ترجمة وتحرير: نون بوست
الشركات الصغيرة في الصين مشطت الكرة الأرضية للعثور على قطع من الأراضي الهامة؛ هل يحاولون جني الأموال أم أنهم يكونون خطًّا دفاعيًّا متقدمًا لبكين؟
قبل ثلاث سنوات؛ أقدم شو تشانغيو على محاولته الأولى للاستحواذ على جزيرة في جنوب المحيط الهادئ؛ حيث تفاوض نائب رئيس مجموعة “تشينا سام إنتربرايز جروب” بهدوء على عقد إيجار لمدة 75 سنة لجزيرة تولاجي، وهي جُزَيرَة بها ميناء طبيعي للمياه العميقة ضمن جزر سليمان.
تم وقف الصفقة بعد أعلن المدعي العام أنها غير قانونية، لكن ليس دون أن يثير الشكوك بين العامة وحلفاء الغرب التقليديين في البلاد بأن الصين كانت تتطلع لبناء قاعدة عسكرية في بقعة كانت تستضيف – في وقت ما – الطائرات البحرية البريطانية واليابانية والأمريكية.
عاد شو، عندما زار ماناسيه سوغافاري – رئيس وزراء جزر سليمان – الصين في تشرين الأول/ أكتوبر 2019؛ حيث رافق سوغافاري خلال الرحلة بأكملها، وفي نيسان/ أبريل 2020؛ تم تسجيل شركة “تشينا سام” والتي لها صلات بوزارة الدفاع الصينية وتنتج الأسلحة، كمستثمر أجنبي في جزر سليمان، مما أزال أحد العقبات القانونية التي أخرجت الصفقة الأولى عن مسارها.
بعد خمس سنوات؛ تورطت شركته في صفقة أكثر جرأة؛ فقد تلقى رئيس مقاطعة أخرى من جزر سليمان رسالة زُعم أنها من شركة صناعة الطيران الصينية “إيه في آي سي” لهندسة المشاريع الدولية، وهي شركة تابعة لمجموعة حكومية صينية معنية بالفضاء الجوي والدفاع، وجاء في الرسالة أن كل من شركة صناعة الطيران الصينية ومجموعة تشاينا سام للمشاريع، يعتزمان دراسة “الفرص المتاحة لتطوير مشاريع بحرية ومشاريع بنية تحتية على أرض مستأجرة لبحرية جيش التحرير الشعبي […] مع حقوق حصرية لمدة 75 سنة”.
تم تسريب أنباء عن الرسالة على وسائل التواصل الاجتماعي في تموز/يوليو الماضي مما أجبر رئيس الحكومة المحلية على إنكار أنه تم الاتفاق على أي شيء.
ولكن اتضح أن العروض من الشركات الصينية كانت سبقًا لشيء أكبر، مثلما بيَّن تسريب جديد للوثائق الشهر الماضي؛ فقد صاغت الصين وهونيارا اتفاقًا أمنيًّا من شأنه أن يسمح بزيارة البحرية الصينية لموانئ جزر سليمان من أجل الخدمات اللوجستية وتجديد الموارد وتناوب الموظفين.
لم يتم توقيع الاتفاقية بعد، لكن المسودة وجهود شو التي سبقتها كشفت عن أمرين؛ أولًا: ليس هناك أي شك في أن الصين تسعى لوضع موطئ قدم للحربية البحرية في جنوب المحيط الهادئ، بينما تحاول تحدي هيمنة أمريكا وحلفائها في المنطقة، وثانيا: توضح الطريقة المعقدة التي تتصرف بها الشركات الصينية أحيانًا بالتزامن مع الحكومة وطموحاتها الجيوسياسية.
إن مجموعة تشاينا سام للمشاريع هي مجرد واحدة من سلالة متنامية من الشركات الصينية التي تجوب العالم في محاولة لتأمين قطع من الأراضي الإستراتيجية. وفي عشرات الحالات التي درستها فايننشال تايمز؛ غالبًا ما اقترح المستثمرون الصينيون غير المعروفين الحصول على عقود إيجار طويلة أو حاولوا شراء قطع كبيرة من الأراضي، غالبًا في مواقع حساسة. وفي بعض الحالات؛ تكون الأرض قريبة من حلفاء الولايات المتحدة أو المنشآت العسكرية، أو على ممرات الاتصال الرئيسية للجزر، أو تطل على المضائق والقنوات المهمة.
وكثيرًا ما تكون دوافع هذه الشركات وصلاتها الحكومية قابلة للتفسير. وفي بعض الحالات، يبدو أنها مثال فعلي على قدرات القطاع الخاص في ريادة الأعمال ممزوجة بالانتهازية، بينما توجد في حالات أخرى روابط واضحة مع الدولة.
في كلتا الحالتين؛ فإن الانطباع الذي بدأت العديد من الحكومات بنائه هو أن هذه الشركات الخاصة تمهد الطريق لمصالح الدولة الصينية التي تأتي في أعقابها، فلقد خلقوا مقارنات مع ما كان يُعرف في عصر الإمبراطورية البريطانية باسم “التجارة تتبع العَلم”، وهي العلاقات الوثيقة التي وجدت بين التجارة والتوسع الاستعماري.
يقول دبلوماسي من جنوب شرق آسيا: “يمكنك القول بأن هذه الشركات الصينية تشبه شركة الهند الشرقية البريطانية في أيامنا هذه”، مضيفًا: “هم طلائع اندفاع أمتهم إلى أسواق جديدة ومجالات نفوذ جديدة”.
جزر سليمان
الملكية: تخضع لسيطرة شوى دونج بينج وجو سي إنج، وهما أم وابنتها، من خلال وسائل الاستثمار. تم شراء حصة الأقلية مؤخرًا من قبل شركة الاستثمار توس هولدينجز.
الروابط الحكومية / العسكرية: تأسست واحدة من شركاتها، شركة تشاينا جينغان، كشركة تابعة لوزارة الأمن العام؛ حيث تنتج المجموعة وتتاجر في الأسلحة من المسدسات إلى زوارق الدوريات، وكما تم تحديد شركة تشاينا شينج شينج، أيضًا كمجموعة “منتسبة”، والتي تقدم خدمات البناء واللوجستيات وغيرها من الإمدادات للمشاريع في الخارج نيابة عن وزارة الدفاع.
الأعمال التجارية: النفط والغاز، والمنتجات الكيميائية، وخدمات الأمن الخاصة، وإنتاج واستيراد وتصدير الأسلحة، وإنتاج الأفلام الدعائية.
في جزر سليمان: اقترح عقد إيجار لمدة 75 سنة لجزيرة تولاجي وبعد ذلك لأرض في إيزابيل لنفس الفترة من مشروع “الحربية البحرية والبنية التحتية” لجيش التحرير الشعبي، وهي مسجلة كشركة مملوكة بالكامل في سنة 2020؛ باسم شركة سام إنفستمنت “جزر سليمان” المحدودة، ونطاق الأعمال هو “النفط والغاز”، لكن لا توجد مشاريع في البلاد معروفة في هذا القطاع حتى الآن، وحالة المشروع: لم يتحقق.
رفض شو والذي يرأس الأعمال التجارية للشركة في جزر سليمان، التحدث مع فايننشال تايمز بشأن هذه القصة، ولم ترد تشاينا سام على الأسئلة المرسلة بالبريد الإلكتروني، وكذلك لم ترد شركة صناعة الطيران الصينية “إيه في آي سي” على رسائل البريد الإلكترونية.
مع اشتداد المنافسة الجيوسياسية بين الصين والغرب؛ تكافح الولايات المتحدة وحلفائها للرد على هذا التعايش بين بكين وقطاع شركاتها في الخارج. خلال الحرب الباردة؛ احتفظت القوى الغربية بهيمنتها على المحيط الهادئ من خلال المطالبة بامتناع دول المنطقة الجزرية عن تلقي المساعدة من الاتحاد السوفييتي.
“نهج الإنكار الاستراتيجي، الذي نجح مع الاتحاد السوفييتي، لا يعمل مع الصين، وذلك لأن شركاتهم كانت موجودة حتى قبل مجيء الدولة”، هذا ما يقوله تاركيسيوس كابوتولاكا، الأستاذ المشارك في جامعة هاواي، والباحث في الصين في أوقيانوسيا وهو نفسه من جزر سليمان.
الأعمال قبل العلاقات الدبلوماسية
تتمثل إحدى السمات اللافتة للنظر لجهود شراء الأراضي الصينية في أن بعض الشركات كانت تقدم صفقات في دول ليس لديها حتى سفارة صينية لأنها تقيم علاقات دبلوماسية مع تايوان؛ حيث تدَّعي الصين أن تايوان جزء من أراضيها، ويعد سحق استقلالها الفعلي والروابط الدولية أحد المصالح الأساسية لبكين.
جزر سليمان، على سبيل المثال؛ حولت الاعتراف من تايبيه إلى بكين في عام 2019، لكن الصين أصبحت أكبر شريك تجاري لها في وقت سابق بكثير، وكانت الشركات الصينية الرئيسية، بما في ذلك المقاولون التابعون للدولة، موجودة بالفعل وأقامت علاقات قبل سنوات من التحول؛ فقد أسست شركة بناء الهندسة المدنية الصينية، وهي شركة مقاولات مملوكة للدولة، وجودًا محليًّا في عام 2015.
يمكن ملاحظة نمط مماثل في أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي؛ حيث يوجد في تايبيه بعض من شركائها الدبلوماسيين المتبقيين.
في السلفادور؛ اقترحت شركة “آسيا-المحيط الهادي شوانهاو”، وهي تكتل صيني، في عام 2018 استئجار “لايونيون”، وهو ميناء تم بناؤه وتوسيعه في الأصل بأموال يابانية، لمدة 50 عامًا. في الوقت ذاته، كانت الحكومة الصينية تتفاوض لجعل البلاد تحول اعترافها من تايبيه إلى بكين.
بعد ذلك، وسعت شركة “”آسيا-المحيط الهادي شوانهاو (آي بي أكس)” اقتراحها ليشمل بناء سلسلة من المناطق الاقتصادية الخاصة، والتي تتطلب عقد إيجار لمدة 100 عام على ما يقرب من سدس أراضي الدولة ونصف ساحلها، وفقًا للعروض التي استعرضتها صحيفة الفينانشيال تايمز، وقد امتنعت الشركة عن التعليق.
على الرغم من أن رئيس السلفادور آنذاك، سلفادور سانشيز سيرين، تقدم بتشريع مخصص لتمكين الاقتراح، لكن سرعان ما توقفت الخطط الكبرى. في الوقت الذي شنت فيه الحكومة الأمريكية حملة ضد النفوذ الصيني في أمريكا اللاتينية، حظر برلمان السلفادور بيع الجزر للمستثمرين الأجانب، مما منع السيطرة على المناطق الرئيسية قبالة ساحل خليج فونسيكا.
ومع ذلك؛ حاول مستثمرون صينيون آخرون المساعدة في الدفع بمشروع المنطقة الاقتصادية، وفقًا لوثائق حكومية وتقارير إخبارية محلية، فإن يانغ بو، تاجر ومستثمر صيني المولد جاء إلى السلفادور بعد قمع بكين الدموي للحركة الطلابية عام 1989 في ميدان تيانانمين، واستحوذ على أكثر من نصف الأرض في جزيرة ايسلا بريكو، بالقرب من المنفذ المشمول نظريا بالحظر. ولم يرد يانغ على المكالمات التي تطلب التعليق.
وأثار الضغط المستمر من قبل الجهات الفاعلة الصينية المختلفة، لما يمكن أن يكون سيطرة طويلة الأمد على مساحات كبيرة من الأرض، جدلًا حادًا حول ما تنوي هذه الشركات فعله حقًا.
يقول إيفان إليس، الأستاذ في معهد الدراسات الإستراتيجية بكلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي والذي يتابع مشاركة الصين مع أمريكا اللاتينية: “لقد رأينا جهات غير حكومية صينية فاعلة، تتحرك في انسجام تام لمساعدة الصين على اكتساب نفوذ اقتصادي وسياسي في أمريكا الوسطى”، كما يرى أن مقاربات مثل تلك التي تتبعها شركة “آي بي أكس” والمستثمر يانغ هي جزء من الخطط الصينية الإستراتيجية لتطوير طرق التجارة عبر أمريكا الوسطى كبدائل لقناة بنما.
ومع ذلك؛ يقول محللون وتنفيذيون ودبلوماسيون آخرون إن النظر إلى الشركات الصينية على أنها مجرد واجهة لمصالح بكين الجيوسياسية أو العسكرية هو أمر مفرط في التبسيط وغالبًا ما يكون خاطئًا تمامًا.
يسأل جرايم سميث، الزميل في الجامعة الوطنية الأسترالية، الذي يقوم ببناء قاعدة بيانات عن الشركات الصينية النشطة في المحيط الهادئ. “كيف تميز ما هو مقصود وما هو عرضي؟” يقول إن العديد من الشركات الصينية الخاصة تحاول الدخول في الأعمال المربحة لمشاريع التنمية الخارجية الممولة بأموال الحكومة الصينية من خلال ما يسميه الهندسة العكسية؛ أي اقتراح صفقة قد تروق للدولة المضيفة ثم تسعى للحصول على الدعم من بكين.
“تجد الشركات الصينية سياسيًّا محليًّا أو بيروقراطيًّا كبيرًا تقدم له مشروعًا. إنهم يجعلون الأمر يبدو وكأن هناك مصلحة محلية. ثم يعودون إلى وكالة “إكسيم بنك” الصينية، أو إلى مؤسسة كبيرة مملوكة للدولة، أو إلى الحكومة، وفي بعض الأحيان تؤتي الأمور ثمارها.”
الممرات البحرية الاستراتيجية
ميزة أخرى مدهشة هي الخطط الطموحة بشكل مذهل التي اقترحتها بعض هذه الشركات؛ على الرغم من أن معظمها ليس لديها سجل تقريبًا في تطوير مشاريع مماثلة. العديد منها واجه عقبات بسرعة كبيرة.
في أغسطس/ آب 2019، عرضت شركة فونغ تشي، وهي مشروع مشترك بين مجموعة عقارات صينية ومستثمرين من أصل صيني في الفلبين، السيطرة على جزيرة فوجا في مضيق لوزون وبناء مدينة ذكية هناك -وهو مشروع يتضمن تكنولوجيا المعلومات التي يمكن استخدامها للخدمات العامة مثل المراقبة أو مراقبة حركة المرور.
تقع فوجا في القناة التي تفصل الطرف الجنوبي لتايوان عن أقاليم أقصى شمال الفلبين، وهي إستراتيجية للغاية حيث تمر كل من سفن البحرية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني وسفن الولايات المتحدة وحلفائها عند العبور بين بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ.
وبدافع من مطالب المشرعين الفلبينيين بإجراء تحقيق، طلب الجيش مراجعة الاستثمار المقترح وأعلن منذ ذلك الحين عن خطط لبناء محطته البحرية الخاصة في فوجا.
وتخطط شركتان صينيتان أخريان لتطوير مناطق اقتصادية خاصة في جزيرتي تشيكيتا وغراندي، وهما جزيرتان قبالة الساحل الغربي للفلبين في بحر الصين الجنوبي، وتطالب كل من مانيلا وبكين بمياههما. كما أدت المخاوف الأمنية في الفلبين إلى تعليق هذه الخطط.
في أواخر عام 2020، اقترحت شركة صينية إنشاء منطقة مصائد الأسماك حول دارو، وهي جزيرة تقع في أضيق جزء من مضيق توريس الذي يفصل بابوا غينيا الجديدة عن شمال أستراليا. بعد بضعة أشهر، قامت مجموعة منفصلة مدرجة في هونغ كونغ لها صلات بالبرّ الرئيسي ببناء مدينة ذكية في نفس المياه النائية الفقيرة. كلا الخطتين تبخرتا.
الفليبين
شيامن هونغجي يونجيي للاستثمار، شركة مقرها شيامن تأسست في عام 2017.
الملكية: مملوكة من قبل رواد الأعمال في شيامن لاي شياويي وهونغ تشى تشيانغ، الذي يعمل أيضًا في شركة إلكترونيات في بكين.
روابط حكومية / عسكرية: لا توجد روابط معروفة.
الأعمال: تجارة المعدات الميكانيكية والكهربائية والأجهزة وتركيبات الطاقة الشمسية وتجارة الاستيراد والتصدير والاستثمار.
في مؤسسات فونغ تشي الفلبينية، مشروع مشترك بين هونغ، أحد أقارب لاي، وهو رجل أعمال فلبيني من أصل صيني، واثنين آخرين من أصل صيني فلبيني، وتم تسجيله في عام 2017 في كافيت، الفليبين، كشركة معدات صناعية وتجارة الجملة؛ حيث اقترحت مشروع مدينة ذكية بقيمة 2 مليار دولار في جزيرة فوجا. الشركة نائمة ولم يتحقق المشروع.
يقول سميث: “ليس هناك مال أسهل للقيام بمشروع بناء في الخارج من الأموال الصينية، ولهذا السبب يحاول الكثير منهم فعل ذلك”.
قامت “فاينانشيال تايمز” بفحص أكثر من 30 تقريرًا عن مقترحات صينية لمشاريع إنمائية واسعة النطاق حول العالم على مدار العقد الماضي، وأجرت تحقيقًا مفصلًا مع المحللين في مجموعة الاستخبارات مفتوحة المصدر “جينس” لتسعة مشاريع مقترحة أو منفذة في الولايات المتحدة في السنوات الأربع الماضية.
إن المقاولين الصينيين المحتملين في تلك العينة الأصغر هم شركات خاصة يسيطر عليها عدد صغير من المساهمين، وغالبًا ما يكونون من عائلة واحدة، إذ تقول كبيرة المحللين في جينس كلير تشو إن “أحد الأنماط التي يمكنك ملاحظتها هو أن هؤلاء أشخاص يتمتعون بسلسلة ريادية قوية”.
على سبيل المثال؛ شركة “تشاينا سام إنتربرايز جروب”، يتحكم فيها شخصان – تشو دونغ بينغ وجو سيينغ – من خلال شبكة من الكيانات المساهمة الوسيطة. والمستثمر الصيني في شركة “فونج إي”، التي اقترحت صفقة “فوجا” هو هونجي يونغ يي، وهي مجموعة مقرها شيامن يمتلك مستثمروها – من القطاع الخاص أيضًا – العديد من الشركات الصغيرة الأخرى المشاركة في مجالات مثل تجارة الإلكترونيات والتموين في الصين.
ومن الأمثلة الأخرى الشركة الصينية “يو دي جي” المسجلة في كمبوديا، التي تدير منطقة تنموية اقتصادية بقيمة 3.8 مليارات دولار في كمبوديا، وتشغل خُمس ساحل البلاد وتتضمن مطارًا به مدرج عسكري، وهي مملوكة لشركة “تيانجين يونيون جروب”، وشركتها الأم هي مجموعة “وان لونغ” للتطوير العقاري، التي تسيطر عليها عائلة مكونة من أحد الوالدين وأربعة أشقاء مع شريكين آخرين.
كمبوديا
تأسست مجموعة اتحاد تيانجين للتطوير الاستثماري، وهي شركة عقارية في تيانجين في سنة 1993. يسيطر عليها رجال الأعمال المحليون كاي تشين وبينغ جينغ هاي ولي فونغ جون وأولاده الثلاثة. هذه الملكية النفعية محجوبة بشبكة من ست مركبات تشارك الملكية.
ولا يُعرف ما إذا كانت لها صلات بجهات حكومية أو عسكرية، لا سيما أن الشركة عززت السياسات المرتبطة بمبادرة الحزام والطريق، بما في ذلك تعزيز التبادل الثقافي وتعليم اللغة مع كمبوديا. من جانبها، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على “يو دي جي” بسبب مزاعم لارتكابها انتهاكات ضد حقوق الإنسان من خلال مصادرة ممتلكات السكان الأصليين في المنطقة لمشروع “دارا ساكور”.
وتم تطوير العقارات التجارية في تشينهوانغداو وهاينان؛ حيث اعتادت الشركة الأم “وان لونغ جروب” على التركيز على التطورات السكنية والتجارية، مع تحوّلها مؤخرًا إلى العقارات السياحية.
في كمبوديا تأسست شركة “يو دي جي”، وهي شركة فرعية محلية مملوكة بالكامل، والتي قامت ببناء منتجع “دارا ساكور سيشور”، وأخيرًا “المنطقة التجريبية للاستثمار والتنمية الشاملة في كمبوديا والصين”، ولديها عقد إيجار لمدة 99 عامًا للمنطقة، بما في ذلك 20 بالمائة من ساحل البلاد.
لكن سيطرة الملكية الخاصة لا تعني أن الدولة غائبة؛ فالعديد من الشركات الصينية المملوكة للقطاع الخاص التي استعرضتها “فاينانشيال تايمز” بشأن هذه القصة لها صلات وثيقة بقوات الأمن الصينية أو بأجزاء أخرى من جهاز الدولة.
ووفقًا لوثائق العطاء وتقارير وسائل الإعلام الصينية، تعد “إيه بي إكس” موردًا لنظارات الرؤية الليلية والتلسكوبات ومعدات الاستماع لجيش التحرير الشعبي والشرطة الشعبية المسلحة شبه العسكرية، وعندما أنشأت الشركة فرع الحزب الشيوعي – المطلوب من جميع الشركات في الصين – فعلت ذلك مع جامعة الدفاع الوطني، وهي مؤسسة تابعة لجيش التحرير الشعبي. وفي الصين، تحب بعض الشركات الخاصة إظهار صلاتها بالجيش لإثبات حب الوطن ومتابعة الأعمال التجارية الحكومية.
وتتمتع شركة “تشاينا سام إنتربرايز جروب” أيضًا بعلاقات وثيقة مع الدولة والجيش، وعلى الرغم من ملكيتها الخاصة؛ تصف الشركة نفسها بأنها شركة “على مستوى الدولة”؛ وهي علامة لا تحمل أي معنى رسمي، ولكنها تُظهِر ارتباطًا بالشركات المملوكة للدولة. وإحدى الشركات الرئيسية التابعة لها هي “تشاينا جينغ يان” التي كانت مملوكة لوزارة أمن الدولة قبل تحويل الأصول في سنة 2017 إلى شركة تابعة لـ”تشاينا سام”. وتعد شركة “تشاينا جينغ يان” هي شركة مقاولات أمنية خاصة، ولديها ترخيص لاستيراد وتصدير الأسلحة، بما في ذلك البنادق والذخيرة والعربات المدرعة والروبوتات والطائرات بدون طيار والمتفجرات، وفقًا لجينس.
يقول المحللون إنه في سياق التحول العام لبكين نحو مزيد من سيطرة الدولة عبر المجتمع والاقتصاد الصيني، فإن الحكومة توجه الشركات المملوكة للدولة بشكل أكثر صرامة للعمل لدعم أهداف سياستها الخارجية.
السلفادور
تأسست مجموعة “تشاناو” في آسيا والمحيط الهادئ (أيه بي إكس) في بكين في سنة 2004. وهي شركة مملوكة بنسبة 100 في المئة لـ وانغ تشنغ بين، وهو رجل أعمال له مصالح في العديد من الشركات الأخرى في إدارة المشاريع والبناء والاستثمار المالي.
وفيما يتعلق بصلتها بجهات حكومية أو عسكرية، فإن إحدى الشركات التابعة لها مسجلة في مبنى معهد أبحاث للقوات شبه العسكرية الصينية، الشرطة الشعبية المسلحة، المسؤولة عن مكافحة الشغب وحماية الحدود، كما أن شركة أخرى تابعة لها لديها مشروع مشترك مع شركة منتجة للأسلحة مملوكة للدولة. وتقوم “أيه بي إكس” بدعم الشرطة والشرطة الشعبية المسلحة والجيش، وإنشاء فرع للحزب الشيوعي مع جامعة الدفاع الوطني. وتشرف الشركة على إنتاج وبيع معدات الإلكترونيات الضوئية وآلات الأسلحة والتعدين والاستثمار المالي وإدارة الأموال وتطوير المشاريع وإدارتها.
اقترحت الشركة مشروع إعادة تطوير ميناء “لا يونيون” ومجموعة من المناطق الاقتصادية الخاصة، لكن المشروع لم يُنفّذ بعد، فيما يقول سميث عن مجموعة قليلة من الشركات المملوكة للدولة، بما في ذلك شركة “تشاينا سيفيل” للهندسة الإنشائية، ومجموعة شنغهاي للإنشاءات، و”تشاينا هاربور إنجنيرنغ”؛ هي التي تأخذ حصة كبيرة من مشاريع البناء الممولة بقروض التنمية الصينية في الخارج، ويضيف: “لكن من المتوقع الآن إلى حد كبير أن يحملوا المياه للدولة الصينية”، معلّقًا بأن كل شيء تغيّر في السنوات القليلة الماضية.
حتى الصينيون الأصليون بالخارج والذين ليسوا حتى من مواطني جمهورية الصين الشعبية يمكن أن تجتذبهم بكين إلى الدبلوماسية الاقتصادية، فيقول تشو، في إشارة إلى يانغ في السلفادور: “النمط الآخر الذي نراه هو أنه يتم استغلال أفراد الجالية الصينية المحلية في الخارج، إذ يمكنهم لعب دور حاسم”، وبغض النظر عن شراء الأراضي لمجموعة المنطقة الاقتصادية الخاصة المقترحة، استقبل يانغ أيضًا وفودًا تجارية واستثمارية من الصين نيابة عن السفارة الصينية.
بالنسبة للحكومات الغربية التي تراقب بعناية كل التحركات الصينية، فإن ليس من المستغرب أن ترى هذه الشركات الصينية من خلال عدسة جيوسياسية بسيطة. ومع ذلك؛ ونظرًا لهذا المزيج المعقد من الجهات الفاعلة، فإن الأمور أكثر صعوبة بالنسبة للحكومات في العديد من البلدان النامية التي تستهدفها الشركات الصينية بمشاريعها.
من جهته يحذر كابوتاولاكا من أن مسؤولي جزر سليمان يفتقرون إلى المعرفة الكافية حول المسؤوليات والسلطات المالية لمختلف المؤسسات الصينية ـ الخاصة والعامة ـ لفهم من يتعاملون معهم، ويدّعي النائب وزعيم الحزب الديمقراطي المعارض ماثيو ويل أن بعض أعضاء البرلمان “تم شراؤهم من قبل الشركات الصينية”، مضيفًا: “نحن في حالة استيلاء النخبة”.
كانت استجابة بعض سكان جزر سليمان أكثر وضوحًا؛ حيث أعرب أحد أعضاء مجموعة محلية لمكافحة الفساد على “فيس بوك” عن صدمته من الكشف عن عودة “تشاينا سام” السنة الماضية بمشروع آخر لاستئجار الأرض لمدة 75 عامًا. وكتب مستنكرًا: “هل يتطلعون إلى تحويل جزر سليمان إلى مستعمرة؟ وماذا يعني ذلك لمستقبلنا ومستقبل أطفالنا؟”
المصدر: فاينانشيال تايمز