ما الذي يصنع الأبطال الخارقين؟ الحاجة أم الخيال المحض أم الاثنان، ربما هذا يبدو سؤالًا سخيفًا إذا فكرت فيه من منظور منطقي، لأن الأساطير والأبطال الخارقين وغيرها من الأشياء التي تتعاطى مع الخرافة، ابنة الخيال ووليدة التصور الافتراضي، إلا أن المجتمع الأمريكي، في ثلاثينيات القرن الماضي، حين انبثقت حموة الأبطال الخارقين، كان يمر بواحدة من أسوأ فتراته، في خضم الكساد العظيم The Great Depression، في ظل وجود آلاف من المواطنين الأمريكيين مفلسين، بلا عمل، يجوبون الشوارع هائمين يستعطفون المارة، في ذلك الوقت بالذات، كان المجتمع الأمريكي بحاجة إلى بطل.
رحلة جديدة
في خريف 1934، أسس مالكوم ويلر نيكلسون شركة National Allied Publications لنشر القصص المصورة، لتنشر أول أعدادها تحت عنوان New Fun: The Big Comic Magazine عام 1935، واشترطت الشركة على القصص المصورة التي تنشرها أن تكون أصليةً، ما جعلها متفردة عن كل المجلات والقصص المصورة السابقة، لتنشر في العدد السادس بمجلة New Fun Comics أول شخصية خارقة ما زالت موجودة حتى الآن في DC، شخصية Doctor Occult، من كتابة ورسم اثنين من مبدعي العديد من الأبطال الخارقين: الكاتب جيري سيغل والفنان جو شوستر.
ينظر لهذين الفنانين كأهم فناني القصص المصورة على الإطلاق ورائدي هذا المجال، لتأثيرهما الهائل ليس على الصناعة فقط، إنما على الثقافة الشعبية الأمريكية بشكل خاص والعالمية بشكل عام، لأن نفس الشخصين، في عام 1938 سيبتكران الشخصية الأكثر شعبية على الإطلاق: شخصية سوبرمان Superman.
عام 1936، غير ويلر اسم المجلة إلى Detective Comics، التي من بين الشخصيات العديدة التي ستنشرها، ستصدر في العدد الـ27 عام 1939، شخصية الرجل الوطواط Batman الأيقونية، بحضورها الشعبي الغامر الذي يضاهي في سطوته حضور سوبرمان الإلهي.
وبعد نحو ثلاث سنوات من إصدار مجلة Detective Comics، ستخرج مجلة فرعية أخرى تنتمي للشركة ذاتها، تحت اسم Action Comics، ومن تلك المنصة ستخرج شخصية سوبرمان للنور قبل ظهور شخصية الرجل الوطواط بسنة واحدة، ومن تلك النقطة الزمنية، سيبدأ عصر الأبطال الخارقين في الولوج والتطور، عصرٌ من الإبداع المتفاوت، سيعرف من خلاله الجمهور الكثير من الأبطال، والكثير من الأشرار أيضًا مثل الجوكر وليكس لوثر وغيرهم، ليتحول أبطال القصص المصورة إلى خاصية وسمة شعبية مؤثرة في الثقافة والوعي، وستمر قصص DC المصورة بعصورها: الذهبي والفضي والبرونزي حتى عصرنا الحاليّ.
الرسوم المتحركة “الأنيميشن”
مرت شركة DC بالكثير من التغيرات على مدار العقود الماضية، خصوصًا مع نزول شركة مارفل إلى السوق السينمائي وتسويقها المبهر لأعمالها، ما نقل المنافسة في مجال القصص المصورة إلى مجال السينما، خصوصًا مع نهاية التسعينيات حين اقتحمت مارفل سوق السينما بفيلم بليد، ونجحت في جذب آلاف الجماهير إلى صفها، ما ضاعف الضغط على شركة DC، لأنها تعتمد على ثنائية مكونة من الرجل الوطواط وسوبرمان فقط، كشخصيات رئيسية للعالم، وتدير أفلامها بأشكال وأنماط مختلفة.
لكن الثيمة الأساسية مهما كانت قوية، ستخفت مع مرور الزمن إذا لم تمر بعملية إبداعية معقدة تمنحها شكلًا جديدًا كليًا، لذا كان يجب على الشركة أن تأخذ خطوةً للخلف، وتعيد التفكير في الثنائي المقدس خلال مخطط سينمائي تجاري في داخله.
مع نهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، كان من الصعب على شركة DC أن تغامر بفيلم عن إحدى الشخصيتين مرة أخرى، تجنبًا للفشل التجاري واستنساخ الأنماط السابقة، لكن لحسن الحظ فقد طورت DC سلسلة رسوم متحركة موازية، عبارة عن مجموعة من الأفلام المسلسلات التي لا تكلف ميزانيتها أكثر من 5 أو 6 ملايين دولار، خصوصًا مع ظهور أقراص الـDVD في السوق، ما ساعد على ترويجها بشكل جيد والاستفادة منها على عدة أصعدة.
فقد ساعدت على سد نهم بعض من محبي وداعمي DC من خلال مستوى فني جيد، بجانب قدرتها على تحريك المياه الراكدة تجاريًا وفنيًا، ومن هذه الأفلام: فيلم Batman: Mask of the Phantasm للمخرجين بروس تيم وإريك رادومسكي عام 1993، وفيلمان للمخرج كورت غيدا، Batman Beyond: Return of the Joker عام 2000 وBatman: Mystery of the Batwoman، بجانب مسلسلي الرجل الوطواط عام 1992 وعام 1997، بجانب نسخة 1999، بالإضافة لمسلسل سوبرمان عام 1996.
وهذا منح DC أفضلية على مستوى الرسوم المتحركة، وأصبح عالمها الموازي يمتد طبقًا للقصص المصورة، مرورًا بفرقة العدالة وغيرها من التفريعات التي تجعل العالم أكثر تعقيدًا مع إبقاء النزعة الظلامية والجو القاتم.
العودة للأفلام
لدى DC تاريخ هائل من الأفلام الناجحة، بيد أننا سنسلط الضوء على الشركة بداية من الألفية الجديدة التي بدورها تعتبر مجالًا للصدام بين الشركتين الأعظم في تاريخ الصناعة السينمائية على المستوى التجاري، في 2003 بدأت DC تجربتها الأولى داخل الوسط الجديد، وهنا يبدو الوسط السينمائي التجاري جديدًا ومختلفًا بسبب حضور تقنيات الجرافيك والـCGI بشكل معقول وله حضوره، لهذا دخول الألفية أدخل نوعًا سينمائيًا جديدًا، وأنتجت الشركة فيلم League of Extraordinary Gentlemen بطولة النجم العظيم شون كونري، مقتبس عن قصة مصورة للكاتب العبقري آلان مور والفنان كيفين أونيل، لكنه لم يبل حسنًا داخل السوق، بالإضافة إلى المشاكل التي واجهت الفيلم داخليًا بين الممثلين.
لتساهم الشركة في إنتاج فيلم Catwoman عام 2004، ويخفق على عدة مستويات، أولها الإخفاق الجماهيري سواء التجاري في شباك التذاكر أم في أن يظهر بمستوى مرضٍ لعشاق القصص المصورة، بجانب الإخفاق النقدي غير المسبوق للفيلم، ليصبح فيلمًا ليس له علاقة بالقصص المصورة أو بالفن بشكل عام، وبذلك تعجز DC عن إطلاق مشاريع أساسية يمكن أن تتحول إلى سلسلة تجارية franchise، وتتجه مرة أخرى إلى إصدار أفلام الرسوم المتحركة، بتكلفة أقل وخطر أقل.
المخلص: ثلاثية نولان
كان على DC أن تتحرك بحذر حتى لا تخسر أكثر مما خسرته خلال الفيلمين السابقين، فكان عليها أن تعيد هيكلة شخصياتها برؤية جديدة كليًا، رؤية طازجة تنتمي للحاضر، تعني بأنماط سردية جديدة وتكشف مناطق مختلفة داخل الشخصيات، لهذا اختارت الشركة المخرج الإنجليزي الواعد كريستوفر نولان، الذي كان في بداية عقده الثالث، ولا يحمل في رصيده إلا ثلاثة أفلام طويلة حققت نجاحًا جيدًا: فيلم Following عام 1998، أول أفلامه الذي حصل على إشادة نقدية كبيرة في عدة مهرجانات عالمية، ثم فيلم Memento عام 2000، ليأخذ فرصة إخراج فيلم بحجم Insomnia عام 2002، بطولة ألباتشينو وروبن ويليامز.
الجدير بالذكر أن أفلام نولان تتميز بأجواء قاتمة مثيرة، وهذا ما دفع DC لمنحه ثقة إخراج فيلم بحجم Batman Begins عام 2005، وإعطائه الضوء الأخضر لبدء العمل على قصة أصلية بالمشاركة مع ديفيد إس. غويور، في عالمٍ منفصل تمامًا عن القصص المصورة، يعرض رؤية للشخصية في مساحة مختلفة، ويمنحها فرصة لالتقاط الأنفاس خارج إطار الكوميك، لكن على الناحية الأخرى يضع ضغطًا كبيرًا من محبي الكوميك، إذا لم يظهر المنتج بالشكل المطلوب.
لكن هذا لم يوقف الشركة عن تخصيص ميزانية 150 مليون دولار، ودعم الفيلم بزمرة من النجوم مثل كريستيان بيل ومايكل كين وغيرهم، ليحصد ما يقارب 400 مليون دولار في شباك التذاكر، وينجح الفيلم على كل المستويات الفنية والنقدية والجماهيرية.
هذا النجاح دفع الشركة للاستمرار وتجديد الثقة بمخرجه، في الفيلم الثاني والأضخم في ذلك الوقت بميزانية 185 مليون دولار، فيلم The Dark Knight عام 2008، ويضم نولان الممثل الاستثنائي هيث ليدجر في دور الجوكر، ليقدم أفضل الأدوار في حياته ويقارع كل العظماء الذين أدوا هذا الدور من قبل، ويحرز الفيلم أكثر من مليار دولار في شباك التذاكر، ويحصل على الإشادة النقدية والجماهيرية، ليصبح بعد ذلك علامةً مميزةً في تلك النوعية، ويقدم نولان نفسه في العالم كرهان رابح ومخرج ذي بصمة واضحة.
ليعود نولان مرة أخرى بجزء ثالث وهو فيلم The Dark Knight Rises عام 2012، بشخصية محورية جديدة تقود الصراع في الظلام، يقوم بها الممثل الموهوب توم هاردي، ليحقق نجاحًا يتجاوز المليار دولار، وينجح هاردي رغم حمى المقارنات بين أدائه لشخصية باين Bane وأداء ليدجر لشخصية الجوكر، ليصبح الفيلم الأخير لنولان مع DC ويقرر نولان ترك الرجل الوطواط والاتجاه لمشاريع أخرى، إلا أنه دون شك، أنعش شخصية باتمان مرة أخرى، فأعادها للساحة تجاريًا وبقوة، وحتى على المستوى النقدي، لذلك يعد نولان واحدًا من أكثر الشخصيات تأثيرًا على صناعة الأبطال الخارقين والـDC بشكل خاص، فقد وضع قدمه على الطريق الصحيح، لتبدأ DC السير والمواجهة من جديد بميزانيات ضخمة.
نجاحات وإخفاقات منفردة
خلال فترة إنتاج DC لثلاثية نولان، جازفت الشركة بعدة مشاريع منفصلة ومنفردة، نجح بعضها وفشل الآخر، ففي عام 2005 أنتجت الشركة فيلم Constantine بطولة كيانو ريفز وإخراج فرانسيس لورانس، مقتبس عن قصة للكاتب آلان مور، وكان من المقرر – إذا نجحت الشخصية – أن تتحول إلى سلسلة أفلام، ورغم الأداء الجيد وردود الفعل النقدية الجيدة، لم يحقق الفيلم النجاح الجماهيري المنتظر من محبي القصص المصورة، وجنى أرباحًا متواضعةً في شباك التذاكر.
عادت الشركة بمشروع آخر عام 2006 بميزانية متوسطة، فيلم V for Vendetta مقتبس عن قصة مصورة تحمل نفس الاسم للكاتب آلان مور والفنان ديفيد لويد، من إخراج جيمس مكتيغ، يتناول الفيلم موضوع جريء في سياق سرديته، ويسلط الضوء على العنف الثوري كوسيلة قاطعة ونهائية ضد السلطوية الحاكمة، ونجح الفيلم في إرضاء محبي الكوميك والجماهير بشكل عام.
لتغامر الشركة بعده بفيلم آخر، بميزانية هائلة، بيد أنه كان من الطبيعي المراهنة على عودة سوبرمان، كما حدث مع باتمان، وDC في ذلك الوقت كانت منتعشةً بنجاح فيلمها الأول في ثلاثية باتمان، لذلك شجعتها نجاحات المخرج براين سينجر السابقة في سلسلة أفلام X-Men، على وضع ميزانية تضاهي نحو 270 مليون دولار، في فيلم Superman Returns، كان من المفترض أن يكون الفيلم مستهلًا لسلسلة من الأفلام، إلا أنه تحول مع إصداره في السينما إلى خيبة أمل كبرى، تجاريًا بحصده نحو 390 مليون دولار في شباك التذاكر، ونقديًا وجماهيريًا.
لم يكن الفيلم مرضيًا على جميع الأصعدة، ما أجل مشروع سوبرمان لسنوات عديدة، وحسب كتاب “مختصر تاريخ أفلام القصص المصورة” للكاتبين ريتشارد غراهام وويلز ديكسون، فقد صرح المخرج براين سينجر عن فيلمه في عام 2013: “لم يكن الأمر كما يجب أن يكون، أعتقد كان يجب عليّ شد انتباه الجمهور أسرع قليلًا، لا أعرف ما الذي كان سينجدني، ربما لا شيء، إذا كان بإمكاني العودة مجددًا، سأصنع عملًا أصليًا، سأصنعه من نقطة الصفر”.
كان قرار التوقف عن إكمال سلسلة سوبرمان حكيمًا، لأن الشخصية ستذهب إلى عهدة المخرج زاك سنايدر الذي سيضع حجر الأساس لعالم DCEU، ليصبح المسؤول عن الإخراج الإبداعي لأضخم مشروع تصنعه شركة DC.
عالم DCEU: زاك سنايدر
بدأ زاك سنايدر حياته المهنية بإخراج الكليبات Music Videos، ودخل مجال الأفلام الروائية الطويلة من باب “أفلام النوع”، فكان أول أفلامه الطويلة فيلم الرعب Dawn of the Dead عام 2004، ثم أخرج بعدها بعامين فيلمه الأشهر في ذلك الوقت، فيلم 300 عام 2006، الذي حقق نجاحًا كبيرًا، وضمن له صدى جماهيريًا جيدًا، يؤمن له مغامرته القادمة مع شركة DC، في فيلم Watchmen الذي يصنف واحدًا من أفضل أفلام الأبطال الخارقة على الإطلاق، بميزانية 130 مليون دولار وعدد هائل من الشخصيات ومدة زمنية تتجاوز الثلاث ساعات إذا تحدثنا عن نسخة المخرج زاك التي أصدرت بعد صدور الفيلم.
فيلم المراقبون من أجرأ مغامرات DC، لأن قصته الأصلية معقدة ومكدسة بالأحداث والشخصيات، وهذا جعل من الصعب نقلها للشاشة بشكل يحافظ على الجو العام للحكي، بالإضافة لأن القصة المصورة من تأليف العبقري آلان مور، الذي لم تنجح تقريبًا أي من معالجات قصصه العظيمة على شاشات DC، ما زاد الأمر تعقيدًا.
لكن سنايدر لم يخف من المواجهة وصنع تحفة من تحف هذا النوع، يقارنها البعض بفيلم Blade Runner التاريخي، بيد أن الفيلم لم ينجح تجاريًا، وحقق ما يقارب 185 مليون دولار فقط، أي أنه أخفق في جذب المتابعين ومحبي الكوميك، ربما لأن زاك لم يكن مخلصًا في اقتباسه للقصة الأصلية، لكنه قدم رؤية أصيلة، تنبئ عن مخرج مميز.
تلقى الفيلم إشادة نقدية لا بأس بها، ليصنفه بعض الجماهير كأفضل أفلام DC على الإطلاق، وهذا شجع الشركة لتجديد الثقة في زاك سنايدر مرة أخرى بمشروع أضخم، ليعهدوا إليه بأفلمة شخصية سوبرمان، ومن هذه النقطة، سيصنع منتجًا سينمائيًا يؤسس من خلاله عالم DCEU المترامي، كخطوة أولى، لتشكل بعدها رؤيته الإبداعية مستقبل عالم الأبطال الخارقين بالكامل.
الجدير بالذكر أن الكاتب آلان مور اعترض على أفلمة كوميك المراقبون منذ البداية، ورفض أن يوضع اسمه في خانة العاملين بالفيلم، وبعد إنتاج الفيلم بوقت قصير غادر DC، وقرر العمل ككاتب حر مستقل، وهذا بناء على مضايقات كثيرة واحتكار مارسته الشركة على أعماله الفنية الأصلية، لتجردها من هويتها، وكان لديه اعتقاد دائم، أن أفلامه غير قابلة للأفلمة.
عالم DCEU: نقطة البداية
شخصية سوبرمان هي شخصية ثقيلة، لأن لها تاريخ من النجاحات والإخفاقات لا يمكن إغفاله، بالإضافة لحضورها وتأثيرها في الثقافة الشعبية بشكل خاص، فسوبرمان هو الشخصية الأكثر شعبية عالميًا، لذا فأي شيء يمسه من الناحية الإبداعية، سينجم عنه مقارنات سواء بالأصل ـ أي القصص المصورة – أم بالمنتجات الإبداعية السابقة، وهذا يصعب المهمة على المخرج، فهو سينتج عملًا أصليًا، أي أنه سيقوم بأفلمة الشخصية داخل رأسه هو أولًا، وعليه، فهو من سيتحمل المسؤولية كاملة.
والحق، ولأول مرة، يرى سوبرمان كشخص حقيقي، من لحم ودم، له خصوصية ومشاعر ويرتكب أخطاء، ليس مجرد ماكينة لإنقاذ الناس أو بطل شعبي خارق للطبيعة، في فيلم Man of Steel عام 2013، من بطولة الوجه الجديد هنري كافل، رأينا سوبرمان ينمو أمامنا، ليس جسديًا فقط، بل عاطفيًا أيضًا، محاولة أنسنة شخصية خارقة تستدعي بناءها من نقطة الصفر، وهذا ما فعله زاك سنايدر مع شركائه في الكتابة كريستوفر نولان وديفيد إس. غويور، حين قرروا الجلوس ومحاولة كتابة شخصية سوبرمان برؤية أصلية، ووضعه في منطقة رمادية بحيث يصبح من السهل التوحد معه كمشاهد، لذا عليه أن يرتكب أخطاءً، عليه أن يتساءل، أن يرى عيوبًا في المجتمع وفي نفسه، وعلى هذه النظرية، تأسس الفيلم بميزانية 225 مليون دولار، ليحصد أكثر من 660 مليون دولار في شباك التذاكر، ربما لم يكن هذا الرقم الذي تنتظره شركة DC، لكنه على الأقل حقق نجاحًا جماهيريًا، ومهد لأفلام أخرى بعده.
بعد ذلك الفيلم، سيفكر سنايدر في مشروعه القادم، الذي كان يبدو أكثر جنونًا وخطرًا من كل ما سبقه، مشروع سيواجه فيه باتمان قرينه سوبرمان، ويقول سنايدر عن ذلك، حسب كتاب “مختصر تاريخ أفلام القصص المصورة”: “جراء الانتهاء من فيلم Man Of Steel، بدأنا الحديث عما يمكن أن يحدث في الفيلم القادم، وبدأت الإشارة إلى أنه سيكون مثيرًا إذا واجه الرجل الوطواط”.
لسوء الحظ، حصد المشروع الثاني في عالم DCEU، فيلم Batman v Superman: Dawn of Justice نحو 870 مليون دولار، ولم يتجاوز المليار، وهذا يعتبر إخفاقًا تجاريًا، بالإضافة للانتقادات اللاذعة التي توجهت له، من الجماهير والنقاد، بسبب القصة الساذجة والكتابة السيئة، خرج زالك بعدها وصرح أن شركة Warner Bros تدخلت في النسخة النهائية للفيلم، وقطعت الكثير من المشاهد لتتناسب مع رؤيتها هي، وظلت DC على هذا المنوال، ما زالت تحاول استعادة قوتها في السوق، في ظل إنتاجها لأعمال داخل DCEU لكن بسياستها الإنتاجية القهرية، تجعل المنتج النهائي لا يمثل رؤية المخرج، ما يسبب مشاكل بعد ذلك، سواء فنيًا أم جماهيريًا.