أَولَى المسلمون الأوائل أهمية فائقة للزراعة كونها إحدى ركائز الاستقرار والتعمير التي حثّ عليها الدين الإسلامي لإعمار الكون واستمرار الحياة البشرية، لذا جاءت عشرات الآيات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة تدفع المسلمين دفعًا للحرث واستخراج ثروات الأرض.
ورغم ما احتلته الزراعة من أهمية لدى شعوب الأرض قبل الإسلام، إلا أنه وبعد نزول الوحي تغيّر الوضع شكلًا ومضمونًا، حيث تجاوز الأمر حاجز الزراعة التقليدية من أجل الحياة إلى إثراء الخارطة الزراعية العالمية بالعديد من الإسهامات والإنجازات، والتي كان لها دورها المحوري في تنمية هذا المجال وتحقيق أقصى استفادة منه.
وتوثق عشرات المؤلفات والكتب إسهامات المسلمين في علوم الزراعة بالكلية، فلاحة ونباتات طبية وعقاقير وحيوانات، بجانب علوم الري والحرث، وكيف نقل العالم، شرقه وغربه، عن علماء المسلمين تلك الإبداعات التي تحولت إلى مراجع لكافة المهتمين.
أقدم المعارف البشرية
تعدّ الزراعة الحرفة والمهنة الأولى التي امتهنها الإنسان منذ قديم الأزل، وقد شهدت عدة تطورات مع تقدُّم الخبرات ومع الطفرة العلمية والتكنولوجية التي شهدها العالم منذ منتصف القرن الـ 15 وحتى اليوم.
ويفرّق العلماء بين مصطلحَي الزراعة وعلم الزراعة، فالأول يشير إلى الأنشطة التي يقوم بها الإنسان لتغيير بيئة الأرض والحيوان لخدمة أغراضه الحياتية من الحصول على المحاصيل والإنتاج السلعي، أما الثاني فهو ذلك العلم متعدد التخصُّصات الذي يتضمّن خليطًا من العلوم الاجتماعية والطبيعية والاقتصادية والدقيقة.
وتسعى العلوم الزراعية بشتى أنواعها، النظرية والتطبيقية، إلى بحث وتطوير التقنيات الإنتاجية، وتحسين الإنتاجية الزراعية من ناحية الكمّ والكيف، فضلًا عن تحويل المنتجات الأولية إلى منتجات المستهلك النهائي، بجانب منع التأثيرات الضارّة وإصلاحها
وتتميز علوم الزراعة في المجمل بأنها علوم لها خصوصية الزمان والمكان، فما يتناسب مع مكان ما في وقت ما قد لا يتناسب مع مكان آخر في زمن آخر، إذ ترتبط في الغالب بخصائص التربة والتي يستحيل أن تتطابق تمامًا في مكانَين مختلفَين، وهو ما أطلق عليه البعض “علم دراسة المناطق البيئية” كأحد مكمّلات علوم الزراعة.
نظرًا إلى ما يمثله علم الزراعة من أهمية وقيمة إنسانية كبيرة، بات من أكثر علوم العالم تنوعًا وثراءً
واُستخدم مصطلح “علم الزراعة” لأول مرة خلال الثورة العلمية التي شهدتها الولايات المتحدة عام 1887، عبر قانون “هاتش” الذي ساعد المزارعين في معرفة مكونات السماد الصناعي، تلاه قانون “سميث-هيوز” عام 1947، ثم حزمة من القوانين الأخرى التي دفعت قاطرة الزراعة إلى الأمام عبر تطبيقات علمية ساهمت بشكل كبير في تحويل الزراعة من مجرد أنشطة حياتية إلى علم تنفقُ عليه الدول ميزانيات باهظة لتحقيق الاستفادة المرجوة منه، لا سيما بعدما تحول الغذاء إلى أمن قومي لا يقلّ أهمية عن مخاطر الحروب والأزمات.
وفي القرنَين الماضيَين وبفضل التطورات التي شهدتها علوم الزراعة وإدخال تكنولوجيا الحاسوب، ظهر على السطح مجالات علمية جديدة منبثقة عن علم الزراعة الأمّ، أبرزها الهندسة الوراثية والفيزياء الزراعية.
ونظرًا إلى ما يمثله علم الزراعة من أهمية وقيمة إنسانية كبيرة، بات من أكثر علوم العالم تنوعًا وثراءً، إذ تجاوزت المجالات المنضوية تحت هذا المسمى عشرات المجالات، منها الاقتصاد الزراعي، الهندسة الزراعية، الجغرافيا الزراعية، التسويق الزراعي، علم الحيوان، علم النبات، الزراعة المائية، الهندسة الوراثية، العلوم البيئية، علم الغذاء، التغذية البشرية، الري وإدارة المياه، علوم التربة وإدارة المخلفات.
محطات بارزة
وضع المسلمون الأوّلون اللبنة الأولى لتدشين مفهوم جديد للزراعة يقوم على أيديولوجية “الاستقلال الاقتصادي”، وهو ما يمكن قراءته في العبارة التي قالها الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) حين رأى يزيد بن مسيلمة يغرس في أرضه، حيث خاطبه: “أصبت، استغنِ عن الناس يكن أصون لدينك وأكرم لك عليهم”، وهو التوجه الذي امتدَّ إلى الحفيد عمر بن عبد العزيز (رضي الله عنه) حين قال: “ازرعوا على الأرض بنصفها، بثلثها، بربعها.. إلى عشرها ولا تدعوا الأرض خرابًا”، ومن قبلهما النبي عليه السلام الذي كان يحضّ المسلمين على الزراعة قائلًا: “التمسوا الرزق في خبايا الأرض”.
وفي عصر الخلافة الراشدة كانت المدينة المنورة واحدة من أزهى مزارع شبه الجزيرة العربية، حيث اكتست بالبساتين والمحاصيل، وفاض منها الخير الكثير، وتحولت المدينة من منطقة تجارية إلى زراعية، حيث كان ينتهج الخلفاء سياسة منح المسلمين أراضي لزراعتها واستصلاحها، فعمَّ الخير على الجميع.
وكانت معرفة المسلمين بالنهضة الزراعية بداية العصر الأموي (662-750م) حيث بدأوا استخدام طرق الزراعة المتنوعة من شقّ للتُّرَع وإصلاح للمجاري، وانتشرت في ذلك العصر زراعة الحبوب والتمور والقطن، بجانب أشجار الزيتون والكرمة، وكان للخليفة هشام بن عبد الملك عشرات البساتين المثمرة التي كانت عنوان هذا العصر.
واستمرت قاطرة التطور الزراعي خلال العصر العباسي (750- 1517م) حيث انتشرت مهنة الفلاحة التي كانت على رأس المهن المهمة في ذلك الوقت، واشتهر هذا العصر ببناء البساتين التي تُستخدَم في تزيين المدن والقصور، وعليه بنى المعتصم مدينة سامراء التي كانت عبارة عن تحفة زراعية لا مثيل لها في ذلك الوقت.
ولأول مرة في هذا العصر يُدخل المسلمون الفلاحة التجريبية في نشاطهم الزراعي، حيث استعانوا بما كُتب عن الزراعة في الثقافات الأخرى والتي نقلوها عبر الترجمة التي انتشرت وقتها، فأضفوا الصبغة العلمية التطبيقية على العملية الزراعية ابتداء من مرحلة الحرث وصولًا إلى الحصاد والتخزين مرورًا بالري ومحاربة الآفات والأمراض.
النقل الغربي عن الحضارة الإسلامية
كانت الأندلس حلقة الوصل بين العرب والمسلمين من جانب وأوروبا من جانب آخر، حيث كانت المحطة الرئيسية لنقل علوم المسلمين إلى الغرب، ومن ثم وبينما كانت الدولة الإسلامية تحيا واحدة من أزهر مراحلها في شتى المجالات العلمية ومن بينها الزراعة، كانت أوروبا تعاني من فقر شديد في علوم تلك المجالات، وكانت تعاني أراضيها من انخفاض شديد في الإنتاجية وفقدان الخصوبة، ومن ثم باتت البلاد الأوروبية على مشارف الموت البطيء جوعًا.
حين انتشرت الحشرات التي تفسد النخيل والتمر، لجأوا إلى استخدام النمل الصحراوي المفترس، والذي يتغذى على تلك النوعية من الحشرات
وفي أوائل القرن الـ 9 ميلادي، وحين تولى الخلافة في الأندلس السلطان عبد الرحمن الناصر (961-980م)، ثامن حكّام الدولة الأموية، بدأ في إيفاد البعثات العلمية إلى المشرق، حيث قلب الحضارة الإسلامية النابض في بغداد والقاهرة ودمشق، لتعلم علوم الزراعة بشتى أنواعها ونقل خبرات المسلمين في هذا الشأن، بجانب جلب أمّهات الكتب التي تتناول طرق تنمية المحاصيل الزراعية التي تتناسب والبيئة الأوروبية.
ومن هنا بدأت تنمو في الأندلس مدرسة علمية تتّخذ من فنون الفلاحة منهجها الدراسي الأبرز، تستند في عملها على الكتب المنقولة من العواصم الإسلامية، سواء التي ألّفها علماء مسلمون أو المترجَمة عن الحضارات القديمة، وتحولت الأندلس في غضون سنوات معدودة إلى لوحة فنية زراعية أضفت بشعاعها التنويري الزراعي على عموم القارّة الأوروبية، التي وثّق مستشرقوها فضل المسلمين في التطور الذي شهدته بلادهم بعد ذلك.
وليس هناك أدلّ على هذا التأثير الكبير للحضارة الإسلامية في الزراعة الغربية ممّا قاله البروفيسير الفرنسي شارل سينوبوس، في كتابه “تاريخ الحضارة“، حين كتب يقول: “جرى أمراء العرب على أصول إسقاء الأرض بفتح الترع، فحفروا الآبار وجازوا بالمال الكثير ممن عثروا على ينابيع جديدة، ووضعوا المصطلحات لتوزيع المياه بين الجيران، ونقلوا إلى أسبانيا أسلوب النواعير لتمنح المياه والسواقي التي توزعها، وإن سهل “بلسنة” الذي جاء كأنه حديقة واحدة هو من بقايا عمل العرب وعنايتهم بالسقيا، كما أن العرب استعملوا جميع أنواع الزراعة التي وجدوها في مملكتهم وحملوا كثيرًا من النباتات إلى صقلية وأسبانيا، وربّوها في أوروبا فأحسنوا تربيتها حتى لتظنها متوطنة وذلك مثل الأرز والبطيخ والقنب والمشمش والبرتقال والكبار والنخيل والهليون والزعفران والبطيخ الأصفر والعنب والعطر والورد الأزرق والأصفر والياسمين بل والقطن والقصب”.
رواد علم النباتات
يصنَّف المسلمون بأنهم “رواد علم النباتات والعقاقير”، فإسهاماتهم في هذا المجال لا ينكرها منصف، وأمّهات الكتب التي يعتمد عليها باحثو العقاقير في كبرى الجامعات الغربية توثِّق تلك الإسهامات بشكل واضح، إذ إن معظمها لعلماء مسلمين إما نصًّا صريحًا مترجمًا أو نقلًا عنهم في تلك التي ألّفها علماء أوروبا.
يؤكد المؤرِّخ الدكتور عبد الحليم عويس، في مقال له، أن اهتمام المسلمين بعلم العقاقير والنباتات الطبية يعدّ الأسبق عالميًّا، لافتًا إلى أن علماء المسلمين لهم السبق في دراسة علم النبات بمعناه الحديث، العلم الذي يبحث في أنواع وخواص وأشكال وعجائب ومضارّ وفوائد النباتات، ورواد هذا العلم في أغلبهم مسلمين على رأسهم ابن جلجل وابن وافد وابن سمجون والغافقي وابن ميمون.
ويستعرض عويس أبرز الجوانب التي اهتمَّ بها المسلمون في دراسة علم النبات، منها تحديد أسماء وأصول النباتات وترتيبها كذلك، أيضًا دراستها جهة الزراعة والأصناف المناسبة وأنواع وخصائص التربة المثالية لزراعتها، هذا بخلاف بحث تلك السلالات النباتية التي اكتشفها الرحّالة المسلمون، وأخيرًا دراسة النباتات المستخدمة في صناعة العقاقير، وهو المجال الذي أثار إعجاب صيادلة العالم وأطبائه ومكتشفيه، وبدأوا في النقل عنه والاستفادة منه في ضوء الاكتشافات الكبيرة التي توصّل إليها علماء المسلمين في هذا الحقل.
مكافحة الأمراض الزراعية
ساعد التقدم العلمي الإسلامي في علوم الكيمياء والفيزياء بجانب ما أحرزه من تقدم في دراسة علم الحيوان والعقاقير، في التفوق الواضح في مجال مكافحة الأمراض والآفات الزراعية، وهو ما ساعد في زيادة الإنتاجية الزراعية وتقليل حجم المُهدَر والفاقد بسبب تلك الأمراض.
وتعدّ الأدوات والاستراتيجيات التي وضع المسلمون لبنتها الأولى لمحاربة الآفات الزراعية هي المرجعية الأكبر للمنظومة المتعامل بها حاليًّا رغم مرور مئات السنين، حيث لجأ المسلمون إلى استخدام الطعام والسوائل والغازات في القضاء على الحشرات والطعون، وقد نقل عنهم الغرب تلك الإسهامات لتعزيز رقعتهم الزراعية والإنتاجية.
ففي سبيل قتل الفئران والذباب والجراد والكلاب الضالّة والقوارض استخدم المسلمون الطعون السامة، كما استخدموا المبيدات المرشوشة في قتل الحشرات الملاصقة للمحاصيل والنباتات، هذا بجانب استخدام المواد الكيماوية الطائرة سريعة التبخر لطرد بعض الآفات مثل البراغيث، دون أي آثار جانبية ضارة على المزارعين.
كما يعدّ العرب والمسلمون أول من استخدموا المبيدات الحيوية في اليمن قبل آلاف السنين، فحين انتشرت الحشرات التي تفسد النخيل والتمر، لجأوا إلى استخدام النمل الصحراوي المفترس، والذي يتغذى على تلك النوعية من الحشرات، وبذلك نجحوا في حماية محاصيلهم دون أي أضرار محتملة على الإنسان أو الزرع.
رواد المسلمين في الزراعة
أثرى العلماء المسلمون المكتبة الإنسانية في مجال العلوم الزراعية بمئات الكتب، بعضها كان مترجمًا عن اليونانية كمؤلفات الرومي وقيندانيوس البروتي وكسيانوس ياسوس الروماني، والأغلبية كانت من بنات أفكار المسلمين الذين نجحوا في تقديم شروحات وافية وكافية في مجال الزراعة والحرث والري والنباتات والحيوانات وغيرها، وأهمهم:
يعدّ الكتاب ذو الـ 1000 صفحة موسوعة شاملة في العديد من مجالات الزراعة وأنواعها
ابن وحشية النبطي: هو أبو بكر أحمد بن علي بن قيس بن المختار بن عبد الكريم، المعروف باسم “ابن وحشية” الذي عاش في القرن الـ 3 الهجري، وأحد أبرز علماء المسلمين في الزراعة والكيمياء بجانب نبوغه في علوم اللغة الأخرى، من أشهر إسهاماته كتابه الشهير “الفلاحة النبطية” الذي يعدّ حجر الأساس في نشأة “علوم الزراعة العربية”، ونُقل عنه شرقًا وغربًا رغم أنه معرَّب من السريانية.
ويعدّ الكتاب ذو الـ 1000 صفحة موسوعة شاملة في العديد من مجالات الزراعة وأنواعها، حيث أفرد فصولًا كاملة لزراعة الأشجار والحبوب والبقول، وطرق الري المختلفة، وأفضل أنواع السماد وسماته، هذا بجانب التطرق إلى مجالات أخرى مرتبطة بشكل أو بآخر بالزراعة كالفلسفة والسحر والطلاسم.
أبو سعيد الأصمعي (740-828م): هو عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع الباهلي، ولد وتوفي في البصرة، وأحد رواد علم النبات في العالم، ومن أبرز مؤلفاته كتابه الشهير “النبات والشجر”، والذي تطرق فيه تفصيلًا إلى أفضل أنواع النباتات التي يمكن زراعتها والتربة المناسبة لها وأجود أنواع الأراضي الصالحة للاستخدام، كما قسّم النبات إلى أحرار وغير أحرار أو ذكور، بجانب تقسيم آخر إلى حمض مالح وخلة غير مالحة، وبلغ عدد أسماء النباتات التي ذكرها في كتابه نحو أكثر من 280 اسمًا.
ابن العوام: هو أبو زكريا يحيى بن محمد أحمد بن العوام الإشبيلي الأندلسي، ولد في إشبيلية وتوفي عام 1158م، اشتهرَ بمؤلفاته في علوم النبات والحيوان والفلك والطب، ومن أكثر مؤلفاته شهرة وتأثيرًا كتاب “الفلاحة” الذي يعدّ بمثابة دليل شامل لعلوم الزراعة القديمة والحديثة، كما يعدّ مرجعًا كبيرًا للباحثين المهتمين بالشأن الزراعي بصفة عامة.
ويبحث الكتاب المكوَّن من 34 فصلًا، والذي تُرجم إلى الإسبانية والفرنسية في القرن الـ 19، في مجال السماد وطبيعة الأرض وعمليات الري وإخصاب الأشجار، بجانب عمليات التطعيم وتقليم الأشجار ومكافحة الأمراض الزراعية وطرق الحفظ والتشوين، والتفريق بين الصالح والطالح في النباتات ومنافعها وأضرارها وغير ذلك من مجالات الزراعة المتشعّبة.
أبو حنيفة الدينوري (828-895م): هو أبو حنيفة أحمد بن داود الدِّينَوَرِي، المولود في إيران، وأحد علماء المسلمين النابغين في النحو واللغة والفلك بجانب تميزه في علوم النبات، حتى أنه لُقب بـ”شيخ علماء النبات”، ومن أجلّ إسهاماته كتاب “النبات” الذي وصف فيه مئات الأنواع المختلفة من النباتات التي رآها بنفسه وسمع عنها من العلماء الثقات.
الكتاب تضمّن كذلك كيفية شق التُّرَع والجسور، ونظرًا إلى مكانته العلمية الكبيرة جعله الملك الكامل الأيوبي، خامس سلاطين الدولة الأيوبية، رئيسًا على العشابين في مصر، وتعدّ مؤلفاته أحد أبرز المراجع التي اعتمدَ عليها الأوروبيون في نهضتهم الحديثة.
لم تكن تلك المؤلفات وحدها التي أسهم بها العلماء المسلمون في نهضة الإنسان زراعيًّا، فهناك آلاف الكتب الأخرى
ابن بصّال: هو أبو عبد الله محمد بن إبراهيم، المعروف بـ”ابن البصّال الطليطلي”، صاحب الإسهامات الكبيرة في مجال الهندسة الوراثية في علوم الزراعة، إذ استطاع زراعة الرمان وشجر التين في بستان الخليفة المأمون في أي وقت من السنة، كما كان ماهرًا في زراعة الزهور بأنواعها المختلفة.
يعدّ كتاب “الفلاحة” لابن بصّال واحدًا من أمّهات الكتب في زراعة البساتين والنباتات المتنوعة، وقد نقل عنه علماء أوروبا واستعانوا بإسهاماته في تطوير نهضتهم الزراعية، فيما عاش العالم المسلم بقية حياته في طليطلة كـ”مستشار زراعي”، حيث كانت تأتيه المراسلات من كل أنحاء العالم بشأن الاستفسار عن بعض أمور الفلاحة، فكان يجيبهم عليها ويرسلها لهم مرة أخرى، ومن هنا ذاع صيته وبات بيته قبلة علماء أوروبا.
لم تكن تلك المؤلفات وحدها التي أسهم بها العلماء المسلمون في نهضة القطاع الزراعي، فهناك آلاف الكتب الأخرى، لعلّ من أهمها كتاب “الشجر” لابن خالويه، و”الفلاحة والعمارة” لعلي بن محمد بن سعد، بجانب كتاب “الزرع” لأبي عبيدة البصري، ليؤكّد المسلمون أنهم ضلع أساسي في رخاء الحضارة الإنسانية بصفة عامة، حتى إن تخلفوا عن الركب في العقود الأخيرة.