ترجمة وتحرير: نون بوست
وضع فلاديمير بوتين قوات الأسلحة النووية الاستراتيجية الروسية في حالة تأهب قصوى خلال عطلة نهاية الأسبوع الأولى من حربه على أوكرانيا، مما أثار مخاوف في جميع أنحاء العالم بشأن ما يمكن أن يحدث بعد ذلك.
ألقى الرئيس الروسي باللوم على “الإجراءات غير الودية في المجال الاقتصادي” في إشارة إلى العقوبات الاقتصادية التي فرضها الحلفاء الغربيون على بلاده، وادعى أن أعضاء الناتو البارزين قد أدلوا “بتصريحات عدوانية”.
من جهته، عزا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف تنامي التوترات إلى التصريحات التي أدلت بها وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس، التي نفت بدورها أن يكون أيا ما قالته عبر سلسلة من المقابلات الصباحية “يستدعي هذا النوع من التصعيد”.
بعد ثلاثة أسابيع، لا يزال الغزو الروسي مستمرًا بوتيرة أبطأ بكثير مما توقعه بوتين على ما يبدو بسبب صمود وشجاعة الشعب الأوكراني، الذي وقف شامخًا وقاتل ببسالة دفاعًا عن مدنهم التي تعرضت للقصف بلا رحمة وبشكل عشوائي، بدءا من كييف وصولا إلى خاركيف وماريوبول.
لقد أصبح الدكتاتور الروسي نفسه حاليًا أكثرغموضًا وانعزالا، ويبدو أنه مستعد للجوء إلى أي شيء لضمان النصر الذي يتوق إليه. ولكن ما الذي يمكن أن يحدث الآن بعد الأوامر التي أعلنها بوتين؟ إليك كل ما تحتاج إلى معرفته.
ما الذي قاله فلاديمير بوتين بخصوص الأسلحة النووية؟
خلال اجتماع يوم الأحد 27 شباط/ فبراير، أظهرت لقطات تلفزيونية روسية لقاء بوتين مع وزير دفاعه ورئيس هيئة الأركان العامة حيث أمرهم بوضع الأسلحة النووية في “نظام خاص للخدمة القتالية”.
في معرض توضيحها لما يعنيه ذلك، قالت باتريشيا لويس، مديرة برنامج الأمن الدولي في مؤسسة تشاتام هاوس الفكرية، لوكالة “برس أسوسيشن” للأنباء، “ما نعتقد أنه حدث هو أن روسيا في زمن السلم لديها ضوابط وتوازنات حتى لا تتمكن من إطلاق الأسلحة النووية”.
وتابعت “من أجل التمكن من إطلاق أسلحة نووية، يتعين على الرئيس بوتين تغيير الوضع من وقت السلم إلى القتال، ومن هنا جاءت عبارة “وضع قواته في وضع خاص للقتال”. أعتقد أننا ربما نسميها الاستعداد القتالي ولكن هذا صعب بسبب اللغات المختلفة والمعاني المختلفة”. وأضافت “يبدو أن ما فعله هو إنشاء منصة قانونية ليتمكن من إطلاقها إذا رغب في ذلك”.
قال نائب المدير العام للمعهد الملكي للخدمات المتحدة، البروفيسور مالكولم تشالمرز، إن الصياغة لم تُستخدم من قبل، لذلك المقصود منها ليس “واضحًا تمامًا”. وفي تصريح لوكالة “برس أسوسيشن”، قال “لم أر أي تقارير عن تغييرات في مواقف القوات النووية الروسية. ومن الواضح أنه ليس لدي إمكانية الوصول إلى معلومات استخبارية سرية ولكني لم أر تقارير على هذا النحو”.
وأضاف “لذلك ليس من الواضح كيف يتغير ذلك. قد يكون الأمر متعلقًا بآليات التفويض الخاصة بين الرئيس والقوى النووية أو قد لا يكون شيئًا على الإطلاق. والواضح أن هذا مصمم ليكون شيئًا نحتاج إلى الاستماع إليه. إنه مصمم ليكون تذكيرًا بأن روسيا قوة لديها الأسلحة النووية”.
ما مدى احتمال وقوع هجوم نووي؟
حاول وزير الدفاع البريطاني بن والاس تفنيد مخاوف من نشوب حرب نووية مشيرا إلى أنه يتفهمها، وأن الصياغة مجرد “معركة بلاغية”. وخلال المقابلات الإعلامية، قال لشبكة “سكاي نيوز” إنه “لن يتكهن” بما قد يفعله بوتين في المستقبل. وفي وقت لاحق، أخبر شبكة “بي بي سي بريكفاست”: “إننا لا نرى أو نتعرف في هذا النوع من العبارات أو الوضع الذي وصفه على أنه يشير إلى تغيير موقفهم نووي”.
قال والاس “يتعلق الأمر بالدرجة الأولى بكشف بوتين عن مخططه فقط لتذكير الناس وتذكير العالم بأن لديه رادعا. لن نفعل أي شيء للتصعيد في هذه المنطقة، ولن نفعل أي شيء لتغذية أي سوء تقدير، لأننا نأخذ الأمر على محمل الجد، لكن في الوقت الحالي، نحن نشهد معركة بلاغية يشنها الرئيس بوتين، وعلينا فقط التأكد من أننا نديرها بطريقة صائبة”.
في غضون ذلك، صرح رئيس لجنة الشؤون الخارجية، توم توجيندهات، أن روسيا ترى الأسلحة النووية في ساحة المعركة على أنها مجرد “انفجار أكبر” ومن الممكن أن تعطي أمرا عسكريا باستخدامها. وصرح بعض الخبراء أيضا بأنه لم يتضح بعد ما إذا كان بوتين سيشنّ بالفعل هجوما نوويا أم لا، بينما استبعد آخرون هذا الاحتمال، قائلين إن التدمير المتبادل سيكون أكبر مما يمكن توقّعه.
حسب لويس “بما أن بوتين الآن في حالة قتال، فإنه قادر على شن هجوم نووي، ولكن هل سيفعل ذلك؟ نحن لا نعلم وهذه هي المشكلة. إنه يريد أن يخيفنا طبعا. أعتقد أن روسيا أدركت منذ فترة طويلة أن الغرب يخشى الأسلحة النووية الروسية أكثر من خوف روسيا من الأسلحة النووية الغربية، وأعتقد أن هذا صحيح”. وأضافت “هناك احتمال للرد على القوة التقليدية باستعمال أسلحة نووية بموجب المذاهب الغربية، لكن يُعتقد عموما أن هذا الاحتمال سيكون الملاذ الأخير”.
تعتقد لويس أن “هناك شعورا سائدا خلال العقد الماضي بأن بوتين، إلى جانب زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قادرون على إطلاق سلاح نووي. لذلك لطالما كان هناك غياب لإمكانية التنبؤ بما قد يحصل … لا أريد المبالغة في الأمر ولكني لا أريد التقليل من شأنه أيضا”.
قال البروفيسور تشالمرز إنه يعتقد أن مثل هذا الهجوم “غير مرجح”، مضيفا “أن أي استخدام للأسلحة النووية سيفتح صندوق باندورا، ويقوي احتمال التصعيد لاستخدام المزيد من الأسلحة النووية بمجرد أن تستخدمها دولة واحدة، وسيكون هناك ضغط كبير على الدول التي تمتلك الأسلحة النووية الأخرى لاستخدامها كرد دفاعي… في الواقع، الروس على وعي بما يحصل وكذلك الغرب، وهذا تناقض كبير”.
ماذا يمكن أن يحدث في حال شنّ هجوم نووي؟
في حال شنت روسيا هجوما على إحدى دول الناتو، يقول الخبراء إنه قد تكون هناك ضربات انتقامية من دول الناتو الأخرى، ما من شأنه أن يؤدي إلى نشوب صراع، حيث أشار البروفيسور تشالمرز إلى إنه سيؤدي بدوره إلى “إعطاء أوامر سيكون صداها أسوأ من الحرب العالمية الثانية“.
سيعتمد عدد الضحايا على المنطقة التي تمت مهاجمتها، حيث تمتلك الأسلحة النووية القدرة على قتل مئات الآلاف من الأشخاص اعتمادا على الكثافة السكانية الخاصة بالمنطقة المستهدفة، كما يمكن أن يُصاب آخرون نتيجة التسمم الإشعاعي في حال استهدفت الأسلحة منشآت معينة بدلا من ذلك.
ما هي الأسلحة النووية التي تمتلكها روسيا؟
قامت مجلّة علماء الذرة، التي نشرت تقريرا عن الترسانات النووية العالمية عمل خبراء بارزون من اتحاد العلماء الأمريكيين على تجميع معلوماته منذ سنة 1987، بتحديث سجلاتها المتعلّقة بالترسانة النووية الروسية الأسبوع الماضي. وقالت المجلّة إن المخزون يبلغ نحو 4477 رأسا حربيا، منها حوالي 1588 رأسا حربيا إستراتيجيا يمكن نشرها على صواريخ باليستية وفي قواعد قاذفات ثقيلة، في حين هناك ما يقارب 977 رأسا حربيا إستراتيجيا إضافيا، و1912 رأسا حربيا غير إستراتيجي مخزّنًا.
وفقا لاتحاد العلماء الأمريكيين، تشير أحدث الأرقام إلى أن المملكة المتحدة تمتلك مخزونا يضم حوالي 225 رأسا نوويا، في حين أن الولايات المتحدة لديها 5428، وفرنسا لديها 290، وباكستان لديها 165، والصين لديها 350، والهند لديها 160، وإسرائيل لديها 90، وكوريا لديها 20 رأسا نوويا.
المصدر: الإندبندنت