يواصل الجيش الروسي، لليوم الثاني على التوالي، حربه ضد أوكرانيا بعد يوم دمّر خلاله في غضون ساعات قليلة الدفاعات الجوية الأوكرانية، واستولى على مواقع ومنشآت استراتيجية، بما فيها محطة تشيرنوبل للطاقة النووية.
وفق آخر التقارير الصادرة عن وكالة الأنباء الفرنسية، سُمع صباح اليوم الجمعة دوي سلسلة انفجارات في العاصمة الأوكرانية كييف، في وقت سارع فيه سكان العاصمة إلى الهروب وسط ورود أنباء عن تقدُّم القوات الروسية نحو محيط العاصمة.
كما أفادت الوكالة الفرنسية بوصول الاشتباكات بين القوات الروسية والأوكرانية إلى كييف، حيث تدور حاليًّا معارك في المنطقة الشمالية من العاصمة، كما أفادت مصادر عسكرية أوكرانية بأن القوات الروسية تتقدم بسرعة اتجاه وسط كييف، وسُمع في حي أوبلونسكي إطلاق نار ودوي انفجارات بينما تُسمع انفجارات عميقة من وسط المدينة، كما تمَّ نشر مقطع فيديو قصير يظهر مبنى سكنيًّا يحترق.
بدورها، حذرت نائبة وزير الدفاع الأوكراني، هانا ماليار، من أن القوات الروسية ستدخل مناطق على مشارف العاصمة كييف اليوم الجمعة، بعدما قال مسؤولون إن المدينة ومناطق أخرى تعرّضت لقصف صواريخ روسية في الساعات الأولى من الصباح.
وكتب وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، على تويتر: “آخر مرة شهدت عاصمتنا شيئًا كهذا كانت في عام 1941 عندما تعرضت لهجوم من ألمانيا النازية، وهزمت أوكرانيا ذلك الشيطان وستهزم هذا الشيطان أيضًا”.
ونقلت شبكة “سي إن إن” الأميركية عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أن قوات روسية قدمت من روسيا وبيلاروسيا تتّجه نحو العاصمة كييف من محورَين لتطويقها، وذكرت الشبكة أن المسؤولين الأميركيين أبلغوا مشرّعين أميركيين أن قوات روسية باتت على بُعد نحو 32 كيلومترًا من كييف.
مصير زيلينكسي
مع وصول القوات الروسية إلى كييف، لا نعرف إلى الآن مصير الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خاصة أنه الهدف الأول للروس وفق قوله، إذ قال زيلينسكي في وقت متأخر الخميس إنه “الهدف رقم 1” وعائلته “الهدف رقم 2″، وأوضح أنهم “يريدون تدمير أوكرانيا سياسيًّا من خلال تدمير رئيس الدولة”.
رغم تأكيده أنه مقيم في مقرّ الحكومة، إلا أن مكان الرئيس الأوكراني مجهول، وتعهّد زيلينسكي بالبقاء في كييف، حيث تقاتل قواته قوات روسية تتقدّم صوب العاصمة، وأضاف: “سأبقى في العاصمة، عائلتي موجودة أيضًا في أوكرانيا”.
? ALERTE ? Un #Ukrainian Air Force MiG-29 abat un #Russian Air Force Su-35 fighter
#Russia #Ukraine #UkraineRussiaConflict #UkraineRussiaCrisis pic.twitter.com/hpEnLzWv2k
— MediAlerteRussieUkraine (@MediAlerteR_U) February 25, 2022
ويستمر زيلينسكي في نشر بعض المقاطع المصورة لطمأنة شعبه وحثّه على الاحتماء بأقبية المنازل في حال سماع صافرات الإنذار، ولا يُعرف بعد المكان الذي يتمّ فيه التصوير حتى الآن، ما جعل الخارجية الفرنسية قلقة على سلامته مبديةً استعدادها مساعدته إن لزم الأمر، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
يتوقع مسؤولون أوكرانيون هجومًا بالدبابات الروسية على العاصمة كييف اليوم
وبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الخميس غزوًا شاملًا على الجارة أوكرانيا من البرّ والجو والبحر، في أكبر هجوم تشنّه دولة على أخرى في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، فيما يمثّل تأكيدًا لأسوأ مخاوف الغرب.
قال متحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اليوم الجمعة، إن روسيا ستنشر مظليين للمساعدة في حراسة محطة تشيرنوبل للطاقة النووية المغلقة بالقرب من العاصمة الأوكرانية كييف.
وفق زيلينسكي، استأنفت روسيا الضربات الصاروخية في الساعة الرابعة من صباح يوم الجمعة بالتوقيت المحلي، لكن قواتها مُنعت من التقدم في معظم الاتجاهات، وأضاف زيلينسكي في كلمة بثّها التلفزيون أن الضربات الروسية استهدفت أهدافًا عسكرية ومدنية على حد سواء.
#عاجل : دخول الااليات الروسية للعاصمة كييف#كييف #روسيا_اوكرانيا pic.twitter.com/11srSEfStD
— ”*°• وائل عودة •°*” (@waelloda) February 25, 2022
يتوقع مسؤولون أوكرانيون هجومًا بالدبابات الروسية على العاصمة كييف اليوم، والذي قد يصبح أصعب يوم في الحرب، وفق مستشار وزير الداخلية الأوكراني أنطون هيراشتشينكو، وأكّد هذا الأخير أن المدافعين عن كييف جاهزون بصواريخ مضادة للدبابات قدّمها حلفاء أجانب.
قال الجيش الأوكراني، وفق وكالات أنباء عالمية، إن القوات الروسية تهدف إلى إغلاق العاصمة الأوكرانية كييف، مع فتح ممرّ برّي إلى الساحل الجنوبي باتجاه شبه جزيرة القرم ومنطقة ترانسنيستريا في مولدوفا.
العقوبات لم تردع موسكو
نتبيّن من هنا أن موسكو مصرّة على مواصلة حربها ضد كييف، رغم العقوبات الغربية القاسية التي فُرضت عليها أمس، ما يعني أن الروس غير مبالين إلى الآن بهذه العقوبات، ومصرّين على تحقيق أهدافهم وتدمير البنية التحتية العسكرية لأوكرانيا.
كما يهدف الكرملين إلى وقف مساعي أوكرانيا للانضمام إلى حلف الناتو لما يمثّله ذلك من خطر على روسيا، إلى جانب ذلك يهدف الروس من خلال هذه الحرب ضمّ أقاليم أوكرانية جديدة إلى روسيا ودعم الانفصاليين، فضلًا عن إسقاط النظام في كييف واستبداله بنظام حليف، تمهيدًا لإحياء فكرة عودة الاتحاد السوفيتي.
Dans la capitale, Kiev, les civils ont commencé à prendre les armes. Contre l’invasion russe #Ukraine#UkraineRussiaConflict pic.twitter.com/mXhNKwXQwy
— YKH (@Kebabbist) February 24, 2022
وفي آخر تحديث لعدد ضحايا الحرب، كشفَ الرئيس الأوكراني زيلينسكي أن 137 من العسكريين والمدنيين لقوا حتفهم في القتال حتى الآن، وأُصيب المئات، ويتوقع أن يرتفع العدد مع تواصل تقدم القوات الروسية في جبهات مختلفة ودخولها العاصمة كييف.
تواصل روسيا حربها ضد أوكرانيا ليقينها بعدم تدخل الدول الغربية ضدها عسكريًّا واكتفائها ببعض البلاغات والخطب والعقوبات
فيما أعلنت وزارة الدفاع الروسية تعطيل 118 مرفقًا عسكريًّا أوكرانيًّا خلال العمليات العسكرية في أوكرانيا، من بينها 13 مركز قيادة واتصال، وتدمير 18 دبابة ومدرعة و7 راجمات صواريخ و41 آلية، كما سقطت 5 طائرات مقاتلة ومروحية واحدة و5 طائرات مسيّرة خلال العمليات العسكرية.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، في خطاب إلى الأمة أمس، أن الولايات المتحدة فرضت على موسكو عقوبات اقتصادية جديدة، وأقرّت قيودًا على التصدير إلى روسيا، وقال بايدن إن 4 مصارف روسية إضافية ستُدرج على قائمة العقوبات، كما سيتمّ حرمان روسيا من أكثر من نصف وارداتها من المنتجات التكنولوجية المتطورة.
The package of massive and targeted sanctions approved tonight shows how united the EU is.
First, this package includes financial sanctions, targeting 70% of the Russian banking market and key state owned companies, including in defence. https://t.co/iKVGfnafKp
— Ursula von der Leyen (@vonderleyen) February 25, 2022
من جهته، أعلن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على العديد من المسؤولين الروس رفيعي المستوى، بينهم وزير الدفاع سيرغي شويغو، وبحسب ما نُشر في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، فإن أسماء شخصيات مقرّبة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مدرجة على لائحة العقوبات.
كما أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أمس الخميس، عن فرض عقوبات على أكثر من 100 فرد وكيان روسي بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وقال جونسون أمام البرلمان: “بشكل عام، سوف نجمّد أصول أكثر من 100 كيان وشخصية أخرى بالإضافة إلى مئات الكيانات والشخصيات التي تمَّ الإعلان عنها”.
الغرب يخذل أوكرانيا
مع تقدُّم القوات الروسية أكثر، يزداد شعور الأوكرانيين بخذلان الغرب والمجتمع الدولي لهم، فقبل ساعات قليلة من بداية الغزو الروسي، كانت الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، تؤكد وقوفها المطلق مع النظام والشعب الأوكرانيَّين، لكن يبدو أن الأوكرانيين تُركوا يجابهون مصيرهم بأنفسهم.
بدا زيلينسكي صريحًا في هذا الخصوص، إذ عبّر عن أسفه لأن كييف “تُركت وحدها” في مواجهة الجيش الروسي، وقال: “تُركنا وحدنا للدفاع عن بلدنا”، مضيفًا: “مَن هو مستعد للقتال معنا؟ لا أرى أحدًا”، وأضاف: “مَن مستعد لضمان عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي؟ الجميع خائفون”.
???? En bref sur le lien de causalité de la guerre en #Ukraine… #UkraineInvasion #UkraineRussie #UkraineRussiaConflict #RussieUkraineConflit #OTAN #Russia pic.twitter.com/EljkVcn6v2
— Ասպետ֎Հ ??????? (@Armenie_dayan) February 25, 2022
جاء كلام زيلينسكي في وقت أكّد فيه الحلف الأطلسي عدم نيّته إرسال قوات لدعم أوكرانيا في حربها ضدّ روسيا، كما استبعد الحلفاء الغربيون إرسال قوات قتالية إلى أوكرانيا لأنها ليست في حلف الناتو، مكتفين بإرسال بعض الأسلحة مثل أنظمة الصواريخ المضادة للدبابات والأسلحة غير الفتاكة مثل الخوذات.
Not all possibilities for sanctions have been exhausted yet. The pressure on Russia must increase. Said this to @Vonderleyen. I am grateful to the President for her decision on additional financial assistance.
— Володимир Зеленський (@ZelenskyyUa) February 25, 2022
نتيجة عدم تدخل الناتو أصبحت روسيا تتمتّع بـ”تفوق جوي كامل” في أوكرانيا، إذ تمَّ القضاء على الدفاعات الجوية لأوكرانيا في وقت قياسي، ما يعني أن أوكرانيا لم يعد لديها قوة جوية لحماية نفسها، وستنتقل مهمة الحماية للقوات البرّية والمقاومة الشعبية.
يُحيلنا هذا الأمر إلى إمكانية تكرُّر سيناريو سوريا في أوكرانيا، فالغرب يكتفي بالتنديد والاستنكار وفي أقصى الحالات بالتهديد والوعيد، لكن مع ذلك لا يتحرك لمساعدة دولة تعرضت للغزو بسبب نيتها التحالف معه.
من المنتظر أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة اليوم للتصويت على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة وألبانيا، يدين غزو روسيا لأوكرانيا ويطالبها بسحب قواتها من هذا البلد، وهو نصّ محكوم عليه بالفشل بسبب حقّ النقض الذي تمتلكه موسكو في المجلس بصفتها عضوًا دائمًا فيه.
حشود عسكرية روسية ضخمة تستعد للتوجه نحو كييف من القرم #روسيا_اوكرانيا pic.twitter.com/ggit5uU76L
— Jihad (@Jihadk66) February 25, 2022
تواصل روسيا حربها ضد أوكرانيا ليقينها بهشاشة الرد الغربي وعدم التدخل ضدها عسكريًّا واكتفائها ببعض البلاغات والخطب والعقوبات ضد بعض البنوك والمليارديرات، وهو أمر لن يزعج بوتين، فهو يفهم فقط القوة العسكرية أما العقوبات والتنديد فلا يكترث بها.