ترجمة وتحرير: نون بوست
استُخدم معتقل في موقع احتجاز سري تابع لوكالة المخابرات المركزية في أفغانستان كمثال حي لتعليم المحققين المتدربين، الذين اصطفوا لضرب رأسه بجدار من خشب، مما أدى إلى إصابته بتلف في الدماغ، وذلك وفقًا لتقرير حكومي أمريكي.
ووردت تفاصيل تعذيب عمار البلوشي في تقرير صدر سنة 2008 عن المفتش العام لوكالة المخابرات المركزية، ورُفعت عنه السرية مؤخرًا كجزء من ملف قضائي قدمه محاموه بهدف إخضاعه لفحص طبي مستقل.
يُعتبر البلوشي، وهو كويتي يبلغ من العمر 44 سنة، واحدًا من بين خمسة متهمين َمثَلوا أمام محكمة عسكرية في خليج غوانتنامو متهمين بالمشاركة في التخطيط لأحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، ولكن القضية ظلت معلّقة حيث عُقدت العديد من جلسات الاستماع السابقة للمحاكمة منذ 10 سنوات، بسبب نزاع حول المقبولية القانونية للشهادة التي تم الحصول عليها بعد التعذيب.
ووفقًا لتقرير المفتش العام؛ كانت وكالة المخابرات المركزية على علم بأن تسليم المحتجز، عمار البلوشي، من الحجز الباكستاني إلى “الموقع الأسود” شمال كابول سنة 2003، كان “خارج نطاق القانون”، لأنه كان في ذلك الوقت في الولاية القضائية الباكستانية ولم يعد يُمثل تهديدًا إرهابيًّا.
وقال التقرير إن المحققين في الموقع، المعروفين باسم “الكوبالت” و”سولت بيت”، تجاوزوا المبادئ التوجيهية التي وضعتها وكالة المخابرات المركزية في تعذيب البلوشي، وذلك باستخدام تقنيتين من دون الحصول على موافقة: عن طريق وضع عصا خلف ركبتيه في وضعية الإجهاد التي تنطوي على انحناء الظهر أثناء الركوع، والغمر بالماء المثلج.
وتمت الموافقة على استخدام أسلوب “التحويط بالجدار” المنصوص عليه في المبادئ التوجيهية “لأسلوب الاستجواب المعزز” التي أرسلها مقر وكالة المخابرات المركزية، وقد اشتمل هذا الأسلوب على وضع كعبي المعتقل على جدار من الخشب مصمم خصيصا “يتسم بالمرونة” ووضع منشفة ملفوفة حول رقبة المحتجز.
في حالة الشبح على الحائط على وجه الخصوص، واجه مكتب المفتش العام صعوبة في تحديد ما إذا كانت الجلسة مصممة لاستخراج معلومات من عمار أو لضمان حصول جميع المحققين المتدربين على شهاداتهم
وجاء في التقرير “كان المحققون بعد ذلك يمسكون طرفي المنشفة أمام وأسفل وجه المحتجزين ويدفعون البلوشي للخلف نحو الحائط، ولا يتركون المنشفة”، وقال أحد المحققين (تم تحديده فقط من خلال رمز) إن الهدف كان “ارتداد” رأس المحتجز عن الحائط، وأشار التقرير إلى أن البلوشي كان “عاريًا أثناء الإجراءات”.
ولم يكن هناك حد زمني لجلسات “التحويط بالجدار” ولكن الجلسة الواحدة “عادةً لا تستمر لأكثر من ساعتين”، ولكنهم استمروا لفترة أطول لأن البلوشي كان يُستخدم كأداة تعليمية.
وقال أحد المتدربين السابقين للمحققين “اصطف جميع متدربي الاستجواب لوضع عمار على الحائط وشبحه حتى يتأكد المدرب من قدرتهم على استخدام هذه التقنية”.
وقال التقرير: “في حالة الشبح على الحائط على وجه الخصوص، واجه مكتب المفتش العام صعوبة في تحديد ما إذا كانت الجلسة مصممة لاستخراج معلومات من عمار أو لضمان حصول جميع المحققين المتدربين على شهاداتهم”، وتوصل التقرير إلى حقيقة أنّ اصطفاف المحققين لشبح عمار على الحائط يوحي بأن “الهدف الأساسي هو الحصول على شهادة”.
وقام اختصاصي علم النفس العصبي بإجراء تصوير بالرنين المغناطيسي لرأس بلوشي في أواخر سنة 2018، وكشف عن وجود تلف متوسط إلى شديد في أجزاء من دماغه، مما يؤثر على تكوين الذاكرة واسترجاعها وكذلك التنظيم السلوكي، كما وجد الأخصائي أن التشوهات التي لوحظت تكشف تعرّض الدماغ لإصابات رضحية.
كان المحققون مقتنعين بأن البلوشي يخفي معلومات أكثر من تلك التي يُفصِح بها، لأنه كان ابن أخ خالد شيخ محمد، العقل المُدّبر لهجمات 11 أيلول/سبتمبر
كما توصل تقرير المفتش العام إلى أنّ معالجة البلوشي لم تسفر عن أي معلومات استخبارية مفيدة، وأشار إلى أن المحققين في كوبالت ركّزوا على ما إذا كان عمار متورطًا أكثر من تركيزهم على جودة المعلومات التي كان يقدمها، حيث وصف منطق وكالة المخابرات المركزية في تبرير الاعتقال بأنه “غامض وغير مُجدي”.
وذكر التقرير أنّ “عمار لفّق المعلومات التي قدّمها عندما خضع للاختصاصات التي تمر بمرحلة انتقالية”، وقد “اعترف لاحقًا للمحققين أنه كان مرعوبًا ولجأ إلى الكذب لحمل ضباط الوكالة على وقف الإجراءات، وأوضح عمار أيضًا أنه كان يخشى الكذب ويخشى قول الحقيقة لأنه لا يعرف كيف سيتم التعاطي مع ذلك”.
كان المحققون مقتنعين بأن البلوشي يخفي معلومات أكثر من تلك التي يُفصِح بها، لأنه كان ابن أخ خالد شيخ محمد، العقل المُدّبر لهجمات 11 أيلول/سبتمبر؛ حيث أمضى البلوشي أكثر من ثلاث سنوات في سجون المخابرات الأمريكية، وانتقل بين ستة “مواقع سوداء” قبل نقله في سنة 2006 إلى معتقل غوانتنامو، ولا يزال في انتظار المحاكمة.
وقالت محاميته ألكا برادهان “لو لم تُخفِ وكالة المخابرات المركزية استنتاجاتها بشأن عدم شرعية تعذيب عمار لهذه الفترة الطويلة، لما تمكنت الحكومة الأمريكية من توجيه اتهامات ضد عمار لأننا نعلم الآن أن التعذيب الذي تعرّض له عمار أدّى إلى تلف دائم في الدماغ وأمراض مُنهكة أخرى لا يمكن علاجها في معتقل غوانتانامو“.
المصدر: الغارديان