أعتقد أن أكثر كلمة ترددت بين جنبات الكثير من منازل رافضي الانقلاب عن فيديو صولة الأنصار هي كلمة “مخابرات”.
ولا أستغرب هذا التوصيف في واقع الأمر، لأنه نتاج طبيعي لسلسلة من الأحداث في أواخر القرن الماضي والحاضر، وهذه المسألة تدفعنا لعدة أسئلة تحتاج إجابات شافية،
هل هذه التنظيمات “الجهادية” تحمل صفة المخابراتية من المنشأ إلى القَضَاء؟؟ بمعنى آخر .. هل نشأت “جيا” في مخابرات الجزائر؟ أو “داعش” في مخابرات أمريكا وإيران؟ أو “أنصار بيت المقدس” في مخابرات مصر؟ ولو سلمنا بصحة هذه النظريات، فهذا سيقودنا لسؤال آخر .. ما مصلحة المخابرات بذلك؟!
ربما ستفيدنا قصة مالكوم إكس – رحمه الله – .. كان في بداية إسلامه في الولايات المتحدة منضمًا لمنظمة تُدعى “أمة الإسلام” وتلك المنظمة لا تحمل من الإسلام إلا الاسم وبعض الشعائر والعبادات بعيدًا عن روحه ومقاصده.
المهم أنه كان من وجهائها، وكانت “أمة الاسلام ” تبغض العرق الأبيض كما تبغض “داعش” أو “أنصار بيت المقدس” أمريكا، وقامت بعدة عمليات ضد أصحاب هذا العرق، وكانت تجر الإسلام على أهل العرق الأسود حتى سافر مالكوم للحج، وهناك تعرف على حقيقة الإسلام وأنه ليس محصورًا بعرق أو لغة أو جنس، إلخ.
الشاهد أنه عاد وترك المنظمة وعمل على تصحيح فكر الشباب وخاصة الزنوج منهم وبالفعل تبعه الآلاف منهم، وبعدها بفترة ليست بالطويلة في طريق الحرية تم اغتياله ..
لاحظ معي مسار حياته .. ضياع ثم مسار متطرف ثم اعتدال ثم اغتيال!!
على العموم، لماذا تلجأ المخابرات في العالم وخاصة في أوطاننا إلى جر التيار المُعادي للحكم إلى مسار التطرف أو بمعنى آخر مسار تحكيم العاطفة العمياء؟!!
أعتقد أن منظر الجزائر بعد العشرية السوداء سيوضح الغاية .. عُد لها .. شعب كره الإسلاميين وكل ما يمت لهم بصله ورضي بالاستبداد وإن كان على حساب لقمة العيش في سبيل “الأمن”.
نرجع مرة أخرى للنظرية الأولى – إنهم مخابرات -..
والحقيقة أن أسهل طريقة لتجنب إعمال العقل في حل تلك المُعضلات إطلاق لفظ “مخابرات” عليهم كما يطلقون لفظ “مرتدين وصحوات أو كفار” على معارضي المسار،
وتلك تنظيمات تبدأ كما يبدأ أي تنظيم في الدنيا؛ يبدأ بفكرة في عقل فرد ما ثم تتطور إلى خطة والخطة إلى تطبيق، والتطبيق يحتاج بطبيعة الحال إلى المال والرجال وإمكانيات معروفة، ربما حينها يبدأ دور المخابرات، فتمول صاحب الفكرة في بداية المشوار وهو يقبل التمويل بقصد أو بدون، لكن في نهاية المطاف تكون المخابرات قد حصلت على مبتغاها .. تنظيم مخترق صفوفه من أفراد المفخخات إلى رأس التنظيم، وهذا ليس مستبعدًا أبدًا، هذا طبعًا أبرز مثال له “جيا”.
في الختام..لاا أنكر أن للمخابرات يد في الكثير من التنظيمات “الجهادية”، لكن إطلاق لفظ “مخابرات” على كل من يحاول العمل في مسار مخالف هو نفس فكرة إطلاق لفظ “مرتد أو صحوة ” على كل من يخالف فكر البعض.