيلم حوالي 70 مليون دولار، وأعاد للممثل ويسلي سنايبس مكانته كنجم شبّاك تذاكر مرة أخرى، بعد أن خفت نجمه بجانب الشهرة التي حظي بها الممثل كريس كريستوفيرسن، الذي لعب دور صديق البطل بليد.
بعدها بـ 4 سنوات، ستنتج الشركة نفسها متعاونة مع مارفل الجزء الثاني من القصة نفسها، من إخراج المكسيكي الشهير غييرمو ديل تورو، ليخرج أفضل أفلام السلسلة دون منازع، ويحصد حوالي 150 مليون دولار، ليشجّع الشركة على العمل على جزء آخر كان مخيّبًا للآمال.
ولم تتوقف قصة بليد عند هذا الحد، بل تحول إلى مشروع مسلسل تلفزيوني عُرض على Spike TV عام 2006، ورغم الاحتفاء النقدي والجماهيري لم تنتج الشركة سوى جزء وحيد من المسلسل، وبعدها تمَّ إلغاء أي مشاريع لأجزاء أخرى.
سلسلة X-Men
بداية من عام 2000، بدأت شركة مارفل الدخول في خضمّ العالم السينمائي بمنهجية أكثر قوة، وقررت الاستثمار في سلسلة X-Men التي تُعتبر واحدة من أكثر سلاسل الأبطال الخارقين نجاحًا، سواء على المستوى التجاري أو الجماهيري.
منحت مارفل الفرصة للمخرج براين سينغر لإخراج الفيلم الأول في السلسلة عام 2000، بميزانية تفوق الـ 70 مليون دولار، لتحقق نجاحًا جماهيريًّا ضخمًا، وتحطِّم شباك التذاكر بأرباح تضاهي ما يقارب الـ 300 مليون دولار، ما يعدّ رقمًا خرافيًّا بالنسبة إلى مارفل.
احتوى الفيلم على العديد من الشخصيات، لأنه يعرض فريقًا كاملًا وعالمًا موازيًا، بيد أن سينغر قام بتوليفة مميزة تجمع بين الخبرة والشباب الموهوب، خصوصًا مع تضمينه لقامات عظيمة مهنيًّا وفنيًّا في عمله السينمائي، مثل إيان ماكيلين وصديقه باتريك ستيوارت، بجانب الوجه الأسترالي الجديد في السينما الأمريكية هيو جاكمان.
بجانب هذا، راعى سينغر في كتابته وإخراجه الفني هذا العدد من الشخصيات، محاولًا قدر الإمكان أن يبتعدَ عن الرؤية النمطية، من خلال استغلال المساحة الثرية التي يوفِّرها له عالم الأبطال الخارقين كعالم لا يتقيّد بالمعقول، ويشتبك مع الأسطوري واللامنطقي.
يعلِّق المؤلفان ريتشارد غراهام وويلر وينستون ديكسون في كتابهما “موجز تاريخ أفلام القصص المصورة” على تلك النقطة:
“فيما منحَ فيلم بليد مخططًا محتملًا للنجاح، تلافت شركة مارفل وتوينتيث سينتشوري ستوديوز (Twentieth Century Fox) الشكل الفيلمي السائد، وضخّتا أفكارًا مختلفة داخل حيّز أفلام الأبطال الخارقين التقليدي: فريق الأبطال الخارقين، ما حقّق لـ X-Men الشرط الإبداعي والنجاح التجاري”.
بعد النجاح الساحق الذي حققه الجزء الأول، وقّعت شركة توينتيث سينتشوري ستوديوز عقدًا مع المخرج براين سينغر لصناعة جزء ثاني من السلسلة، بميزانية تجاوزت الـ 100 مليون دولار، حيث وجد سينغر الفيلم الثاني كفرصة لسبر أغوار الشخصيات التي لم تُمنح مساحة كبيرة في الجزء الأول، وحاول من خلال الجزء الثاني X-Men United أن يتعمّق أكثر في حكايات الشخصيات وتاريخها، ليصنع لها مبررات وجود قابلة للتصديق، ليحطِّم الفيلم شبّاك التذاكر بأرباح وصلت إلى 400 مليون دولار.
بعد هذا الفيلم، انتقلَ سينغر إلى الغريم DC، وانشغل بالعمل على فيلم Superman Returns عام 2006، ليعتذر عن القيام بالفيلم الثالث في السلسلة، ويترك المجال لزميله بريت راتنر ليقود الفيلم الثالث في السلسلة، كحدث مفصلي بميزانية تتجاوز الـ 200 مليون دولار، لأن راتنر سيضع نجاح الجزئين الأول والثاني أمام عينَيه وهو يعمل، لذا لم يكن هناك خيار سوى النجاح، وبالفعل قدّمَ راتنر رؤيته الفنية الأصلية للسلسة وأضاف عمقًا للقصة في شكلها العمومي، ونجح في جني أرباح تقدَّر بـ 450 مليون دولار.
عادت لاحقًا الشركة بجزء جديد من السلسة عام 2011 يخص شخصية وولفرين X-Men Origins: Wolverine، الذي فشل في الكفّتَين النقدية والجماهيرية، حيث يقول عنه جونا ويلاند، المنتج المنفِّذ لمصادر القصص المصورة: “لا يوجد ضرر يتعذّر إصلاحه في سلسلة الأفلام التجارية، ولكن فيلم X-Men Origins: Wolverine كان على وشك أن يتحول إلى هذا الضرر”.
إمبراطورية MCU – الرجل الحديدي
هناك الكثير من المشاريع التي حقّقت لمارفل الشعبية المطلوبة، وساعدت في خلق نوعية جماهيرية أشد هوسًا (Die-hard Fans) في كل أنحاء العالم، ومن هذه المشاريع سلسلة أفلام الرجل العنكبوت وهولك، وغيرهما من الأسماء التي ستتحول إلى رموز لها خصوصيتها ومحبيها، وستخلق لهم الشركة بعد ذلك خطوطًا قصصية خاصة وأنظمة متفرّدة، يتم تصويرها ودمجها لتصبح أكثر حميمية لدى المشاهد، خصوصًا مع إطلاق عالم مارفل بشكله الجديد: MCU، ما يستوجب الحديث عن الرجل الحديدي الذي يُعتبر الاستهلال التاريخي لمارفل في شكلها الجديد.
والحقيقة أنه لا يمكن مقارنة فيلم الرجل الحديدي -في تأثيره- بأي فيلم آخر داخل عالم مارفل السينمائي، ليس لأنه فيلم طازج على المستوى الفني بالنسبة إلى مارفل، بل لأنه نحتَ المنهجية والأسلوبية التي ستتبعهما مارفل في أغلب أفلامها بعد ذلك، وأضحى منشأ كل التفريعات القصصية بعد ذلك، خصوصًا للجمهور الذي لا يقرأ الكوميك، لذلك كان إنتاج الفيلم مخاطرة يجب أخذها، خصوصًا مع الاسم الجديد والمنهجية الأكثر احترافية التي بدأت مارفل كشركة مستقلة تتعامل بها مع العملية الإبداعية.
في عقد زمني واحد، أعادت استوديوهات مارفل تعريف الأفلام التجارية، حيث أفلامها الـ 22 حصدت حوالي 17 مليار دولار، أكثر من أي سلسلة أفلام تجارية في التاريخ.
عام 2008، وبعد سقطتَين لمارفل في محيط النجاحات الهائل، على وجه الخصوص فيلمَي Daredevil عام 2003 وGhost Rider عام 2007 اللذين لم يحققا النجاح المرجو منهما، على المستوى التجاري أو النقدي، قرّر كيفن فيج، المسؤول عن إنتاج عروض مارفل السينمائية والتلفزيونية، أن الوقت قد حان لتنتج مارفل لنفسها كمؤسسة كبيرة، ليخلق ما يُسمّى الآن Marvel Cinematic Universe أو MCU.
وفي السنة نفسها، راهنت الشركة على أول أفلامها بالحلّة التجارية الجديدة، فيلم “الرجل الحديدي”، من بطولة الممثل روبرت داوني جونيور ومن إخراج جون فافرو، الذي لم يكن لديه رصيدًا كافيًا كمخرج أفلام، حيث إذا نظرنا إلى الفيلموغرافيا الخاصة به لن نجد سوى فيلمَين طويلَين وبعض الأفلام والحلقات التلفزيونية، ورغم ذلك راهنت شركة مارفل بميزانية 140 مليون دولار.
إذا نظرنا من الخارج، ستبدو صناعة فيلم مثل هذا ضربًا من الجنون، بيد أن مارفل كانت ترى الأشياء بمنظور مختلف، والفيلم على عكس كل التوقعات حقق نجاحًا منقطع النظير، بأرباح تجاوزت الـ 580 مليون دولار، وانطلقت بعدها شركة مارفل كواحدة من أكبر شركات الإنتاج في العالم، تتحرك نحو مشاريع أكثر تعقيدًا وأشد توسعًا في عالم القصص المصورة، فأعادت إنتاج شخصية هولك، وبدأت في التفكير بمشاريع جديدة كليًّا مثل “المنتقمين” الذي حقق فرقعة تجارية هائلة، كنموذج موازٍ لفرقة العدالة (Justice League) في شركة DC، ولكن بأسلوب أخفّ وأجواء أقل سوداوية.
ما أحدثه فيلم “الرجل الحديدي” في عالم مارفل هو شيء استثنائي، فهو الفيلم الأول تقريبًا ذو طابع كوميدي وخفيف، ولكنه لا يفقد نزعته التشويقية من حيث الإثارة والمعارك، إلا أنه يتخطّى أفلام مارفل التي سبقته من حيث التكوين نفسه والبناء القصصي والثيمة اللونية وخفة الظل التي طبعت معظم أفلام مارفل بعدها، كمنهجية مناسبة لمعظم الفئات العمرية، بالإضافة إلى الابتعاد قدر الإمكان عن المشاهد الدموية والجنسية كأشياء منفرة، وستحدِّد الفيلم بطبقة أو فئة معيّنة ما سيجعل الشركة تقلِّص الجمهور المستهدف.
وباختصار يمكن تلخيص رحلة مارفل بما قالته مجلة Harvard Business Review، في مقال منشور على منصتها الإلكترونية “آلة مارفل للرواج”: “في عقد زمني واحد، أعادت استوديوهات مارفل تعريف الأفلام التجارية، حيث أفلامها الـ 22 حصدت حوالي 17 مليار دولار، أكثر من أي سلسلة أفلام تجارية في التاريخ”.