اليونان عرقلت بيانًا للاتحاد الأوروبي يدين انتهاكات السيسي

ترجمة نون بوست
عمل مسؤولون في وزارة الخارجية المصرية مع دبلوماسيين يونانيين في محاولة لرفع مصر من قائمة الدول التي انتقدها الاتحاد الأوروبي في الأمم المتحدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، وفقًا لما كشف موقع ميدل إيست آي.
حاول الدبلوماسيون اليونانيون إقناع أعضاء الاتحاد الأوروبي لإزالة أي إشارة لمصر في بيان مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عام 2017 وفقًا لمذكرة دبلوماسية لوزارة الخارجية المصرية.
وفي حالة فشل ذلك، تعهد الدبلوماسيون بالعمل على تخفيف انتقاد الاتحاد الأوروبي للسجل الحقوقي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وفقًا للوثائق، أثارت المذكرة المسربة تساؤلات بشأن دعم مصر داخل الاتحاد الأوروبي رغم انتهاكات حقوق الإنسان الموثقة على نطاق واسع منذ 2013 تحت حكم السيسي.
يبدو أيضًا أن مجلس حقوق الإنسان يواجه مطالب من نحو 200 مشرّع أوروبي لوضع آلية لمراقبة حقوق الإنسان في مصر في دورته الـ49 التي بدأت يوم 28 فبراير/شباط.
حركات طفولية
كتب المذكرة – بتاريخ 28 مايو/أيار 2017 – مسؤولون في مكتب وزير الخارجية المصري سامح شكري، وهي تصف جهودًا كبيرةً من الدبلوماسيين اليونانيين في بروكسل وجنيف لصالح مصر، بينما كان المسؤولون في الاتحاد الأوروبي يعدون مسودة بيان لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ35.
كان من المفترض قراءة البيان في أثناء مناقشة البند الرابع، عندما يستطيع أعضاء الأمم المتحدة والمنظمات المعتمدة تسليط الضوء على مواقف حقوق الإنسان التي يعتقدون أنها تتطلب اهتمام المجلس.
!function(e,i,n,s){var t="InfogramEmbeds",d=e.getElementsByTagName("script")[0];if(window[t]&&window[t].initialized)window[t].process&&window[t].process();else if(!e.getElementById(n)){var o=e.createElement("script");o.async=1,o.id=n,o.src="https://e.infogram.com/js/dist/embed-loader-min.js",d.parentNode.insertBefore(o,d)}}(document,0,"infogram-async");
يستخدم الاتحاد الأوروبي عادة مناقشات البند الرابع لانتقاد دول معينة بشأن سجلهم الحقوقي، لكن الكتلة لم تقدم بيانها في الاجتماع الـ35 بعدما فشل الأعضاء في الاتفاق على صياغة الكلمات، وهي أول مرة يفشل فيها الاتحاد الأوروبي في القيام بذلك.
وفقًا للمذكرة “قال الدبلوماسيون اليونانيون إنهم أصدروا توجيهات بطلب حذف الإشارة إلى مصر تمامًا، لكنهم أدركوا أنه أمر شبه مستحيل في ضوء المقاومة التي واجهوها من دول مهمة ومؤثرة في الاتحاد الأوروبي”.
إذا فشلت جهود إزالة مصر، فإن الدبلوماسيين سيتجهون إلى تعديل وتخفيف البيان بقدر الإمكان، وسيحاولون حذف الإشارة إلى القتل خارج القانون والإخفاء القسري، ونظرًا لانتقاد الاتحاد الأوروبي المتكرر لمصر، أوصى مكتب شكري بإظهار قدر من اللامبالاة لتلك الحركات الطفولية وأنهم غير منشغلين بها.
كما أوصت المذكرة باقتصار اللوبي المصري على عدة أعضاء في الاتحاد الأوروبي فقط وهم اليونان وقبرص والمجر وفرنسا، لطلب دعمهم لحذف الفقرة الخاصة بمصر.
ما زال غير واضح إذا ما كان فشل الاتحاد الأوروبي في إطلاق البيان في الدورة الـ35 متأثرًا باختلاف موقف الاتحاد تجاه مصر، فقد انتشر في ذلك الوقت أن اليونان منعت البيان بسبب النقد غير البناء للصين.
قال أحد المسؤولين اليونانيين: “ترى اليونان أن الانتقاد غير المثمر وفي بعض الأحيان الانتقائي ضد دول معينة لا يسهل الترويج لحقوق الإنسان في تلك الدول ولا تطوير علاقتهم مع الاتحاد الأوروبي”.
مثير للقلق
قال كلوديو فرانكافيلا – محامي الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش – إن المزاعم بشأن الجهود المصرية اليونانية للتأثير على موقف الاتحاد الأوروبي مثيرة للقلق بشدة، وأشار فرانكافيلا إلى بيانات البند الرابع التي أصدرها الاتحاد الأوروبي عام 2020 و2021 التي بدأت بالاعتراف بدور مصر الرئيسي في الاستقرار والأمن الإقليمي وإدارة الهجرة وجهود مكافحة الإرهاب.
تحت حكم السيسي وصل معدل أحكام الإعدام في مصر إلى مستوى غير مسبوق، لتصبح ثالث أعلى دولة في تطبيق أحكام الإعدام حول العالم بعد الصين وإيران
وأضاف فرانكافيلا “واصل الاتحاد الأوروبي حفاظه على أسلوب متملق في صياغته للمخاوف بشأن السجل الحقوقي في مصر بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وهو ما يختلف بشدة مع اللغة الحاسمة التي استخدمها مع الدول الأخرى في نفس البيان”.
“بدلًا من تقديم مديح لا أساس له من الصحة، يجب أن يضع الاتحاد الأوروبي في اعتباره منهجيته مع مصر، وإدانة أزمة حقوق الإنسان الأكيدة في مصر تحت حكم السيسي، واتخاذ خطوات تجاه تأسيس آلية مراقبة وإرساله تقارير للأمم المتحدة بشأن مصر”.
تشير مذكرة وزارة الخارجية إلى أنه ربما سعت مصر قبل ذلك للتأثير في بيانات الاتحاد الأوروبي بشأن سجلها الحقوقي، وقد وصفت انتقاد بيان الأمم المتحدة في الدورة الـ34 لمجلس حقوق الإنسان بأنه الأقل إشارة لمصر مقارنة بجميع بيانات الاتحاد الأوروبي، وادعت أنه كُتب بالتشاور مع مصر.
تنبأت المذكرة بأن الاتحاد الأوروبي سيواصل إثارة قضية انتهاك حقوق الإنسان في مصر لأنه مقتنع بأن تلك البيانات تزعج مصر وبالتالي تمثل أداة ضغط، كما نوهت إلى عدم وجود مصالح حيوية مباشرة تشجع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على التعاون مع مصر، مثل عقود السلاح التي تصل قيمتها إلى عشرات المليارات، واتفاقات استضافة مئات آلاف اللاجئين الأجانب، والدور العسكري والأمني الذي تلعبه في التعامل مع أزمات معينة.
أشار مكتب وزير الخارجية إلى خطوات تتضمن الضغط على أوروبا بتعطيل التعاون في برنامج استشاري بشأن الهجرة غير النظامية، كما أشار إلى إلغاء شكري اجتماعه المخطط له مع فيديريكا وغيريني – دبلوماسية كبيرة في الاتحاد الأوروبي – كمثال على المناصب التنفيذية التي تنقل إلى الجانب الأوروبي رسالة الاستياء من جانبنا بأسلوب واقعي.
قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر يتانو في تصريحه لميدل إيست آي إنه بينما لم يعلق الاتحاد الأوروبي مطلقًا على أي تسريبات مزعومة، فإن حقوق الإنسان قضية مركزية في تفاعل الاتحاد الأوروبي مع مصر وغير مشروطة بقطاعات التعاون الأخرى.
تدهور السجل الحقوقي في مصر بشكل كبير منذ استيلاء السيسي على السلطة عام 2013، اتهمت الجماعات الحقوقية الجنرال السابق باعتقال أكثر من 60 ألف من منتقديه وبعضهم يخضع للحبس الاحتياطي إلى أجل غير مسمى في ظروف ترقى إلى التعذيب.
وفقًا لمنظمة العفو الدولية، فتحت حكم السيسي وصل معدل أحكام الإعدام في مصر إلى مستوى غير مسبوق، لتصبح ثالث أعلى دولة في تطبيق أحكام الإعدام حول العالم بعد الصين وإيران.
لكن مخاوف حقوق الإنسان لم تعق مبيعات الأسلحة الأوروبية للقاهرة، فقد تجاوزت فرنسا الولايات المتحدة الآن كأكبر موّرد للأسلحة في البلاد، فقد وقع البلدان صفقة بقيمة 4 مليارات يورو في مايو/أيار 2021 لشراء طائرات “Rafale” المقاتلة.
في ديسمبر/كانون الأول 2020 أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه لن يجعل مبيعات الأسلحة لمصر مشروطة بحقوق الإنسان لأنه لا يريد إضعاف قوتها القتالية في المنطقة.
ارتفعت كذلك مبيعات الأسلحة الألمانية لمصر بنسبة 205% منذ عام 2013 وفقًا لتحليل قام به معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، بينما تشير التقارير إلى محادثات بين مصر وإيطاليا بشأن صفقة سلاح محتملة بقيمة 10 مليارات يورو.
المصدر: ميدل إيست آي