تشهد الحضارة الإنسانية بفضل العلماء المسلمين في مسيرة تطورها، هؤلاء العلماء الذين أثروا تاريخ الإنسانية بعلومهم وإسهاماتهم، ومن ذلك ما قدمه الجغرافيون والعلماء المسلمون من مساهمات ملحوظة في تأسيس علم الجغرافيا وتطوره منذ العصور الأولى.
تصف هذه السطور بعض هذه المساهمات، بما في ذلك الاستكشافات الرائدة للمسافرين المسلمين الأوائل وأثرها على تطور الجغرافيا، ثم تنتقل إلى النظر في تأثير الأيديولوجية الإسلامية على تفكير الجغرافيين المسلمين خلال فترة العصور الوسطى على وجه الخصوص، لفهم المنظور الذي تبناه الجغرافيون المسلمون، لا سيما في تفسيراتهم للاختلافات الإقليمية والعلاقة بين الأرض والكواكب.
جذور الجغرافيا
رغم أن جذور الجغرافيا، كمجال للدراسة تعود إلى العصور الكلاسيكية القديمة، فإن تأسيسها كعلم حديث كان في الأساس في الفترة بين 1750-1850، فقد كان إسكندر همبولت ومواطنه ومعاصره كارل ريتر مؤسسي الجغرافيا الحديثة في هذه الفترة.
لكن من السهل أن يُدفع المرء إلى الجهل بأهمية العلماء السابقين الذين وضعوا الأسس في العصور الكلاسيكية القديمة وعصر النهضة الذين كانوا علماء عرب من العصور الوسطى التي امتدت من القرن الخامس إلى الخامس عشر الميلادي (الفترة التي تُعرف باسم العصور المظلمة في تاريخ أوروبا)، وتميز خلالها العلماء بلا شك بنقص البحث العلمي والتطورات العلمية في أوروبا لأنهم رفضوا أي شيء لا يؤكد عقائد الكنيسة.
انتهت المساهمات اليونانية والرومانية في الجغرافيا التي سبقت العرب بزوال الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي، وكان هذا هو الوقت الذي بدأ فيه “العصر الجغرافي المظلم”، فبسبب هيمنة الكنيسة وقلة الاستكشاف، اختفت كلمة الجغرافيا تقريبًا من المفردات العادية.
كان موضوع الجغرافيا جزءًا لا يتجزأ من ذلك التعبير الجديد عن النهضة الفكرية التي ميزت صعود الحضارة الإسلامية
بدأ الركود المظلم للجغرافيا الأوروبية مع انهيار الإمبراطورية الرومانية الغربية عام 474، وقد نجت نسخ قليلة من النصوص الجغرافية اليونانية والرومانية، في الواقع، فقد العديد منها بالفعل، لا سيما في مدينة الإسكندرية، فقد دمرت نحو 400000 مخطوطة في حريق المكتبة الكبرى عام 47 قبل الميلاد، ومرة أخرى عام 391 ميلاديًا، ما أدى إلى تدمير 300000 عمل إضافي في معبد سيرابيس.
أدَّت كل هذه الأحداث إلى إنجازات عظيمة للعلماء المسلمين في تخصص الجغرافيا، وأعاد المسلمون إحياء الروح العلمية وقدموا مساهمات متميزة في مجالات الجغرافيا الطبيعية والإقليمية والجغرافيا الرياضية ورسم الخرائط وعلم الفلك الذي كان جزءًا من الجغرافيا في ذلك الوقت.
كان موضوع الجغرافيا جزءًا لا يتجزأ من ذلك التعبير الجديد عن النهضة الفكرية التي ميزت صعود الحضارة الإسلامية، فقد أعقب عصر الترجمة نشاط إبداعي، وبالنسبة للعرب لم يكتفوا باستيعاب التقاليد القديمة لبلاد فارس والتراث الكلاسيكي لليونان، بل اعتمدوا كلًا منهما وفقًا لاحتياجاتهم الخاصة وطرق تفكيرهم.
الجغرافيا في الحضارة الإسلامية
منذ مطلع القرن السابع الميلادي، عندما بدأ رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم – ينشر الإسلام، كانت معرفة الجغرافيا تنمو على قدم المساواة معه، فقد كان المسلمون يعرفون في الغالب كل أوروبا باستثناء الأجزاء الشمالية، والنصف الجنوبي بالكامل من آسيا، وإفريقيا حتى خط العرض 10 درجة شمالًا وشاطئ البحر الإفريقي.
لقد قدموا لنا أيضًا وصفًا مفصلًا للغاية للمناطق التي تبدأ من إسبانيا في الغرب حتى تُرْكِستان ونهر السند، يصفون كل شيء مثل المناطق المأهولة والأراضي الزراعية والصحاري، ويتحدثون أيضًا عن النظام الاجتماعي والثقافة والعادات في هذه المناطق، وأصبحت معرفتهم بشكل عام أكبر من المعرفة اليونانية، يصفون العديد من المناطق التي لم يصل إليها اليونانيون، مثل كوريا واليابان، ويقال إن اليابان وجدت في خريطة رسَمَها مسلم تركي في بغداد في القرن الحادي عشر.
في القرن التاسع بدأت مرحلة جديدة، كان هذا هو العصر الذي بدأ فيه المسلمون ينظرون إلى معرفة الثقافة اليونانية وغيرها من الثقافة، يمكن اعتبار العصر على أنه عصر بناء أرضية أساسية للعلم كبداية.
رغم حقيقة أن العالم الأوروبي نفسه قد نسي التراث اليوناني في الجغرافيا، فقد حمل العرب الراية عاليًا
في القرن العاشر، ازدهرت الجغرافيا الإسلامية بالفعل، فظهرت العديد من التقاليد الجديدة مثل كتب البلدان والطرق والجغرافيا الرياضية والفلكية، وكتب المسلمون في هذه المرحلة العديد من الكتب التي تدرس موضوعات عديدة مختلفة.
في مرحلة القرنين الحادي عشر والثاني عشر، بدأ المسلمون في كتابة مجلدات الجغرافيا مثل “معجم البلدان” لمؤلفه ياقوت الحموي أحد أشهر جغرافيي الحضارة الإسلامية، وفي القرن الثالث عشر كان الجغرافيون يرددون ما كتبه الجغرافيون المسلمون في القرون السابقة.
أدت الأعمال الجديرة بالثناء لعلماء عرب بارزين في النهاية إلى التنوير الأوروبي أو ما يسمى “عصر النهضة”، الذي كان نتاجًا حقيقيًا للجهود الإسلامية، فدون العرب لم تكن هناك مساهمات من برنارد فيرينوس وألكسندر فون همبولت وويليام موريس ديفيس وآخرين.
رغم حقيقة أن العالم الأوروبي نفسه قد نسي التراث اليوناني في الجغرافيا، فقد حمل العرب الراية عاليًا، وكان الاتصال التقريبي إلى حد كبير مع العالم العربي، وترجمة كتبهم (بما في ذلك إعادة ترجمة الأعمال اليونانية من الترجمات العربية) سببًا في إحياء تلك الجغرافيا كعلم في القرن الخامس عشر في أوروبا. لقد حدثت نهضة حقيقية تحت تأثير العرب والإحياء المغاربي للثقافة.
أشهر العلماء المسملين
بالنسبة للعرب، لا تعني الجغرافيا توزيع التضاريس فقط، لكن أيضًا أسباب هذا التوزيع التي استدعوا من أجلها مساعدة العلوم الأخرى، وهكذا أدرجوا في هذا المجال شرحًا تاريخيًا للسمات الطبيعية وصياغة القوانين العلمية وأيضًا دراسة السمات الاجتماعية والاقتصادية للإنسان على سطح الأرض، وجعلت معالجتهم للموضوع مساهمتهم في مجال الجغرافيا ذات قيمة.
قدم العلماء المسلمون مساهمات بارزة في مجالات الجغرافيا الطبيعية والرياضية والإقليمية، وتستحق إنجازاتهم في علم المناخ وعلوم المحيطات والقياسات الخطية والجيومورفولوجيا وتحديد النقاط الأساسية وحدود العالم الصالحة للسكن وانتشار القارات والمحيطات، الثناء.
على مدار القرن، صادفنا مجموعة من المفكرين والعلماء المسلمين الذين لم يعيدوا إحياء العصر الكلاسيكي فحسب، بل وضعوا أيضًا أسس العلوم التجريبية.
البتاني (858- 929)
محمد بن جابر بن سنان البَتّاني، عالم مسلم كبير عُرف في الغرب في العصور الوسطى باسم “ألباتيجنوس” أو “ألباتيجني”، تشير الموسوعة الإسلامية إلى أن البتاني اشتهر برصد الكواكب، وكان أحد الشخصيات البارزة في مجالات الهندسة ومواقع الكواكب وحساب النجوم.
قال عالم الفلك الفرنسي لالاندي، إن البتاني كان من بين عشرين عالم فلك على مستوى عالٍ في العالم بأسره، ومن طاولات البتاني، قام عالم الفلك ريغيومونتانوس ببناء التقويم الفلكي، ما جعل رحلة كريستوفر كولومبوس ممكنة.
المسعودي (896 إلى 956)
كان أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي المعروف بـ”هيرودوت العرب” من الأوائل الذين أعطوا علم الجغرافيا أهميته بترحاله وجديته وعنايته الفائقة، وكان عالمًا في الجغرافيا المناخية بدراسته لغلاف الهواء، لكنه لم يكن جغرافيًا عظيمًا فحسب، بل كان أيضًا مؤرخًا ورحالة حول العالم وكاتبًا غزير الإنتاج.
قام بدراسة معمقة للمصادر اليونانية والرومانية وجمع المعلومات خلال السفر عبر بلاد فارس وأجزاء من الهند وجزر المحيط الهندي حتى استقر به الحال في الفسطاط.
كان لدى المسعودي فكرة واضحة عن الشكل الكروي للأرض بناءً على المنطق، وفي الجغرافيا الطبيعية، دعا المسعودي إلى الأفكار الحديثة لمورفولوجيا الأرض (علم شكل الأرض) بما في ذلك كل من الدراسة المقارنة للأشكال الأرضية والدراسة التحليلية للعمليات المشاركة في تكوينها.
وصف المسعودي تبخر الرطوبة من أسطح المياه وتكثيف الرطوبة لتشكيل السحب، وقدم حسابًا مهمًا للرياح الموسمية في الهند، وفي مجال الجغرافيا البشرية حاول ربط الإنسان بالبيئة.
البيروني (973-1039)
كان أبو الريحان البيروني واحدًا من تلك العقول الرائعة التي تعمل في عالم القرون الوسطى وأذهلت نظرتها الإبداعية والعلمية والدولية، إلى جانب عالمية الفكر، العالم الحديث.
البيروني ألَّف 27 كتابًا عن الجغرافيا، أربعة منها عن علم الخرائط والجيوديسيا (علم المساحة التطبيقية) وعلم المناخ، والكتب السبع المتبقية عن المذنبات والنيازك والمسح.
سافر البيروني أربعين سنة لجمع العينات المعدنية، وأثبتت جداوله ذات الأوزان المحددة لثمانية عشر مادة صحتها بشكل رائع، اكتشف أيضًا أن الضوء ينتقل أسرع من الصوت، ومن أكثر أعماله تألقًا كتاب “الأسرار الباقية عن القرون الخالية”، وهو تسلسل زمني للدول القديمة، ويحتوي على التفاصيل الدقيقة للمعلومات الجغرافية والتاريخية.
قضى الإدريسي 15 عامًا في جمع بيانات حول العالم من خلال رحلاته، لينتج أحد أعظم الأعمال الجغرافية في التاريخ “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق”
البيروني المعروف بـ”أبو الجيوديسيا” له أيضًا باع طويل في دراسة الكرة الأرضية ورسم الأشكال عليها، لكن الأهم من ذلك أنه كان العالم الوحيد الذي قاس محيط الكرة الأرضية بدقة متناهية، وله معادلة باسمه “معادلة البيروني”.
اعترف البيروني في كتاب “تحقيق ما للهند من مقولة معقولة في العقل أم مرذولة” عام 1030 بأهمية الأحجار المستديرة في جنوب جبال الهيمالايا، وأشار إلى أن الحجارة أصبحت مستديرة في أثناء تدحرجها على طول الجداول الجبلية الغزيرة، كما أدرك أيضًا أن المادة التي تسقط بالقرب من الجبال تكون أكثر خشونة في الملمس وتصبح أدق في الملمس بعيدًا عن الجبل.
قارن البيروني بين الحفريات المختلفة المكتشفة في سهول شبه الجزيرة العربية وجرجان على طول بحر قزوين، واعتقد أن البحر كان في هذه الأماكن بمرور الزمن، وأكد أن سهل الغانج الهندي يتكون من الطمي الذي تنزله الأنهار، كما ناقش حدوث السيول والينابيع، ورأى أن جبل القمر هو مصدر النيل، وأن الفيضانات في النيل كانت بسبب الأمطار الغزيرة في الروافد العليا.
يقر المؤرخ جورج سارتون بشهرة البيروني العلمية: “كان البيروني رحالة وفيلسوفًا وعالم فلك رياضيًا وعالمًا جغرافيًا، كان من أعظم علماء المسلمين الموسوعيين في كل العصور”.
الإدريسي (1099-1180)
أبو عبد الله محمد بن محمد الإدرِيسي هو عالم إسلامي بارز من كبار الجغرافيين في التاريخ ومن مؤسسي علم الجغرافيا الحديثة، في عمر الـ16، بدأ رحلته باستكشاف شمال إفريقيا والسواحل الجنوبية لأوروبا، وقام بأكبر تصحيح شامل للأفكار الخاطئة التي أرساها بطليموس، ومع بلوغه ذورة الإبداع في هذا المجال، أثار الإدريسي ثورة في المعرفة الجغرافية عند العرب.
كان الإدريسي من خبراء علم البحار، وهو أول من حدَّد مصدر نهر النيل، وأول من جسد كروية هذا العالم، عندما دعاه ملك صقلية روجر الثاني لرسم خريطة محدَّثة للعالم، فاستخدم بيضة ليوضح للملك موقع الأرض من الفضاء، فأمر الملك بنقش خريطة العالم على كرة من الفضة.
كانت تجربة الإدريسي أول مجسم دقيق للكرة الأرضية صُنع حتى ذلك الوقت، وحدد عليه المناطق الجغرافية والمناخية المتباينة والمسافات بين الأماكن المأهولة بالسكان، وكذلك مواقع المدن بدقة مستعينًا بخطوط الطول والعرض التي أعاد تدقيقها مرة أخرى لإظهار اختلاف الفصول بين الدول.
قضى الإدريسي 15 عامًا في جمع بيانات حول العالم من خلال رحلاته، لينتج أحد أعظم الأعمال الجغرافية في التاريخ “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق”، وهو كتاب في الجغرافيا الوصفية والسياسية والتاريخية، أهداه لملك صقلية روجر الثاني، وتضمن خرائط ومعلومات جغرافية دقيقة وإشارات إلى الإنجازات الإغريقية والعربية، وتُرجم عمل الإدريسي إلى اللاتينية، وظل مرجعًا لأكثر من 300 عام، وعُرف في الأوساط الأوروبية باسم “كتبا روجر” أو “الكتاب الروجري”.
صحح الإدرِيسي المعروف بـ”أطلس المعرفة” فكرة المحيط الهندي المغلق واعتبار بحر قزوين خليجًا لمحيط العالم، كما صحح مسارات العديد من الأنهار بما في ذلك نهر الدانوب والنيجر وموقع العديد من السلاسل الجبلية، وأظهر أن التقسيم اليوناني للعالم إلى خمس مناطق مناخية لا يتوافق مع الواقع، وابتكر تصنيفًا مناخيًا خاصًا به، فقد تضمن كتابه خريطة عامة للأرض و7 خرائط فرعية تمثل الأقاليم في العالم، وكانت خرائطه أساسًا مباشرًا ومهمًا في اكتشاف كريستوفر كولومبوس لأمريكا.
أبو الفداء (1273-1331)
كان أبو الفداء من العلماء المسلمين اللامعين في العصور الوسطى، كتب كتابًا عن الجغرافيا اسمه “المختصر في أخبار البشر” المعروف بكتاب تاريخ أبي الفداء، في هذا الكتاب مقدمة طويلة عن العوامل الجغرافية يتبعها 28 قسمًا تتناول في شكل جدول المدن الرئيسية في العالم المعروف آنذاك، تمت ترجمة أجزاء من عمله منذ عام 1650 في أوروبا، كما كتب “تقويم البلدان” الذي طُبِع عدة طبعات في أوروبا وسمي “جغرافيا أبي الفداء”.
ابن بطوطة (1304-1377)
كان محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي المعروف بابن بطوطة مستكشفًا مسلمًا عظيمًا، ففي القرن الـ14 الميلادي، قام برحلة في أرجاء العالم لم يكن في حسابه في بدايتها أنه سيرسم للأجيال من بعده صورة صادقة عن العالم الإسلامي في عصره.
زار العديد من الجزر بما في ذلك سيلان وجاوا وسومطرة، وقطع مسافة نحو 75000 ميل وهو رقم قياسي في ذلك الوقت
استكشف ابن بطوطة مناطق شمال إفريقيا وغرب آسيا، وأبحر على طول ساحل إفريقيا إلى جزيرة كيلوا 10 درجات جنوب خط الاستواء، أدى هذا إلى التأكيد على أن المنطقة الاستوائية صالحة للسكن دحضًا لادعاءات بطليموس، كما سافر في رحلته الثالثة إلى مكة وبلاد فارس وبخارى وسمرقند وأفغانستان ودلهي.
كما زار العديد من الجزر بما في ذلك سيلان وجاوا وسومطرة، وقطع مسافة نحو 75000 ميل وهو رقم قياسي في ذلك الوقت، ويلقي كتابه “رحالة” الضوء على التربة والزراعة والاقتصاد والتاريخ السياسي للعالم الإسلامي آنذاك.
ابن خلدون (1342-1405)
عالم مسلم معروف، ساهم بشكل كبير في تطوير الجغرافيا الحديثة، وفي كتابه “مقدمة ابن خلدون”، حدد مجموعتين من القوى التي تؤثر على تقدم الإنسان: الأولى البيئة المادية، والثانية البيئة الاجتماعية المستمدة من الثقافة والمعتقدات بدلًا من البيئة الطبيعية.
كان هذا إنجازًا عظيمًا في عصره، لهذا السبب لاحظ المؤرخون أن ابن خلدون “اكتشف النطاق الحقيقي وطبيعة الاستقصاء الجغرافي”، فقد أسس الجغرافيا التاريخية في كتاباته التي تتحدث عن قيام الإمبراطوريات وسقوطها، ويناقش ابن خلدون المدن وموقعها الصحيح.
تكمن أهمية المساهمة العربية في تأريخ الجغرافيا الحديثة في أن تطور المعرفة الجغرافية في العالم العربي مثَّل، من بعض النواحي، تطورًا إضافيًا على القاعدة الأصلية التي قدمها الجغرافيون في اليونان القديمة، الذين تُرجمت أعمالهم إلى اللغة العربية، وتستخدم على نطاق واسع من العلماء العرب.
وبعد مرور قرون، ما زالت إسهامات ومؤلفات المسلمين في الجغرافيا تحتل مكانًا مهمًّا حتى يومنا هذا، لأن المعلومات التي تتضمنها تزيد علمنا بالجغرافيا التاريخية، وبالتالي تنمِّي معلوماتنا عن تاريخ العالم.