مع مرور خمسة أيام على الغزو الروسي لأوكرانيا، تعرضت معظم المدن الأوكرانية لهجوم شديد دفع المدنيين للفرار بحثًا عن الأمان، لم يكن أمام المدنيين مهربًا إلا اللجوء للدول الأوروبية المجاورة التي فتحت أبوابها لهم دون شروط.
على الحدود الأوكرانية البولندية كان لحراس الحدود كلام آخر، يبدو أن أجهزة الاستشعار على أبواب أوروبا المحصنة تميز بين ألوان اللاجئين وأصولهم، فقد واجه الطلاب الأجانب من نيجيريا والهند معاملةً تمييزيةً، ومنعهم الجنود الأوكرانيون من عبور الحدود بينما سمحوا للأوكرانيين فقط بالعبور.
A Nigerian medical student at Poland/Ukraine border (Medyka-Shehyni) told me she has been waiting 7hrs to cross, she says border guards are stopping black people and sending them to the back of the queue, saying they have to let ‘Ukrainians’ through first.
— Stephanie Hegarty (@stephhegarty) February 26, 2022
لم تكن هذه العنصرية على الحدود فقط بل امتدت داخل المدينة، فبينما كان المدنيون يحاولون مغادرة العاصمة كييف على متن القطارات ذهابًا إلى مدينة لافيف، واجه الأفارقة معاملةً عنصريةً من المواطنين حيث منعوهم من ركوب القطارات قبل الأوكرانيين.
The official visuals of Ukrainians blocking Africans from getting on trains. #AfricansinUkraine pic.twitter.com/hJYpM3LY0A
— Damilare / ViF (@Damilare_arah) February 26, 2022
لم تتوقف العنصرية على الأرض بل انتقلت إلى شاشات التلفاز، فقد فاضت المشاعر الإنسانية بالمراسلين الأوروبيين حتى لم يبق منها شيء! فمراسل التلغراف كان مندهشًا مما يحدث وقال: “إنهم يشبهوننا، هذا ما يجعل الأمر صادمًا، لم تعد الحرب شيئًا بعيدًا، يمكنها أن تحدث لأي أحد”.
?️ “They seem so like us. That is what makes it so shocking. War is no longer something visited upon impoverished and remote populations. It can happen to anyone” | Writes Daniel Hannan https://t.co/FwHREn1xzR
— The Telegraph (@Telegraph) February 26, 2022
بينما قال مراسل “CBS” في كييف: “هذه ليست العراق أو أفغانستان حيث نرى الصراعات تمتد لعقود، إنها مدينة أوروبية متحضرة لا تتوقع أن يحدث فيها ذلك”، لكن المراسل اعتذر لاحقًا عن حديثه.
? on racist spew shared by media outlets from the civilised world.
1. CBS first to offer the enlightening distinction between civilised & uncivilised (note: reporter later issued an apology ?)https://t.co/tdVljibx52
— Hani Hassan (@hanihassan26) February 27, 2022
لم تتوقف العنصرية عند اللون فقط بل امتدت لتشمل الدين كذلك، فعلى الهواء مباشرة انطلقت كيلي كوبيلا مراسلة “NBC News” في حديثها قائلة: “إنهم ليسوا لاجئين من سوريا، إنهم لاجئون من أوكرانيا، إنهم مسيحيون بيض، وهم يشبهوننا”.
love being a brown Muslim journalist in an industry that derides & penalizes you for uplifting your communities’ humanity as “bias” but allows and promotes ‘objective’ white journalists who expressly uphold our dehumanization. https://t.co/4Dq3q8URns
— Sana Saeed (@SanaSaeed) February 27, 2022
خلال السنوات الماضية واجه اللاجئون السوريون معاناةً كبيرةً وإجراءات معقدةً، وكانت وما زالت حياتهم في الجزر اليونانية لا ترقى لحياة تليق بالبشر، بينما كان الاتحاد الأوروبي يتفاوض ويضع شروطًا لدخولهم ويساهم في تعقيد إجراءات لجوئهم، تاركًا اللاجئين في معسكرات أقرب للسجون.
“العرب والأفارقة والهنود على جنب والأوروبيون فقط هم من سمحوا لهم بالعبور، لا أحد يساعدنا ولا حتى هناك طعام“.. طلبة عرب عالقون على الحدود #الأوكرانية البولندية يطالبون بالتدخل لمساعدتهم#روسيا_أوكرانيا#الحرب_الروسية_الأوكرانية pic.twitter.com/W7I6cU2M2J
— نون بوست (@NoonPost) February 28, 2022
هذه التعقيدات اختفت على حين غرة، فيبدو أن أساطير السحر الأسود التي سمعنا بها لم تكن حقيقيةً، فالسحر الأبيض مفعوله أقوى، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا لاين فتح أوروبا أبوابها أمام جميع اللاجئين الأوكرانيين، كما سيطالب الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء بمنح اللاجئين الأوكرانيين حق اللجوء 3 سنوات مباشرة دون قيد أو شرط.
President @ZelenskyyUa‘s leadership, his bravery and the resilience of the Ukrainian people are an inspiration to us all.
We welcome with open arms those who have to flee from Putin’s bombs.⁰
We support our Eastern Member States in hosting and taking care of these refugees. pic.twitter.com/oCGnTcg7tE
— Ursula von der Leyen (@vonderleyen) February 27, 2022
يبدو أن هناك سباقًا في التعليقات العنصرية بين المراسلين الغربيين، فقد قال أحد المحللين على قناة “BFMTV” الفرنسية: “نحن لا نتحدث هنا عن سوريين فارين من قصف النظام السوري المدعوم من بوتين، إننا نتحدث عن أوروبيين يرحلون في سيارات تشبه سياراتنا لإنقاذ حياتهم”، هل يتحدث المراسل عن بوتين آخر غير الذي يحارب أوكرانيا؟!
“We’re not talking here about Syrians fleeing the bombing of the Syrian regime backed by Putin, we’re talking about Europeans leaving in cars that look like ours to save their lives.”
Just when you thought you’ve seen it all in this world. Beyond belief. pic.twitter.com/8COA7arGP5
— Rayane Moussallem (@RioMoussallem) February 26, 2022
تحدث نائب المدعي العام الأوكراني السابق مع قناة “BBC” بتأثر بالغ قائلًا: “كان مؤثرًا للغاية أن أرى أوروبيين بعيون زرقاء وشعر أشقر يُقتلون”.
“It’s very emotional for me because I see European people with blue eyes and blonde hair being killed”pic.twitter.com/mKVtEY4IBC
— Petty Is Praxis (@rtyson82) February 26, 2022
انضمت الجزيرة الإنجليزية إلى هذا السباق حين وصف بيتر دوبي مقدم أحد برامجها الأوكرانيين الفارين من الحرب بأشخاص ناجحين من الطبقة المتوسطة، وأضاف “من الواضح أنهم ليسوا لاجئين يحاولون الهروب من مناطق في الشرق الأوسط التي ما زالت في حالة حرب، أو أشخاصًا يحاولون الهروب من شمال إفريقيا، إنهم مثل أي عائلة أوروبية تعيش في الجوار”، وبينما اعتذرت الجزيرة عن ذلك، لم يعتذر مقدم البرنامج حتى هذه اللحظة.
Add Al Jazeera to the list… The Supremacy around the media coverage of this isn’t even subtle. pic.twitter.com/ZuZtJ70K69
— TᕼE GᕼOᔕT Oᖴ ᗪᗩᑎ (@DocRobotnivik) February 27, 2022
لخصت الموقف بأكمله النائبة البريطانية كلوديا ويبي في تغريدتها حيث قالت “كيف تعرف من يهتمون حقًا بأوكرانيا؟ إنهم من يرحبون بجميع اللاجئين بأذرع مفتوحة، أما البقية فإنهم يتظاهرون بذلك”، كما أضافت في تغريدة أخرى أن الألم واليأس الذي نشعر به تجاه أوكرانيا يجب أن يكون مماثلًا لما نشعر به تجاه اليمن وفلسطين وسوريا.
How to spot someone who genuinely cares about Ukraine?
Easy. They’ll be the people welcoming all refugees with open arms.
The rest? Well, they’re pretending.
— Claudia Webbe MP (@ClaudiaWebbe) February 26, 2022
يبدو أن كل هذه الحروب والكوراث حول العالم وملايين اللاجئين من كل الأعمار والجنسيات ليسوا كافيين لاتحاد البشر وتعاطفهم مع بعضهم البعض دون عنصرية أو تمييز بسبب لون أو عرق أو دين.