(1)
“هل من عاقل يأتي بمدير المخابرات الحربية وزيرًا للدفاع؟!” سأل أحدهم.
“لكى يكون تحت عين الرئيس، ولأن لديه ملفات قادة الجيش فلا يجرؤ أحد أن ينقلب عليه” أجاب أحدهم – بالتأكيد تعرفونه -.
(2)
قبل3/7 كان الجميع – إلا الإخوان المسلمين – يدرك دور المخابرات العامة والحربية في القضاء على أرضية الثورة وحرثها حرثًا كاملاً في قلوب الناس لتمهيدها والسيطرة عليها وتنحيتها عن صدارة المشهد لصالح الثورة المضادة بانقلاب عسكري على المشهد الثوري كله.
“8 سنين ومكملين … و8 تانى لأبو إسماعيل” شعار المرحلة.
(3)
“الجنود المصريين الذين قتلوا في كمين كرم القواديس تم قتلهم في ليبيا وجاءوا بهم ليكملوا مسرحية الحرب ضد الإرهاب”. الإعلام المناهض للانقلاب والمؤيد للشرعية وأتباعهم.
– أنصار بيت المقدس “ولاية سيناء” تعلن مسئوليتها في فيديو عن قتل جنود كمين كرم القواديس.
“تنظيم أنصار بيت المقدس مخابرات أصلاً، ركز في الفيديو سوف تجد علم ليبيا في الدقيقة كذا، وكذلك السيارات كُتب عليها مرسى مطروح” قالها أحدهم – بالتأكيد تعرفونه – ولازالوا يرددونها.
(4)
“أنصار بيت المقدس – ولاية سيناء – هي المسئولة عن عملية دمياط” إسماعيل الإسكندراني، وذكر ذلك في موقع المدن
“جنود عملية دمياط قتلوا في ليبيا” محمد القدوسي
“لماذا لم يُعتقل إسماعيل الإسكندراني، أكيد له ظهر مخابراتي يحميه ويحمي مصادره ويترك له مساحة من حرية الحركة” قالها أحدهم – بالتأكيد تعرفونه – ولازالوا يرددونها.
(5)
“الزخم الإعلامي الكبير حول قضية انتحار الناشطة السياسية زينب المهدي بالتأكيد تقف وراءه المخابرات للتغطية على موت الأستاذ الدكتور/ طارق الغندور” قالها أحدهم – بالتأكيد تعرفونه – ولازالوا يرددونها.
(6)
وبعيدًا عن انقلاب “أحمد وصفي” على السيسي، وأن السيسي أمه يهودية، وأن السيسي تم اغتياله ومن يحكم هو صدقي صبحي، وجنود الفرافرة الذين قتلوا في ليبيا، وكثير من هذه الترهات السابقة واللاحقة والتي يروجها أبناء مدرسة الشرعية ومناهضو الانقلاب وهم المسئولون عنها بالتأكيد وليست المخابرات – وإن كنت لا استبعد أنها هي من تمدهم بهذه المعلومات الخاطئة الكاذبة – فلا أحد ينكر دور المخابرات الحربية المشهود بعد 25 يناير2011 والتي تسلمت بموجب هذا التاريخ إدارة ملف الدولة بأكمله، وكانت اللاعب الرئيسي في المشهد المصري والإقليمي والدولي بالنسبة للملف المصري، كما لا ينكر “عاقل ” دوره المحوري في القضاء على ثورة يناير، وقد حاولت رصد هذا الدور فى مقال “الانقلاب يترنح ويتوغل وينتشر ويستمر!”
وبالنظر كلمحة تاريخية لجهاز المخابرات الحربية – باعتقادي واعتقاد كثير تبعية المخابرات العامة للمخابرات الحربية تبعية قائمة وموجودة ومشهودة – فإنها تتبع إدارة المخابرات العسكرية والاستطلاع المصرية، وتعرف اختصارًا باسم المخابرات الحربية، لوزارة الدفاع.
ورأس الجهاز العديد من ضباط كبار الجيش منهم على سبيل المثال المشير “عبد الحليم أبو غزالة” وزير الدفاع السابق، اللواء “عمر سليمان” نائب الرئيس حاليًا ورئيس جهاز المخابرات العامة سابقًا، واللواء “مراد موافي” رئيس جهاز المخابرات العامة الذي عين خلفًا لسليمان في يناير/ كانون الأول 2011.
ومهمة الجهاز كانت – وماتزال – منذ عهد عبد الناصر تتقاطع مع ملفات داخلية – كما ذكر عدى جونى – منها متابعة التيارات السياسية المناهضة الموجودة داخل الجيش، والقضايا المدنية الأخرى التي ترتبط بشكل غير مباشر بالأمن العسكري والقوات المسلحة.
ولعل اغتيال السادات على يد عناصر إسلامية داخل الجيش كان الضربة الكبرى الثانية التي تلقتها المخابرات الحربية بعد إخفاقها في قراءة المعطيات الاستخباراتية -من بينها معلومات دبلوماسية – حول قيام إسرائيل بشن حرب على الجبهتين السورية والمصرية صبيحة الخامس من يونيو/ حزيران 1967.
دور المخابرات موجود في المشهد الثوري لكن هذا لا يعمينا عن أخطائنا وجرائمنا في حق أنفسنا ومجتمعاتنا، ولا يقتل فينا الإحساس بالواجب والدور والرسالة، ولا يدعونا للاستسلام والركون والاستسهال وعدم تحمل المسئولية أمام أنفسنا وأمام التاريخ.
(7)
تنظيم القاعدة كان مخابرات، وأسامة بن لادن عميل مخابرات، و11سبتمبر صناعة مخابراتية، وتنظيم أنصار بيت المقدس مخابرات، والمخابرات تقتل الجنود، هل تعرفون أن أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، كان يتدرب لدى المخابرات الإسرائيلية (الموساد) ووكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية (سي آي إيه)؟ هل تعلمون أن اسمه الحقيقي ليس إبراهيم عواد إبراهيم علي البدري السامرائي، وإنما سايمون إليوت؟ هل تعرفون أنه ممثل يهودي تم تجنيده من قبل الإسرائيليين ليلعب دور الإرهابي المطلوب الأول في العالم؟
هل يعقل هذا؟!
حتى متى يستسهل العالم الإسلامي الشائعات؟ بل ويروجها ويساعد في نشرها دافنًا رأسه في الوحل لكي لا يستفيق من كبوته!
(8)
بدأ استخدام مصطلح “نظرية المؤامرة” في منتصف الستينيات بعد اغتيال “جون كنيدي” وأصبح المصطلح يعبر عن نزعة مرضية لرؤية نفوذ المنظمات السرية، ويستخدم المصطلح لرفض الادعاءات السخيفة التي لايصدقها عقل ولا يمكن حدوثها أو أنها غير عقلانية.
لا ينكر أحد تعرض العالم الإسلامي لمؤامرات عدة – ولازال – لكن لماذا يسارع المسلمون إلى تصديق كل شيء يتعلق بنظرية المؤامرة؟ كيف تم تراكم مثل هذه التأثيرات في المجتمع الإسلامي؟ يتسائل الصحفى البريطاني “مهدي حسن”.
ويسأل السياسي الباكستاني “عمران خان” لماذا كان المواطنون الباكستانيون يهتمون كثيرًا بنظريات المؤامرة، فيجيب “إنه يتم إخبارهم بالأكاذيب دائمًا من قبل قادتهم، وإذا كان المجتمع معتادًا على سماع الأكاذيب في كل الأوقات فإن كل شيء يصبح مؤامرة”.
لكن أين ستنتهي؟ متى سيتوقف المسلمون عن الاتكاء على عكاز المؤامرة؟ نحن نلقي باللوم على قوى خارجية شريرة لوقوع كل المشكلات التي نعانيها، سواء التطرف أو المحاباة، أو الفساد أو أشياء أخرى، ونقدم صورة لأنفسنا بأننا ضحايا لاحول لهم ولا قوة، بدلاً من أن نكون أفرادًا مؤثرين في المجتمع.
وفي نهاية المطاف لابد من القول: لماذا نتحمل المسئولية إذا كان من السهل إلقاء اللوم والإشارة بأصابع الاتهام إلى “الموساد”، أو الـ “سي آي إيه”، أو الهنود؟
ثم أردف قائلاً: كان المفكر المصري “عبد المنعم سعيد” يقول: “إن أكبر مشكلة في نظرية المؤامرة تكمن في أنها لا تبعدنا عن الحقيقة فحسب، وإنما تبعدنا أيضًا عن مواجهة أخطائنا ومشكلاتنا، وهي تجعلنا نبدو مثل السذج”.