ترجمة وتحرير: نون بوست
يعتبر القطب الشمالي واحدًا من آخر المناطق غير المستغلة المتبقية في العالم.
ولطالما كان مناخها القاسي ودرجات الحرارة المعادية لحياة الإنسان بمثابة حاجز طبيعي أمام المشاريع التنموية واستغلال ثروات هذه المنطقة، لكن أزمة المناخ التي يعيش على وطأتها العالم، ساهمت في تغيير الكثير من المعطيات في هذا الطرف النائي من كوكب الأرض.
تتربع ست دول تحيط بالمحيط المتجمد الشمالي على قمة العالم: روسيا وكندا والولايات المتحدة والدنمارك والنرويج وأيسلندا. في الوقت الحالي، تتغير هذه المنطقة المنعزلة البعيدة، فلقد أدت التداعيات الكارثية للاحترار العالمي إلى ذوبان القمم الجليدية القطبية وتسهيل الوصول إلى الموارد، التي تبلغ قيمتها عشرات التريليونات من الدولارات، وباتت في متناول البشرية، وأصبح من الممكن اصطياد الأسماك لتوفير قوت سكان هذه المنطقة، ناهيك عن مخزونات الوقود الأحفوري التي أضحى من الممكن استخراجها في عصر تتضاءل فيه الاحتياطيات في ظل استمرار الصناعات العالمية في الاعتماد على الطرق القديمة لإنتاج الطاقة.
وأدت المنافسة الدولية المتزايدة إلى تحفيز الإنفاق العسكري، ونشر القوات المتخصصة في المنطقة لحماية المطالبات والمصالح الخاصة لكل دولة؛ حيث يدور الحديث في الوقت الراهن عن سباق محموم بين البلدان المحيطة بالقطب الشمالي لتأكيد المطالبات في المنطقة وملكية الموارد الحيوية التي توجد في قاع المحيط، وتعتبر روسيا من الدول المتقدمة في هذا السباق.
ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي، ثروة غير مستغلة
كان لأزمة المناخ تداعيات وخيمة على اقتصادات العالم، لهذا السبب، سرعان ما أصبحت مصدر قلق إستراتيجي مع تغير أنماط الطقس.
يتراجع الجليد القطبي بوتيرة سريعة وتتوقع بعض التقديرات أن القطب الشمالي سيكون خاليًا تمامًا من الجليد البحري الصيفي بحلول سنة 2035.
في الوقت الحالي، أصبح من الممكن للسفن أن تبحر عبر القطب الشمالي في طريقها من وإلى أوروبا وشمال آسيا خلال أشهر الصيف، وستكون هذه الطرق الجديدة أقصر بكثير من طرق التجارة التقليدية التي تمر عبر قناة السويس أو بنما.
وتوفر سهولة الوصول إلى المنطقة فرصًا اقتصادية كبيرة لطرق الشحن التجاري باستخدام الممر الشمالي الغربي فوق الجزء العلوي من كندا والممر الشمالي الشرقي فوق قمة روسيا، مما يؤدي إلى قطع آلاف الكيلومترات في كل رحلة.
ويحتوي القطب الشمالي على رواسب ضخمة من النفط والغاز الطبيعي والمعادن مثل النيكل والبلاتين والبلاديوم والمعادن الأرضية النادرة الموجودة تحت قاع المحيط والمناطق الشمالية من البلدان المحيطة به، وعلى الرغم من تباين التقديرات، ولكن ما يقارب عن 16 بالمائة من النفط غير المستغل في العالم و30 بالمائة من الغاز غير المكتشف في العالم يقبع تحت المحيط.
بالإضافة إلى ذلك؛ ازداد الطلب بشكل كبير على الأسماك التي تعيش في مياه القطب الشمالي الغنية بالعوالق والمنطقة التي تشتهر بثروتها غير المستغلة.
وفيما يتعلق بالشحن التجاري، تعتبر مزايا الممرات الشمالية الغربية والشمالية الشرقية القابلة للحياة لا تعد ولا تحصى.
كلًّا من الولايات المتحدة والدنمارك وكندا والنرويج وأيسلندا يشعرون بقلق عميق بشأن النفوذ العسكري المتنامي لجارتهم الشمالية روسيا
ولإدراك مدى أهمية هذه الممرات الجديدة، يمكن النظر في الطريق التقليدي من روتردام في هولندا إلى شنغهاي في الصين، ففي أوائل القرن التاسع عشر، كان على السفينة أن تسافر حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا، حيث تضطر لقطع مسافة تبلغ حوالي 26 ألف كيلومتر، وبمجرد افتتاح قناة السويس في مصر في سنة 1869، كان من الممكن تجنب الرحلة الطويلة والشاقة حول إفريقيا وأصبحت الرحلة نفسها أقصر بنسبة 23 بالمائة، فيما يخفض الممر الشمالي الشرقي حوالي 24 بالمائة إضافية من هذه الرحلة، مع توفير المزيد من الوقت وتكاليف الوقود، مما يجعله ممرًّا بحريًّا مهمًّا على المستوى الإستراتيجي.
وعلى الرغم من أن حركة الشحن منخفضة في الوقت الحالي، إلا أنه في المستقبل القريب جدًّا ستكون السفن قادرة على الإبحار في هذا الطريق دون مساعدة كاسحات الجليد – وهي سفن مدرعة قوية تشق طريقها عبر الجليد، مما يخلق قناة يمكن للسفن العادية أن تمر عبرها – حيث يكون تقدم السفن بهذه الطريقة بطيئـا ومكلفا. وفي المقابل؛ ستسمح البحار الخالية من الجليد الأكثر دفئًا بتعزيز تنقل سفن الشحن بأمان.
لكن تبقى المسألة الشائكة هي كيف يمكن تقسيم كل هذه الثروة التي بات يمكن الوصول إليها؟، فالمنطقة نفسها مقسمة حسب المياه الإقليمية للبلدان المحيطة ومناطقها الاقتصادية الخالصة – أي المنطقة المياه الساحلية المخصصة لكل بلد مع خط ساحلي مخصص لها فقط.
وتتداخل المطالبات بهذه المياه والمناطق، فقد بدأت مسألة تقرير من يحق له الحصول على ثروات هذه المياه تتعقد؛ حيث يتعين على العديد من جيران القطب الشمالي الاتفاق بين بعضهم البعض بشأن الملكية، وبينما تعمل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار كدليل إرشادي في هذا الشأن؛ إلا أن كلًّا من الولايات المتحدة والدنمارك وكندا والنرويج وأيسلندا يشعرون بقلق عميق بشأن النفوذ العسكري المتنامي لجارتهم الشمالية، روسيا؛ حيث تجدر الإشارة إلى أن غزو روسيا لأوكرانيا أثار حفيظة كل دول العالم، وليس فقط جيران روسيا.
روسيا: الدب القطبي يستيقظ
حتى قبل الحرب الروسية مع أوكرانيا، كانت وتيرة مخططات روسيا التوسعية تسير بسرعة، ناهيك عن أنها سعت إلى تحديث جيشها، وكان القطب الشمالي محط اهتمامها، وعلى الرغم من أن الجيش الروسي مجهز ومدرب بشكل أفضل، إلا أن فكرة وجود قوات مسلحة روسية حديثة ومحترفة وفعالة قد تمت المبالغة فيه بشكل كبير؛ حيث تعثر الجيش الروسي في أوكرانيا، وكان يعاني من نقص في الإمدادات وقيادة فعالة، وفي السابق؛ كان الجليد القطبي يحمي الجناح الشمالي للبلاد، لكن الأمر لم يعد كذلك.
لقد أدركت روسيا، أكبر دولة في العالم من حيث المساحة التي تمتد على 11 منطقة زمنية، أن ذوبان الجليد في القطب الشمالي يعني أن أطول حدودها – التي يبلغ طولها أكثر من 24 ألف كيلومترا – والتي تقع فوق الدائرة القطبية الشمالية، معرضة للخطر، ولقد أجبرت مكامن الضعف الحديثة هذه روسيا على إعادة تقييم مخططاتها العسكرية وتوسيع أصولها في القطب الشمالي.
وقد أعادت روسيا فتح أكثر من 50 من المواقع العسكرية السوفييتية السابقة المتوقفة في الشمال، وقامت بتحديث 10 محطات رادار، وأنشأت محطات بحث وإنقاذ وعملت على تجديد نقاطٍ حدودية، والآن مع ذوبان الجليد في القطب الشمالي، يتعيّن عليها إعادة النظر بشكل شامل في دفاعها العام.
وفي ظل الحاجة إلى مراقبة المساحات الشاسعة، فإنّ القوة الجوية هي مفتاح ذلك، ولذلك تم توسيع قاعدة القوات الجوية القديمة في ناغورسكوي في جزيرة ألكسندرا لاند، وهي موقع عسكري في أقصى شمال روسيا في القطب الشمالي، ومن المقرر أن تتمركز طائرات مقاتلة حديثة بعيدة المدى من طراز ميغ ـ31 بالإضافة إلى بطاريات الصواريخ المضادة للسفن والطائرات.
وفي سنة 2021، تمّ تطوير القوات البحرية الروسية الشمالية، التي لها سلطة قانونية في منطقة القطب الشمالي، لتصبح واحدة من خمس مناطق عسكرية روسية مهمة في المنطقة، فقد بدأت البحرية الروسية بتجربة 13 سفينة جديدة وتسعى الآن إلى تسليح طائراتها وسفنها البحرية بصاروخ كنزال الحديث الذي يفوق سرعة الصوت، كما أجرى مشاة البحرية والقوات الأخرى تدريبات على طول الساحل الشمالي لروسيا، حيث مارسوا تدريبات الدفاع واستعادة الموانئ من أعداء وهميين.
قفزة عسكرية نوعية
وكانت عمليات التحديث والتوسيع للقدرات الحربية في القطب الشمالي لروسيا قيد الإعداد منذ عقد من الزمان، وقد عرض موكب النصر السنوي الذي أُقيم في موسكو في سنة 2015 حاملات جند متينة ومناسبة للمناخ القاسي مزودة بأنظمة صواريخ عالية الحركة ويمكن قيادتها على أرض وعرة في ظروف قاسية، وتقلُّ القوات والصواريخ بأمان إلى منطقة المعركة؛ الأمر الذي أثار مخاوف الدول المجاورة.
وحتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا الذي غيّر الحسابات الإستراتيجية للغرب، فقد أثار ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في سنة 2014 قلق جيرانها بشكل متزايد، وأظهر لهم أنه عندما تُصمّم روسيا على شيء، فلن تتردّد في استخدام القوة العسكرية لتحقيقه، لتُثبت أنّ أهدافها تتحدّى الأعراف الدولية.
وعلى مدى السنوات العشر الماضية، كانت القوى الغربية تتطلّع إلى تعزيز قدراتها العسكرية في القطب الشمالي نتيجة للعدوان الروسي المتجدد وكذلك الإمكانات الاقتصادية للمياه الدافئة، لكنّ البرد القارس ومجموعة من المشكلات المتعلّقة به وتحديات القتال في القطب الشمالي كانت كبيرة؛ لا سيما أنّ الملابس الضخمة تعيق الحركة والكفاءة، وتتجمد زيوت المركبات وتصبح المواد هشة، كما يمكن أن تصبح الجروح الطفيفة ـ حتى الخدوش ـ مُهدِدة للحياة بسرعة، وخاصة تلك التي غالبًا ما تكون غير مُلاحَظة في البرد القارس، وقد تتحول هذه الجروح إلى غرغرينا، وفي ظل البرودة الشديدة يمكن أن تسبّب في قضمة الصقيع. وفي مثل هذه البيئة القاسية، تحتاج القوات إلى تدريب خاص لمجرد البقاء على قيد الحياة في ظل محركات لا تعمل وطرق ومدارج مغطاة بالجليد السميك. علاوة على ذلك، لا يمكن الاعتماد على البوصلات، لأنّ الاضطرابات المغناطيسية القطبية في الغلاف الجوي تعني أنّ شبكات الاتصالات غير مكتملة.
على الرغم من هذه التحديات، تتمتع الولايات المتحدة وحلفاؤها بخبرة عملية كبيرة في القطب الشمالي نتيجة للحرب الباردة عندما كان القتال في منطقة القطب مع الاتحاد السوفييتي أمرًا مُحتَّمًا.
العمليات العسكرية الأمريكية في القطب الشمالي
تعمل سلسلة من محطات رادار الإنذار المبكر من ألاسكا إلى جرينلاند والنرويج، وتتمركز أحدث الطائرات المقاتلة من الجيل الخامس في ألاسكا، بينما تعمل غواصات تابعة للولايات المتحدة وحلف الناتو بانتظام حول وتحت الجليد القطبي.
إلى جانب ذلك، تعمل البحرية الأمريكية على زيادة عدد المُدمِرات التي تقوم بدوريات في القطب الشمالي من أربعة إلى ستة، وتُرسل دوريات منتظمة إلى بحر بارنتس، الذي كان يُعتبر لفترة طويلة “الفناء الخلفي” لروسيا، وتأتي هذه المناورات الأمريكية بمثابة تذكير لروسيا في الوقت المناسب بأن هذه مياه دولية، من جانبها؛ ردت روسيا في سنة 2019 بإجراء مناورات بالذخيرة الحية في بحر بارنتس في إشارة إلى استيائها.
وقامت كل من الولايات المتحدة والنرويج بتعديل اتفاقهما طويل الأمد للسماح بوضع قواعد أمريكية على الأراضي النرويجية؛ حيث تم إنشاء ثلاث قواعد جوية ومنشأة بحرية واحدة وسمحت بتوسيع الأصول العسكرية الأمريكية إذا دعت الحاجة إلى ذلك، كما يُخزّن الجيش الأمريكي كميات كبيرة من الذخيرة والأسلحة والمركبات في منشآت محمية في شمال البلاد، يتم وضعها مُسبقًا في حالة حدوث أي نزاع محتمل مع روسيا.
وفي سنة 2018، أجرى الناتو أكبر مناوراته منذ سنوات، والتي أطلق عليها اسم “تقاطع ترايدنت Trident Juncture”، تخلّلها إرسال أكثر من 50 ألف جندي إلى شمال النرويج ومئات العربات المدرعة والطائرات، مما يؤكد على ضرورة وقدرة التحالف على حماية جناحه الشمالي.
ومع اندلاع الحرب في أوكرانيا؛ أكّد التحالف على استعداده للقتال في القطب الشمالي من خلال إجراء مناورات “الاستجابة الباردة 2022“في شمال النرويج، وهي سلسلة من التدريبات العسكرية الواقعية التي تضم عشرات الآلاف من المتخصصين في حرب القطب الشمالي ومئات المركبات والطائرات والسفن الحربية.
عرضت البلدان غير القطبيّة الشمالية إعارة خبراتها وأصولها العسكرية. عرضت المملكة المتحدة على كندا مساعدتها لتعزيز دفاعاتها الشمالية، وأجرت تدريبات بحرية إلى جانب زيادة دوريات الغواصات. عززت كندا قدراتها الدفاعية الخاصة من خلال بناء قواعد بحرية للتزود بالوقود في أقصى شمال البلاد وبناء سفن دورية بحرية في القطب الشمالي لمراقبة أي نشاط عسكري مريب في المنطقة. لكن روسيا لا تمثل مصدر القلق الوحيد، ذلك أن الصين أيضًا تعمل الآن على زيادة تركيزها على القطب الشمالي الغني بالموارد.
الاهتمام الصيني بالقطب الشمالي
تعتبر الصين هذه المنطقة ذات أهمية دولية وليس مجرد محمية لجيران القطب الشمالي، وهي تضع نصب عينيها الموارد الطبيعية الهائلة الكامنة تحت المحيط المتجمد الشمالي. لحماية طرق التجارة الخاصة بها وتوسيع نطاقها العالمي، بنت الصين سفن أبحاث لمسح المياه الشمالية الجليدية فوق روسيا.
واعترافًا منها بالأهمية المتزايدة لمنطقة القطب الشمالي، أرسلت الصين 10 بعثات علمية إلى القطب الشمالي وتُفكّر في بناء كاسحات جليد تعمل بالطاقة النووية. كما أنها حريصة على ربط القطب الشمالي بمبادرة الحزام والطريق، وهي الشبكة المتنامية بشكل واسع للسكك الحديدية والطرق السريعة والموانئ التي تمثل الشرايين الرئيسية للصين لتلقي الموارد الحيوية من جميع أنحاء العالم. وفي هذا الإطار، قُدّمت عروض لشراء موانئ إسكندنافية ونوقشت روابط السكك الحديدية من فنلندا إلى الصين، وقامت شركة صينية بشراء حظيرة غواصات سويدية قديمة.
برز هذا التركيز المتزايد على المنطقة من خلال العروض الصينية في سنة 2018 لبناء ثلاثة مطارات في غرينلاند ومطار في جزر سفالبارد الشمالية في النرويج. وفي آذار/ مارس 2021، رفضت فنلندا طلبًا من الصين لمساعدتها على توسيع قاعدتها الجوية الشمالية حتى تتمكن الطائرات الصينية بعيدة المدى من العمل من هناك – ظاهريًا – لأغراض البحث. وللبحرية الصينية اهتمام بهذا الطريق الشمالي، حيث سيكون للسفن البحرية الصينية وصول أسرع إلى المحيط الأطلسي، وهي منطقة تركز عليها الصين منذ فترة طويلة مع توسع نفوذها العالمي.
تقاسم كعكة القطب الشمالي
من المتوقع أن تحقق طرق الشحن الجديدة في القطب الشمالي أرباحًا للمدن التي ستنشأ على طول هذه الممرات البحرية الجديدة. مع زيادة التركيز على هذه المسارات، ستتراجع حركة المرور في المسارات التقليدية. ستقل حركة المرور عبر قناة السويس ومضيق ملقا في إندونيسيا، ومع أنها ستظل مهمة إلا أنها لن تكون الممرات البحرية الرئيسية الوحيدة إلى الصين مع دخول طرق جديدة حيز الاستغلال.
سيكون السباق نحو تقليل الاعتماد العالمي على النفط والانتقال إلى أنواع الوقود البديلة مع تضاؤل الموارد المؤكدة الذي سيؤدي إلى زيادة المنافسة على ما تبقى منها.
على غرار الصين، أعلنت الهند أنه يجب مشاركة القطب الشمالي وموارده مع العالم وليس فقط الدول المجاورة له. وقد ذهب الحزب الشيوعي الصيني إلى حد اقتراح حصول كل دولة على حصة تتناسب مع عدد سكانها. وبناء على ذلك، ستطالب الصين بربع احتياطيات القطب الشمالي.
تعتبر روسيا القطب الشمالي أشبه بكعكة مقسمة وفقًا للخط الساحلي المحيط به، وهي المستفيد الأكبر إلى حد بعيد. فكرة تقسيم القطب الشمالي معقدة نظرًا لأن له ليس له حدود واضحة وعليه نزاعات إلى جانب الحدود الطويلة والمياه الدولية. كما أن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لا تحسم الجدل القائم حول ملكية أراضيه، ما يعني أن القانون يمنح الحق للحيازة.
مع تزايد عدد السكان وتضاؤل الموارد العالمية؛ كم من الوقت سيمضي قبل أن يتم رصد أساطيل صيد كبيرة تستغل آخر ثروة سمكية كبيرة على هذا الكوكب؟
هذا المزيج من الادعاءات غير الواضحة والجيوش الكبيرة المتمركزة على مقربة منه، من شأنه أن يخلق توترًا متزايدًا ويزيد من فرص نشوب صراع عرضي. فقدت روسيا كل شرعيتها عندما قامت بغزو أوكرانيا، متحدية بذلك القانون الدولي، وأصبح احتمال اتساع نطاق الصراع بين الناتو، سواء كان عرضيًا أم لا، أكثر ترجيحًا.
لتجنب مثل هذا السيناريو الكارثي، هناك حاجة إلى تعاون دولي وقد تم بالفعل إحراز تقدم في هذا الصدد. دخلت اتفاقية بين جيران القطب الشمالي والاتحاد الأوروبي والصين وكوريا الجنوبية واليابان حيز التنفيذ في حزيران/ يونيو 2021 تحظر الصيد المكثف. وقد اتفق الموقعون جميعًا على عدم صيد الأسماك تجاريًا حتى يتم إجراء تقييمات علمية حول جدوى الصناعة السمكية في المحيط المتجمد الشمالي. لا يزال الحظر معمولًا به في الوقت الحالي، ولكن مع تزايد عدد السكان وتضاؤل الموارد العالمية كم من الوقت سيمضي قبل أن يتم رصد أساطيل صيد كبيرة تستغل آخر ثروة سمكية كبيرة على هذا الكوكب؟
تم الآن إعداد مسرح الجولة التالية من منافسة القرن الحادي والعشرين على الموارد المتناقصة عالميًا. المخاطر كبيرة في هذه البيئة القاسية. والسؤال المطروح كيف سيتم تقاسم هذه الثروة المحتملة بين القوى العالمية؟
المصدر: موقع الجزيرة