ترجمة وتحرير: نون بوست
انتشر مساء يوم الأحد مقطع فيديو على موقع تويتر حول انفجار هائل في ما يبدو أنه قافلة روسية، مسجلًا إصابة مباشرة على نظام صاروخي أرض-جو.
تُعد اللقطات التي نُشرت على حساب القوات المسلحة الأوكرانية بالأبيض والأسود، واحدة من جملة لقطات ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة والتي تُبين التأثير المدمر لضربات الطائرات بدون طيار الأوكرانية على المعدات الروسية، وفي الوقت الذي تنفجر فيه حمولة الطائرة بدون طيار في الفيديو- الذي يبدو أنه مُسجل بالهاتف المحمول في منشأة للطائرات بدون طيار في أوكرانيا – يمكن سماع الناس في المنشأة وهم يلهثون في رهبة قبل أن ينفجروا وسط الهتافات والتصفيق.
وكتبت القوات المسلحة الأوكرانية في شرح لمقطع الفيديو الذي حصد أكثر من 3 ملايين مشاهدة على تويتر في يومين:” أيها الأعداء، عليكم أن تخافوا! لن يكون لكم سلام على أرضنا!”.
وتمثل بيرقدار تي بي 2، وهي نوع من الطائرات بدون طيار التركية التي نشرها الجيش الأوكراني بشكل متزايد ضد القوات الروسية في الأيام الأخيرة؛ محور هذا المقطع وغيره من مقاطع الفيديو التي تم تداولها على تويتر؛ حيث قال الجيش الأوكراني – يوم الثلاثاء – إن الطائرات المسيرة من طراز بيرقدار دمرت خلال الليل دبابة واحدة ونظامي صواريخ أرض – جو، كما ظهرت هذه الطائرات – التي يستخدمها الجيش منذ سنة 2021 على الأقل – في مقاطع فيديو أخرى تم تداولها على تويتر، وهي تفجر ما يبدو أنه قافلة وقود روسية ومجموعة من شاحنات الإمداد.
ووفقًا لمواد ترويجية من شركة “بايكار تكنولوجيز” التي تنتجها، فإن الطائرات بدون طيار صغيرة وخفيفة الوزن (أخف بحوالي سبع مرات من طائرة ريبر التابعة للجيش الأمريكي)، ويبلغ طول جناحيها 12 مترًا مما يسمح لها بالبقاء في السماء لمدة تصل إلى 30 ساعة في المرة الواحدة. كما يمكن لكل طائرة بدون طيار أن تحمل أربعة صواريخ موجهة بالليزر.
تأثير طائرات بيرقدار بدون طيار في أوكرانيا
وقال محللون عسكريون أمريكيون وأوروبيون إن حملة الطائرات بدون طيار الأوكرانية ساهمت في نجاحها المبكر لعرقلة التقدم الروسي، كاشفة نقاط ضعف غير متوقعة في جانب الجيش الروسي، ولعل الأمر الأكثر أهمية – كما يضيف المحللون، أن مقاطع الفيديو أصبحت أيضًا جزءًا بارزًا بشكل متزايد من حرب المعلومات في أوكرانيا، مما يمنح الغزاة الروس سببًا للخوف من عدوهم، ويوفر دفعة حيوية للمعنويات الأوكرانية في خضم المخاوف من وقوع هجوم عسكري قادم، ومع ذلك؛ يشير المحللون إلى أنه من غير المرجح أن تغير الطائرات بدون طيار مسار الحرب على المدى الطويل.
ويقول المحلل العسكري والفضائي التركي، أردا ميفلوتوغلو: “تُظهر اللقطات التي نشرها الجيش الأوكراني والتي تُعد مُفيدة للعلاقات العامة والحرب النفسية، عيوبًا خطيرة في غطاء الدفاع الجوي الروسي، وهو ما يُعد مفاجأة للعديد من المراقبين”.
ولطالما كانت الطائرات بدون طيار العسكرية الموثوقة والدقيقة من اختصاص الجيش الأمريكي الحصري، ولكن هذه التكنولوجيا أصبحت أكثر شيوعًا في السنوات الأخيرة، لتكون بذلك عنصرًا أساسيَّا في العديد من ساحات القتال في القرن الحادي والعشرين، وتعد تركيا في الوقت الحالي المورد البارز لها، ففي السنتين الماضيتين، لم تظهر طائرات بيرقدار التركية بدون طيار في أوكرانيا فحسب، بل أيضَا في إثيوبيا وأذربيجان وليبيا وسوريا، وفي السنة الماضية في إثيوبيا، صدت الحكومة قوة متمردة تهاجم العاصمة أديس أبابا باستعمال طائرات بدون طيار، وأثناء الصراع بين أذربيجان وأرمينيا في سنة 2020، أثبتت الطائرات التركية بدون طيار أنها حاسمة فيما يتعلق بانتصار أذربيجان على أرمينيا؛ حليفة روسيا.
تشير تقديرات أوزبورن إلى أن أوكرانيا لديها على الأرجح حوالي 20 طائرة بدون طيار من طراز بايكار في ترسانتها التشغيلية، وفي كانون الأول/ ديسمبر، ذكرت وكالة بلومبرج أن أوكرانيا طلبت أكثر من عشرين آخرين، مستشهدة بالمسؤولين.
ويقول توني أوزبورن، رئيس مكتب لندن لـ”أسبوع الطيران”، وهو منشور يركز على صناعة الفضاء الجوي: ” لقد حقق آل بيرقدار في السنوات الأخيرة بعض النجاحات الشهيرة حقَّا. وفي الوقت الراهن، تُعتبر أشهر طائرة بدون طيارر من بينهم جميعًا”.
ويكشف مقطع الفيديو الذي نشرته القوات المسلحة الأوكرانية، يوم الأحد، عن “واحدة من نقاط البيع الرئيسية للطائرات بدون طيار، والتي يُبرز مدى قدرتها على إلحاق أضرار بأجهزة العدو أكبر مما قد يتم تصوره، إضافة إلى أن أسعارها غير مكلفة مقارنة بكثير من الطائرات بدون طيار الأخرى، ومخاطرها منخفضة”.
ويقدر أوزبورن أن طائرات بيرقدار بدون طيار بيعت لأوكرانيا بتكلفة تصل إلى ملايين الدولارات لكل منها، لكن النظام الصاروخي أرض-جو الروسي الذي دُمر في مقطع الفيديو يوم الأحد قد تصل قيمته إلى 50 مليون دولار؛ فيما يقول أوزبورن: “لن تكون قلقًا بشأن فقدان هذه الأشياء نظرًا لتكلفتها الرخيصة؛ حيث يمكنك رميهم في قتال وإذا ما أحرزوا نجاحًا دراماتيكيًّا، كما رأينا بالأمس، فستنتصر فجأة في حرب الاستنزاف”.
وتشير تقديرات أوزبورن إلى أن أوكرانيا لديها على الأرجح حوالي 20 طائرة بدون طيار من طراز بايكار في ترسانتها التشغيلية، وفي كانون الأول/ ديسمبر، ذكرت وكالة بلومبرج أن أوكرانيا طلبت أكثر من عشرين آخرين، مستشهدة بالمسؤولين.
دور تركيا المتنامي كقوة طائرات بدون طيار
ووفقًا لغالب دالاي، المتخصص في السياسة التركية والشرق الأوسط في مركز أبحاث لندن للشؤون الدولية، تشاتام هاوس، فإن مبيعات الطائرات بدون طيار لأوكرانيا تتماشى مع مصالح تركيا العسكرية المتمثلة في الحفاظ على توازن القوى في منطقة البحر الأسود.
ويُنظر إلى طائرات بيرقدار بدون طيار التي تصنعها شركة “بايكار تكنولوجيز” الخاصة، على نطاق واسع على أنها ذراع للسياسة الخارجية التركية؛ حيث إن رئيس قسم التكنولوجيا في الشركة، سلجوق بيرقدار، هو صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فيما قال هالوك بيرقدار، الرئيس التنفيذي للشركة وشقيق سلجوق، خلال ندوة عبر الإنترنت في أيار/ مايو 2021: ” لقد رفضت دول مثل الولايات المتحدة والصين و”إسرائيل” بيع الطائرات بدون طيار المسلحة لأوكرانيا، في حين كانت تركيا الدولة الوحيدة التي قبلت بذلك”.
وسعت السياسة الخارجية التركية أيضًا إلى تنشيط وجود طائرات بيرقدار بدون طيار في سوريا وليبيا وأذربيجان، وهي ساحات القتال التي يتواجه فيها الوكلاء الروس والأتراك؛ حيث يقول دالاي: “تمنح الطائرات بدون طيار تركيا ميزة جيوسياسية، كما أن المشاركة في قتال تقليدي في أماكن مثل ليبيا أو سوريا لا يُعتبر شيئا أمام استخدام الطائرات بدون طيار التي ستسهل مهمة تركيا”.
وفي حالات أخرى، مثل إثيوبيا، من المرجح أن يكون الهدف وراء مبيعات الطائرات بدون طيار التركية مرتبطًا بالدوافع الاقتصادية أكثر من الدوافع السياسية، ووفقًا لميفلوتوغلو، لم تفرض تركيا أي شروط سياسية على صادراتها من الطائرات بدون طيار، على عكس الولايات المتحدة.
ويكاد يكون من المؤكد أن الجيش الأوكراني قد شارك في مقاطع فيديو طائرات بدون طيار من طراز بيرقدار وهي تقتل القوافل الروسية لرفع الروح المعنوية، ولكن مع تدفق عدد كبير من المركبات الروسية نحو كييف، فإن المعنويات المرتفعة التي أنشأتها مقاطع فيديو لضربات الطائرات بدون طيار ستكون قصيرة المدى، ومن ناحية أخرى، يبدو أن بايكار مستعدة لجني الثمار لفترة طويلة في المستقبل؛ حيث يقول دالاي: “بما أن تركيا لديها صناعة دفاعية متنامية، فيمكنك عرض أغراضك على أنها تم اختبارها في المعركة؛ حيث أصبحت هذه الأنواع من مناطق الصراع تمثل علاقات عامة رئيسية لصناعة الطائرات بدون طيار التركية”.
المصدر: تايم