غادر الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” الجزائر صباح اليوم الخميس بعد زيارة استمرت لمدة يومين، بحث خلالها التعاون الثنائي وقضايا دولية وإقليمية مع المسؤولين الجزائريين.
وكان في توديع الرئيس التركي والوفد المرافق له بمطار “هواري بومدين” الدولي بالجزائر العاصمة، كل من: رئيس مجلس الأمة الجزائري “عبد القادر بن صالح” وهو الرجل الثاني في الدولة، ورئيس الوزراء “عبد المالك سلال”، ونائب وزير الدفاع قائد أركان الجيش الفريق “أحمد قايد صالح” وعدد من الوزراء الآخرين.
زيارة الرئيس التركي والتي جاءت في الوقت الذي يعاني فيه الرئيس بوتفليقة من مشاكل صحية، تعكس العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والتي تمثلت في الإعلان عن اتفاقية تقضي بتمديد تزويد الجزائر لتركيا بالغاز الطبيعي المسال لعشر سنوات إضافية مع مضاعفة هذه الكميات بنسبة 50%، وقعت من خلال وزير الطاقة الجزائري “يوسف يوسفي” ونظيره التركي “تانر يلدز”.
وتستورد تركيا نحو 4 ملايين متر مكعب من الغاز المسال سنويًا من الجزائر منذ عام 1988، وفقًا لعقد ينتهي هذا العام.
وأوضح يوسفي في تصريحات عقب توقيع الاتفاقية، أن هذه الاتفاقية تأتي لتمديد العقد الذي يجمع البلدين منذ عشرين سنة والمتعلق بتغطية جانب من احتياجات تركيا الخاصة بالغاز، حيث اتفق الطرفان على تمديده لعشر سنوات أخرى بكميات ستتم مضاعفتها بنسبة 50%.
وأضاف أنه تطرق ونظيره التركي إلى توسيع التعاون الثنائي في مجال الطاقة مستقبلاً ليشمل الجانب المتعلق بالاستكشافات والأسمدة والبتروكيماويات والطاقات المتجددة.
وأجرى أردوغان خلال زيارته للجزائر، محادثات مع المسؤولين الجزائريين وفي مقدمتهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وذكرت مصادر في الرئاسة التركية، أن الرئيس “رجب طيب أردوغان” أكد هو ونظيره الجزائري “عبد العزيز بوتفليقة” خلال اللقاء الذي جمع بينهما أمس الأربعاء على أهمية وحدة الأراضي العراقية، وتعزيز المصالحة الوطنية بين الفلسطينيين، كما عارضا أي تدخل أجنبي في الشأن الليبي.
وأوضحت تلك المصادر أن اللقاء جرى بين الطرفين في المقر الرسمي الخاص بالرئاسة الجزائرية، بحضور عدد من الوزراء من البلدين، وأنه جرى في أجواء ودية للغاية، وأن الرئيسين تناولا خلاله عددًا من القضايا الإقليمية، فضلاً عن العلاقات الثنائية.
وأكد الزعيمان على ضرورة تعزيز العلاقات التي تربط بين بلديهما، لاسيما العلاقات الثقافية القائمة بينهما منذ القدم، إلى جانب العلاقات التجارية والاقتصادية، بحسب المصادر التركية التي أوضحت أنهما تناولا التطورات في كل من العراق وفلسطين، ناهيك عن الشأنين الأفريقي والأوروبي.
وإلى جانب تأكيد الرئيسين “أردوغان” و”بوتفليقة” على أهمية وحدة الأراضي العراقية وسيادتها، شددا كذلك على ضرورة حث الأطراف المعنية في ليبيا على الحوار الذي يهدف إلى تحقيق المصالحة الوطنية الكاملة.
كما ذكرا أنهما يولان أهمية كبيرة لتعزيز المصالحة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، وفي هذا الشأن قال الرئيس الجزائري، إنه يعتزم دعوة الفصائل الفلسطينية المعنية للجزائر خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وأعرب “بوتفليقة” عن رغبة بلاده في الاستفادة من التجربة التركية في مجالات التعليم والصحة والإعمار، مقدمًا تهنئته لنظيره التركي “لما حققه من نجاح في إدارة الملفات الصعبة في تركيا” منذ انتخابه رئيسًا للبلاد في أغسطس الماضي.
وأفاد الرئيس الجزائري، أن بلاده تعتز بالعلاقات القوية التي تربطها بتركيا منذ العهد العثماني، مشيرًا إلى أن الجانبين عازمين على تعزيز تلك العلاقات العميقة، بحسب قوله.
وقام الرئيس التركي صبيحة اليوم، بزيارة جامع “كتشاوة” وهو أشهر المساجد التاريخية بالعاصمة الجزائر، وشيده العثمانيون عام 1612، ويخضع حاليًا لعمليات ترميم من قبل الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) .
كما ترأس الرئيس التركي مساء أمس مناصفة مع رئيس الوزراء الجزائري منتدى رجال أعمال البلدين، لبحث مشاريع الشراكة والاستثمار بين تركيا والجزائر، تحدث فيه أردوغان على أن المنطقة تشهد تطورات مهمة خاصة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتساءل: من يمكن أن يقود هذه التغيرات إذا لم يكن سكان هذه الدول؟
وأضاف: “لا يمكن أن نستورد حلولاً لمشاكلنا؛ لأن ذلك سيزيدها تعقيدًا (…) نحن سكان المنطقة يجب علينا أن نقوم بإنتاج حلول محلية لمشاكلنا سواء في السياسة أو الاقتصاد”، وتابع: “نأمل أن يعيش كافة إخواننا في أمن واستقرار وأن يتمتعوا بثرواتهم”.
وبالنسبة للجزائر، قال أردوغان “نريد أن نرى الجزائر بلدًا مستقرًا وآمنًا ومستقلاً أيضًا”، مضيفًا: “اليوم الجزائر بقيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ألاحظ أنها تسير في الطريق الصحيح ونتمنى أن تكون نجمة أفريقيا الساطعة”.
ووجه الشكر للرئيس الجزائري على دعوته لزيارة بلاده، متمنيًا له الشفاء العاجل، ورافق أردوغان في تنقله إلى الجزائر وفد مؤلف من: نائب رئيس الوزراء “نعمان قورطولموش”، وزير الخارجية “مولود جاويش أوغلو”، وزير الدفاع “عصمت يلماز”، ووزير الزراعة والثروة الحيوانية “مهدي أكر”، بالإضافة إلى عدد من النواب ورجال أعمال، فيما وصل كل من وزير الطاقة والمصادر الطبيعية “طانر يلدز”، ووزير الاقتصاد “نهاد زيبكجي” إلى الجزائر قبل وصول الرئيس التركي.