ترجمة حفصة جودة
كتب مارك لورانس وكيم أنستاسيو وميكاليس هادجيكاكو وفيليب بيكر
يواجه عالمنا تحديًا كبيرًا، فنحن بحاجة لإنتاج ما يكفي من الطعام المتنوع المغذي عالي الجودة لإطعام أعداد السكان المتزايدة، وأن نقوم بذلك في حدود كوكبنا، هذا يعني الحد من التأثير البيئي لنظام الغذاء العالمي.
هناك أكثر من 7 آلاف نوع نبات صالح للأكل يمكن استهلاكه كغذاء، لكن في يومنا هذا يأتي نحو 90% من الطاقة المستهلكة عالميًا من 15 نوعًا من المحاصيل فقط، بينما يعتمد أكثر من نصف سكان الكوكب على 3 محاصيل من الحبوب فقط: الأرز والقمح والذرة.
يلعب ظهور الأطعمة فائقة المعالجة دورًا رئيسيًا في هذا التغيير الجاري وفقًا للبحث الذي صدر مؤخرًا، وهكذا فإن الحد من إنتاج واستهلاك تلك الأطعمة يمنحنا فرصةً فريدةً لتحسين صحتنا والاستدامة البيئية للنظام الغذائي.
آثار النظام الغذائي
تعد الزراعة المحرك الرئيسي للتغيير البيئي، فهي المسؤولة عن ثلث انبعاثات الغازات الدفيئة ونحو 70% من استخدام المياه العذبة، كما تستخدم أيضًا 38% من أراضي العالم وتعد أكبر محرك لفقدان التنوع البيولوجي.
يسلط البحث الضوء على كيفية احتواء الأنظمة الغذائية الغربية على سعرات حرارية كثيرة ومنتجات حيوانية ذات تأثير بيئي كبير، هناك أيضًا مخاوف بيئية تتعلق بالأطعمة فائقة المعالجة.
تُعرف الأطعمة فائقة المعالجة بأنها مجموعة من الأطعمة تضم عدة مكونات أغلبها للاستخدامات الصناعية حصرًا التي نتجت عن سلسلة من العمليات الصناعية
تأثير تلك الأطعمة على صحة البشر معروف جيدًا، لكن تأثيرها على البيئة لم يوضع بعين الاعتبار، وهو أمر مثير للدهشة لأن الأطعمة فائقة المعالجة العنصر الغالب في إمدادات الطعام في الدول مرتفعة الدخل (كما ارتفعت مبيعاتها سريعًا في الدول متوسطة ومنخفضة الدخل أيضًا).
يعتقد البحث أن عولمة الأنظمة الغذائية الغنية بالأطعمة فائقة المعالجة يأتي على حساب الزراعة والتصنيع واستهلاك الأطعمة التقليدية.
كيف نكتشف الأطعمة فائقة المعالجة؟
تُعرف الأطعمة فائقة المعالجة بأنها مجموعة من الأطعمة تضم عدة مكونات أغلبها للاستخدامات الصناعية حصرًا التي نتجت عن سلسلة من العمليات الصناعية.
تحتوي تلك الأطعمة عادة على إضافات تجميلية والقليل من الأطعمة الكاملة أو لا تحتوي عليها مطلقًا، هذه الأطعمة ستعاني كثيرًا كي تصنعها في مطبخك، مثال على ذلك: الحلويات والمشروبات الغازية والرقائق والوجبات المعدة مسبقًا ومنتجات مطاعم الأكل السريع.
في المقابل، هناك أطعمة تقليدية مثل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبقوليات المحفوظة ومنتجات اللحوم والألبان، التي تخضع لمعالجة طفيفة أو تُصنع باستخدام طرق المعالجة التقليدية.
تعتمد الأطعمة فائقة المعالجة على عدد صغير من أنواع المحاصيل، ما يشكل عبئًا على البيئة التي تُزرع فيها تلك المكونات
وبينما تعد طرق المعالجة التقليدية مثل التخمير والتعليب والتعبأة ضرورية لضمان سلامة الغذاء والأمن الغذائي العالمي، فإن الأطعمة فائقة المعالجة تتجاوز في معالجتها ما هو ضروري لسلامة الغذاء.
يرتفع استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة في أستراليا، حيث تمثل نحو 39% من الطاقة التي يستهلكها البالغون، وهي نسبة أعلى من بلجيكا والبرازيل وكولومبيا وإندونيسيا وإيطاليا وماليزيا والمكسيك وإسبانيا، لكنها أقل من الولايات المتحدة الأمريكية التي يصل فيها استهلاك البالغين إلى 57.9%.
تتضمن تلك الأطعمة فائقة المعالجة التي تُستهلك في معظم الأنظمة الغذائية، الوجبات المُعدة مسبقًا والأطعمة السريعة والمعجنات والكعك وحبوب الإفطار وشراب الفاكهة والشاي المثلج والحلويات.
ما هي الآثار البيئية؟
تعتمد الأطعمة فائقة المعالجة على عدد صغير من أنواع المحاصيل، ما يشكل عبئًا على البيئة التي تُزرع فيها تلك المكونات، مثال على ذلك الذرة والقمح وفول الصويا ومنتجات البذور الزيتية (مثل زيت النخيل)، يختار مصنعو الأطعمة تلك المحاصيل لأنها رخيصة وعالية الإنتاج، ما يعني إمكانية إنتاجها بكميات كبيرة.
تأتي المنتجات ذات المشتقات الحيوانية في الأطعمة فائقة المعالجة أيضًا من الحيوانات التي تتغذى على نفس هذه المحاصيل، حلّت الأطعمة فائقة المعالجة الرخيصة والمناسبة محل مجموعة واسعة من الأطعمة الكاملة محدودة المعالجة مثل الفواكه والخضراوات والحبوب والبقوليات واللحوم والألبان، قلل ذلك من جودة نظامنا الغذائي وتنوع الإمدادات الغذائية.
إن الحد من استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة يعد أحد الطرق التي تساعدك في الحد من بصمتك البيئية، وتحسين صحتك كذلك
ترتبط بعض المكونات المستخدمة في الأطعمة فائقة المعالجة مثل الكاكاو والسكر وبعض الزيوت النباتية بفقدان التنوع البيولوجي بشكل كبير.
ما الذي يمكننا أن نفعله حيال ذلك؟
من الممكن تجنب تأثير تلك الأطعمة فائقة المعالجة، فهي ليست أطعمة مضرة فقط، لكنها ليست ضرورية كذلك للتغذية البشرية، فالأنظمة الغذائية الغنية بالأطعمة فائقة المعالجة ترتبط بالنتائج الصحية السيئة بما في ذلك أمراض القلب والسكري من النوع الثاني ومتلازمة القولون العصبي والسرطان والاكتئاب وغيرهم.
لمواجهة ذلك، يمكن إعادة توجيه مصادر إنتاج الغذاء في العالم لإنتاج أطعمة صحية قليلة المعالجة، فعلى سبيل المثال، يُطحن عالميًا كميات كبيرة من الحبوب مثل القمح والذرة والأرز لإنتاج الدقيق المكرر الذي يُستخدم لصنع الخبز المكرر والكيك والكعك ومنتجات المخابز الأخرى.
من الممكن إعادة توجيه ذلك لإنتاج أطعمة مغذية أكثر مثل الخبز والمكرونة كاملة الحبة، قد يساهم ذلك في تحسين الأمن الغذائي العالمي وتوفير المزيد من الحماية ضد الكوارث الطبيعية والصراعات في مناطق إنتاج سلة الغذاء الرئيسية.
يمكن الحفاظ على الموارد البيئية الأخرى بتجنب استخدام مكونات معينة، مثل الحد من الطلب على زيت النخيل (وهو مكون شائع في الأطعمة فائقة المعالجة ويرتبط بالتصحر جنوب شرق آسيا) وذلك بأن يحوّل المستهلكون تفضيلاتهم نحو أطعمة صحية أكثر.
إن الحد من استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة يعد أحد الطرق التي تساعدك في الحد من بصمتك البيئية، وتحسين صحتك كذلك.
المصدر: ذي كونفرسايشن