“بشرة بيضاء وعيون زرقاء”.. بوابة العبور الآمن في أوروبا

المواطنون الأوكرانيون يغادرون بلادهم لاجئين إلى الاتحاد الأوروبي

مع مرور خمسة أيام على الغزو الروسي لأوكرانيا، تعرضت معظم المدن الأوكرانية لهجوم شديد دفع المدنيين للفرار بحثًا عن الأمان، لم يكن أمام المدنيين مهربًا إلا اللجوء للدول الأوروبية المجاورة التي فتحت أبوابها لهم دون شروط.

على الحدود الأوكرانية البولندية كان لحراس الحدود كلام آخر، يبدو أن أجهزة الاستشعار على أبواب أوروبا المحصنة تميز بين ألوان اللاجئين وأصولهم، فقد واجه الطلاب الأجانب من نيجيريا والهند معاملةً تمييزيةً، ومنعهم الجنود الأوكرانيون من عبور الحدود بينما سمحوا للأوكرانيين فقط بالعبور.

لم تكن هذه العنصرية على الحدود فقط بل امتدت داخل المدينة، فبينما كان المدنيون يحاولون مغادرة العاصمة كييف على متن القطارات ذهابًا إلى مدينة لافيف، واجه الأفارقة معاملةً عنصريةً من المواطنين حيث منعوهم من ركوب القطارات قبل الأوكرانيين.

لم تتوقف العنصرية على الأرض بل انتقلت إلى شاشات التلفاز، فقد فاضت المشاعر الإنسانية بالمراسلين الأوروبيين حتى لم يبق منها شيء! فمراسل التلغراف كان مندهشًا مما يحدث وقال: “إنهم يشبهوننا، هذا ما يجعل الأمر صادمًا، لم تعد الحرب شيئًا بعيدًا، يمكنها أن تحدث لأي أحد”.

بينما قال مراسل “CBS” في كييف: “هذه ليست العراق أو أفغانستان حيث نرى الصراعات تمتد لعقود، إنها مدينة أوروبية متحضرة لا تتوقع أن يحدث فيها ذلك”، لكن المراسل اعتذر لاحقًا عن حديثه.

لم تتوقف العنصرية عند اللون فقط بل امتدت لتشمل الدين كذلك، فعلى الهواء مباشرة انطلقت كيلي كوبيلا مراسلة “NBC News” في حديثها قائلة: “إنهم ليسوا لاجئين من سوريا، إنهم لاجئون من أوكرانيا، إنهم مسيحيون بيض، وهم يشبهوننا”.

خلال السنوات الماضية واجه اللاجئون السوريون معاناةً كبيرةً وإجراءات معقدةً، وكانت وما زالت حياتهم في الجزر اليونانية لا ترقى لحياة تليق بالبشر، بينما كان الاتحاد الأوروبي يتفاوض ويضع شروطًا لدخولهم ويساهم في تعقيد إجراءات لجوئهم، تاركًا اللاجئين في معسكرات أقرب للسجون.

هذه التعقيدات اختفت على حين غرة، فيبدو أن أساطير السحر الأسود التي سمعنا بها لم تكن حقيقيةً، فالسحر الأبيض مفعوله أقوى، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا لاين فتح أوروبا أبوابها أمام جميع اللاجئين الأوكرانيين، كما سيطالب الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء بمنح اللاجئين الأوكرانيين حق اللجوء 3 سنوات مباشرة دون قيد أو شرط.

يبدو أن هناك سباقًا في التعليقات العنصرية بين المراسلين الغربيين، فقد قال أحد المحللين على قناة “BFMTV” الفرنسية: “نحن لا نتحدث هنا عن سوريين فارين من قصف النظام السوري المدعوم من بوتين، إننا نتحدث عن أوروبيين يرحلون في سيارات تشبه سياراتنا لإنقاذ حياتهم”، هل يتحدث المراسل عن بوتين آخر غير الذي يحارب أوكرانيا؟!

تحدث نائب المدعي العام الأوكراني السابق مع قناة “BBC” بتأثر بالغ قائلًا: “كان مؤثرًا للغاية أن أرى أوروبيين بعيون زرقاء وشعر أشقر يُقتلون”.

انضمت الجزيرة الإنجليزية إلى هذا السباق حين وصف بيتر دوبي مقدم أحد برامجها الأوكرانيين الفارين من الحرب بأشخاص ناجحين من الطبقة المتوسطة، وأضاف “من الواضح أنهم ليسوا لاجئين يحاولون الهروب من مناطق في الشرق الأوسط التي ما زالت في حالة حرب، أو أشخاصًا يحاولون الهروب من شمال إفريقيا، إنهم مثل أي عائلة أوروبية تعيش في الجوار”، وبينما اعتذرت الجزيرة عن ذلك، لم يعتذر مقدم البرنامج حتى هذه اللحظة.

لخصت الموقف بأكمله النائبة البريطانية كلوديا ويبي في تغريدتها حيث قالت “كيف تعرف من يهتمون حقًا بأوكرانيا؟ إنهم من يرحبون بجميع اللاجئين بأذرع مفتوحة، أما البقية فإنهم يتظاهرون بذلك”، كما أضافت في تغريدة أخرى أن الألم واليأس الذي نشعر به تجاه أوكرانيا يجب أن يكون مماثلًا لما نشعر به تجاه اليمن وفلسطين وسوريا.

 

يبدو أن كل هذه الحروب والكوراث حول العالم وملايين اللاجئين من كل الأعمار والجنسيات ليسوا كافيين لاتحاد البشر وتعاطفهم مع بعضهم البعض دون عنصرية أو تمييز بسبب لون أو عرق أو دين.