مضت 5 أشهر على عمر حكومة عزيز أخنوش المغربية مع ذلك لم يلحظ المواطن المغربي أي تغير إيجابي يذكر، حيث يمس الجمود السياسي والاقتصادي مستويات عدة، من المنتظر أن يزيد في التفاقم، خاصة مع تواصل ظاهرة الجفاف التي تضرب البلاد منذ فترة طويلة فضلا عن الحرب الروسية في أوكرانيا التي وصلت ارتداداتها إلى المملكة.
عزلة حكومة أخنوش
في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عيّن العاهل المغربي الملك محمد السادس، أعضاء الحكومة الجديدة، حيث ضمت 24 وزيرا بالإضافة إلى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، وهو رئيس حزب “التجمع الوطني للأحرار” الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية الأخيرة، عقب حصوله على 102 مقعدا برلمانيا (من أصل 395)، متبوعا بحزب “الأصالة والمعاصرة” ثانيا بـ86 مقعدا، يليهما حزب “الاستقلال” بـ81 مقعدا.
وعدت الحكومة أثناء تنصيبها بتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي، ومحاربة التهرب الضريبي ومكافحة الرشوة والفساد، والحفاظ على الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي، وتحقيق الإصلاح الذي يبتغيه المغاربة.
يعد المغرب من أبرز مستوردي القمح من أوكرانيا إلى جانب الذرة، والمنتجات شبه المصنعة من الحديد أو الفولاذ
مرّ أكثر من 5 أشهر على بدء العمل لكن إيجابيات حكومة أخنوش حتى اليوم ما زالت مجرد حبر على ورق، بخلاف السلبيات التي تمت ترجمتها سريعا على أرض الواقع، ويظهر ذلك في قمع الاحتجاجات القطاعية واحتجاجات المواطنين وافتعال الأزمات.
وأيضا من خلال مواصلة سياسة الزيادة في الأسعار المرهقة لجميع الطبقات على حد السواء، إذ إن الحكومة لم تُقر أي إجراءات أو تدابير للتعاطي مع الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار مجموعة من المواد الأساسية في المملكة.
أظهرت هذه الأشهر أن حكومة رجل الأعمال الكبير عزيز أخنوش هي استمرار للحكومات السابقة وعلى نهجها تسير، فلا برنامج واضح لها ولا خطط تعمل على تنفيذها وإنما مجرد وعود فارغة، لكن بعض المسؤولين في الحكومة يبررون الفشل بالظرفية الاقتصادية والاجتماعية التي تولوا فيها حكم البلاد، خاصة مع تنامي تداعيات كورونا على المملكة.
تداعيات الحرب
يبدو أن متاعب الحكومة المغربية لن تنتهي قريبا، فهي متواصلة تواصل الحرب الروسية ضد أوكرانيا، ذلك أن الحرب الدائرة الآن بين الروس والأوكرانيين لها تداعيات جيو سياسية واقتصادية على المنطقة، ومنها المغرب فهو يستورد أكثر من 90% من طاقته ونصف احتياجاته من الحبوب، وفق أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المغربية رشيد لزرق.
يقول لزرق في حديثه لنون بوست: “المغرب الآن في مرحلة تدبير تبعات وآثار جائحة كورونا، وزاد عليه التذبذب الحاصل في أسعار النفط والغاز في العالم، وفي سوق الذهب، والبورصات العالمية الكبرى”، وبين أن “الاقتصاد الوطني المغربي ليس بمنأى عن هذه التداعيات”.
ويضيف أن: “روسيا وأوكرانيا من أكبر دول العالم في إنتاج الحبوب، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها في السوق الدولية وكذلك ارتفاع أسعار البترول والمواد الأساسية، مما سيؤثر بشكل كبير في ارتفاع كلفة الدعم بالمغرب، ويعمق قيمة العجز في المالية العمومية للدولة لسنة 2022 خاصة بالنسبة للفرضيات التي بني عليها قانون المالية بالنسبة لسعر برميل النفط”.
المغرب ??
غلاء الأسعار يفجر إحتجاجات في الشوارع?
..
..#صباح_الخير pic.twitter.com/9HLRcInM6h— ??sahab news سَحابْ نيوز?? (@sahabnews1) February 15, 2022
يؤكد لزرق أن “ارتفاع أسعار النفط في العالم، بسبب الأزمة الروسية – الأوكرانية يحتم على الحكومة اعتماد إجراءات بغية تلطيف ارتفاع المحروقات حتى تحافظ على الاستقرار، وذلك مع احتمال الارتفاع المتنامي للأسعار العالمية”.
ويرى أستاذ العلوم السياسية أن “ارتفاع الأسعار عالميا سيكون له تأثير مباشر على الأسعار في المملكة، على اعتبار أن كل المنتجات تدخل المحروقات في سيرورة إنتاجها، وهذا سيؤدي إلى تسارع وتيرة التضخم المالي، مما سينعكس على القدرة الشرائية وكذلك على التوازنات العامة للمالية العمومية”.
ارتفاع أسعار المواد الأساسية وندرتها في الأسواق، سيدفع المواطنين للاحتجاج مجددا ضد الحكومة، مطالبين بضرورة توفير المواد الغذائية والتحكم في الأسعار خاصة في شهر رمضان الكريم الذي يشهد عادة ارتفاعا في الاستهلاك.
هذا الأمر سيعجل حكومة رجل الأعمال المقرب إلى الملك عزيز أخنوش يواجه غضب الشارع وليس له سوى القبضة الأمنية للسيطرة عليها كما حصل في السابق، فالحكومة عاجزة عن القيام بأي تحركات للاستجابة لمطالبة المغاربة.
وصل المخزون المائي للسدود حتى الثاني من مارس/آذار الحالي حوالي 5.3 مليارات متر مكعب
في هذا السياق كشف تقرير حديث نشره مركز “السياسات من أجل الجنوب الجديد” أن الحرب الروسية الأوكرانية ستخلف آثارا اقتصادية كبيرة على المغرب، على المديين القصير والطويل، وهو من بين الدول الإفريقية الأكثر تعرضا للأزمة الحالية.
وذكر التقرير أن “ارتفاع أسعار النفط والغذاء سيؤدي إلى تفاقم عجز الميزانية المرتفع في المغرب، والمقدر بنحو 6.5 % من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، حيث يتم دعم غاز البوتان. كما سيؤدي ارتفاع الأسعار إلى تكثيف الضغوط التضخمية، كما هو الحال في البنزين وأنواع الوقود الأخرى التي يتم تحرير أسعارها”.
من القطاعات التي يمكن أن تتأثر بالحرب قطاع الخضروات والفواكه والأسماك والتي تمثل 2.6% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة سنة 2019 بالإضافة إلى صادرات الأسمدة، والتي تمثل 4.5 % من الناتج المحلي الإجمالي في نفس السنة.
يعد المغرب من أبرز مستوردي القمح من أوكرانيا إلى جانب الذرة، والمنتجات شبه المصنعة من الحديد أو الفولاذ، والمواد البلاستيكية وغيرها، فيما يستورد من روسيا القمح والفحم وأنواع الوقود والصلب، والأمونيا، والديزل وزيت الوقود، والبنزين البترولي، والغاز البترولي والهيدروكربونات، والأسمدة الطبيعية والكيميائية.
تأثيرات الجفاف
إلى جانب الحرب الروسية ضد أوكرانيا، تواجه الحكومة المغربية تداعيات الجفاف المتواصل منذ أشهر، فمعدل هطول الأمطار هذا الموسم في البلاد هو الأدنى منذ 41 سنة، وفق السلطات المغربية، وتراجعت التساقطات بنسبة 64% خلال الموسم الفلاحي الحالي، مقارنة بالموسم السابق، ما سيكون له تداعيات كبيرة على القيمة الاقتصادية.
وتعد الفلاحة من أهم القطاعات التي يعتمد عليها اقتصاد المغرب، وتساهم بشكل كبير في ارتفاع أو انخفاض معدل النمو الاقتصادي، إذ يهم هذا القطاع 40% من سكان المملكة، الذي يعيشون بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال النشاط الفلاحي وتربية الماشية.
#المغرب | احتجاجات في 40 مدينة رفضا للأوضاع المعيشية والتضييق على الحريات pic.twitter.com/uwOwTbqtMu
— AL24NEWS – عــاجــل (@Al24Breaking) March 7, 2022
تعد الموارد المائية بالمغرب من بين أضعف الموارد في العالم، حيث يعد من بين البلدان التي تتوفر فيها أقل نسبة من الماء لكل نسمة وفق بيانات رسمية لوزارة التجهيز والماء، وتقدر الموارد المائية في المغرب بـ22 مليار متر مكعب في السنة.
أثر الجفاف على هذه الموارد المائية، فقد وصل المخزون المائي للسدود حتى الثاني من مارس/آذار الحالي حوالي 5.3 مليارات متر مكعب، أي ما يعادل 32.8% كنسبة ملء إجمالي مقابل 49.6% سجلت في نفس التاريخ من السنة الماضية.
هذا الوضع الحرج، جعل الحكومة تخصص 10 مليارات درهم (حوالي مليار دولار) لتمويل برنامج استثنائي للتخفيف من آثاره على الاقتصاد الوطني الذي يعتمد على الفلاحة بشكل كبير، إذ يمثل الإنتاج الفلاحي حوالي 14% من الناتج الوطني.
وتخشى الحكومة خروج الوضع عن السيطرة على إثر كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والجفاف التي اجتمعت جميعها ضد المواطن المغربي وزاد عليها عدم جدية المسؤولين وعدم وجود رغبة حقيقية في العمل لصالح المصلحة العامة.