ترجمة وتحرير: نون بوست
قبل أسابيع قليلة من غزو روسيا لأوكرانيا، زار فيكتور أوربان فلاديمير بوتين في موسكو، وعلى الرغم من أن اجتماعات بوتين الأخرى مع القادة الغربيين كانت متوترة وعدائية، كان الجو العام للقاء رئيس الوزراء المجري والرئيس الروسي مرحًا تقريبًا. كانت حكومة أوربان في خضم مواجهة مع بقية دول الاتحاد الأوروبي بشأن اتهامات بتقويض الديمقراطية وسيادة القانون، حيث قال أوربان في المؤتمر الصحفي الختامي: “إنها لأوقات صعبة، لكننا رفقة صحبة جيدة”.
تباهى المجري، وهو الآن الزعيم الأقدم في الاتحاد الأوروبي، باجتماعاته العديدة مع بوتين وقال ضاحكا: “أنا لا أنوي المغادرة، ولدي آمال كبيرة أننا سنتمكن من العمل معا لسنوات عديدة”. من المرجح تأكيد توقعات أوربان بشأن مواصلة إدارة المجر لفترة طويلة في المستقبل في نهاية هذا الأسبوع. ومن المتوقع أن يفوز حزب فيدس الذي يتزعمه أوربان في الانتخابات وذلك بفضل نظام انتخابي وإعلامي هو من أكبر الداعمين لأوربان لدرجة تصنيف فريدم هاوس للمجر على أنها دولة “حرة جزئيًا”.
تمثّل الانتخابات والسيطرة المجرية الذي يفرضها أوربان تذكيرًا بأن أسلوب الرجل القوي في السياسة المرتبط ببوتين له أنصار في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك داخل الديمقراطيات الراسخة في الغرب. منذ سنة 2000، أصبح بروز الزعيم القوي من السمات المركزية في السياسة العالمية، وبالفعل شهدت عواصم متنوعة مثل موسكو وبكين ودلهي وأنقرة وبودابست ومانيلا وواشنطن والرياض وبرازيليا صعود “قادة أقوياء” إلى السلطة (كلهم رجال حتى الآن).
عادة ما يكون هؤلاء القادة من القوميين والمحافظين مع إظهارهم القليل من التسامح تجاه الأقليات أو المعارضة أو مصالح الأجانب. داخل البلاد، يزعم هؤلاء القادة أنهم يدافعون عن المواطن العادي ضد نخب “العولمة”، بينما خارج البلاد، يتخذون موقفًا يجسّد قيم أممهم، وأينما يذهبون، يحاولون الترويج لتمجيد شخصية القائد.
من المحتمل أن تؤدي كارثة الغزو الروسي لأوكرانيا إلى تشويه سمعة الأسلوب السياسي للرجل القوي بشكل دائم، لكن يجب موازنة هذه الآمال وفهم حقيقة أن هذا الأسلوب قد تجذّر بعمق على مدار العشرين عامًا الماضية.
بدأ عصر الرجل القوي في 31 كانون الأول/ ديسمبر 1999، عندما أدى بوتين اليمين كرئيس لروسيا. كان تولي بوتين للسلطة في بداية القرن الحادي والعشرين رمزيًا، إذ أصبح يمثّل نموذجًا أصليًا للحاكم القوي الجديد الذي سيعيد تشكيل السياسة العالمية على مدى الجيل القادم. وعلى مدى السنوات العشرين التالية، أصبح الزعيم الروسي رمزًا مهما ومصدر إلهام لجيل من المستبدين الذين أعجبوا بقوميته وجرأته وخطابه العنيف وازدرائه بمفهوم “الصواب السياسي”.
في سنة 2003، أصبح رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء في تركيا. قابلته لأول مرة في مؤتمر صحفي في بروكسل سنة 2004، حين كان يدعم قضية تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وعندما سألته عما إذا كان قلقا من معارضة العضوية التركية، أعطاني إجابة تراعي مشاعر الغرب الليبرالي قائلا: “إذا كان الاتحاد الأوروبي يرغب في أن يكون ناديا مسيحيا فقط، بدلا من أن يكون ناديًا يرعى قيما مشتركة، فدعوه يقل ذلك حاليا”.
بعد مرور ثمانية عشر عاما، تحوّلت فكرة مشاركة أردوغان مجموعة من القيم الليبرالية مع الاتحاد الأوروبي إلى فكرة سخيفة في كل من تركيا وبروكسل. وعلى مدى السنوات الفاصلة، أصبح رئيس تركيا أكثر استبدادية ومعاداة للغرب في خطابه، حيث أمر بسجن الصحفيين والمعارضين السياسيين. واليوم، يدير أردوغان شؤون بلاده من قصره الرئاسي الضخم الجديد الذي شيده في أنقرة.
ظهرت خيبة أمل مماثلة مع شي جين بينغ، فعندما التقيت به في قاعة الشعب الكبرى في بكين سنة 2013، بعد عام من توليه السلطة، كانت رسالة شي إلى مجموعة صغيرة من الزوار الغربيين مطمئنة بشكل متعمد. وأعلن شي متحدثًا بهدوء ووراءه لوحة جدارية ضخمة لسور الصين العظيم أن: “الحجة القائلة إن الدول القوية ملتزمة بالسعي للهيمنة لا تنطبق على الصين”. لكن في غضون عام، بدأت الصين في بناء قواعد عسكرية عبر المياه المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي. وداخل البلاد، أبعد شي الصين عن النموذج الجماعي للقيادة وشجع على تمجيد شخصية “شي دادا”، وترسّخ التحول نحو قيادة الرجل القوي أكثر عندما تم إلغاء حدود فترة الولاية الرئاسية في سنة 2018، مما يمكّنه من الحكم مدى الحياة.
إن رفض ترك السلطة من العلامات المميّزة لحكم الرجل القوي. من جهته، قام بوتين وأردوغان بتغيير دساتير بلديهما للسماح بتمديد فترة حكمهما في الرئاسة. قال دونالد ترامب “مازحا” عدة مرات إن الولايات المتحدة يجب أن تغير دستورها للسماح له بالتمتع بفترة حكم أطول كرئيس عوضًا عن الفترتين المنصوص عليهما في الدستور، وقد أدى رفض ترامب للهزيمة الانتخابية إلى محاولة أنصار ترامب اقتحام مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني/ يناير 2021.
علينا أن نفهم أنه لا غنى عن القادة من الرجال الأقوياء الذين يتمثّل هدفهم في إقناع الناس بأنهم وحدهم قادرون على إنقاذ الأمة. لقد تلاشى الفرق بين الدولة والقائد، مما يجعل استبدال الرجل القوي برجل آخر أقل قوّة يبدو خطيرًا أو لا يمكن تصوره حتى.
اتبعت الهند أيضا أسلوب الرجل القوي في سنة 2014 من خلال انتخاب ناريندرا مودي، زعيم حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي، الذي يتفاخر – مثل بوتين – بحجم عضلاته واستعداده لاستخدام العنف ضد أعداء الهند. وخلال حملته الناجحة لإعادة انتخابه في سنة 2019، طمأن مودي الناخبين قائلا: ”عندما تصوتون للوتس [رمز حزبه]، فأنتم لا تضغطون على زر آلة، بل تضغطون على الزناد لإطلاق النار على الإرهابيين”.
يرفض المدافعون عن مودي الانتقادات الموجهة إلى هذا الخطاب باعتباره نوعا من المبالغة الليبرالية. أخبرني وزير خارجية الهند سوبرامانيام جايشانكار ذات مرة بحزم شديد أن منتقدي مودي في الخارج والمحليين يجب أن يفهموا عمق علاقة رئيس الوزراء مع الهند، التي لا تنحصر فقط في دلهي. شجع مودي، مثل شي وبوتين وأردوغان، على تمجيد شخصية القائد، وتركزت الحملات الانتخابية لحزب بهاراتيا جاناتا على مزاعمه بالتحلي بالحكمة والقوة والأخلاق الشخصية.
قال المؤرخ البارز في الهند راماشاندرا جوها: “منذ أيار/ مايو 2014، كُرّست جميع الموارد الهائلة للدولة لإبراز صورة رئيس الوزراء في كل برنامج، وكل إعلان، وعلى كل ملصق. مودي هو الهند والهند هي مودي”.
في السابق، كان يُعتقد أن هذا النمط السياسي غريب على الديمقراطيات الغربية الناضجة، لكن سياسة الرجل القوي انتصرت في الولايات المتحدة بانتخاب ترامب الذي تحدث عن “المذبحة الأمريكية” وقال في مؤتمر الحزب الجمهوري سنة 2016: “أنا وحدي قادر على إصلاحها”. لقد أثبتت القوة الاقتصادية والثقافية الفريدة للولايات المتحدة أن انتخاب ترامب قد غيّر مناخ السياسة العالمية – مما أدى إلى تقوية وإضفاء الشرعية على أسلوب الرجل القوي وأدى إلى ظهور موجة من المحاكيات، ومن الواضح أيضًا أن ترامب كان منبهرًا بدوره بالقادة الأقوياء الآخرين ومعجبًا برفقتهم.
قبل موعد القمة مع كيم جونغ أون، قال لي أحد مساعدي ترامب وابتسامة خجولة تعلو وجهه: “الرئيس يستمتع بالتعامل وجها لوجه مع القادة الاستبداديين”. وبالفعل، كانت أول زيارة خارجية لترامب إلى المملكة العربية السعودية في أيار/مايو 2017، حيث أقام علاقة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد. أشاد البعض في الغرب بـ “محمد بن سلمان” باعتباره مجرد رجل إصلاحي قوي تحتاجه المملكة العربية السعودية، إلى أن صُدم الداعمون الغربيون لولي العهد بعملية قتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي، وتقطيع أوصاله على يد عملاء سعوديين.
عندما صافح محمد بن سلمان فلاديمير بوتين في قمة مجموعة العشرين التالية، لخّصت هذه الصورة الفوضى والإفلات من العقاب الذي يحصل في عصر الرجل القوي. ونتيجة لهذه الحركة الدولية التي تسعى لترسيخ السياسة الشخصية، أصبح من الصعب التفريق بين العالم الاستبدادي والعالم الديمقراطي.
لطالما حدّد رؤساء الولايات المتحدة اختلافا دراماتيكيا بين “العالم الحر” (بقيادة الولايات المتحدة) والدول غير الديمقراطية، إلا أن ترامب قلل من أهمية هذا الاختلاف. وعندما قيل له في سنة 2015 إن بوتين (الذي كان قد أشاد به للتو) قد قتل صحفيين ومعارضين سياسيين، أجاب ترامب: “أعتقد أن بلدنا يرتكب الكثير من جرائم القتل أيضًا”. وصرّح أيضًا ممازحا الصحفي بوب وودوارد: “أستطيع التعايش جيدا مع أردوغان. . . كلما كانوا أكثر قسوة وخبثا، أجدت التعامل معهم”.
لطالما كان محو الخط الواضح الفاصل بين القيادة في الأنظمة الديمقراطية والاستبدادية هدفا رئيسيا للمستبدين على امتداد عقود. في وقت مبكر من عهد بوتين الطويل في روسيا، التقيت المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف في الكرملين، وعندما سألته عن بعض عمليات القمع الأخيرة لبوتين أجاب مبتسما: “جميع أنظمتنا ليست مثالية”. بدا أن خطاب ترامب يؤكد هذا الموقف الروسي والصيني الراسخ، إذ كان الرئيس الأمريكي على استعداد لقول: “نحن أيضا نكذب ونقتل، وإعلامنا مزيف، وانتخاباتنا مزورة، ومحاكمنا غير نزيهة”.
كثيرا ما يبرر القادة الأقوياء أساليبهم القاسية من خلال تصوير بلدانهم على أنها تمرّ بأزمات عميقة لدرجة أنهم لم يعودوا قادرين على احترام المثل الليبرالية، مثل سيادة القانون. وغالبا ما يستغل الزعماء الأقوياء الخوف العميق من أن الغالبية المهيمنة على وشك النزوح، مما سينجر عنه معاناة لخسائر ثقافية واقتصادية هائلة.
حذّر حزب بهاراتيا جاناتا مودي مما أسماه “جهاد الحب”، وهي مؤامرة إسلامية مزعومة لتقويض مكانة الأغلبية الهندوسية في الهند من خلال الزواج المختلط. جادل أوربان بأن الهجرة الجماعية تشكل تهديدا لصمود الشعب المجري، كما ساعد احتمال أن تصبح الولايات المتحدة “أقلية أغلبية” بحلول سنة 2045 على تأجيج القلق الاجتماعي والعرقي الذي أدى إلى بروز ترامب.
ربما يكون العامل المشترك الأقوى بين جميع القادة الأقوياء هو الشعور بالحنين إلى الماضي، إذ يستخدمون جميعهم تقريبا أشكالا مختلفة من وعد ترامب الشهير بـ “جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”
يمثّل الاستعداد “للتشدد” مع الأجانب – أو الأقليات مثل المهاجرين أو المسلمين – جزءًا لا يتجزأ من أسلوب القاادة الأقوياء، كما أن مواقفهم الذكورية تجعلهم على الأرجح يدعمون الأفكار التقليدية التي تبرز قوة الذكور ويحتقرون حقوق المرأة والمثليين.
نجح بوتين في ترسيخ الدعم بين صفوف المحافظين الثقافيين في الغرب من خلال شجب الحماقات المتكررة لـ “الصواب السياسي”، مع التركيز بشكل خاص على حقوق المثليين والنسوية. وعندما سألت أحد منظري البوتينية، كونستانتين مالوفيف، في سنة 2019، عما يعتبره جوهر الليبرالية الغربية، أجاب: “لا حدود بين الدول ولا تمييز بين الرجال والنساء”.
ربما يكون العامل المشترك الأقوى بين جميع القادة الأقوياء هو الشعور بالحنين إلى الماضي، إذ يستخدمون جميعهم تقريبا أشكالا مختلفة من وعد ترامب الشهير بـ “جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”. فقد وعد الرئيس شي بـ “إنعاش عظيم للشعب الصيني” أي وعد بجعل الصين عظيمة مرة أخرى من خلال إعادة الأمة إلى مكانتها الصحيح كمملكة وسطى. إلى جانب ذلك، يقود مودي حركة قومية تناشد الفخر الهندوسي بالماضي المجيد والأسطوري، قبل فترة الإمبراطوريتين البريطانية والمغولية.
تحدث أوربان عن إمكانية استعادة الأراضي التي فقدتها المجر بعد الحرب العالمية الأولى في يوم ما، بينما يسعى أردوغان إلى الاستلهام من أمجاد الإمبراطورية العثمانية التي انهارت بعد الحرب العالمية الأولى. وحتى في المملكة المتحدة، تعتمد خطة بوريس جونسون لبناء “بريطانيا العالمية” على الحنين إلى الفترة التي كانت فيها بريطانيا قوة إمبريالية عظيمة وليس مجرد عضو في ناد أوروبي.
جاء أخطر تعبير منفرد عن القومية التي تحن إلى أمجاد الماضي من الرجل القوي الأصلي نفسه، بوتين، حيث مثّل غزو أوكرانيا تتويجا منطقيا لأسوأ سمات حكم الرجل القوي أي: مناشدة حالة طوارئ وطنية مفترضة تبرر العمل الراديكالي، وتبجيل القوة والعنف، وتحتقر الليبرالية والقانون، وترسخ حكما فرديًا يرفض النقد والآراء المخالفة له.
تعكس هذه المخاوف حقيقة أن حكم الرجل القوي يرتبط تاريخيا ارتباطا وثيقا بالعنف والغزو والفوضى الدولية، حيث شهد عصر الرجل القوي في الثلاثينيات من القرن الماضي تسبّب كلّ من موسوليني وفرانكو وستالين وهتلر بإغراق دولهم والعالم في الحروب،
نظرا لأن بوتين كان النموذج الأصلي الذي اتبعه عديد الحكام الأقوياء، فإن عواقب نجاحه أو فشله سيكون لها صدى عالمي. كان الرد الغربي على الغزو الروسي أسرع وأقوى مما توقعه بوتين على الأرجح. وقد أدى ذلك، إلى جانب الصعوبات العسكرية الروسية، إلى تقوية الآمال في أن يفقد بوتين وأسلوب الرجل القوي الذي يعتمده مصداقيته بشكل دائم بسبب الحرب في أوكرانيا، وهذه الآمال مشروعة.
تجدر الإشارة إلى أن أعضاء آخرين في نادي الرجل القوي عبّروا عن حيادهم بشأن الحرب، رافضين إدانة بوتين والعقوبات الدولية. ويشمل هؤلاء المحايدون، مودي في الهند، وجايير بولسونارو في البرازيل، ومحمد بن سلمان في المملكة العربية السعودية، وكذلك ترامب، الذي أشاد ببوتين باعتباره عبقريا استراتيجيا عشية الغزو. ويظلّ أهم حليف لبوتين الرئيس الصيني شي، الذي التقى بالزعيم الروسي في بكين قبل أسابيع فقط من غزو أوكرانيا.
وافق الزعيم المجري، أوربان، على عقوبات الاتحاد الأوروبي المسلطة على روسيا، إلا أن نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، إيرينا فيريشوك، اتهمته بعرقلة إمدادات الأسلحة لأوكرانيا واتباع موقف “مؤيد علنا لروسيا”، حتى أنها تكهنت بأن أوربان قد يكون له خططه الخاصة بالأراضي الأوكرانية و”يحلم بصمت بالسيطرة على ترانسكارباثيا”.
تعكس هذه المخاوف حقيقة أن حكم الرجل القوي يرتبط تاريخيا ارتباطا وثيقا بالعنف والغزو والفوضى الدولية، حيث شهد عصر الرجل القوي في الثلاثينيات من القرن الماضي تسبّب كلّ من موسوليني وفرانكو وستالين وهتلر بإغراق دولهم والعالم في الحروب، واليوم يكرّر بوتين هذا النمط المميت.
وأخيرا، دفع غزو أوكرانيا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لمحاولة مقاومة استبداد الرجل القوي. وعلى الرغم من الانتقادات التي تعرّض لها جو بايدن عندما حذر من أن “بوتين لا يجب أن يبقى في السلطة”، إلا أن هذا الاعتقاد يعكس اعتقاد بايدن بأن العالم محاصر مرة أخرى في صراع مصيري بين الاستبدادية والديمقراطية.
هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن العالم الديمقراطي الليبرالي سوف يفوز في النهاية، فحكم الرجل القوي هو نموذج معيب بطبيعته، ولا يمكنه التعامل مع مشكلة الخلافة كما يفتقر إلى الضوابط والضمانات التي تسمح للديمقراطيات بالتخلي عن السياسات والحكام الفاشلين.
وكلما طالت فترة بقاء حاكم قوي في السلطة، زاد احتمال استسلامه لجنون العظمة، وقرار بوتين بمهاجمة أوكرانيا يعزّز هذا الخطر؛ لكن الإطاحة بالقادة الأقوياء من السلطة صعب للغاية. لقد ترسخ عصر الرجل القوي على مدى جيل كامل، وقد يتطلب الأمر الكثير من الاضطراب والمعاناة قبل أن يصبح هذا العصر من الماضي.
المصدر: فاينانشال تايمز