توزِّع الحكومة الجزائرية في شهر رمضان من كل عام مساعدة للعائلات المعوزة تقدَّر بـ 10 آلاف دينار (71 دولارًا)، وهو ما يراه عدة خبراء وسياسيين ومنظمات المجتمع المدني زهيدًا وغير كافٍ لتغطية مستحقات العائلات الفقيرة الموجودة بالبلاد، داعين إلى إعادة النظر في برامج مكافحة الفقر والتكفل بالعائلات التي تعاني العوز المرشح للتوسع، في حال استمرَّ الحال الاقتصادي للبلاد على حاله.
ورغم أن الجزائر مصنَّفة ضمن البلدان النفطية، بالنظر إلى عائداتها من المحروقات التي تجاوزت العام الماضي 30 مليار دولار، إلا أنها لا تزال تسجّل حالات للفقر في عدة ولايات، بل إن السلطات صنّفت بعض البلديات ضمن المناطق الأكثر فقرًا، لذلك تتعالى الأصوات المنادية بالتعجيل في التقليص من هذه الظاهرة، واستبدال طرق الدعم الموجهة للعائلات المحتاجة.
“لا أحد يبقى جائعًا في الجزائر”
لا يتضمّن القانون الجزائري تعريفًا محددًا للفقر، وبما أن الجزائر عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة وتعمل بمختلف القوانين الدولية، فيمكن إسقاط التعريف المعتمَد دوليًّا لتحديد الفئة الفقيرة وأبعادها في الجزائر.
تقول الأمم المتحدة إن “الفقر أكثر من مجرد الافتقار إلى الدخل أو الموارد أو ضمان مصدر رزق مستدام، لأن مظاهره تشمل الجوع وسوء التغذية وانحسار إمكانية الحصول على التعليم والخدمات الأساسية، إضافة إلى التمييز الاجتماعي والاستبعاد من المجتمع، وانعدام فرص المشاركة في اتخاذ القرارات”.
وبالنظر إلى بعض العناصر المحدَّدة من طرف الأمم المتحدة، يجب الإشارة إلى أن الدستور الجزائري ينصّ على حق التغذية والتعليم والصحة.
نسبة التعليم في البلاد تتعدى 99% فقط، وهو ما يعني أن أقل من 1% من الجزائريين محرومون من التعليم لعدة أسباب
وبما أن الجزائر اتّبعت عقب استقلالها عن الاحتلال الفرنسي في 5 يوليو/ تموز 1962 النظام الاشتراكي، فقد حرصت على تجسيد الطابع الاجتماعي للدولة، الذي تحاول حتى اليوم رغم التوجه نحو اقتصاد السوق مع بداية العقد الأخير من القرن الماضي الحفاظ عليه، لذلك لا يزال التعليم مجانيًّا حتى المستوى الجامعي، والخدمات الصحية مجانية بالمستشفيات الحكومية.
لكن هذا لا يعني أن كل شخص بإمكانه التعليم والعلاج، إذ تشير تقديرات رسمية إلى أن نسبة التعليم في البلاد تتعدى 99% فقط، وهو ما يعني أن أقل من 1% من الجزائريين محرومون من التعليم لعدة أسباب، أبرزها عدم تمكُّن بعض الأسر من دفع تكاليف مرتبطة بالدراسة كالنقل والأدوات المدرسية، وهي الظروف التي تدفع العائلات إلى التضحية بتعليم الفتاة مقابل تدريس الولد.
أما في الجانب الصحي، مع تردي الخدمات في المستشفيات العمومية، صار اقتناء الأدوية وإجراء التحاليل الطبية أمرَين صعبَين على الأُسر معدومة الدخل.
وتقول الأمم المتحدة إنه بحلول عام 2030 سيصنَّف كل شخص يعيش على 1.9 دولارًا (266 دينارًا جزائريًّا) في اليوم ضمن من يعانون الفقر المدقع، وبالنظر إلى أن الحد الأدنى من الأجور في الجزائر يقدَّر بـ 20 ألف دينار شهريًّا، أي براتب 667 دينارًا في اليوم، فإن صاحب هذا الراتب لا يجب أن يصرفه على أكثر من شخصَين حتى لا يصنَّف ضمن هذه الفئة، وهو ما لا يتطابق مع الواقع، إذ في الغالب تتكوّن الأسرة الجزائرية الحديثة من 5 أفراد، وهو رقم أقل ممّا كان يُسجَّل سابقًا.
وتقدِّر وزارة الشؤون الدينية الجزائرية قيمة طعام المسكين (الفقير) الذي يتمّ التصدق به للتكفير عن ذنب معيّن بدولار واحد، وإذا تمَّ النظر إلى أن الجزائري يتناول في اليوم على الأقل وجبتَين، فيجب أن تتعدى قيمة الغذاء اليومي دولارَين على الأقل، وهو ما لا يتحقق لجميع الأطراف بالنظر إلى قيمة الحد الأدنى من الأجور.
ورغم ما قد يحمله إسقاط التعريف الأممي للفقر على الجزائريين، فإن ذلك لا ينطبق دائمًا، حيث يقول أهل البلاد: “لا أحد يبقى جائعًا في الجزائر”، بالنظر إلى المساعدات والصدقات التي تقدَّم لهم، وكذا بالنظر إلى أن المقياس المحدد من قبل البنك العالمي في السنوات الأخيرة لتحديد مستوى الفقر هو 1.5 دولارًا في اليوم.
ولكن حتى لو لا يمكن لأي أحد في الجزائر أن يبقى جائعًا، فإنه يجب التنبيه إلى أن مكونات الغذاء التي يتحصل عليها الجزائري تبقى عند بعض الفئات خالية من بعض المكونات الأساسية، سواء من الفيتامينات أو البروتينات، لأن اقتناء اللحم وبعض الفواكه تكاد تظل غائبة عن موائد بعض من يصنَّفون في خانة المحتاجين، حتى لو كان لهم راتب حكومي.
إحصاءات: 15 مليون فقير في الجزائر
لا تقدِّم الحكومة الجزائرية رقمًا محددًا لمواطنيها الذين يعيشون في فقر أو فقر مدقع، إلا أن بعض العمليات التضامنية تعطي فكرة حول عدد الفقراء في البلاد، حتى لو كانت هذه الأرقام غير كافية، ومن هذه العمليات توزِّع الدولة 1.7 مليون قفة رمضانية للعائلات المعوزة في السنة، وإذا افترضنا أن الأسرة الواحدة تتكون من 3 أفراد على الأقل، فيصبح هذا الرقم يتعدّى 5 ملايين شخص يصنَّفون ضمن الفقراء.
1400 بلدية فقيرة تعيش على إعانات صندوق الجماعات المحلية المشترك، من بينها 800 بلدية صنِّفت ضمن خانة الأكثر فقرًا
وجاء في تقرير للبنك الدولي نُشر عام 2017، وفق دراسة أجريت عام 2011، أن 5.5% من الجزائريين يعانون الفقر، مشيرًا إلى أن “نحو 0.5% فحسب من سكان الجزائر (أو نحو 170 ألف نسمة) يعيشون في فقر مدقع، وهم الذين ينفقون أقل من 1.90 دولارًا للفرد في اليوم”.
وجاء في التقرير: “المثير للاهتمام أن البيانات أظهرت أن معدلات الفقر المدقع في المناطق الحضرية أعلى ممّا هي عليه في المناطق الريفية، وليس هذا هو واقع الحال في أغلب الأحيان. وباستخدام خط الفقر 3.10 دولارات للفرد في اليوم (وفقًا لتعادل القوة الشرائية لعام 2011)، يُقدَّر أن معدل الفقر بلغ 3.3%”.
ويكمل التقرير: “على سبيل المقارنة، معدل الفقر الوطني الرسمي على أساس خط الفقر “المرتفع” يُقدَّر أنه بلغ 5.5%. وتشير خطوط الفقر المناظرة إلى أنه بلغ ما يعادل 3.57 دولارات وفقًا لتعادل القوة الشرائية لعام 2011 في المناطق الحضرية (ومعدل الفقر 5.8%) و3.18 دولارات للمناطق الريفية (ومعدل الفقر 4.8%)”.
وبما أن هذه النسب أُجريت حين كان عدد سكان الجزائر يقارب أكثر من 38 مليون نسمة، فهذا يعني أن عدد الفقراء قدِّر وقتها بـ 2.09 مليون شخص.
لكن هذه الأرقام تخالف ما نشره تقرير للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان أُنجز بعد عام من ذلك، ونُشر عام 2019 الذي شهد حراك 22 فبراير/ شباط، الذي منع الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة من الترشح لولاية خامسة، وهو الذي حكم البلاد لعقدَين كامليَن لم تستطع فيهما البلاد الاستفادة من البحبوحة المالية التي عاشتها بفضل ارتفاع أسعار النفط منذ بداية الألفية، قبل أن تباشر التهاوي عام 2014.
ويقول تقرير الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن عدد الجزائريين الذين كانوا يعيشون تحت خط الفقر عام 2018 قُدِّر بـ 15 مليونًا، ما يمثل حوالي 38% من العدد الإجمالي للسكان، أي أن من بين كل 3 جزائريين يوجد جزائري يعيش فقرًا مدقعًا.
ويقول تقرير الرابطة أن 1400 بلدية فقيرة تعيش على إعانات صندوق الجماعات المحلية المشترك، من بينها 800 بلدية صنِّفت ضمن خانة الأكثر فقرًا، وتضمّ 20 مليون ساكن، كما تعتمد 30 ولاية في توفير حاجيات المواطنين وتسيير شؤونها اليومية على هذا الصندوق، الذي يتولى تقليص الفوارق الناجمة عن ضعف الموارد الجبائية.
غير أن الأستاذ الجامعي أنور سكيو يقول لـ”نون بوست”: “في اعتقادي الشخصي هناك مبالغة مفرطة وغير عقلانية في هذه الأرقام آنذاك، وإلا لما وجدنا في السنتَين الأخيرتَين مصادر دولية رسمية تصرّح أنه في عام 2021 كان من المتوقع أن يبلغ معدل الفقر في الجزائر 4.5%، لكنه سجّلَ انخفاضًا بنسبة 0.7% مقارنة بالعام 2020”.
وأضاف: “حسب مقال للأمريكي إيلي ويليامز مثلًا، بلغ معدل البطالة في الجزائر 12.8% من العدد الإجمالي للسكان عام 2020، لكن حسب قراءتي المتواضعة فهو يركّز بشكل مجحف على مؤشرات وتقارير غربية لا تعالج النموذج المجتمعي الجزائري بإنصاف، ما من شأنه تقديم أرقام لا تعبّر عن الواقع الجزائري بشكل دقيق، خاصة إذا ما تمّت مقارنة هذه الأرقام بإحصاءات جهاتنا الحكومية التي اعترضت على هذه الأرقام مؤخرًا”.
وبداية العام الجاري انزعجت الجزائر ممّا جاء في تقرير للبنك الدولي تحدّثَ عن الاتجاهات الجديدة للفقر في الجزائر، حيث جاء في التقرير: “انخفض مؤشر الفقر متعدد الأبعاد في الجزائر بين عامَي 2013 و2019”.
مضيفًا أنه “رغم التحسينات الملحوظة لا تزال هناك فجوات كبيرة، ويختلف الفقر متعدد الأبعاد اختلافًا كبيرًا من منطقة إلى أخرى وبين المناطق الريفية والحضرية، حيث تواجه المناطق الشمالية مستويات أقل من الحرمان مقارنة بأي مكان آخر، في حين أن منطقة الهضاب العليا الوسطى لديها مستويات أعلى”.
مكملًا: “ومع ذلك شهدت أفقر المناطق تحسُّنًا بين عامَي 2013 و2019، ما أظهر تقاربًا معتدلًا مع المناطق الميسورة، في الوقت نفسه أصبحت الصحة والتعليم من الأبعاد ذات الأهمية المتزايدة للحرمان، ما يبرز الأولويات السياسية للتنمية البشرية للبلد”.
التحدي الأبرز: الفساد
يوضِّح الأستاذ الجامعي أنور سكيو أن الفقر يعدّ “تحديًا عالميًّا، لا سيما الفقر الشديد الذي زادَ عام 2020 لأول مرة منذ أكثر من 20 عامًا بسبب وباء كورونا، اعتمادًا على درجة الخطورة الاقتصادية التي تمَّ النظر فيها”.
لافتًا إلى أن البنك الدولي يشير إلى أن الجائحة دفعت 88 إلى 115 مليون شخص إضافي إلى هوة الفقر الشديد في العالم عام 2020، مع ارتفاع العدد الإجمالي إلى ما يصل إلى 150 مليونًا عام 2021.
وأضاف سكيو: “تتم رؤية الفقر في الجزائر بشكل غير متساوٍ بين المجموعات، فاعتمادنا المحوري على قطاع الطاقة والمحروقات يخلق تفاوتًا في معدلات البطالة والفقر على أساس المنطقة والعمر، حيث يُعتمد أن الاقتصاد يقدم نموذج وظائف وموارد معيّنة حسب كل قطاع”.
انعكس هذا الفساد المسجَّل في مختلف القطاعات في تراجع الخدمات الصحية وتدني المستوى التعليمي
ورغم أن الجزائر حافظت على سياسة الدعم الاجتماعي لسنوات، بهدف تمكين كل المواطنين من العيش الكريم وتبديد الفوارق الاجتماعية، إلا أن هذه السياسة أصبحت للأسف سببًا في إفقار بعض الجزائريين.
ويقول الدكتور أنور سكيو إن “سياسة الدعم الاجتماعي التي تُعتبر تقليدًا مقدسًا في الجزائر، كانت غطاء واقيًا لأساسيات العيش الكريم في المجتمع الجزائري في أولى سنوات الاستقلال، لكن مع مرور السنوات صار من الممكن تحديد مواطن الضعف فيها، رغم إيجابياتها ومميزاتها من عدالة اجتماعية والاستجابة لمعايير الكفاءة الاقتصادية، ناهيك عمّا تسبّبه من إنهاك وضغوط على ميزانية الدولة وميزان المدفوعات”.
وقال الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، إن الدولة لن تسمح مستقبلًا بـ”أن يوجَّه الدعم الذي يعادل 17 مليار دولار إلى أشخاص لا يستحقونه، وإلى وسطاء نخروا الاقتصاد الوطني من خلال الاستفادة من هذه التحويلات”.
وأشار الوزير الأول إلى أن سياسة الدعم الحالية تسمح باستفادة الأسر الميسورة من نحو 100 مليار دينار، والوسطاء من 152 مليار دينار، فيما لا تتجاوز استفادة الأسر المعوزة الـ 76 مليار دينار.
وبالنظر إلى ما عاشته سياسيًّا واجتماعيًّا، فإن أهم أسباب حالات الفقر المسجّلة بالجزائر هو الفساد الذي عشّش في عدة قطاعات، وبالخصوص في العقدَين الماضيَين، والذي كشفته المحاكمات التي طالت رجال أعمال ورؤساء حكومة ووزراء ومسؤولين أمنيين استغلوا مناصبهم لنهب أموال الجزائر وتكريس فوارق واسعة في مستوى العيش، ما كرّس نظامًا اقتصاديًّا معتمدًا على الريع البترولي، وغير قادر على توفير مناصب شغل تمكّن الفئات المعوزة من تأمين مدخول مالي يخرجهم من دائرة الفقر.
وانعكس هذا الفساد المسجّل في مختلف القطاعات في تراجع الخدمات الصحية وتدني المستوى التعليمي، وتقلُّص فرص العمل خاصة مع التبعات التي خلّفها حراك 22 فبراير/ شباط 2019 وجائحة كورونا، إضافة إلى طلب متزايد على السكن، خاصة بالنسبة إلى فئة الشباب، في ظل عدم قدرة الحكومة على تلبية هذه الاحتياجات.
جهود
وضعت الحكومات الجزائرية المتعاقبة برامج مختلفة لمحاربة الفقر كتنمية الهضاب والجنوب ودعم الشباب والقروض المصغّرة، والإبقاء على مساعدات مالية للفئات المعوزة، ومنح مساكن لعديمي أو محدودي الدخل، ودعم تنمية المناطق الريفية والنائية والمؤسسات الاقتصادية الناشئة لتوفير مناصب عمل، بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن الجهوي.
إلا أن الفساد والمحسوبية ونهب الأموال العمومية التي صاحبت مختلف هذه البرامج، جعلتها تخفق كليًّا أو لا تحقق أهدافها الكاملة، وإن وصلت إلى الهدف المنشود فيكون بعد سنوات من الآجال المحددة.
وبعد حراك 22 فبراير/ شباط 2019 الذي دعا فيه الجزائريون إلى القطيعة مع الممارسات السابقة، باشرَ الرئيس عبد المجيد خطة تتضمّن التكفُّل بالمناطق الفقيرة التي أسماها بـ”مناطق الظل”، التي حُدّدت على أساس مدى الاستفادة من الكهرباء والغاز والماء والطرقات والمؤسسات المدرسية والهياكل الصحية.
يقدَّر الدخل الفردي للجزائري بحولي 256 دولارًا شهريًّا
وأحصت وزارة الداخلية الجزائرية 13587 منطقة ظل يعيش فيها حوالي 7.2 ملايين نسمة، خُصِّص لها 32700 مشروع تنموي رصدت لها الحكومة 480.2 مليار دينار جزائري.
وشكّل ملف تنمية مناطق الظل في الجزائر أولويات الرئيس تبون عقب تولّيه مقاليد السلطة، والذي اعتبرَ أن تحقيق مشروع “الجزائر الجديدة” الذي يرافع له، “لا يمكن أن يتمَّ دون ترقية هذه المناطق والتكفل بسكانها”.
وحسب تصريح سابق لمحمد فراري، مدير مركزي بوزارة الداخلية، في أبريل/ نيسان 2021، فقد تمَّ تسجيل تقدُّم ملحوظ في مجال التكفل بحاجيات مناطق الظل، مشيرًا إلى إنجاز 8143 مشروعًا.
وتعوّل الحكومة على بعث اقتصاد جديد للبلاد لا يعتمد على عائدات النفط فقط في مداخيله، إنما أيضًا على الفلاحة التي يراهن عليها الرئيس تبون، لجعل الجزائر تتخلى عن استيراد المنتجات الغذائية من الخارج وفي مقدمتها الحبوب، إضافة إلى تطوير قطاعات الصناعة والخدمات والتعدين.
وترى الحكومة أن إصدار قانون جديد للاستثمار من شأنه أن يساهم أيضًا في جذب رأس المال الأجنبي، لتوفير مناصب شغل تستطيع من تقليص نسبة الفقر، إضافة إلى تشجيع المبادرة المحلية في مجال الأعمال والتصنيع، لذلك باشرت الحكومة رفع العراقيل عن المشاريع المتوقفة.
وحسب بيان آخر لاجتماع لمجلس الوزراء، فقد تمَّ رفع القيود عن 834 مشروعًا استثماريًّا إضافيًّا من أصل 915 مشروعًا تمّ إحصاؤها، مع دخول 574 مشروعًا استثماريًّا حيز التنفيذ، ما سمحَ بخلق 869 منصب شغل جديدًا، ما يرفع إجمالي المناصب المستحدثة إلى 33171 منصبًا، على أن تبلغ 50993 منصبًا بدخول كل المشاريع التي رُفعت عنها القيود حيز التنفيذ.
ويتوقع الأستاذ أنور سكيو أن يتعافى الاقتصاد الجزائري في آفاق 2022-2026 من الأزمات الصحية والاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا، خاصة مع توقعات بتطور صناعة الهيدروكربونات، مشيرًا إلى أن هذا التعافي قد يأتي مع برامج الإصلاح طويلة الأمد التي أعلنت عنها السلطات، لتحويل الاقتصاد نحو نموذج مستدام يقوده القطاع الخاص، والانتقال نحو الطاقات المتجددة، وتقليل الاختلالات الحادة في الاقتصاد الكلي للبلاد، وحماية سبل عيش السكان.
وقبل أسابيع، أعلن الرئيس تبون صرف منحة مالية شهرية للبطالين تبلغ قيمتها 13 ألف دينار، أي حوالي 100 دولار، وهو ما يصبّ في التقليل من احتياجات المواطن، حتى إن كانت هذه المساعدة غير كافية.
ورغم أهمية هذه المساعدة، خاصة بالنسبة إلى الشباب، إلا أنها تظل غير كافية لمواجهة الارتفاع المتواصل للأسعار في البلاد، وبالخصوص للمواد ذات الاستهلاك الواسع، والتي أصبح الدخل الفردي للجزائري، الذي قُدِّر بحولي 256 دولارًا شهريًّا وفق موقع “نومبيو”، غير قادر على تغطية كثير منها رغم استمرار الحكومة في دعم أسعار الخبز والحليب والسكر والزيت والتعليم والصحة، الأمر الذي يحتّم على الجميع البحث عن آليات جديدة لرفع الدخل الفردي والقضاء أو التقليص من عدد الفقراء في البلاد.