ترجمة حفصة جودة
كتب دانيل أنغوس وتي جاي تومسون وباولا دوتسون
وسط الصور المرعبة للغزو الروسي لأوكرانيا خلال الأيام القليلة الماضية، شاهد ملايين الناس معلومات مضللة أو مخادعة أو زائفة عن الصراع على منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وتيك توك وتليغرام.
أحد الأمثلة على ذلك مقطع فيديو لطائرات عسكرية منشور على تيك توك، وهو في الأصل لقطة قديمة لكن أُشير إليه كمقطع فيديو مباشر من أوكرانيا.
تعد المواد المرئية خيارًا فعالًا بشكل خاص لمن يرغبون في التضليل لإمكاناتها في الإقناع وجذب الانتباه، فعند إنشاء أو تحرير أو مشاركة تلك المواد المرئية الزائفة لهدف غير السخرية أو الفن، فإنها عادة ما تكون لدوافع اقتصادية أو سياسية.
تهدف حملات التضليل إلى الإلهاء والإرباك والتلاعب ونشر الانقسام والخلاف والشك داخل المجتمع، إنها إستراتيجية شائعة بين الدول شديدة الاستقطاب حيث تنتشر عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية والحرمان من الحقوق والشائعات.
كيف يُصنع ويُنشر هذا المحتوى الزائف؟ وماذا نفعل لفضحه؟ وكيف نضمن أن لا نقع ضحيةً له؟
ما أكثر تقنيات التزييف شيوعًا؟
يعد استخدام صورة أو مقطع فيديو قديم وادعاء أنه من مكان أو وقت مختلف، أحد أكثر أشكال التضليل شيوعًا في هذا السياق، فهو لا يتطلب برامج خاصة أو مهارات تقنية، فقط القدرة على رفع مقطع فيديو قديم لهجوم بالصورايخ وبعض الصور الملفتة الأخرى ووصفها بأنها لقطات حديثة.
الخيار الآخر الأقل تقنية هو تنظيم أحداث وأفعال وتقديمها كأنها حقيقية، هذا ما حدث مع المركبات المدمرة التي ادعت روسيا أن أوكرانيا فجرتها.
استخدام عدسة خاصة أو زاوية محددة يمكن أن يغير شكل المشهد وبالتالي يُستخدم للخداع، فعلى سبيل المثال، اللقطة القريبة من الناس تجعل من الصعب قياس عدد الحشود مقارنة باللقطات الجوية.
من الممكن استخدام أدوات أحدث مثل برنامج فوتوشوب وغيره لإضافة أو إزالة أشخاص أو عناصر من المشهد، أو قصّ عناصر خارج الصورة، من الأمثلة على إضافة عناصر تلك الصورة التي تهدف إلى إظهار آلة بناء خارج روضة أطفال في شرق أوكرانيا.
А вот и снаряд,пробивший дыру в садике на подконтрольной ??тер-рии.Подскажите,это какой калибр? pic.twitter.com/UZr7Smo7zB
— ✯ Матрёшка ♥☭ (@Matryoshka_Ru) February 18, 2022
يسخر النص المصاحب للصورة من قوة آلة البناء، إذ يعتقد كاتب التغريدة أن تقارير تضرر المباني جراء القرار العسكري مبالغ فيها وغير حقيقية.
لكن الفحص الدقيق للصورة يكشف عن تغير رقمي بإضافة الآلة إليها، تبدو هذه التغريدة كمحاولة للتقليل من شأن انتشار الدمار الناتج عن الهجوم الصاروخي الروسي، وفي سياق أوسع تخلق حالة من الارتباك والشك بشأن الصور الأخرى لمناطق الصراع.
ماذا نفعل بشأن ذلك؟
بدأت منظمات أوروبية مثل “Bellingcat” بجمع قوائم عن ادعاءات مشكوك بها على منصات التواصل الاجتماعي بشأن الصراع الروسي الأوكراني وتفضحهم إذا لزم الأمر، يعمل الصحفيون ومتقصو الحقائق كذلك على التحقق من المحتوى ورفع الوعي بشأن الأخبار الزائفة المعروفة، أيضًا تفضح المنافذ الإخبارية الكبيرة ذات الموارد الجيدة مثل “بي بي سي” المعلومات المضللة.
أضافت منصات التواصل الاجتماعي تسميات جديدة للتعريف بالمؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة وتوفير المزيد من المعلومات عن المصادر أو الأشخاص في شبكاتك ممن يشاركون قصصًا خاصة.
كما عدلوا من خوارزمياتهم لتغيير المحتوى المُضخّم وعيّنوا موظفين لتحديد المحتوى المضلل والإبلاغ عنه، تقوم المنصات ببعض العمل خلف الكواليس لاكتشاف ونشر المعلومات علنًا عن عمليات المعلومات المرتبطة بالدولة.
ما الذي يمكنني أن أفعله حيال ذلك؟
يمكنك محاولة التحقق من صحة الصور بنفسك بدلًا من التصديق بظاهرها، هناك 5 خطوات بسيطة يمكنك القيام بها:
افحص البيانات الوصفية
يدعي هذا المنشور على تليغرام أن مخربين يتحدثون البولندية هاجموا منشأة صرف في محاولة وضع خزان من الكلور باستخدام هجوم “بالأعلام الزائفة”، لكن البيانات الوصفية للفيديو – تفاصيل وقت وكيفية إنشاء الفيديو – تُظهر أنه صُور قبل أيام من تاريخ الحادث المزعوم.
يمكن فحص البيانات الوصفية بنفسك، بتحميل الملف واستخدام برامج مثل “Adobe Photoshop” أو “Bridge” لفحصه، يوجد أيضًا عارض للبيانات الوصفية على الإنترنت يسمح لك بالفحص من خلال رابط الصورة على شبكة الإنترنت.
العقبة الوحيدة أمام تلك الطريقة أن بعض المنصات مثل فيسبوك وتويتر تقطع البيانات الوصفية من الصور ومقاطع الفيديو عند رفعها على مواقعهم، في تلك الحالات يمكنك محاولة طلب الملف الأصلي أو استشارة مواقع تقصي الحقائق لاكتشاف إذا ما كانوا قد وثقوا تلك اللقطة أم فضحوا زيفها.
استشر موارد تقصي الحقائق
تحتفظ منظمات مثل “Australian Associated Press” و”RMIT/ABC” و”Agence France-Presse” و”Bellingcat” بقوائم للحقائق التي تقصاها فريقهم، فضحت “AFP” بالفعل مقطع فيديو ينشر انفجارًا مزعومًا من الصراع الحاليّ في أوكرانيا، لكنه يرجع إلى كارثة مرفأ بيروت عام 2020.
ابحث على نطاق أوسع
عند إعادة استخدام محتوى قديم، فربما تتمكن من العثور على نفس اللقطة المستخدمة في مكان آخر، يمكن استخدام “Google Images” أو “TinEye” للبحث العكسي عن الصور واكتشاف إذا ما كانت موجودة في مكان آخر على الإنترنت.
لكن كن حذرًا، فالتعديلات البسيطة مثل قلب اتجاه الصورة من اليسار إلى اليمين قد تخدع محركات البحث وتجعلهم يعتقدون أن الصورة المقلوبة هي الحديثة.
ابحث عن التناقضات
هل يتفق الوقت المزعوم لليوم في الصورة مع اتجاه الضوء المتوقع لذلك الوقت؟ أو هل يتفق الوقت في الساعات الظاهرة في الصورة مع الوقت المزعوم؟
يمكنك أيضًا المقارنة بنقاط بيانات أخرى، مثل جداول أعمال السياسيين أو التحقق من المشهد باستخدام “Google Earth” أو “Google Maps” لاكتشاف مدى توافق المصادر المختلفة للصورة.
اسأل نفسك بعض الأسئلة البسيطة
هل تعلم أين ومتى ولماذا صُنعت هذه الصورة أو الفيديو؟ هل تعلم من صنعها؟ وإذا كان ما تنظر إليه هو النسخة الأصلية؟
قد يساعدك استخدام أدوات على الإنترنت مثل “InVID” أو “Forensically” للإجابة عن بعض هذه الأسئلة، أو استخدام قائمة الـ20 سؤالًا لاستنطاق لقطات وسائل التواصل الاجتماعي بالمستوى الصحيح من الشك الصحي.
في النهاية، إذا شككت في شيء ما فلا تشاركه أو تعيد نشر مزاعم لم ينشرها مصدر موثوق مثل المنظمات الإخبارية الدولية، استخدم تلك المبادئ أيضًا في تحديد المصادر التي ستثق بها، قيامك بذلك يساعد في الحد من تأثير المعلومات المضللة وتوضيح الوضع الحقيقي في أوكرانيا.
المصدر: ذي كونفرسايشن