ترجمة وتحرير: نون بوست
في حال فاتتك وسط أخبار الحرب، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال هذا الأسبوع أن المملكة العربية السعودية تقترب من قبول اليوان كمقابل لشحنات النفط إلى الصين، وهذه تكلفة أخرى – وربما تكلفة مهمة – من تعامل إدارة بايدن الفاشل مع حليف مهم إستراتيجيًّا.
لا تزال تفاصيل الترتيبات الجديدة المحتملة لتجارة النفط السعودية الصينية غامضة؛ حيث تحدث الجانبان منذ سنوات عن تسعير بعض مبيعات النفط باليوان، وقد لا يحدث ذلك، خاصة وأنه يتم تسعير حوالي 80٪ من مبيعات النفط العالمية بالدولار الأمريكي، واليوان غير قابل للتحويل بحرية كما يجب أن تكون العملة الاحتياطية، والعملة السعودية – الريال – مرتبطة بالدولار.
ومع ذلك؛ يُقال إن الجانبين حريصان على تحويل التعامل باليوان، وترسل أنباء عن تجدد المناقشات إشارة مقلقة، فقد التزمت المملكة العربية السعودية في شنة 1974 بإجراء تجارة النفط بالدولار فقط، مقابل ضمانات أمنية من واشنطن، ولكن قوضت إدارة بايدن تلك العلاقة في كل منعطف، وبكل المقاييس يمكن أن نقول لقد سئم السعوديون.
كانت إحدى أولى إجراءات السياسة الخارجية للإدارة هي إنهاء الدعم الأمريكي للحرب السعودية ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، كما أزال التصنيف الإرهابي من الحوثيين، ثم أرجأ البيت الأبيض بيع أسلحة مقررة إلى الرياض، وهي صفعة أمنية لم يتم عكسها حتى أواخر العام الماضي.
أعاد الحوثيون هدية بايدن بإرسال طائرات مسيرة وصواريخ لمهاجمة حقول النفط والمدن السعودية وحليفتها الإمارات العربية المتحدة. وفي غضون ذلك، يراقب السعوديون، مذعورين، بايدن يطارد اتفاقًا نوويًّا جديدًا يمنح إيران الموارد لتمويل حروب بالوكالة ضد المملكة العربية السعودية؛ وذلك إلى حين حصول طهران على قنبلتها النووية الخاصة.
يعيد السعوديون حساب مصالحهم الآن لأنهم يخشون من كونهم لا يستطيعون الاعتماد على الولايات المتحدة أكثر من ذلك
يقول السيد بايدن ومستشاروه إن الأمر كله يتعلق بحقوق الإنسان، فقد ركبوا الموجة فيما يتعلق بمقتل الصحفي جمال خاشقجي الذي دبرته الرياض سنة 2018، كما أشار وزير الخارجية أنتوني بلينكين إلى مخاوف إنسانية عند رفع التصنيف الإرهابي عن الحوثيين.
كانت جريمة قتل خاشقجي شائنة ومحنة اليمن يائسة، لكن على الرغم من ذلك؛ اتخذ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خطوات أخرى نحو تحرير المجتمع المحلي. والأهم من ذلك؛ أن الولايات المتحدة بحاجة إلى كل صديق يمكنها الاحتفاظ به في جزء صعب من العالم، فيما تفترض العقليات التي تعمل على العلاقات الخارجية في إدارة بايدن – بشكل خاطئ – أن قوة مثل أمريكا لديها رفاهية التعاون مع النقي أخلاقيًّا فقط.
يعيد السعوديون حساب مصالحهم الآن لأنهم يخشون من كونهم لا يستطيعون الاعتماد على الولايات المتحدة أكثر من ذلك؛ وسط عداء إدارة بايدن والانسحاب المرعب لأفغانستان، وهو ما يتجلى في رفض ولي العهد توسلات السيد بايدن لضخ المزيد من النفط؛ حيث يُقال إنه رفض حتى تلقي مكالمة هاتفية من الرئيس بايدن.
يُسعد بكين أن تملأ الخرق بين السعودية وأمريكا؛ فقد تستفيد إذا تمكنت من إقناع الرياض بترتيب اليوان مقابل النفط؛ حيث سيساعد ذلك بكين على البدء في تأسيس قواعد البناء العالمي لليوان، بما في ذلك زيادة تشتت العملة في جميع أنحاء العالم، وهذا بدوره قد يفتح الباب أمام الصين لتقديم اليوان كعملة تجارية لخصوم الولايات المتحدة مثل روسيا وإيران؛ حيث ستكون العقوبات الاقتصادية الأمريكية أقل فعالية بكثير.
هناك الكثير من الخراب في العملة الاحتياطية، فيما يستمر تفوق الدولار العالمي في الوقت الحالي، لكن على واشنطن أن تتراجع عن أي تحديات ناشئة؛ خاصة من المنافسين الاستراتيجيين، فهذه وظيفة عاجلة لوزيرة الخزانة جانيت يلين، على افتراض أنها تستطيع الابتعاد عن الحملات من أجل الضرائب العالمية وتنظيم المناخ.
تدفع الولايات المتحدة ثمن أزمة أوكرانيا بسبب فقدانها السعوديين
يسلط الخطأ السعودي الضوء على فشل علامة بايدن التجارية الدولية الليبرالية الصالحة، فالمقارنة؛ غالبًا ما أعطى الرئيس ترامب اهتمامًا قصيرًا بالقيم الأمريكية، لكن بايدن تأرجح كثيرًا في الاتجاه المعاكس؛ حيث يبدو أنه ومستشاروه في السياسة الخارجية يعتقدون أن العظمة بشأن حقوق الإنسان والمناخ سيكسب اليوم لمصالح الولايات المتحدة. لقد مزج الرؤساء الناجحون، مثل رونالد ريغان، بين المثالية والواقعية حول الجهات الفاعلة السيئة في العالم والحاجة إلى الأصدقاء.
في هذا العصر الجديد من منافسة القوى العظمى، لا تستطيع الولايات المتحدة تحمل نفرة الحلفاء الذين يمكنهم المساعدة في ردع المعتدين الاستبداديين المصممين على الإضرار بالمصالح والقيم الأمريكية، فالأن تدفع الولايات المتحدة ثمن أزمة أوكرانيا بسبب فقدانها السعوديين.
المصدر: وول ستريت جورنال