دخل لاجئون سوريون في العاصمة اليونانية أثينا، اعتصامًا مفتوحًا البارحة في ميدان “سنتيغما” المواجه لمقر البرلمان وسط العاصمة، وذلك للمطالبة بـ “احترام حقوقهم من قبل السلطات اليونانية، ومنحهم حق اللجوء”.
وكانت مجموعة مكونة من 200 شخصًا، من بينهم أطفال ونساء قد نظمت أمس الأربعاء، تظاهرة في ميدان “سنتيغما”، للمطالبة بحق اللجوء، وقررت اليوم الدخول في اعتصام مفتوح حتى يتم تنفيذ مطالبها.
الناطق باسم المجموعة “عادل عبدول” قال لوكالة الأناضول: “لن نغادر الميدان حتى تستجيب السلطات اليونانية لطلبات لجوئنا”، مؤكدًا “أنهم سيواصلون اعتصامهم الذي بدأوه أمس”، ولفت “عبدول” إلى معاناة آلاف السوريين الذين يعيشون في اليونان في ظروف صعبة للغاية، بحسب قوله، مضيفًا: “نحن باقون هنا حتى تتحقق مطالبنا، فلا عمل ولا مأوى لنا، نحن نعيش في الشوارع”، كما أنهم رفعوا لافتات كُتب عليها “نطلب من الحكومة اليونانية أن تجد الآن حلاً للاجئين السوريين”.
ونقلت وكالة (أ. ف. ب) عن “محمد جوسا” البالغ من العمر 21 عامًا المتحدر من دمشق والذي وصل إلى جزيرة يونانية من تركيا قبل شهرين: “لا نملك أي مساعدة، أنام مع مواطنين آخرين تحت رواق في مركز تجاري في أثينا، ونغتسل في مقهى مجاور، الحياة هنا ليست آمنة، وحقوق اللاجئين غير موجودة”، وأضاف: “في النهاية قد يتركوننا نذهب، أتفهم أن وضع الاقتصاد اليوناني سيء، وآمل التوجه إلى ألمانيا لمتابعة دراستي والعمل”.
أما “شذا زرقي” (38 عامًا) فتقيم في غرفة في فندق منذ ثلاثة أشهر مع زوجها وأطفالها الأربعة الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين و17 عامًا، وروت أن “إيجار الشقق باهظ في أثينا، لا يمكنني العودة إلى سورية لأن ابني مطلوب للخدمة العسكرية، حلنا الوحيد سيكون الذهاب إلى فرنسا حيث يعيش شقيقي”، وإلى جانبها امرأة حامل أوضحت أن المستشفيات لا تعطيها أدوية.
وتطرق بشير شلول (24 عامًا) إلى “الوجود اليومي لمهربين يطلبون المال عبر قطع وعود كاذبة للمساعدة في التوجه إلى أوروبا الغربية”.
وخلال السنتين الأخيرتين ارتفع عدد السوريين في اليونان بشكل كبير جدًا، حيث تمثل اليونان أحد أبرز أبواب الدخول إلى أوروبا للفارين من الحروب والبؤس في أسيا وأفريقيا والشرق الأوسط.
أما السوريون، فقد اتخذوا من اليونان بوابة لهم للعبور إلى أوروبا، حيث يتجه إليها السوريون من العديد من المناطق التركية، أشهرها محافظة إزمير، حيث يستغرق زمن الوصول إلى أقرب نقطة يونانية 45 دقيقة بالقارب السريع، تزداد تلك المدة بفعل الأحوال الجوية أو نوعية القارب أو مدى كثافة مراقبة خفر السواحل.
والذي يشجع السوريون (وغيرهم من المهاجرين) على التوجه إلى اليونان، هي أنها بوابة العبور إلى أوروبا، كما أن الدول الأخرى لا تعيد اللاجئين الذين دخلوا أوروبا عن طريق اليونان إليها بموجب اتفاقية دبلن.
وبموجب اتفاقية دبلن، يجب على طالبي اللجوء الحصول على اللجوء في البلد الأول الذي يجمع بصمات أصابعهم، وفي حال وُجدوا في دول أخرى، فإنهم يواجهون الطرد إلى نقطة دخولهم إلى الاتحاد الأوروبي؛ لذلك تعتبر اليونان محطة “ترانزيت” لا أكثر للانتقال إلى وجهة أخرى في أوروبا حيث سيطلبون اللجوء، وتقدم لهم اليونان تصريحًا بالإقامة لمدة ستة أشهر، لكن لا يسمح لهم بالسفر، ومع انتهاء مفعول التصريح يصبحون في وضع غير قانوني.
واليونان التي طلبت أخيرًا المزيد من الأموال من الاتحاد الأوروبي لمواجهة تدفق اللاجئين، تواجه باستمرار انتقادات المنظمات الدولية لعدم احترامها حقوق اللاجئين.
وفي سبتمبر الماضي، نشر موقع قناة الجزيرة الإنجليزية أن سلطات الهجرة في اليونان قبضت على 14800 مهاجرًا في 2014، بزيادة قدرها 143٪ عن العام السابق؛ الأمر الذي كلف الحكومة 81 مليون دولارًا في ميزانية عام 2013 حيث يبلغ معدل البطالة فيها أعلى معدلاته في أوروبا.
تلقت اليونان انتقادات شديدة بسبب تعاملها مع المهاجرين، حيث اتهمت منظمة العفو الدولية حرس الحدود بإبعاد قوارب المهاجرين تجاه المياه التركية، في حين كشف تقرير منظمة أطباء بلا حدود عن الأوضاع المزرية في مراكز الاحتجاز اليونانية، وفي النهاية، إذا استطاع المهاجرون البقاء على قيد الحياة من الجحيم اليوناني، فإن فرصتهم في الحصول على لجوء تصل إلى 4٪ أو أقل!
وينتقل اللاجئون من اليونان إلى أوروبا بوسائل عديدة تختلف أسعارها، أشهرها تأشيرة مزورة توضع على الجواز السوري، وأعقدها البحث عن جواز أوروبي تشبه صورة صاحبه إلى حد كبير صورة المهاجرة، بالإضافة إلى طرق أخرى مثل المشي على القدمين عبر دول أوروبا الشرقية حتى الوصول إلى الغرب أو الشمال، وكلها تكلف مبالغ طائلة بالنسبة للسوريين، والذي يبدو أنهم فقدوا الأمل بها ما بين تكلفتها وطمع وخداع المهربين، ليختاروا الاعتصام.
وكالات + نون بوست