ترجمة وتحرير نون بوست
أصدرت الحكومة الإماراتية قائمة تضم 83 منظمة إرهابية السبت الماضي؛ كان من ضمن هذه المنظمات تنظيم القاعدة والكيان المسمى بداعش. إلا أن احتوائها على عدد من المنظمات الإسلامية التي تعمل بالغرب أساساً كان ذا دلالة أكبر. فقد كان ضم هذه المنظمات إلى القائمة نتيجة للإعتقاد بوجود علاقة بينها وبين الإخوان المسلمين. كانت أهم هذه المنظمات هي مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) والجمعية الإسلامية الأمريكية (ماس).
كان وضع مثل هذه المنظمات الأمريكية الشرعية وواسعة الانتشار في قوائم الإرهاب جزءاً من جهود الإمارات بالتعاون مع المملكة العربية السعودية لإضعاف حركة الإخوان المسلمين. وبالرغم من أن هذا المسعى سيفشل في الأغلب؛ إلا أنه كفيل بالتسبب في عدد من المشاكل للحكومة الأمريكية والمجتمع الإسلامي الأمريكي.
منذ اليوم الأول لصعود الإخوان المسلمين للسلطة بعد أحداث الربيع العربي شعرت كلاً من الإمارات والسعودية بالخطر وبأنها مهددة من قبل الحركة. ودعمت كلتا الدولتين إنقلاب يوليو 2013 الذي أزاح بحكومة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي. ومازلت تستخدم كل قوتها المالية في دعم حكومة الإنقلاب ورئيسه عبد الفتاح السيسي. وبالإضافة لكل هذا لم يدخروا أي جهد في سبيل إضعاف حركة الإخوان المسلمين في المنطقة بل ويسعون لاجتزازها من الأساس.
فمن منظور هذه الدول يمثل الإسلام السياسي خطراً أكبر بكثير على عروشهم من تنظيمي القاعدة وداعش حتى. فنظراً للهيكلة العسكرية للجهاديين يصبح من السهل على السعوديين والإمارتيين أن يواجهوا تهديداتهم مستخدمين القوة والعنف بسهولة. إلا أن الإخوان المسلمين يمثلون خطراً داخلي بالأساس. فهم لا يرفضون العنف فحسب، بل يؤمنون بالديموقراطية كوسيلة لتحقيق الأهداف السياسية. وبذلك لا تصبح الجماعة خطراً أكثر صعوبة في السيطرة عليه فحسب؛ بل إنها تمثل دعوة لنظام سياسي يهدد الملكيات القائمة بالسعودية والإمارات.
وما هو أسوء من كل ما سبق بالنسبة للحكومات الخليجية هو كيف أن الجماعة تمثل فصيلاً سياسياً شرعي في أعين القوة الغربية. فمنذ بضعة أشهر اضطرت لندن تحت ضغط من الإمارات والسعودية أن تحقق في أمر المجموعات التي تمثل جزءاً من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين على الأراضي البريطانية. وأظهرت النتيجة غير المنشورة لهذا التحقيق براءة الجماعة من أي صلة بالإرهاب.
ونتيجة للإحباط الناشئ عن فشل الخطوة السابقة؛ تأمل دول الخليج أن تكسب المعركة الجديدة بإستغلال خلاف موجود بالفعل في المناخ السياسي الأمريكي. فبإدراج كلاً من مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كاير) والجمعية الإسلامية الأمريكية (ماس) في قائمة الإرهاب تراهن الإمارات على لوبي كبير في الولايات المتحدة يرغب في القضاء على هذه المؤسسات الإسلامية وأمثالها بشكل عام، وتأمل الإمارات أن يأخذ هذا اللوبي إعلانها بشكل جاد ويسعى لإصدار مثيل له في الولايات المتحدة.
فبينما واصلت كير العمل كمنظمة غير هادفة للربح في الولايات المتحدة لسنوات طويلة؛ إلا أن السلطات الأمريكية قد وصمتها بالتآمر الضمني ضمن 250 منظمة وفرد آخرين في قضية جمعية الأرض المقدسة الخيرية عام 2008. فقد تم إتهتم
تهدف كلاً من الإمارات والسعودية أن تنشغل السلطات الأمريكية بكلاً من كاير و ماس لتضغط على واشنطون لتتخذ خطوات عملية ضد الإخوان المسلمين. وفي الأغلب لن تستطيع أي منهما تحقيق أهدافها لعدم وجود أدلة على تورط الإخوان المسلمين في العمليات الإرهابية؛ وأيضاً لأن تركيز الإدارة الأمريكية على مواجهة الخطر الجهادي يحتم عليها التعامل مع القوى الإسلامية الأكثر وسطية.
وعلى الصعيد الداخلي للولايات المتحدة فإن كلاً من كاير وماس يواجه مشاكل قانونية. فدعم عدد كبير من مسلمي أمريكا لهاتين المنظمتين و كاير تحديداً يعني أن وضعها تحت منظار المراقبة كفيل بإزعاج الكثير من المسلمين الأمريكيين؛ وهذا في حد ذاته شيء في مصلحة القاعدة و تنظيم الدولة.
المصدر: ستراتفور