ترجمة حفصة جودة
مع اشتداد حدة الغزة الروسي لأوكرانيا، أعلن الكرملين عن حاجته لمتطوعين للقتال بجانب الجيش الروسي، ما أثار موجة من التجنيد في سوريا، ورغم انتشار الشائعات عن تجنيد السوريين لأسابيع، فإن الأدلة الموثوقة كانت نادرة، ومع ذلك فقد أعلن منشور عن وجود أدوار قتالية للمقاتلين السوريين ذوي الخبرة في مهمة أجنبية.
عُرض راتب أساسي قدره 3 آلاف دولار على المقاتلين المحتملين وفقًا لمهاراتهم الخاصة وخبرة كل شخص، لكن لم يكن واضحًا إذا ما كان المبلغ شهريًا أم دفعة واحدة، وقال الإعلان الذي نُشر على فيسبوك إن العمل سيكون في أوكرانيا.
نُشر الإعلان في مجموعة خاصة لجنود أمن الفرقة الرابعة مدرعة التي تعد واحدة من أكبر وأبرز الفرق في الجيش السوري، وهو يشير إلى أول محاولة حقيقية للتجنيد خارج البلاد، علّق الجنود المتحمسون على المنشور وسألوا عن أرقام للتواصل.
يعادل مبلغ 3 آلاف دولار نحو 7.5 مليون ليرة سورية، وهو مبلغ ضخم في بلد يعاني من دمار اقتصادي نتيجة كابوس طويل من التخفيضات الاقتصادية.
كانت مجموعة “فاغنر” قد جندت سابقًا مئات الجنود الموالين للأسد والمعارضين السابقين للقتال في الصراع الليبي عامي 2019 و2020
طُلب من هؤلاء المتحمسين أسماؤهم كاملة وأرقام هواتفهم وتخصصهم عندما حاربوا مع الجيش، كان نوع القتال هجوم ودعم وفقًا للإعلان، ومع ذلك أكدّ المنشور أن التسجيل محدود، ربما يشير ذلك إلى أن الروس يبحثون مبدأيًا عن تجربة استخدام المقاتلين السوريين بدلًا من فتح أبواب التجنيد فوريًا.
دعوة بوتين للحرب
يبدو أن مراكز التجنيد ستنتشر في سوريا الآن مع دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحمل السلاح يوم الجمعة، فقد قال بوتين لوزير دفاعه على التلفاز متحدثًا من الكرملين: “إذا رأيت أن هناك أشخاصًا يرغبون طواعية – وليس من أجل المال – في القدوم لمساعدة الناس في دونباس، فيجب أن نمنحهم ما يرغبون به وأن نساعدهم على الوصول إلى منطقة النزاع”.
قال سيرجي شويغو وزير الدفاع إن هناك نحو 16 ألف متطوع من الشرق الأوسط مستعدون للقتال، بينما تحدث مسؤولون أمريكيون ومن البنتاغون لصحيفة “وول ستريت جورنال” عن تجنيد روسيا للسوريين للقتال في أوكرانيا.
كانت مجموعة “فاغنر” – مقاول عسكري خاص بالكرملين – قد جندت سابقًا مئات الجنود الموالين للأسد والمعارضين السابقين للقتال في الصراع الليبي عامي 2019 و2020، ومن الملاحظ أن وزارة الدفاع الروسية نشرت يوم الجمعة مقطع فيديو يكشف عن قوات من الجيش السوري مستعدة للتوجه إلى أوكرانيا.
هل يُترك الأسد مكشوفًا؟
رغم أن السماح للمرتزقة السوريين بالانضمام للقتال سيقلل من خطر إضافة المزيد من الجنود الروس لساحة المعركة، فإنه محفوف بالمخاطر، يقول كايل جلين مؤسس مشارك لشبكة “Conflict News” إن ذلك قد يحفز جماعات المعارضة السورية ويترك حكومة بشار الأسد مكشوفةً.
يقول جلين: “إذا بدأ آلاف السوريين بالانضام للحرب في أوكرانيا، فإن ذلك سيضعف الجيش السوري، ويمكن أن تستغل هيئة تحرير الشام وغيرها تلك الفرصة لشن هجوم والاستيلاء على مزيد من الأراضي السورية”.
“عندما يستخدم أحد الأطراف المرتزقة بكثرة، فإن الطرف الآخر سيفعل الأمر ذاته، قد يدفع ذلك المقاتلين في المعارضة السورية لمحاولة السفر إلى أوكرانيا، فقد نشر المقاتل السوري المعارض سهيل حمود الشهير بـ”أبو التاو” رغبته في القتال هناك”.
وفقًا لجلين فإن التجنيد يكشف أن الغزو لا يخطط من أجل موسكو، ويضيف “أعتقد أن ذلك إشارة إلى يأس روسيا إذا أحضرت بالفعل قوات الجيش السوري العربي هنا، أعتقد أن روسيا تشعر بالقلق من عودة المزيد من الجنود الروس في الأكفان لأن ذلك قد يؤدي إلى تراجع دعم الحرب”.
مشكلة تلوح في الأفق
تعد روسيا أقوى داعم للحكومة السورية، فقد تدخلت بشكل حاسم في الحرب الأهلية السورية عام 2015 للإبقاء على الأسد في السلطة، في المقابل دعمت السلطات السورية غزو روسيا لأوكرانيا، فقد وصف الأسد الغزو بأنه يعيد التوازن العالمي ويصحح التاريخ.
Russia’s Defense Ministry has released footage of pro-government militants in Syria “ready to head to Ukraine”. The fact that Russia but not the Assad regime is announcing it, is indicative. pic.twitter.com/LKjGW2f3AR
— Ruslan Trad (@ruslantrad) March 11, 2022
وزارة الدفاع الروسية تنشر لقطات لمسلحين موالين للحكومة السورية مستعدين للتوجه إلى أوكرانيا
نُظمت مؤخرًا العديد من المسيرات والتجمعات الموالية لروسيا لدعم الغزو، وتحمل معظم المركبات الروسية العسكرية المشاركة في الصراع الأوكراني حرف “Z” على جانبيها وهو يرمز إلى “za pobedu” أي من أجل النصر، وقد أصبح ذلك هتافًا للمؤيدين للغزو، بينما قام الطلاب الجامعيين في حمص بعمل أشكال بشرية للحرف ورسموه على السيارات تعبيرًا عن دعمهم.
ومع ذلك فالأزمة في أوكرانيا، خاصة الخوف من النقص العالمي للقمح وارتفاع الأسعار لأعلى مستوى لها منذ 14 عامًا ستؤثر على سوريا بشدة، ناهيك بالوضع الاقتصادي الحاليّ في البلاد وتراجع إنتاج القمح بنسبة أكبر من 60% في 2021 وحدها، ما يجعل وقوع مجاعة خطرًا حقيقيًا.
ومع تعرض أكثر من 12.4 مليون شخص لانعدام الأمن الغذائي حاليًّا، بينما تشير التقديرات إلى أن 60% من السكان عرضة لخطر الجوع، فإن ذلك سيدفع إلى مزيد من اليأس الاقتصادي.
سيخلق ذلك بلا شك مجموعة أكبر من الرجال اليائسين المتعطشين للحرب والمستعدين للمخاطرة بحياتهم من أجل المال في وقت أصبح فيه المال نادرًا والعمل محدودًا، ربما يصبح العمل كمرتزقة في حرب أجنبية أفضل خيار مالي للعديد من السوريين في الظروف الحاليّة.
المصدر: ميدل إيست آي