حسم البرلمان الإسباني مساء البارحة الثلاثاء، موافقته على مقترح يحث الحكومة على الاعتراف بفلسطين كدولة على حدود يونيو 1967 في تصويت رمزي غير ملزم قانونيًا.
الموافقة جاءت من مختلف الكتل السياسية الممثلة في الكونغرس الإسباني: الحزب الشعبي الحاكم والحزب الاشتراكي ومجموعة الأحزاب اليسارية والجمهورية والخضر واليسار التعددي والأحزاب القومية في غاليثيا والباسك وكاتالونيا وجزر الكناري.
وبعد مفاوضات شاقة خاضها حزب العمال الاشتراكي الإسباني المعارض طيلة الأيام الماضية مع الحزب الشعبي الحاكم للدفاع عن مقترح الاعتراف الذي قدمه منتصف الشهر الماضي، صوت 319 نائبًا لصالح القرار فيما عارض نائبان برلمانيان مقترح الاعتراف بدولة فلسطين وامتنع نائب واحد عن التصويت فيما غاب 31 نائبًا برلمانيًا.
واُفتتحت الجلسة البرلمانية بخطاب لوزيرة الخارجية الإسبانية السابقة “ترينيداد خيمينيث” الناطقة باسم حزب العمال الاشتراكي التي أكدت أنه: “آن الاوان للاعتراف بدولة فلسطين على حدود آمنة وعاصمتها القدس، وأن ذلك سيساهم في إحلال السلام وإعادة المفاوضات بين الطرفين على أساس دولتين تتفاوضان على قدم المساواة”.
وزير الخارجية الإسباني “غارثيا مارغايو” حضر الجلسة كاملة وقال في كلمة له: “نشكر الأحزاب كافة على التوافق والتنسيق بينها”، مؤكدًا أن الحكومة ستعمل على تجسيد هذا الاعتراف في الوقت المناسب من أجل المساهمة في استئناف المفاوضات التي وصلت إلى طريق مسدود.
وأضاف مارغايو “سنقوم بالتنسيق مع باقي شركائنا الأوروبيين من أجل السلام العادل، وأن يكون على رأس أولويات إسبانيا من خلال عضويتها في مجلس الأمن الدولي العمل على تحقيق هذا السلام العادل والشامل والمساهمة في استقرار المنطقة.
القنصل الفلسطيني ونائب سفير فلسطين في إسبانيا “محمد عمر” تابع التصويت في مبنى البرلمان الإسباني برفقة سفير فلسطين “كفاح عودة” وطاقم السفارة الفلسطينية وسفراء الدول العربية المعتمدين لدى إسبانيا وعدد من المختصين والمهتمين بالشأن الفلسطيني.
وقال القنصل عمر: “نحن سعداء جدًا بهذا الاعتراف ونتابع حماس الحكومة الإسبانية ونتمنى ترسيم الاعتراف في أسرع وقت، وسنعمل مع شركائنا الإسبان في هذا الصدد”، مضيفًا: “هذا تطور تاريخي في نظرة إسبانيا للقضية الفلسطينية”.
ويعتقد الباحث بجامعة الكومبلوتنسي بمدريد والخبير المعتمد لدى الاتحاد الأوروبي في قضايا الدبلوماسية الموازية “محمد ظهيري” أن هذا الاعتراف سيعزز محادثات السلام المتوقفة منذ أبريل الماضي.
وشكل تصويت البرلمان الإسباني رغم رمزيته مفاجأة في الساحة السياسية الإسبانية فقد دعمه الحزب الشعبي الحاكم اليميني، رغم أن أكثر المحللين تفاؤلاً كان يراهن فقط على نواب الحزب الاشتراكي المعارض – أكبر أحزاب المعارضة وثاني قوة سياسية في إسبانيا – والكتلة البرلمانية لحزب اليسار الموحد، لكن دخول الحزب الشعبي الذي يملك 185 صوتًا في البرلمان حسم النتيجة لصالح الاعتراف.
ويرى الظهيري أن تحرك الحزب الحاكم في إسبانيا لدعم هذا الاعتراف في البرلمان “ينطلق من مصالح إسبانيا في البلدان العربية كما أنه تجاوب مع المطالب السياسية في الداخل”.
وتابع: “بعد الأزمة الاقتصادية في إسبانيا منذ النصف الثاني من عام 2007، أدركت الحكومة الإسبانية أهمية العلاقة مع الدول العربية سواء دول الخليج أو بلدان المغرب العربي، إضافة إلى أن الحكومة الإسبانية تعرف أن عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية سوف يضعها في مواجهة مع قطاع هام من المجتمع المدني الإسباني الداعم لقضية الشعب الفلسطيني.”
كما أن الحكومة الإسبانية، بحسب الظهيري “تفضل أن يكون الاعتراف في ولايتها لأنه قد يتم تمرير القرار في النهاية في ولاية أحد الاحزاب الاشتراكية أو اليسارية لاحقًا، وبالتالي فقد نظرت إلى ذلك من الناحية الاستراتيجية”.
ويأتي تصويت البرلمان الإسباني للاعتراف بفلسطين من بعد تصويت الجمعية الوطنية الفرنسية، وإعلان النواب الاشتراكيين نيتهم تقديم مقترح حول الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، حيث سيتم التصويت عليه في 28 نوفمبر الحالي.
ومن المتوقع أن يوافق النواب الاشتراكيون الذين يشكلون الغالبية في البرلمان الفرنسي على الاعتراف بفلسطين، ويهدف من ورائه استخدام “الاعتراف بفلسطين” كورقة ضغط على إسرائيل من أجل دفعها نحو حل يضع حدًا للاشتباكات ومن أجل التوصل لحل نهائي.
ويرى مراقبون أن هذا التصويت يبقى رمزيًا حتى لو تمت الموافقة عليه في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ ولا يعني الاعتراف بدولة فلسطين، بحكم أن القرار يعود للسلطة التنفيذية كما هو الحال في بريطانيا، حيث صوت مجلس العموم البريطاني سابقًا بغالبية أعضائه بالموافقة على الاعتراف بفلسطين.
وكانت السويد اعترفت بدولة فلسطين منذ أيام، وتعد بذلك أول دولة تعترف بفلسطين وهي عضو في الاتحاد الأوروبي، أما دول المجر وبولونيا وسلوفاكيا الأعضاء في الاتحاد الأوربي، كانوا قد اعترفوا بدولة فلسطين قبل دخولهم النادي الأوروبي، ويبلغ عدد الدول التي تعترف بفلسطين دولة مستقلة حول العالم 130 دولة.